أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الزهرة العيفاري - الشعار الجديد فيدرالية جنوب بغداد !!!!















المزيد.....


الشعار الجديد فيدرالية جنوب بغداد !!!!


عبد الزهرة العيفاري

الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدل الكلام من فيدرالية الجنوب الى ( فيدرالية جنوب بغداد ) . وعلى الاغلب كان المقصـود بالاولى ، المساحة التي تمتد عليها المحافظة النفطية ــ البصرة . وربما كان البعض يربط بها ايضا ً محافظتي ميسان وذي قار .وقد ناقش كثير من المواطنين الموضوع على هذا الاساس . الا انه مع مرور قليل من الزمن ازدادت الشهية لدى الداعين لها فاطلقوا التصريحات النارية على لسان " شاب " سياسي جديد صعد على خشبة المسرح للتو مناديا (بفيدرالية جنوب بغداد ) . وهذه كانت مفاجأة ولكنها ــ حسب الظاهر ــ اصبحت نقطة برنامجـيـة للحزب الاسلامي الاعلى ، صاحب الاكثريةالبرلمانية !!!! .
في الواقع ، ليس عجيبا ًبتاتا ًان يكون السياسي جديدا على (المسرح ً )، ولكن صاحب التصريح (جديد فعلا على العمل السياسي ) ولـذا حدد مطلب الفيدرالية التي يريد بكلمات مأخوذة من قاموس المسلمات التي لا تقبل الجــدل . وبما انه واحد من رجال الدين الجدد ايضا ً فقد اصطبغت دعوته بلــون ديني . وانها كانت اساسا ً ضمن خطبة دينية . ومن الغريب انه حدد فيدراليته ًوجعلها تشمل كافة مناطق العراق التي تقع جنوب العاصمة علما ان هذه المساحة الجغرافية تظم تسع محافظات اغلبها مواقع نفطية !!!.ومساحتها تزيد على نصف مساحة البلاد !!.
ولا اخفي على القارئ الكريم انني اعتبرت الامــر محيرا ًوعجيبا ً . ، فهذا البلد العريق ، الذي يسكنه شعب ثابت على الارض كثبات الجبال ،و يظم في احضانه مليوني شاعر وملايين من الكتاب والصحفيين والعلماء والفقهاء والمثقفين الاخرين ، كما يكفيه شرفا ان نساءه من اصلب النساء عودا واقواهن قلبا واكثرهن صبرا ً واحتمالا لعاديات الزمن ،بل وان اسم المـرأة العراقية كاف ان يجلب المزيــد من الاحترام للرافدين الخالدين وفخرا لنا في المحافل الدولية ، نعم هذا البلد العظيم يطلب منه ان يصيخ سامعا لخطبة " خطيب شاب " لم ينتبه الى نفسه عندما خرج بخطبته على القانون الدولي والسنن العالمية لحقوق القوميات والطوائف الدينية وقواعد بناء الدولة الحضارية ومشاعر علماء الادارة والاقتصاد وتجاهل عمدا ً علم الاجتماع وقواعد تنظيم الدولة والحياة العامة في البلاد عندما اعلن عن " ارادته " بعزل نصف العراق تحت اسم "فيدرالية جنوب بغداد " و ربما هو مقدما يفترض انها ستكون تحت سلطة حزبه بانيا ذلك على اساس انه " يملك " الاكثرية البرلمانية !!! . ومن المؤكد انه يعتقد جازما ان الناس ( وهم مجرد نسمات في التعداد السكاني ) سيعيدون الكرة في انتخاب القائمة رقم ( 55 ) خوفا من تحريم "الزوجات على بعولهن" .
قبل كل شيء ان العراقيين ليسو كما يتصورهم الخطيب وكأنهم لا يملكون ما يقولون . خاصة وان العراقيين انفسهم سمعوا سابقا ً العديد من الخطابات على مدى تاريخهم . والخطب تلك كانت امــا من افواه جهابذة ومصلحين اومن سياسيين لهم المواقف الايجابيةالمشهودة بحيث بقيت في ذاكرة الناس ، او من دكتاتوريين لهم اسناد بوليسي وحزبي وعسكري . ومنها الخطب الطنانة التي جاءت على لسان اناس دخلوا التاريخ ( بالغلط) مثل ( عدي صدام حسين ) ( عفوا ً. مع الفارق طبعا ) وكانت هي ايضا ً خطبا حماسية . ولكن العراقيين كانوا يمــيزون منها ما كانت حكيمة فاخذوها ، ومنها ما كانت تتعــارض على خط مستقيم مع ارادة الامــة فـنـبذوها ودفعوا الثمن الغالي لهذا النبذ .. واخيرا ً ذهبت ادراج الرياح ولم يكتب لها الحياة و النصر.., بل أين تلك الخطب واين ذلكم الخطباء ؟؟؟!!! .
اما عن الفيدرالية فانها نوع من انواع الادارة الحضارية للدولة بدون شك . والـمــفروض بها ان تجمع كلمة الامة وتشد من ازر الاخوة وتزيل عنهم الغمة . وكما يشهد الكثيرون ان بلدانا كثيرة اتبعت النظام الفيدرالي في العالم . الا ان (الخطيب ) لم يعلم بعد انه من الخطأ اعتبا رالفيدرالية وصفة جاهزة يأخذها اي بلد وباية صورة كانت ومتى شاء ذلك . ثم هي قطعا يجب ان لا تكون طائفية وان تخضع لتأييد شعبي بفهم وقناعة وان تعكس ارادة الناس من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب . ثــم هي تصبح ضرورية اذا ما تحول ذلك التأييد الى مطلب شعبي . مما يدلل على ان بناء الفيدرالية لا يكفيه خطاب حماسي مـبـني على رغبات وتصورات فردية حتى ولو كانت " مدعومة " بقرار حزبي . فالحزب مهما جمع من اصوات فهو جزء من الشعب وليس كل الشعب .
وبجانب كل هذا يؤكد علماء الاقتصاد والاجتماع والمتخصصين بالسكان انه حتى لو تم بناء الفيـد رالية في بلد ما وحتى لو كانت ناجحة في مسيرتها ونتائجها فيجب ان تبقى دائما ً عرضة للتحديث والتصحيح بين فترة واخرى وذلك بفضل التقدم التكنولوجي وازدياد مطالب السكان والتغيرات المتلاحقة التي تصيب امكانيات البـلد الفيدرالي .
وعند مناقشة النظام الفيدرالي عندنا نلاحظ لدى الكثير من سياسيينا افكار متباينة ومتضاربة حول نقطتين لهما اهمية جوهرية بالنسبة لموضوعنا . والامر هذا لا يؤلف اية غرابة . ذلك ان الفيدرالية نظام جديد علينا ونحن لا نعرف الكثير من اسرارها .. وملخص الامر ان البعض ، تحت هاجس احتمال عودة الدكتاتورية والانقلابات العسكرية يلح على اضعاف دور المركز ( اي قمة الدولة ) لصالح الادارة الفيدرالية . وهذا المفهوم خاطئ من الفه الى يائه و يضع اول صهريج مفخخ لنسف البلاد بفيدرالياتها جميعا ً !!!. و ينبغي ان ندرك مباشرة ان اصحاب هذا الرأي يبتغون هم انفسهم اضعاف دور الحكومة الاتحادية ( المركز ) لأنه امر يصب في صالحهم ومكا نتهم كسياسيين . وعلى الاغلب ،لانه ــ حسب زعمهم ــ يسمح لهم بالتشــبث بكراسي الحـكـم الفيدرالي والتحول الى حكام بدون منازع ، سيما وانهم يأملون "نجاحا " اكيدا بانتخابات نيابية "معينة " سيما وهــم اصبحوا "خبراء" بالوسيلة التي تمنحهم "الاكثرية" البرلمانية . !!! . وفي هذه الحال يتضح شيء جديد . اذ يدل ذلك على انهم غير معنيين بسلامة العراق او معيشة شعب العراق .......ومستقبل العراق . و انما الحكم اولا وليكن بعد ذلك الطوفان !!!!.
بينما موضوع اضعاف مركز السلطة الاتحادية بالنسبة للشعب و لاصحاب الاختصاص الوطنيين والدراية بشؤون الاقتصاد والقانون وادارة الدولة ، يعني التخريب المبرمج ســلفا ً . لأنه يؤدي الى شل اليــد السيا سية للسلطة وبالتالي شطب قدرتها على ربط المحافظات ( الفيدراليات ) ببعضها في اطار الدولة العراقية . ومن هنا يـنـتـج انـه في هذه الحال ووفقا لسياسة اضعاف المركز "" لصالح "" الاطراف سوف تتعرض البلاد الى التبعثر ويعـم فيها الهوس السياسي اضافة الى ضياع التكامل الاقتصادي وتقسيم العمل المبني على وحدة البلاد واخيرا ً بروز اعراض التفتت في اوصال الدولة وبالنتيجة تنشأ الدكتاتوريات الاثنية والدينية ــ الطائفية ويستشري الارهاب والجريمـة المنظمة من قبل مراكز محلية متناحرة او بين اقطاب الفيدرالية المتناقضين وهم في داخلها . ومن الطبيعي ( في هذه الحال ) تبدأ تفتش كل فيدرالية او اي قطب فيها على حماية ربما من دولة اخرى !!!. اذن لا مناص ( لنا نحن العراقيين ) من رفض هذه الاطروحات التخـريبـيـة المغطاة بغطاء ديني ـــ طائفي . بل يجب التأكيد على تقوية وترصين مواقع المركز في الدولة الاتحادية في حالة التحول الى النظام الفيدرالي ليضطلع بمسؤولياته في قيادة الفيدراليات وهي مسؤوليات ثقيلة اضافية لم يشهدها البلد سابقا .
فالمركزاذن لا يجب ان يسمح لنفسه بيترك الحبل على الغارب سواء للفيدراليات او للشخصيات الرسمية فيها . . الفيدرالية تتطلب بطبيعتها تشديد الرقابة من قبل المركز عليها وذلك لضمان الادارة الصحيحة وقطع دابر اية خروقات قد تحدث في اي بند قانوني او اهمال اي واجب يدخل ضمن مسؤولياتها . اضافة الى ضمان مبدأ فيدرالي وهو : مساءلة اي مسؤول فيها عن خرق اواهمال في الاداء الرسمي او تصرف غير قانوني .
ان هذه الشروط لا تتنافى ومبدأ اعطاء الحرية للمجالس الادارية للفيدراليات ضمن الادارة المبرمجة علميا وقانونيا وسياسيا ومقررة وفق الخطة الاقتصادية ــ الاجتماعية العامة والمقررة في المجلس الاتحادي الاعلى المؤلف من ممثلي الفيدراليات والدوائر الرئيسية في المركز . ومن هذا يتضح ان هذه القواعد تفوت الفرصة على الذين يتمنون تأسيس الفيدرالية ليصبحوا حكاما يتصرفون كما يشتهون ويسوقون السكان كما تقرره ادمغتهم .
اما فيما يتعلق بكون نظام الفيدراليات يضع نهاية للانقلابات العسكرية او ما شابه فهذه تصورات مبتسرة ومبسطة الى درجة مقرفة . وان دلت على شئ فانما تدل على عدم معرفة اصحابها لما ينقله التاريخ السياسي العالمي القريب جدا . فقد بدأ تفتيت الاتحاد السوفيتي ن مثلا ً ، وتقطيع اوصاله بالرغم انه كان من اقوى الدول واوسعها مساحة ، بدأ بمنح الاستقلال لجمهورياته . وان غرباتشوف ما كان باستطاعته اذلال الشعوب الســوفيتية وجعلها تركض وراء قطعة الخبز ولا تجدها ، ! لو انه لم يبعثر وحدة الشعوب السوفيتية ولم يمزق اخوتها الاثنية ولو ترك المركز قويا كما كان ً .
ان هذه الحقيقة التاريخية تجعلنا ندرك ابعاد الخطورة المتأتــية من تفتيت محافظات العراق بواسطة تأسيس الفيدراليات بهذه السرعة وتحت ظروف الارهاب والاجواء الضبابية التي تلف البلاد .
واذا قيل عن النظام الفيدرالي انه يعتبر نظاما ً حضاريا ذلك الامر مشروط بكيفية بنائه ووسائل ادارته ، وقبل كل شئ يجب استبعاد اي تأثير ديني اوطائفي عنه .، وليس كما اراد لــه ذلك الخطيب الشاب !!!
و من غير المفهوم ، لماذا هذا الاصرار المستعجل لاقامة الفيـدرالية ؟؟؟ وهي لم تدرس بعد ولم تصدر قوانين وتعليمات ولوائح قانونية بشأن تنظيمها . !!! ولماذا : فيدرالية " جنوب بغداد " ؟ ؟؟؟ بالذات !! الم يكن الامــر مريبا ً؟؟؟ باعتقادنا ان هذه التسمية نفسها تـفـضـح نية اصحابها . ثم ان الصورة واضحة لكل ذي عينين تبصران : فمن منطوق "خطابات" المطالبين بهذه الفيدرالية . حسب الظاهر انهم يريدونها كيانا طائفيا وحتى شيعيا تحديدا ً !! . علما ان هذا الكيان المزعوم سوف يمتلك حدودا مع ايران تقدر بآلاف الكيلو مترات . !!! ( مع حساب تعرجات الحدود الجغرافية ) وكلها مسالك غير مأمونة !!! ً. و يبدو كذلك ان الاختيار جرى من منطلق ان هذه المنـطـقة بالذات تحمل في باطنها كمية من النفط والغاز ما يجلب العجائب للعالم .
والسؤال الذي يحير القاصي والداني : لماذا يعتبر البعض من حقه ببساطة تقرير امور مصيرية بالنسبة للعراق لوحده بينما بالقرب منه يوجد الاف السياسيين واحزابهم .
ومن المفهوم ان اي مواطن او حزب عراقي مهما كان عملاقا ( حسب وجهة نظره ) يجب ان يعتبر القرار للشعب اولا ً واخيرا . وهكذا من بدهيات الامور ان الاحزاب والسياسيين ملزمون بالتريث والتأمل والتشاور بينهم عند النظر في المشــكلات الستراتيجية والتوجهات المصيرية المتعلقة بالبلاد ثم عرضها على برلمان الشعب للتمحيص والتعديل والاغناء واصدار القوانين اللازمة لها . . وبغير هذا تتحول السياسة الى ساحة للمعارك ويعتمد السيف بدلا من القلم والخـصــام بدلا ً من الوئام . ! وتعود البلاد الى عصور الجاهلية .!!! .
وتجبرنا الوقائع والحوادث تذكير الداعين الى التأسيس الفوري لفيدرالية ( دينية ) في القسم العراقي الممتد من جنوب بغداد بالمآسي التي اجتاحت العراق في الايام القليلة الماضية في نفس المنطقة المذكورة عندما اغـارت قطعان من ميليشيات اسلاموية ( وليست اسلامية ) عل المواطنين العراقيين من المسيحيين والصابئة المندائيين دون ان نسمع اي احتجاج من جانب الاحزاب الاسلامية على جرائم تلك الميليشيات ولم تطالب بتقديم المجرمين الى العدالة . علما ان ( الائــتـلاف) هو الجهة المسؤولة ( معنويا ) اكثر من غيره ويجب ان يكون السباق لنصرة ابناء الطوائف الاخرى و حمايتهم باعتباره يشكل الاكثرية البرلمانية !!! فكيف سيصبح وضع مواطنينا في الجنوب لو تحولت السلطة " رسميا " بيده او بأيدي الاحزاب الاسلاموية الاخرى وهي مثقلة بالميليشيات المسلحة والمعبئة بالعصابات الصدامية ؟ !!. سيما وان المرجعية الدينية ( وياللاسف ) هي ايضا لم تحسم الامر بتحريم هذه الاعمال العدائية والمحرمـــة اسلاميا ً .
وبهذا الصدد لا يفوتنا ان نـلاحظ ان شعبنا بكل طوائفه محاط بالعدوان ، فالميليشيات التكفيريه في المحا فظات غـربي العراق والموصل هي الاخرى لم تتخلف عن مثيلاتها في الجنوب حيث تقتل وتهجر وتغتصب وتطارد المواطنين التابعين للطوائف الدينية الاخرى التي يتألف منها العراق . ومن مميزات العصابات التي تعيث فسادا في المنطقة الغربية يشترك فيها مرتزقة عرب وتكفيريون ممن ترسلهم المراكز الوهابية والاوكار البعثية المنتشرة في الكهوف الظلامية في بقاع موبوءة بالجريـمـة والارتزاق .والكارثة هنا ان الحكومة تطلق التصريحـات تلو الاخرى بخصوص الميليشيات ولكن تصريحـات فقط . !!!!
الا اننا اذ نذكر ذلك علينا الاشارة الى بطولــة ابناء الانبار البررة الذين دفعتهم عراقيتهم الى الدفاع عن منطقتهم . والبطولة هذه تصلح ان تكون درسا ً لشيوخ العشائر في الجنوب لكي يقرروا( تأسيس صـحـوة الجنوب) للقضاء على العصابات الشريرة والميليشيات في مناطقهم ويساعدون الشعب في قضية الخلاص من مجاميع ( جيـش الصـدر والفضيلة والميليشيات الاخرى ) وتنظيف المنطقة منهم واعادة المهجرين الى بيوتهم وتأمين السلم والاستقرار للمواطنين وذلك قبل اقــرار ايــة فيدرالية في العراق . !!! هذه المطاليب التي انتظر الشعب تنفيذها منذ زمن طويل ولكن بدون جدوى !!!!. فالحكومة المنتخبة ( والتي دعونا وندعو الى تأييدها ) عاجزة عن تنفيذ وعودها في حصر السلاح في يد الحكومة وان البرلمان له حساباته التي نجهلها ، والخطباء الشيـوخ و"الشباب " يلحون على تأسيس كيانات خطيرة في عجالة مريبة .

لماذا الفيدرالية ؟

الجواب على هذا السؤال هو الذي يفرقنا مع اصحاب الدعوة الى الاسراع في اقامة (فيدرالية جنوب بغداد) . فالخطيب "الشاب " عندما تحمس لتأسيس (فيدراليته ) لم يقل كلمة واحدة عن ضرورتها التنظيمية للبلاد باعتبارها قد تكون وسيلة ناجحة ( اذا ما تمت اقامتها بصورة صحيحة ) لتطوير المجتمع العراقي او لتوسيع الاقتصاد الوطني عن طريق التكامل والتنسيق بين الـفـروع الانتاجية اوتقديم الخدمات العصرية للمواطنين عموما اوانهاض القرى المتخلفة وانجاح المشاريع السكنية والشوارع والطرق العامة اولخلق الشروط الاقتصادية والهندسية لحل مشاكل السكن للعوائل الشابة في مختلف المحافظات لهذا البلد النفطي . انه كان يلوح بالفيدرالية فقط كمطلب حزبي ، وفي الجنوب تحديدا ً، ولربما لكي يكون قريبا من الاصوات الانتخابية التي يتصورها في ذهنه .!!!.
و من الملاحظ ان السيد الخطيب ــ كما يبدو ــ لم ير حاجة في التنويه في خطابه عن حقوق المرأة العراقية وضرورة رفع الحيف عنها بالرغم من عظمتها وصفاتها الانسانية الرفيعة في المجتمع العراقي ورباطة جأشها وتحملها للمصائب . ويبدو ان موضوع المرأة لا يعني شيئا عند بعض السياسيين ايضا ً . واذا اصبحت الظروف الجديدة تستدعي دعوة بعض نسا ء المدينة الى الاحتفالات فهذا يعني انها فرضت نفسها في المجتمع بحيث لا مجال لتجاهلها الامر الذي يدعو الى الغبطة والرضا . الا انه مع ذلك تراها في الا جتمــاعات مكبلة بالطقوس الموضوعة لها عنوة واغلبها طقوس القرون الوسطى . وللاسف حتى في الاحتفالات الجماهيرية تفرض عليها السياسـه الطائفية . فلا تعطـى اللقب الحضاري المشرف وهو لقب (المـــرأة العــراقية ) بل اللقب الــد يني للاحتفال . وبذلك " تطرد "من القائمة كل نساء العراق من الطوائف الدينية الاخرى التي يتشرف بها الوطن . اذن مــا ذا ستواجه المـــرأة العراقية في ظل الفيدرالية المزعومة في جنوب بغداد ؟؟؟!!.
من هذا يتضح ان هناك مفاهيم حضارية يفتقدها بعض السياسيين . وعليه في سبيل انجاح مسـيرتنا الوطنية التي بذل الشعب من اجلها التضحيات الجسام ، ينبغي السعي لتصحيح تلك المفاهيم وممارستها في نظامنا الفيدرالي المنتظر منذ البداية .
فما هي الفيـدرالية التي نريد .؟ على ان تتفق مع مطالب واهداف العراق،اوالتي يستحقها العراق اساسا. ًوبكلمة اكثر دقــة : ماهي الفيدرالية الملائمة للمستقبل الذي يســعى اليه الشعب العراقي ؟
ان النظام الفيدرالي في العراق يجب ان يقام لا بطرق عشوائية كما يندفع اليه البعض . وانما يجب ان يبنى على العلم في الادارة والتآلف الاجتماعي اولا ً وان يكون اداة لتحقيق الاستقرار والامن والرفاه الاقتصادي ثانيا ً . وهنا علينا استخدام تجارب الفيدراليات الناجحة في العالم مع مراعاة تقاليدنا الاجتماعية المتحضرة منها وما يضيفه مجتمعنا من صفات خيرة خلال الحياة . ومن التجارب العالمية نلخص خمسة مبادئ اساسية ينبغي ان تلتزم بها الفيدرالية امام المركز :
اولا ً ـــ ان لاتكون الفيدرالية ذات صفة طائفيــة . وعلى ان يعـيش الناس فـيها حسب المبدأ الحضاري : الدين لله والوطن للجميع . اي ان الدين مقدس وعليه ان لا يتدخــل بشؤون الدولة والسياسة .
ثانيا ً ـــ تدار الفيدرالية بواسطة مجالس ينتخب اعضاؤها بالتصويت المباشر من قبل السكان ولا مكان للمحاصصة فيها .
ثالثا ً ـــ تعمل الفيدرالية وفق برنامج وخطة اقتصادية بعد تنسيق بنودها مع برامج وخطط الفيـدراليات والمحافظات الاخرى ( تحت ادارة المركز ) وذلك لضمان التكامل الاقتصادي بين المناطق الجغرافية للبلاد .
رابعا ً ـــ تقدم الفيدرالية ( اية فيدرالية ضمن الدولة العراقية ) التقارير التفصيلية الى المركز لاغراض الرقابة وتدقيق مستوى تنفيذ الخطط الاقتصادية والاجتماعية المقررة .
خامسا ً ـــ تخضع قيادة الفيدرالية والمسؤولون الكبار فيها الى المساءلة والتحقيق من قبل المركز مباشرة في حالة حدوث اي خرق للدستور او اكتشاف فساد مالي .
يتضح من هذا ان النظام الفيدرالي ليس غاية يسعى اليها السـياسيون ويجري تنفيذها بصورة عشوائية ارضاء لحزب او جهة طائفية . بل هي وسيلة للتنمية الوطنية والرفاه العام للسكان ولتوطيد مواقع البلاد داخليا وخارجيا ً.
وبخصوص ما يذهب اليه بعض السياسيين عندنا من ان غيرنا من البلدان قد اسس فيدراليات واصابت نجاحا باهرا ..ثم يذكرون امثالا من الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا او الامارات العــربية ,,,, ! وغيرها الكثير ، فهذا من ناحية ، صحيح تماما ً. و لكن يبدو لي فاتهم امر جوهري . ان ما يذكــرونه يختلف تماما عن موضوع الفيــدرالية العراقية . فقد كانت هناك بلدانا ومناطق مبعثرة لاسباب تاريخية واثنية واقتصادية وحتى سياسية . ولذا كانت ضعيفة نسبيا تجاه البلدان المجاورة لها في كافة المقاييس . واذ اختارت النظام الفيـدرالي فلغرض اكتساب القوة واسباب التنمية والمكانة الدولية المحترمة . بينما ما يميز العراق عن تلك الدول ان العراق بلد متكامل من حيث تكويناته الاثنية ومـتـآخ باطيافه الدينية وغني بثرواته الطبيعية وزراعته ومياهه . بينما قد تصيب بلاد نا البعثرة والتفريط بواسطة الفيدرالية اذا ما جرى تأسيسها عشوائيا وبدون ضوابط وحسابات دقيقة . ان التقسيم العشوائي الى كيانات والاعتباطية في التأسيس هي عبارة عن اجراءات عبثية تعرض بلادنا الى الانكسار ، وليس لها اي علاقة بالتعاون الفيدرالي الوطني وبتجارب البلدان الناجحة .
ان النظام الفيدرالي العراقي ( وهو فريد من نوعه ) ينبغي عليه ان يدفع بلادنا الى رحاب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمكانة الدولية العالية . والا فان اي تجزئة لوطننا بالصورة الخطرة التي تريد ان تجبرنا بعض الاوساط عليها !!! ما هي الا مؤامرة محبوكة ضد الوطن العراقي سواء كان دعاة الفيـدرالية يعرفون او لا يعرفون .
اما ان مبدأ الفيدرالية مثبت في الد ستور فهذا يعتبر شيئا اايجابيا تماما ً . ولكن تبقى اشكالية كيفية الشروع بتنفيذه . والاشكالية هذه تحل بصورة ناجحة فقط في حالة استتباب الامن والاستقرار الكامل في البلاد ، وبعد البدء ببناء واعمارالمدن وترميم ماخربته الدكتاتوريات من شخصية المواطن ، واعادة التقاليد الادارية في الدوائر الحكومية (التي الغيت ابان حكم الطاغية ومجلس قيادة الثورة ) ومنع اي تدخل سلطوي بامور الدين الحنيف وبالعكس . على ان تعمل الـدولة خلال فترة مناسبة ، مستخدمة كل امكانياتها في سبيل تهيئة وتدريب الموظفين على مختلف المستويات والاختصاصات بما فيها الادارة والمحاسبة والتدقيق لكي يكونوا العمود الفقري للنظام الفيدرالي المنشود . هذا مع نشر الثقافة الفيدرالية بين ابناء الشعب ليستوعبوا معنى واهمية النظام الذي يراد لهم . فقط عند ذلك يجوز للدولة ومجلس النواب اصدار الموافقة بالبدء باقامة فيـدرالية اوفيدراليات على اساس التكامل الاقتصادي وليس تحت ضغط من جهة او حزب سياسي .
ومن الامور المهمة بالنسبة لكافة فيدراليات المستقبل ان تلتزم بالشـفا فية والوضوح فيما يتعلق باوجه صرف التخصيصات المالية المقررة لها بالاتفاق مع المركز منعا لحـد وث فساد مالي او خطأ اداري فيه .
ومن واجبات السلطة المركزية تجاه الفيدراليات انها تهئ لها (قبل التأسيس) الاختصاصيين في مجالات المهن الطبية والمهندسين الزراعيين والكادر التكنيكي والمعلمين وغيرهم من ابناء وبنات مدن وقرى تلك المحافظات الفيدرالية لتستلم اعمالها في الامكنة التي ينتمون اليها ، وكما هو معلوم ان هذه الامور تحتاج الى وقت ليس بالقليل .
وكما هو واضح من تجارب الدول التي سبق لها وان تمتعت بالنظام الفيدرالي انكشف لنا الان ان بعض سياسيينا يريدون الغاء المراحل ويعتبرون تأسيس النظام المذكور عبارة عن " ضربة استباقية " ذكية ....، في حين مـا هي الا قفزة في الظلام او ركض الى المجهول . وعلى هؤلاء السياسيين ان ينتظروا من الشعب العراقي الرفض وانه سوف لن يسمح بتمزيق بلادنا وان المجـا زفين بالخطابات سوف لن يتم لهم المجـازفة بالوطن ايضا ً.
في الواقع ان مسؤولية الدولة كبيرة وجدية في هذا الخصوص . ويقع عليها واجب وضع الامور في نصابها وتحجيم القوى المغرورة " بقوتها " والتصرف حسب ما يفرضه العلم وصالح المستقبل العراقي .
موسكو
10/8/2007
الدكتور عبد الزهرة العيفاري



#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناورة مفضوحة وسياسيون متفرقون
- الحرب الاعلامية والدعوة لإقامة منظمة عالمية لنصرة العراق
- الاخطبوط يعمل بكل طاقته في العراق
- مقصورة المجد
- السياسيون العراقيون ومسلسل تفجيرات العتبات المقدسة
- التطاير في العواصف السياسية
- اللعب بالنار احرق اللاعبين والملاعب ايضا ً
- اين الاحزاب الدينية من الكارثة العراقية الجديدة ؟
- هل سنعود الى المربع الاول ؟
- هموم عراقية إلى أنظار الحكومة ! إنقاذ الدين من سلطة الدولة ...
- الارهاب ...يستهدف من ؟
- البعث السوري والحكم الاموي
- أين يقف العراق وأين يقفون ؟
- اليك ايها العراق العظيم
- العراق يخوض حربا ضد الارهاب من حقنا ان نسأل : اين الدول العر ...
- رسالة الى الاخوة المثقفين العرب
- بعد صدور وثيقة مكة انتفاض ابناء الأ نبار ضد الارهاب تحرك مقت ...
- الفيدرالية ليست غاية . انها وسيلة من وسائل تنظيم الدولة
- الإسلام السياسي وغياب المؤسسات الدينية !!!!!
- لنقف كلنا مع العراق


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الزهرة العيفاري - الشعار الجديد فيدرالية جنوب بغداد !!!!