أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - اخفاقات السياسة الأمريكية في العراق، الدواعي والأسباب















المزيد.....

اخفاقات السياسة الأمريكية في العراق، الدواعي والأسباب


محمد مسلم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 07:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حينما حصلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في عام 2001م أنبعثت أفكار وخطط وستراتيجيات أمريكية كانت كامنة في نفوس المحافظين الجدد ووجدوا في تلك الأحداث مخرجا ومنفذا حيويا لها . وهكذا فقد صاحوا صيحة الرجل الواحد ، كما صاح العالم الفيزيائي أرخميدس في حمامه وجدتها.... ، حينما أكتشف قانون وزن السائل المزاح ! . وهكذا وجد المحافظون الجدد ضالتهم في المضي قدما بتطبيق كل ما كان في أجندة الخيال وابراز ذلك في واقع متيسر بوضعه وأحداثه ووقائعه . فلم يعد هناك ما يردع الأمريكيين اليوم من تحقيق مشاريعهم الستراتيجية الكبيرة أو تطبيق رؤاهم المتطرفة . وأن كان الإتحاد السوفيتي السابق يعتبر حجرعثرة أمام أي مشروع أمريكي ستراتيجي وهام ، فهذا اليوم قد تفكك هذا الإتحاد وأصبح دولا لا تقوى على رد الأذى عن نفسها قبل أن ترد الأذى عن الآخرين ! . وهكذا فقد صح المثل القائل ( غاب القط إلعب يا فأر) وبدأ الفأر يلعب حقا !. حيث ضرب الأمريكيون بالرأي العام العالمي وأعلنوا قائمة أجراءاتهم المستقبلية سواء رضي بها العالم أو لم يرض , ورفعوا شعار( من ليس معنا فهو ضدنا)!.
أن الشعارات الأمريكية الأولى كانت قد بدأت بشعار محاربة الإرهاب والقضاء على أسبابه ، وهكذا فقد أسقطوا وكمرحلة أولية نظام طالبان في إفغانستان وكان العالم معهم في خطوتهم هذه . لقد حقق الأمريكيون في هذا المحور نصرا عسكريا نسبيا وأن أعتبر برأي الكثير من المحللين بأنه نصر مؤقت!. وهكذا فقد تخلصوا من هذا النظام الغريب على العالم والذي كان في الحقيقة والواقع من صناعة أيديهم!
وبعد إنتهاء فصول الحرب على افغانستان مباشرة بدأت الادارة الأمريكية تعد العدة الى تجنيد الأفكار وتهيأة النفوس لتقبل بنود مشروعها الجديد الذي أسموه( مشروع الشرق الأوسط الكبير) والذي يبدأ بالعراق كمرحلة أولى وبإيران كمرحلة ثانية وسوريا هي الثالثة في هذا السلم وللحديث بقية.... ! .إلاّ أن الإدارة الأمريكية وحلفاءها لم يحصلوا على المظلة العالمية والتاييد الصريح الذي حصلوا عليه إبان إجتياحهم لأفغانستان. وحينما دقت ساعة الصفر تحدّت أمريكا وحلفاؤها إرادة العالم وقرارات الأمم المتحدة وغزت العراق تحت أعذار أسلحة الدمار الشامل وخطر صدام حسين وبدأت عند هذا الحد سلسلة الأخطاء الأمريكية التي أدت الى الفشل الكامل لمشروعهم الذي لم يتجاوز حتى العتبة الأولى في هذا الطريق!
أن رفض المجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام لأمريكا ومشاريعها في المنطقة هي بديهية معروفة الأسباب للجميع وأنا لست بصدد مناقشة ذلك في هذا المقال ، وإنما استأثرت بالتحدث عن الأسباب الإضافية الأخرى التي أضافت الى الطين بلّة وسرّعت وساعدت على إحباط المشروع الأمريكي وفشله وهي :
1- الأخطاء الإدارية العامة التي أرتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق : وهذه الأخطاء قد أدت الى رفض شرائح كبيرة من المجتمع العراقي للوجود الأمريكي وأدت الى إنبثاق فصائل من المقاومة لهذا الوجود إستخدمت شتى الطرق والوسائل إعلانا لرفضها وعدائها له . وتتلخص هذه الأخطاء الأدارية بما يلي /
أ- حل الجيش العراقي وقوات الأمن الداخلي وحرس الحدود ومنتسبي بعض الوزارات كوزارة الاعلام والدفاع والداخلية وغيرها .
ب- التعامل الشرس للقوات الأجنبية مع المواطن العراقي بشكل عام والإستخفاف به والتصرف معه بطرق غير إنسانية أحيانا . وهذا ما ينم عن فهم غير كافي لشخصية المواطن العراقي وعدم معرفة في الطرق المثلى التي يجب التعامل بها مع نفسية هذا المواطن وحالته الخاصة .
ج- فتح حدود العراق أمام الشارد والوارد دون مراقبة أو ردع في الأيام بل والشهور الأولى من الإحتلال قد أتاح فرصة ذهبية أمام الأجانب الرافضين للوجود الأمريكي في العراق في الولوج والتسلل الى العمق العراقي والتنسيق والتمحور السهل فيه .
د- إعلان العملية الديمقراطية بشكل متسرع في بلد حكمه دكتاتور عنيد لفترة تزيد عن الثلاثين عاما ، ومن دون تحضيرات مسبقة أو تهيأة عامة للنفسية العراقية أمام هذا التغيير المباشر لطبيعة حياته. فقد خلق ذلك فجوة كبيرة وفراغا سياسيا شاسعا بين مرحلة الدكتاتورية ومرحلة الديمقراطية . وقد كوّن هذا الفراغ ملاذا آمنا للقوى المعادية لهذا التحول الديمقراطي غير المبرمج ، حيث تسللوا من خلاله وحاولوا إجهاض العملية الديمقراطية برمتها . كما أن عدم توفر أسس وآلية التحول الديمقراطي الصحيحة والناجعة قد خلق ضياعا وتخبطا في العملية الديمقراطية وسبل صيرورتها وبقائها .
ه- التدخل الأمريكي المستمر في تفاصيل وشؤون الحالة العراقية وعدم تركها للعراقيين أنفسهم ، الذين هم أدرى وأعرف وأقرب الى فهم أمور العراقيين وإدارتها، حيث أن أهل مكة أدرى في شعابها. هذا التدخل قد ساهم مساهمة فعالة في فلتان الأمور وفقدان السيطرة عليها.
و- إنتهاج سياسة الكيل بمكيالين وأستخدام النفوذ في دعم أو إبعاد الأطراف السياسية . اذ تقرب الأدارة الأمريكية أطرافا على حساب أطراف اخرى وتدعم اطرافا دون أخرى ، وهكذا فهي تفقد مصداقيتها وتعهدها على أن تكون راعيا نزيها للعملية الديمقراطية في العراق .

ز- عدم الموافقة الرسمية على إعطاء جدولة عامة وتقريبية لعملية الإنسحاب العسكري للقوى الأجنبية من العراق ، وهذا ما أثار ويثير المخاوف من أن البقاء الأمريكي في العراق هو بقاء طويل أو دائم .
ح- إبتداع نظام المحاصصة الطائفية بين العراقيين وهذا ما أثار حالة من التوتر والرفض لهذا الواقع الجديد الذي يكرس، ومن وجهة نظر البعض، الطائفية والتفكك الإجتماعي للنسيج العراقي المتماسك .
2- العزلة الدولية : أن إتخاذ أمريكا قرار الحرب على العراق دون موافقة المجتمع الدولي على ذلك جعلها وحيدة هي وحلفاءها في المأزق العراقي الصعب . ولكل دولة من دول العالم أسبابها الخاصة بها في معارضة إجتياح العراق .
3- المجتمع العراقي : يعتبر المجتمع العراقي من المجتمعات الصعبة والمعقدة بين مجتمعات العالم وذلك بسبب تركيبته التكوينية المميزة وطبيعة نسيجه البشري المؤلف من مزيج غير متجانس بلغاته ودياناته وطوائفه وأعراقه وأصوله . وهذا ما يجعل من الصعوبة بمكان التعامل مع مثل هذا المجتمع والحفاظ على ديمومة نسيجه دون أن ينفرط ويندثر .هذا من جهة ومن جهة أخرى فأن الشعب العراقي وبسبب تفشي الجهل والحرمان والأضطهاد أصبح شعبا ذات سلوكيات خاصة وغريبة في بعض الأحيان .
4- القيادات العراقية : أن العراق وبحالته المتعبة هذه هو في أمس الحاجة الى قيادات واعية وكفؤة ،متمرسة وحريصة ، مخلصة ومتفانية في سبيل مصلحة الوطن ومستقبله ووحدة ترابه . وليس على قيادات مفككة متضاربة ومتناحرة أمام مرأى ومسمع أبناء الشعب، بل ومصابة بمرض "شبق السلطة". إن القيادات البناءة في عراق التغيير محاصرة ومشلولة في حركتها وتصرفها من قبل مختلف القوى ومراكز النفوذ وعلى رأسها الإدارة الأمريكية ! .
5- دول جوار العراق : إجتياح العراق لم يؤنس معظم دول جوار العراق. فإيران وسوريا مثلا هما على قائمة التغيير الإمريكي في المنطقة، حيث لم يتردد الأمريكيون في الكشف عن ذلك، بل تصريحات بوش كانت واضحة وصريحة حينما أشار الى دول "محور الشر" ومشروع أمريكا في الشرق الأوسط. وهكذا قد أصبح العراق ساحة مواجهة بين الأعداء وابتدأت المعركة مع الأمريكيين داخل العراق وقبل أن تتجاوز حدوده!
اما تركيا فإنها تخشى من الديمقراطية العراقية أن تؤدي الى إنفصال الأكراد وإعلان دولتهم التي سوف تحفز وتشجع ومن دون شك إنفصال أكراد تركيا أيضا. فكيف بها أن تفرح في ديمقراطية تهدد مصالحها ووحدة أراضيها!؟ وكابوس الهلال الشيعي وهاجس إرتماء جنوب العراق في أحضان إيران وغيرها من تخوفات بعض ساسة دول الجوار لم تكن خافية على أحد ، إذ صرح بها كبار المسؤولين الأردنيين والسعوديين وفي مناسبات عديدة، وهذا ما يشير الى التحفظ والضجر الأردني- السعودي من هذا التغيير المحفوف بالمخاطر والإحتمالات.
بعد هذه الجولة المختصرة من الأسباب وغيرها الكثير التي قد يضيق بسردها المكان، يستطيع القارىء أن يتفهم حساسية الموقف وصعوبته، ودرجة السطحية في التفكير الأمريكي الإستراتيجي الذي قد يصل الى درجة من السذاجة والتهور بما لا يصدقه العقل! فأخطاء أمريكا في العراق قد لا تنم عن وجود دراسات ستراتيجية معمّقة عند الأمريكيين أو عند قيادييهم على أقل تقدير، فهل يصدق العالم ذلك!؟.



#محمد_مسلم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فايروسات العنصرية تنتقل الى الحيوانات في أوربا!
- حصانة النفس من الإرهاب مسؤولية في عنق المجتمع
- الجولة الأخيرة لحكومة المالكي وملامح الضربة القاضية
- غوردن براون، وجه بريطانيا الجديد، من هو ؟
- هل الديمقراطية عند العرب تعني حروبا أهلية !؟
- هل صحيح ساركوزي يكره العرب والمسلمين !؟
- ملامح الدهاء السياسي في تشكيلة حكومة ساركوزي الجديدة
- السيناريوهات الأمريكية المحتملة لحسم الموقف في العراق
- من هو نيكولا ساركوزي!؟
- صراع الجولة الأخيرة نحو قصر الإليزيه
- يوم الخلاص
- تداعيات الفشل الأمريكي في العراق
- الإسلام والديمقراطية ضدّان لا يجتمعان...هكذا يقولون
- الهجوم العسكري الأمريكي على إيران، بين الفرضية والواقع
- الديمقراطية في العراق ، إقحوانة تنبت في صحراء
- الخطة الأمريكية في العراق ، ما الجديد فيها ! ؟
- يطل على العراق عام جديد وفي النفس آمال
- وأد العقول العراقية , مسؤولية من... ! ؟
- دور المثقف العراقي في عراق التغيير
- هل يرحل الأمريكيون من العراق؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - اخفاقات السياسة الأمريكية في العراق، الدواعي والأسباب