أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة















المزيد.....

بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



دلال،

قبل ربع قرن كانت الجيوش الصهيونية تجتاح لبنان في محاولة سحق شامل للثورة الفلسطينية. كانت أمك حاملة بك وهي تقضي مدة حبس مدة ثمانية أشهر بتجديد غير متوقف للحراسة النظرية. وكان أبوك قد تدرب من قبل على أن يصبح زوجا لزوجة مناضلة معتقلة من أجل الاعتراض على زرع الحرس البوليسي في الحرم الجامعي. بعدما أمضى بدوره قبل ذلك حصته من حسن السيرة النضالية (الاعتقال في درب الشريف واغبيلة).

وكنا نحتاج إلى رفع التحدي المعنوي أمام الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية. لم يكن أمامنا سوى تغليب مقترح دلال، تيمنا بقائدة عملية تل أبيب سنة 1978، أربع سنوات قبل ميلادك. فسميناك دلال وقد ولدتك أمك في اليوم الخامس بعد استفادتك في بطنها من السراح الموقت رفقتها. بعدما تقدم الدفاع المكون آنئذ من طرف الأساتذة أحمد اكديرة والأمين العام للمؤتمر القومي العربي الإسلامي حاليا خالد السفياني.

دلال،

إنها حاجة نفسية ذهنية شخصية خاصة، أن أحس بملحاحية الكتابة بمناسبة عيد ميلادك.
حاجة استحضار مسيرة فردية وجماعية، ثقافية وسياسية، جرت معها تبعات مصيرية على صعيد الحياة المادية.

في بعض الأدبيات اليسارية الفوضوية بداية القرن 19، كان القول بكون التعفف عن الحياة صفة تبرجز، تعبيرا عن ثورية نفسية. لكن الثقافة التدبيرية التي تلقينا محليا ربطت بين الاكتفاء الذاتي وبين القدرة على البقاء. بمقتضاها كلما كان الجشع المادي كلما ارتمت النفس وراء ما يسقط في الحتف المدمر, ولكي لا يختلط الفهم، فالكلام هنا بصدد التعفف عن المال الذي لا يتناقض مع الإقبال على الحياة.

ولربما كان السلوك رد فعل عن التنشئة الاجتماعية ضمن المجتمع الأمي الذي اتجه نحو العيش دون موجه عقلاني سوى استهلاك الحياة وانتاج عواملها المادية بلا زاد ثقافي. يترك الناس المعنيين لمصائرهم المحتومة، مثل الحجارة المتدحرجة في مجرى مائي غير معروف المصب. وكان الاكتفاء بترديد ذكر المنبع كافيا لرفع سقف التحديات المشروعة.

ولربما كانت الأزمة العائلية ضريبة مألوفة على الصعيد الاجتماعي المصغر طيلة الستينات والسبعينات، لسياسة عامة قوامها التركيز على السلطة. مقابل ترك الناس لشؤونهم اليومية، مجردين من أي سلاح توجيهي لأنفسهم ولأبنائهم. مما كان ينبئ عن أنانية النخب التي سادت ثقافتها الشمولية، إن لفائدة الغرب أو لفائدة الشرق. وهي ثقافة النفس المتمركزة بشدة حول الذات. إذ كانت النخب تتبوأ المواقع التي تنتصب عند المنابع المالية. وهي مراكز القرار القضائي والإداري والاقتصادي. مقابل ثرثرة ايديولوجية عن المساواة. كانت الأزمات تأتي في عز الاستقرار مثل عواصف الصيف المدمرة فجأة.

أو لربما كان السيل الديمغرافي القروي نحو "المدن" الحرفية الصغيرة المكون الثاني لنفس الفيض الديمغرافي الذي عرفه المجتمع المغربي بناء على التهيؤ الرأسمالي لكسب معادلة الإنتاج بثمن زهيد. مقابل التقديم السلعي للمنتوجات التقنية المدنية. دون أي تكوين أو إعداد تعليمي "للمستهلكين" و"المنتجين". فقط عبر عقاقير التلقيح بالتطبيب العصري المنظم عبر خريطة طريق وأجندة. وهذا لم يمنع بقاء الموت متربصا بمصائر العائلات والأبناء والبنات الصغار منهم بالتحديد عرضة التدمير النفسي والتيه بين الصدف لا أكثر. لقد توفيت جدتك فجأة بسبب الكوليرا المرافقة للجفاف الصيفي. أما أبوك فلم يظفر بهاتف لحضور جنازة والدته. تلك عقدة أخرى! أإ-ا لم تراني ميتا ممدا هل تصدق يوما أن أباك الطيب الجسور قد مات؟ أعفيك مسبقا من ألم هذا الخيال المقرف.

° ° °
دلال،

وردا عن كل هذه المستويات المنعكسة في النفس ضمن التأمل اليومي المكتئب، كان الاختيار الفلسفي الملتجئ لأحضان أمنا الأرض/الطبيعة الحل الجذري الممكن والضروري في نفس الوقت. عبره تمت القراءة المتأنية الإستراتيجية للأوضاع العامة. وبه تم الاستشفاء المطلوب من تبعات الأزمات والتي كانت تحز الأمعاء مثل أقسى الأوجاع السامة.

كان التخلص العملي والعقلاني من الثقافة السائدة في شكلها الأعمى والمجرد من الوضوح الاستراتيجي، بداية وضوح استراتيجي بديل. وكان في نفس الوقت علامة على قطيعة جيل مع جيل. فبدأ مسلسل الثورات التفصيلية الجزئية. وضمنها القطائع مع الجاه والمال والسلطة وكل شكلانية من شكلانيات الوصول الفردي بدل التقدم الجماعي. كان التضامن الأممي والانتماء القومي خزانا للإمتلاء النفسي من الخارج. كلما هدنا النكوص والتفريغ القيمي من الداخل.

وشيئا فشيئا، أصبحنا نسعى للإقبال على الحياة عرضا (بسكون الراء)، بديلا للسعي نحو حفظ العمر، كما يسعون هم، لحفظ النفس والعرض والعقل والدين والمال طولا. مقابل اليوم الآخر الذي لا يبقى له من محل لديهم، من كثرة ما راكموا من مال وعرض. لا هم زهاد ولا هم فقراء مشبعين باليوم الآخر.

ونحن من فصيلة أخرى، نتحداهم في عقر دارهم كنا، هنا والآن. محبة الآخر والزهد في المال والآخرة. مقابل الإقبال على الحياة نفسها، بدل شراهة المال والنفاق الاجتماعي وتداول الدين بالمزاد اليومي وتمريغه في وضاعات الأرض.

نذهب طرا نحو المعاني. ويلبسون الدنيا ظلال المعاني والاستعارات. كأن السماء تمطر فقط عذابا وغلظة تجاه المستضعفين. ليكرروا ما انتهجته الحركة الوطنية من جمع للمال والجاه والديماغوجيا في نفس الوقت.

أنا لا أتحدث هنا عن حركات الشعوب التي تصعد زفيرا من عمق القهر وعذابات الشعوب. أنا أتحدث عن الايديولوجيا الزائفة. وعن القيم الخائفة. وعن القواميس المسكوكة خصيصا لصياغة موازين القوى على الصعيد الدولي.

نعم، قلت أعلاه، أننا كنا نملأ كؤوسا من التضامن الأممي والالتزام القومي، عندما تفرغ تفريغا من المحتوى الإنساني كل دقيقة عبر المعيش اليومي.

كان نمط العيش المتداول له مدير أعمال ينظم أولوياته. تلكم الدولة. وكنا أنصارا لنمط عيش مغاير في الدنيا والآخرة. وكان تصورنا عن نمط الوجود يفضي إلى القطيعة التامة مع المهترئ من الموروث. أما التزامنا القومي فكان يكرس المضئ من الموروث. في الفلسفة حتى. وبين الصحابة. وفي ثنايا فقه الأصول. لم نعد نكترث بما تركه آباؤنا الأولون. لننزع عنا كل شكل من أشكال الشرك بالعقل. وكل أنواع الجاهليات المعلنة والمضمرة. أصبحت "أفئدتهم هواء". فبحثنا عن الاوكسجين لاكتساب القابلية للحياة في نظام عربي كان يسّاقط يوما عن يوم.

ورغم اقتناعنا بمحتوى ما حلله وركبه فريديريك أنجلز حول الدولة والأسرة والملكية الخاصة، فقد ائتلفت حياتنا في بوثقة الأسرة. ممارسة لسلوك المسؤوليات واستكمالا لسلوك القناعات الذي لا يستوي دون تكامل بين العقل الخالص (المبادئ) والعقل العملي (أخلاق الممارسة).



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيف الصيف
- الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية
- بعض قواعد البرشمان لتشكيل البرلمان
- في غفوة قرب معرض الجزائر
- تأمل وباقة ورد لمحمد بوكرين
- !!محبط أخوك لا بصل
- الانتخابات المقبلة في المغرب لن تجدد النخبة السياسية
- ما هي دلالات السعي لتحسين موقع اليسار المعارض ؟؟؟
- أعطاب أمام القطب الاقتصادي/شمال المغرب ودور النخب في تخريب ا ...
- هل يعيد مركز النظام الرأسمالي إنتاج النظام الفاشي في محيطه ا ...
- الثورة البوليفارية أو ثقب الأوزون في سماء العولمة
- الجبهة النسائية ....وإنتاج قيم المواطنة وتكافؤ الفرص
- هل يمتلك العقل السياسي المغربي مفتاح التواصل مع النواة الصلب ...
- هل تكفي الانتخابات الموريطانية والحكم الذاتي المغربي؟
- الاستحقاق المهني بين النصوص واللصوص
- المسألة الترابيةأي رأي للمجتمع في مستقبل القضية؟
- الانتخابات المقبلة هذه الماكيط، فأين الروح؟
- حول الحالة الثقافية التعددية المتشظية الجريحة
- معضلتنا في السياسة الأمنية؟ حالة المغرب
- الإصلاح الدستوري في المغرب: هل يمكن تلقيح الفصل التاسع عشر ب ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة