أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - الأحزاب العلمانية اللبنانية وواقعها















المزيد.....


الأحزاب العلمانية اللبنانية وواقعها


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2005 - 2007 / 8 / 12 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا شك أن للحرب الأهلية الللبنانية التأثير الكبير في ضرب القوى السياسية العلمانية وإحباطها بعد أن كانت هذه الأحزاب في طليعة الأحزاب الوطنية وأكثرها جماهيريةً فالحزب الشيوعي مثلاً إستقطب العديد من الشبان الذين أستهوتهم تلك الأفكار الماركسية الفلسفية الجديدة رغم ما كان يشاع عنها وعن إلحادها،كما ان الحزب القومي السوري فرض نفسه وبقوة على الساحة اللبنانية بشكل خاص وعلى الأرض السورية بشكل عام بدعوته لوحدة الأرض السورية ليس عن طريق الدين بل الجغرافيا والتاريخ المتشركان، أما البعث فنال قسطاً كبيراً من التأيد لإعتماده خطاب قومي عربي دغدغ مشاعر اللبنانين بكل مشاربهم لأيتي لاحقاً الحزب التقدمي الإشتراكي الذي تبنى الإشتراكية والحرية والوحدة والعلمانية.
هذه الأحزاب ضعفت في فترة ما بعد الحرب الأهلية بعد تكريس الطائف كقانون للبلاد ولو بنسب مختلفة،ففي الحرب الأهلية أوقبلها بقليل توحدت هذه القوى أمام قوات الردع العربية وشكلت الجبهة الوطنية وكانت أنذاك بقيادة الشهيد كمال جنبلاط فما كان العامل الطائفي أوالتمايز الديني يؤثران في هذا اللقاء إلا أن الحرب أفقدت بعض هذه الأحزاب تنوعها وجعلتها تتقوقع في كنف الطائفة الأم – طائفة الزعيم أو القائد - والبعض الأخر منها هجرها محازبيها عائدين إلى أيضاً إلى أحضان المذهب والطائفة والدين ليبقى الحزب المهجور إسماً بلا قوى وإيديولوجيا بلا مؤمنين.

إن الأحزاب العلمانية في لبنان كثيرة إلا أن الشهير منها ،نقصد هنا أصحاب الشعبية والتاريخ، قليل وقليل جداً ومن هذه الأحزاب:الحزب الشيوعي والقومي السوري الإجتماعي والبعث العربي الإشتراكي والحزب التقدمي الإشتراكي حركة اليسار الديمقراطي وحركة التجدد الديمقراطي وحركة الشعب وغيرها من الأحزاب الشبه علمانية – تدعي العلمانية - أو الأحزاب الشخصية ،كالسيارة والهاتف والمنزل ملك خاص مهما أدعو الديمقراطية، كالحزبين الأخيرين التجدد الديمقراطي – النائب السابق نسيب لحود- وحركة الشعب – النائب السابق نجاح واكيم-.

أبانت الأيام أن هذه الأحزاب ما عادت تلبي رغبات الإنسان اللبناني "الطائفي" لأن ما نعيشه اليوم وما عشناه خلال الحرب الأهلية وما بعدها عزز لدى المواطن اللبناني الإنتماء الطائفي على حساب الإنتماء الوطني والذي جعل من الأحزاب الدينية مرتعاً مناسباً له،فتجاهل الوطن والعقيدة وما عاد يرى الوطنية إلا من خلف زجاج الطائفية وما يفيدها وإقتلع المواطنية من هامش تفكيره وجعل علاقته بالدولة كسلطة وككيان تمر أيضاً – مجبرتاً- بالسلطة الدينية لطائفته أو من يمثلها فغدا شعاره الطائفة أولا بدلاً من الوطن أولاً ولقد عزز الدستور اللبناني،ويا للاسف، هذا الأمر عبر منحه الطوائف خصوصية قوانين الأحوال الشخصية و تلزيمه المراكز المهمة في الدولة والغير مهمة للطوائف وليس للمدنين من الشعب.

هذا كلام واقعي وواقعي جداً وهذا ما نعيشه اليوم.وهذا ما يفسر إنتقال عدد كبير من الماركسين والقومين والبعثين و"التقدمين الإشتراكين" إلى أحزاب كحزب الله وحركة امل وتيار المستقبل والتيار العوني والكتائب والقوات اللبنانية ذات طابع ديني ظاهر أو مستتر.

فإذن تعيش معظم الأحزاب العلمانية اليوم على هامش الحياة السياسية ونستطيع القول أنها-أي الأحزاب- أصبحت مجرد زينة لشجرة الصراع اللبناني ... الطائفي!!



الأحزاب والعلمانية ورفض الطائفية وواقعها اليوم.

الحزب الشيوعي:
يوصف الشيوعيين بالإلحاد من قبل رجال الدين كافة ويعزز هذا التوصيف مقولة ماركس"الدين أفيون الشعوب" إن علمانية النظام أو الأيديولوجية تقوم على شرطين مهمين،الأول أن لا تكون التشريعات صادر عن أي مبدأ ديني والتشريعات في الأحزاب هي المبادىء وأن لا تكون الأديان هي مصدر السلطات، بهذين الشرطين نستطيع القول أن الحزب الشيوعي – الأممي – هو علماني بمجرد الإشارة إلى القول الماركسي السالف الذكر،ففيه نبذ نهائي للدين بإعتباره قاضياً على الشعوب وحاداً لقدراتهم.
هذه الحقيقة الأيديولوجية تجسدت واقعاً في الشيوعي اللبناني فضم في صفوفه جميع "صنوف" اللبنانيين وعمل منذ إنشقاقه عن الحزب الشيوعي السوري على تطبيق عقيدته على الأرض اللبنانية فساعد العمال والطبقات الفقيرة ودعم قضياهم وطالب أكثر من مرة بعلمنة النظام وإخراج رجال الدين ورجال الطوائف من اللعبة السياسية ومازال لليوم يدعوا إلى ذلك،إنما لا بد من لحظ تغير مهم هو أن الحزب الشيوعي ما عد بنفس القوة والقدرات التي كان عليها سابقاً وذلك نتيجة المشكلة التي حاول هو في الماضي إلغائها وتدميرها ألا وهي الطائفية.
يعاني الحزب الشيوعي من امرين هامين سهاما في إهلاكه:
أولاً سلطة المال:بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي فقد الدعم المادي فسعى الشيوعين لإيجاد مصادر جديدة، وهنا نقول أنه من الخطء تحميل تيار المستقبل وحده مسؤولية هذا الجنوح في ميسرة الحزب حيث يتهم المستقبل بأنهم إستمال الشيوعين بالأموال والثروات،فإلى جانب تيار المستقبل هناك تيارات وأحزاب أخرى ساهمت وفي المقدار نفسه على حلحلة الشيوعي اللبناني ومنها حزب الله،حليف اليوم.
ثانياً سلطة الدين:ساهمت الغرائز الطائفية، المنتشرة في الأجواء اللبنانية منذ أكثر من ثلاثين عاماً،في تفكيك الحزب الشيوعي بعد أن إشتاحت أعضائه.
مازال لليوم يذكر الحزب الشيوعي بكل إنشقاقته وتفرعاته عبر البيانات بضرورة إلغاء الطائفية السياسية وينسب كل الأزمات التي يمر بها لبنان إلى ذلك النظام الطائفي،إلا أن الحزب لا يملك أي وسيلة للتغير بالطريقة الديمقراطية فهو لا يملك أي مقعد في المجلس النيابي إضافة إلى ذلك لم يعرض منذ إقرار الطائف أي مشروع علمي جدي لتغير النظام والنفسية الطائفية في لبنان فالتصريح وحده كما البيانات لا يكفيان.
ودخلت الطائفية في السجلات الدائرة بين الأطراف المنشقة عن الحزب فيتهم المكتب السياسي بعض المنشقين وخصوصاً منير بركات بأن تركه الحزب يعود إلى أسباب طائفية تماشياً مع رغبة الزعيم "الدرزي" وليد جنبلاط،ويتهم القسم المعارض القيادة الحاكمة بلحاق الأقطاب "الشيعية" داخل الحزب.
هذا الزمان ليس الصراع فيه صراعاً أيديولوجياً كما كان في الخمسينات والستينات والسبعينات،الصراع اليوم هو صراع طوائفي على إمتلاك السلطة وهذا ما يبرر هجر الشيوعين للماركسية والعودة لطوائفهم سعياً وراء العيش والإنتصار!!
أسباب الأزمة الشيوعية العالمية كبيرة وكبيرة جداً تتعلق بالفكرة والتفكير وأيضاً حزبنا اللبناني يعاني من هذه الأزمة ولكن ما شرحناه أنفاً هو ما يتعلق بالطائفية وشلها الشيوعية اللبنانية.
ختاماً نقول: تحول الحزب الشيوعي اللبناني من حزب يسعى "لتحطيم"الطائفية إلى حزب "حطمته" الطائفية ... على أمل أن يعي الرفاق الشيوعي أهمية الحزب المنضوين تحت أسمه ودوره الوطني الكبير لإعادة لم الشمل.



الحزب السوري القومي الإجتماعي

"إن أعظم عقبة في سبيل تحقيق وحدتنا القومية وفلاحنا القومي هي تعلق المؤسسات الدينية بالسلطة الزمنية وتشبث المراجع الدينية بوجوب كونها مراجع السيادة في الدولة وقبضها على زمام سلطاتها أو بعض سلطاتها، على الأقل. والحقيقة أن معارك التحرر البشري الكبرى كانت تلك، التي قامت بين مصالح الأمم ومصالح المؤسسات الدينية المتشبثة بمبدأ الحق الإلهي والشرع الإلهي في حكم الشعوب والقضاء فيها. وهو مبدأ خطر استعبد الشعوب للمؤسسات الدينية استعباداً أرهقها. ولم تنفرد المؤسسات الدينية باستعمال مبدأ الحق الإلهي والإرادة الإلهية، بل استعملته الملكية المقدسة أيضاً، التي ادعت استمداد سلطانها من إرادة الله وتأييد المؤسسات الدينية، لا من الشعب.

في الدولة التي لا فصل بينها وبين الدين، نجد أن الحكم هو بالنيابة عن الله لا عن الشعب. وحيث خف نفوذ الدين في الدولة عن هذا الغلو نجد السلطات الدينية تحاول دائماً أن تظل سلطات مدنية ضمن الدولة".

هذا النص مقتبس من المحاضرة السابعة للزعيم أنطون سعادة زعيم القومية السورية التي تحدث فيها عن المبادىء الإصلاحية للقومية الإجتماعية وقد أدرج هذا النص في المبدأ الأول تحت عنوان "فصل الدين عن الدولة".

هذا النص كافي للتأكيد على علمنة القومية السورية – الحزب – ففيه إشارة إلى أن السلطة يجب أن تكون بيد أناس من السلطة الزمنية وليس من السلطة الدينية إضافة إلى ذلك يشير إلى أن حين تحكم المؤسسة الدينية فيهي تحكم بإسم الله وليس في إسم الشعب وهذا تناقض مع مبادىء العلمانية.
كما أنه يرى بحكم السلطة الدينية إستعباداً للشعوب،لكنه يقول في المحاضرة ذاتها:
"هذه هي الوجهة الدنيا من الدين. هي الوجهة التي كان الدين ولا يزال يصلح لها حين كان الإنسان لا يزال في طور بربريته أو قريباً منها. أما في عصرنا الثقافي فإنه لم يعد يصلح. "هذه هي الوجهة التي يحاربها الحزب السوري القومي الاجتماعي لا الأفكار الدينية الفلسفية أو اللاهوتية، المتعلقة بأسرار النفس والخلود وما وراء المادة.

إن فكرة الجامعة الدينية السياسية منافية للقومية عموماً وللقومية السورية خصوصاً، فتمسك السوريين المسيحيين بالجامعة الدينية يجعل منهم مجموعاً ذا مصلحة متضاربة مع مصالح مجاميع دينية أخرى ضمن الوطن ويعرض مصالحهم للذوبان في مصالح الأقوام التي تربطهم بها رابطة الدين (كالفرنسيين والطليان وغيرهم). وكذلك تشبث السوريين المحمديين بالجامعة الدينية يعرض مصالحهم للتضارب مع مصالح أبناء وطنهم الذين هم من غير دينهم وللتلاشي في مصالح الجامعة الكبرى، المعرضة أساساً، لتقلبات غلبة العصبيات، كما تلاشت في العهد العباسي والعهد التركي. ليس من نتيجة للقول بالجامعة الدينية سوى تفكك الوحدة القومية والانخذال في ميدان الحياة القومية".

وفي المبدأ الثاني يتحدث سعادة عن ضرورة "منع" تدخل رجال الدين في السياسة والقضاء القوميين وهذا المبدأ هو مرتبط تماماً بالمبدأ السابق وتأكيداً عليه ، وفي المبدأ الثالث يدعوا إلى إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب لأجل الحفاظ على وحدة الأرض السورية وتقدمها.
طبعاً هذا الكلام ليس متناقضاً بل هو تعبير واضح وصادق عن العلمانية كفكرة ومنهج فالعلمانية ترفض تدخل السلطة الدينية في العمل السياسي أو الدينية السياسية إلا أنها لا ترفض الدين وتنسبه إلى الحرية الفردية،كلام سعادة هذا من منطلق قومي فهو يعتبر لحقاً أن القومية لا تقوم على الدين ولكن نلفت الإنتباه إلى أن علمانية القومي السوري تمثل الإعتدال وليس التطرف كما الشيوعية.
ولكن ماذا يفعل القومي السوري الإجتماعي اليوم؟

الكلام...كما الشيوعي إلا أنه في عام 1997 قدم إلى مجلس النواب اللبناني مشروع متعلق بالأحوال الشخصية وطالب بتشريع الزواج المدني وكالعادة وضع هذا الملف في الدرج بعض رفض السلطات الدينية والدينية السياسية يومها له.
لا يمثل القومي السوري اليوم أي قوة تذكر على الصعيد الشعبي ولا على الصعيد السياسي كبقية الأحزاب العلمانية رغم إمتلاكه نائبين في البرلمان،أسعد حرادن ومروان فارس،إضافة إلى ذلك إرتباط إسم الحزب بالنظام السوري الذي جعل منه في سوريا ملحق في حزب البعث وأعطاه ثلاثة نواب في الإنتخابات الأخيرة ووزير بلا حقيبة!!!
فإعتبر الحزب القومي أداة في يد المخابرات ومنفذ لكثير من عمليات الإغتيالات من خلال بعض الضعفاء معروفي الأسماء ومنهم مشهور جداً،هذا والطائفية والمال دمروا الحزب وأضعفوه وفي مرحلة من المراحل إنقسم الحزب وأيعيد دمجه واليوم يقال أن فئة من القومين قد أنشقت لمعارضتها التحالف مع نظام آل الأسد.
تحالف القومي مع قوى طائفية لأسباب "مقاومة" يثير الدهشة والإشمئزاز ولكن إن لم يتحالف مع هذه القوى فسيبقى من دون حلفاء ولن يحصل على هاذين النائبين الملحقين بكتلة حزب الله وحركة أمل وسيجلس وحيداً يتأمل المستقبل البعيد.
قد يكون تأثير الطائفية على الحزب القومي كبير لكن ليس كما على الشيوعي إلا أن حملة القمع الكبيرة بحق القومين في كل العهود هي التي أضعفت الحزب إضافة إلى لعبه دور الحليف – الخادم - لنظام قمعه في لبنان وسوريا جعل أعضائه ينكفؤن إلى أحزاب أخرى أو إلى اللاحزبية.
مشروع العلمنة ما زال حتماً قائماً في خطط الحزب القومي إلا أنه مؤجل رغم المناداة الدائمة به،على كل حال إلى حين خروج الحزب العريق من تحت جناح – وصاية – حزب البعث لكل حادث حديث.



التقدمي الإشتراكي

هو الوحيد من الأحزب العلمانية التي لم تفقد برقيها طبعاً لأنها أخذت طابعاً طائفياً بإمتياز فأصبح التقدمي الإشتراكي الحزب الدرزي الأكثر شعبية ،بعد أن كان هذا الحزب في طليعة الأحزاب العلمانية التي تدعوا إلى علمنة النظام تصتف اليوم في خانة الأحزاب الطائفية ذات اللون الواحد رغم وجود بعض المجموعات صغيرة الحجم من ألوان أخرى.
في نص تحت عنوان "مشكلة الإنسان في لبنان والمأزق الطائفي" على الموقع الرسمي للتقدمي الإشتراكي يعبر الحزب فيه هن رأيه بالنظام الطائفي وفي الفقرات الثانية،الثالثة والرابعة يقول:
"2- مشكلة تكريس طائفية الرؤساء ووظائف الدرجة الأولى في الدستور. هذه المشكلة تعني في الواقع بقاء كل فريق طائفي وراء متراسه في مواجهة الفريق الآخر ة تهدد السلم الأهلي والتكافل والتضامن حول المصلحة الوطنية العليا.
3 -مشكلة المادة 95 التي تنص على العمل بالتوازن الطائفي وتقاسم المسؤوليات طائفياً ويصورة مؤقتة.
منذ إعلان دستور الجمهورية في عهد الانتداب الفرنسي حتى يومنا هذا لم تظهر محاولة جادة لإلغائها وإراحة اللبنانيين من شرورها وإخراج المواطن من شرنقة الطائفية البغيضة والموقف صار أبدياً سرمدياً والولاء للطائفية يتقدم على الولاء للوطن كي يتمكن المواطن من الوصول إل الوظيفة أو المركز المرموق في الدولة بموجب التوزيع الطائفي.
4 - مشكلة قانون الأحوال الشخصية .
هذا القانون يسهم بفاعلية في فرز المواطنين فرزاً طائفياً ويجعل من اللبنانيين شعوباً متنافرة متباعدة والدولة اللبنانية دولة فيدرالية الطوائف والمجتمع اللبناني معرضاً للإنقسام وأحياناً التناحر بدلاً من الانصهار في وحدة شعبية وطنية حقيقية."

الواضح من هذه النصوص إن هناك رفض واضح للطائفية السياسية والطائفي المراكزية والإدارية وحين نعود إلى الماضي لنتذكر نشأة الحزب عام 1949 على يد ثمانية مفكرين من مختلف الطوائف وعلى رأسهم كمال جنبلاط وحين نتذكر المبادىء المستمدة من الفلسفة الغاندية والماركسية ندرك علمانية الحزب التقدمي الإشتراكي،ولكن حين نعود إلى الحاضر أو الأصح الماضي القريب،الحرب الأهلية، وحروب الجبل بين الحزب التقدمي الإشتراكي- الدروز – والقوات اللبنانية –المسيحين – ندرك أن هذا الحزب فقد رونقه العلماني لأنه دخل المعركة على أساس طائفي وحين نتذكر أيضاً يوم إغتيال الشهيد كمال جنبلاط ومجزرة الجبل يومها بحق مئات الشهداء من "المسحين" ندرك تماماً أن الحزب تسيطر عليه الطائفية،قد يكون ذلك يعود إلى طائفة رئيس الحزب حيث كل شيء في يدها كما هي الحال في كمال جنبلاط ووليد جنبلاط فالأب والأبن ترأسوا الحزب منذ تأسيسه وكانوا هم الحاكمين الأساسين وأصحاب الأمر رغم الفارق في التعاطي بين الأب والأبن،وهذا الكلام لا يقصد منه المس بشخصية كمال جنبلاط المفكر ولا السياسي، أحادية الرئيس و الحرب الأهلية التي ولدت الطائفية دمرت علمانية الحزب التقدمي الإشتراكي.
رغم دعوة النائب جنبلاط الدائمة إلى علمنة النظام ،وهو الذي يملك كتلة تتألف تقريباً من عشرين نائب،فإن هذه الدعوات ما هي إلا كلام في الهواء فلم نسمع مرة واحدة أن الإشتراكي قدم مشروع لعلمنة النظام بل سمعنا أنه إستفاد كما الأحزاب الباقية من هذا النظام الغارق بالفساد.
يقول الموضوع نفسه أن المعلم كمال جنبلاط أقترح حلا وطنياً تألف من ثلاث نقاط لحل مشكلة الغبن الطائفي ومشكلة الأرتباط الخارجي، البنود الثلاث تحت عنوان فصل الدين عن الدولة و هم :
أ - تفويض روحية الإقطاع السياسي.
ب - توحيد الشعب اللبناني في وحدة شعبية تامة.
ج - تقرير علمانية الدولة وتكريسها بالأنظمة والنهج السياسي والقوانين والدستور فلا يتدخل رجال الدين فينا لا يعنيهم من سياسة إلا بما تفرضه حقوقهم كمواطنين .

كما يرى الحزب،حسب النص أيضاً، أن الطائفية تشكل عائقاً أمام صحة التواصل بين الدولة والمواطن وبين المواطنين انفسهم.
إستشهاد كمال جنبلاط، الحرب الأهلية، الدخول السوري،تحالف جنيلاط والنظام السوري،فساد الحزب التقدمي الإشتراكي في الإدارات الرسمية كلها أسباب لم تضعف الحزب التقدمي لأنه إستبقى لديه أبناء الطائفة إلا أن كانت سبب في عدم تقدمه.
لا نستطيع أن ننفي مسؤولية الإشتراكي التقدمي عن الكثير من الأمور التي حصلت منذ الطائف وما بعده وحتى ما قبله بتغاضيه عن الوصاية والتحالف معها إضافة إلى التمسك بالقائد الواحد وهذه مشكلة كل الأحزاب الطائفية وتأليهه وتقديسه وهو يستعبدهم ويذهب ويأتي بهم.
إلى حين أن يقتنع الرفيق وليد جنبلاط بضرورة علمنة النظام كما يقول،لكل حادث حديث مرة أخرى.



حزب البعث العربي الإشتراكي

حزب تائه بين ديكتاتورية العراق السابقة وديكتاتورية الشام الحالية، فلا علمنة ولا طائفية بل إراهاب وقتل وقمع.
وفيما يخص علمانية الحزب العقائدية ،فيشير مؤسس الحزب ميشال عفلق أن الحزب قائم على أسس علمية وينفذ مشروع علمي.




حركة اليسار الديمقراطي

صحيح أن هذه الحركة حديثة العهد إلا أنها أحدث تجربة حزبية علمانية فعالة في لبنان فهي ليست كحركة الشعب والتجدد الديمقراطي القائمين على شخص واحد يترأس ويحكم ،هذه حركة شبابية مطعمة بالخبرة،قد لا تنافس الشيوعي والقومي السوري بالعظمة أو التاريخ إلا أنها حركة واعدة لمجرد أن في داخلها حركة ديمقراطية تمثلت في الإنتخابات الأخيرة،نيسان الماضي،على أمل أن تلقى هذه الحركة الدعم الكافي لتحقيق أهدافها وأولها علمنة النظام وأن لا تضيع في طرقات الطائفية الضيقة أو سياسية مشبوهة.

أحزاب شبه علمانية:
هم كثر يدعون العلمنة رغم أنهم لا يملكون أي عقيدة بل هم مجرد أحزاب سياسية لا تملك مشاريع علمية لا لبناء الدولة ولا لتطوير لنظام،إنما هم مجرد أحزاب يريدون تحقيق المكساب السياسية ولاحقاً المراكزياً ومن بعدها المالية.
هذه الأحزاب تملك رصيد قوي شعبياً يغلب عليه اللون الواحد ومنها تيار المستقبل،التيار الوطني الحر ويمكن أن نضيف عليهم الحزب التقدمي الإشتراكي.
فمثلاً الجنرال عون زعيم التيار الوطني الحر لا ينسى أبداً في كل مرة أن يذكرنا أنه مسيحي ويطالب بحقوق المسيحين وبإعادة صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني على ما كانت عليه مع أنه يقول أن تياره علماني!!!
سعد الحريري الزعيم المستقبلي،أي زعيم تيار المستقبل، هو الأخر يرمي نفسه وتياره من اجل الحفاظ على الحقوق السنية ومطالب الأكثرية السنية وينزل شبابه لكي يهتفوا هتافات طائفية ويدعي أن تياره علماني!!!
هذه الزمرة من الأحزاب لن تفيد مشروعنا العلماني لا بل ستقف في وجهه وستسعى لإبقاء والحفاظ على النظام الطائفي البائس.

شبه أحزاب لكن علمانية:
هنا قاعدة معكوسة تماماً عما سبق،الأحزاب في هذه الحالة لا تملك أي رصيد شعبي إنما تملك على الأقل الفكرة العلمانية وفي الأغلب تكون سلطة القرار في هذه المجموعات محصورة بمؤسس الحزب الذي لا يتغير إلا حين موته فينحل الحزب أو التيار.ومن هذه الأحزاب التجدد الديمقراطي وحركة الشعب ورابطة الشغيلة وحزب السلام وبقية الأحزاب التي لا تمتلك رصيد كأحزاب إنما كأشخاص.


يمكننا اليوم وصف الأحزاب العلمانية على أنها أحزاب "للنخبة"،لكن لا أعرف مدى صحة هذا التوصيف، على كل حال لا بد من توحيد الرؤية حول العلمانية بين هذه الأحزاب،ووضع مشروع مشترك لكيفة الإنتقال من النظام الطائفي إلى أخر علماني يحترم الإنسان ويساعد على قيام سلطة عادلة تساعد أبنائها على النهوض.
قد تكون الأيام التي يمر بها لبنان اليوم غير مناسبة للحديث عن العلمانية،لكن علينا أن نتذكر أن أصل هذا البلاء كله هو الطائفية السياسية.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - الأحزاب العلمانية اللبنانية وواقعها