أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - حوار طويل مع الناقد ياسين النصير















المزيد.....



حوار طويل مع الناقد ياسين النصير


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1999 - 2007 / 8 / 6 - 11:08
المحور: الادب والفن
    


قد تجد نفسك احيانا في مصادفة نادرة امام رمز ابداعي كبير له من التجربة الابداعية والمواقف المشهودة ما يستفز عندك الحاسة الصحفية او الابداعية او كليهما لسبر اغوارة تجربته وأبداعه اواستدراج المسكوت عنه في سيرته المحذور البوح عنها سابقا.
وقد لاتكن المهمة بمثل تلك البساطة واليسر فقد ينفتح الحوار عن مغامرة تكشف الجديد في اسرار النص او تكشف رؤية ما او تفسر موقفا ملتبسا ولربما تجد في مجمل الاجابات خيطا سريا يربط مفاصل الاسئلة ومحاورها المتنوعة في طريق تكامل نص يخرج الحوار من غايته الصحفية لاافاق ابداعية رحبة قد يشكل انجازا للمحاور والمحاور
هكذا وجدت نفسي بمواجهة ياسين النصيرصاحب السحنة السمراء والملامح الجنوبية التي تشير الى رمز ابداعي مثابر ارتبط اسمه بالمكان كماركة نقدية مميزة في تاريخ النقدية العراقية وكما عرف بمواقفه الصلبة ووجهه الابيض أبان فترة الدكتاتورية ومرحلة الاستبداد والقمع فلم يستدرج مع انحطاط المؤسسة الثقافية للسلطة السابقة ولم يستسلم لشروط البقاء المذلة
وياسين النصير مثقف شامل وناقد مفكر له من الرؤى الخصبة التي تواكب مخاضات الواقع وتحولاته الاجتماعية والتاريخية والسيياسية مما يؤهله بجدارة ليكون شاهدا على الحياة العراقية وابطالها المسحوقين والمهمشين .
هاجر النصير ضمن موجات الهجرات الجماعية لاافواج المثقفين العراقيين هربا من الملاحقة والتدجين ولكنه ابقى الروح ملتصقة بروح المكان العراقي وتفاصيله الاستثنائية والتي حاول انسنتها وتفعيلها عبر مشغله النقدي الدؤوب
في المواجهة والحوار مع النصير تصعب البدايات والاسترسال في الاسئلة المعدة سلفا وتشعر بما يشبه التيه في حقل مترامي الاطراف هي الحقول الكتابية التي كتب فيها ياسين والتي توزعت على النقد والقصة والمسرح والتشكيل ومن ثم السعي لتاسيس انطولوجيا للادب العراقي في جهد متفرد في تاريخنا الادبي الوطني وبعد ذلك فمما يجعل للحوار نكهة تمس واقعنا المحتدم والمحتقن بغموض الصورة وضبابيتها ودمويتهاان النصير له انشغالته الحالية في تاسيس او الانطلاق بتجربة كتابية جديدة تتماهى وتعقيد هذه الصورة الضبابية لواقعنا
حيث بدا بتوثيق ابطال الدراما الاجتماعية كالملقن والموظف ولعجوزوغيرها من ممثلي هذه الدراما التي شكلت سداة تاريخنا ولحمة وقائعها المأساوية
تامل من المغامرة في حوارمن هذا الطراز اثارة سكون التجربة الغنية بشموليتها وتعدد طرق تعبيراتها وثبات موقفها السياسي والانساني وخاصة عندما يتقمص ذللك هاجس النقد والروح الوثابة التي لن تعرف للهدوء طريقا الا عبر التماس المباشر مع مخاض الواقع وتحولاته مها كان هذا الواقع وفي اي موقع كان في الذاكرة او الحنين او الالتحام بسيرورته مباشرة
يسكنه الهاجس النبيل في الوطن المرتجى والمؤمل الخارج من دوائر الاسبداد والحروب والحصارات ومحنة الغزو الارهابي والاستعماري
لاازعم ان ياسين حقق كل ذلك في مختبره النقدي وانشغالاته الكتابية ولكن اتوخى من اجابته ن تفتح كوة لملامح تجربته الطويلة والغنية والمتنوعة

*عدت لبغداد بعد غيبة طويلة..فلم تجد مدينة الذاكرة ..أحلام الصبا..كان الفضاء ملتحما بمشهد الخراب الذي امتد من المنازل والتواء الأزقة وواجهات المقهى إلى الروح نفسها..كيف تتحول أمكنتنا الأليفة إلى أمكنة معادية؟

بما الحديث عن هذه العودة غير مجد لانني ما فارقت العراق يوما كل حياتي في الخارج هي امتداد للداخل، الاتصال اليومي بالاسرة والاصدقاء قراءة ما يتيسر لي من نتاج عراقي، متابعة الشأن السياسي والكتابة فيه، حضور ندوات ومهرجانات عن العراق المشاركة اليومية بما خص العراق، السعي لوضع خطط وبرامج مستقبلية قبل التغيير وبعده ومنها خطة لتطوير السينما اشتركنا فيها انا وقاسم حول وهادي الراوي وخطة لتطوير مؤسسات الثقافة العراقية ارسلتها للجنة في وزارة الثقافة بعد التغيير بناء على ندائهم، وفعاليات اخرى ثم يجيء مهرجان السينما العراقية الخاص بافلام المخرجين العراقيين الشباب ثم تأسيس مؤسسة أكد التي رهنت نفسها للنشاط الثقافي العراقي حصرا ومن قبلها مؤسسة ثقافة 11 في بلجيكا والصلون الثقافي الذي اقمته في بيتي منذ عام 1979 ولحد عام 2000 ففي كل شهر كانت لنا محاضرة عن الثقافة العراقية ثم اخرجت جريدة ثقافة 11 وصدر منها 26 عددا وكلها للمثقفين العراقيين وكانت على حسابي الشخصي وبمساعدة كتاب وفنانيين عراقيين شرفاء كل هذا وغيره كان يشدني إلى العراق فانا لم اغادر إلا بجسدي فقد كنت اشعر بمسؤولية تجاه الثقافة وهي مسؤولية فردية ليس إلا بانني مادمت استطيع ان اعمل شيئا فالأفعل وهكذا تجد اليوم تراكما هائلا من التجارب والفعاليات اتحدى اي كان ان يقول عنها أنها كانت لشخصي بقدر ما كانت للثقافة العراقية.ولعل هذا ما آثار حفيظة القليل الذن كتبوا ومارسوا مواقفا غير مشرفة ومن بينهم رفاق واصدقاء.
لكن عودتي جعلتني ابحث عن خصوصياتي هنا في بغداد والبصرة والقرنة وقريتي حيث زرت الامكنة التي انضجتني،كنت خائفا من شيء واحد هو ان تتغير الأمكنة هذه تبعا لرغبات الحكام، لا أدري كنت من اشد المعادين لمن يغيير الأمكنة القديمة لا اعرف السبب ولكني اشعر ثمة لغة وحضور وثقافة تحذف عندما تتغيرالأمكنة،لا اريد أن اضع الاموات منها بجوار الاحياء بحيث تتراكم الامكنة فتصبح عائقا امام تطورنا ولكني اجد ثمة جوار معها تاريخي لا يمكن النهوض لغيرها بدون أن تكون حاضرة ولذلك لم ار العنف الدموي وحده هو الفاعل، بل العنف العمراني ايضا. الامكنة القديمة حتى وان جددت تبقى قديمة فالاسم أحيانا أقوى من البناء،اسم المقهى اقوى من بناء المقهى، خذ بابل وخذ الابلة وخذ الأهوار وخذ اور حتى لو جددت لم يتغير البعد التراثي اوالتاريخي منها، لذا لم اجد فرقا كبيرا بين ما استجد في الامكنة وروح تلك الامكنة.انا انتمي لروح الامكنة التي ترتبط بالتحديث وليس بالمقدس الكائن فيها، المقدس يجمد حركة المكان ويثبته على اقول ومظاهر قديمة ولا ارفض ان يتقولب المكان في حال واحدة من الفهم.
بالطبع شعرت بماساة تنخر في دواخلي تنتزع مني الثمين والرؤية لوجود المكان الآخر، لان أي تعويص لامكنة قديمة يمكنه أن يوقظ فيك حنينا. إذا كنت ضعيفا سوف تبكي ،كأي اب يموت منه بعضه، ولكنك لن تصمد ايضا امام اغواء الامكنة الحديثة، تلك التي تستعيرها لتطوير بلدك. الامكنة الجديدة والحديثة هي امنيات شعرية للحب، لمغازلة فتاة عراقية ولدت للتو، وعلينا ان نزينها بالفاخر والجميل، دون ان نحذف من جنسيتها أسم أبيها أو كنيتها.هكذا شعرت ان امكنة بغداد والبصرة تنسحب لكنها لن تمحى. فالامكنة لا تعادي بل تصالح، حتى لو نشأ فيها الموت، كل ما فيها يزول،هذا الخراب المؤقت هو حال استثنائية سيعود المكان إلى ألفته ويحتضن العراق بالرغم من سواد ليلة وعقم ساسته.

عودة على السؤال الأول في العام الماضي كانت وفود المدى تزور الأمن العامة في السليمانية وتسترجع ذاكرة الشهداء وما تبقى من ملامحهم المطبوعة على الجدران رغم طلاءها الجديد. ماذا تقترح، أو ماذا تصلح مثل هذه الأمكنة؟هل وفق اخوتنا في كردستان..عندما جعلوها متاحفا لزمن معاد؟


في مقال سابق لي عن السجون قلت ما معناه ان كل السجون واحدة في العالم، الاسم اقوى كما قلت من المكان،لاحظ ان كل مخافر الشرطة في العالم تطلى بلون الرصاصي الفاتح وهو حالة نفسية يشعر بها المراجع من انه في محور السؤال.عندما يغيرون السجون إلى متاحف تبقى سجنونا ولكن بوظيفة أخرى، انا شخصيا مع تثبيت الذاكرة وليس مع تغييرها،لا فرق بين امنكة تسجن تحفا وامكنة تسجن بشراً، المهمة المتغيرة هي في وظيفة المبنى وليس في فكرة السجن.ولذا لا اجد ذلك تعبيرا عن زمن جديد.

عادة ما يؤشر مؤرخ الادب انتعاش النقد يوصفه جنسا ابداعيا..عبر انتعاش النص الإبداعي نفسه..أم هناك عوامل خارجة تحدد بوصلة النقد تقدما أو تراجعا؟

*لم يعد النقد تابعا ولا الناقد موظفا عند الكاتب، بل النقد جزء من الفلسفة، وجزء من الحداثة، وجزء من ثقافة غير مسيجة باطر شكلية. هذه الحرية هي التي تمكن الناقد من ان يجوس ميادين مختلفة. عندما كان النقد تابعا اصبح ملحقا متأخرا عن النص، ولكنه عندما تحررمن التبعية اصبح متقدما على النصوص يفهم آلياتها بطريقة مغايرة لما يفهمه الكاتب. ولذا ليس للنقد حدود ولا قوالب، بينما لكل نص ابداعي قوالبه واسيجته وحدوده. في هذه المرحلة وبعد تشخيصنا للبنية التحتية للنقد، اجد ان من يمارس النقد اليوم من الشباب اكثر قدرة منا على التجديد والانفتاح والتجريب. هذا لم يتم بوجود نصوص ابداعية بقدر ما كانت هناك المدينة والفلسفة والثقافة والفنون والمجالات الأخرى. النقد ابن الحضارة، يسبقها ليعبد لها الطريق ، بينما النص عربة قد تسير لوحدها.
ايمكن الحديث عن مدرسة عراقية في النقد لها ملامحها وحضورها الملفت..يمكن تأطيرها تاريخيا دون محاباة للعلمية والمعيارية المنصفة؟

*لا اعتقد بوجود مدرسة عراقية بمعنى المدرسة شأنه النقد في العراق شانه في الدول العربية الأخرى فلا وجود مدرسة مصرية ولاسورية ولالبنانية في النقد،ولكن يوجد نقد في كل هذه البلدان. ما يميز النقد العراقي انه ألصق من غيره بالنص الإبداعي، ولذا كان مقاليا، في حين أن النقد المصري نقد الظواهر وهو ما يجعله تابعا للثقافة المتراكمة في مصر. اما النقد المغربي فهو نقد مدارس لحضور لها متقصد بعيدا عن الاجتهاد الذاتي للنقاد المغاربة،وهذه لسيت منقصة، ولكن مناخ المغرب العربي يتيح لمثل هذا التلاقح الفكري دون ان يؤسس ذلك تيارات فلسفية إلا بحدود.من هنا لانقد بمدرسة في العراق، بل نقد للنتاج، وهو عندي اكثر النقود التصاقا بالتجربة وما يلحقها، ونعول على الشباب من النقاد ان ينتقلوا بالنقد من المقالة إلى الظاهرة، وما أكثر الظواهر التي لم تدرس بعد في ثقافتنا. اما النقد الذي يكتبه الشعراء عن تجاربهم وما يحيط بهم، فهو ليس إلا مقالات لا تقف بموازاة النقد الذي نكتبه، لان مقالاتهم محكومة برصد ما يتعلق بهم، أما لتأكيد ما قالوه ومعارضة لما قاله الآخراو ابداء وجهة نظر في تيار او كاتب.واحسب ان ما يكتبه شعراء الستينات على وحه الخصوص هو في هذا الباب، ونحن مع ذلك بحاجة إلى رأي الشاعر او الروائي عندما يكشف عن تجربته أوما يجاورها.
هناك قاصون وشعراء كتبوا نقدا، في حين هو تصورهم الشخصي عن القصيدة أو القصة، هذا ما فعله محمد خضير في القصة الجديدة، وفاضل العزاوي في الروح الحية، وسامي مهدي في وعي التجديد والريادة الشعرية في العراق ومحود عبد الوهاب في ثريا النص، وفوزي كريم في ثياب الامباطور وغيرهم. في حين ان ما كتبه فاضل ثامر وعبد الجبار عباس وطراد الكبيس وحاتم الصكر ومالك المطلبي وشجاع العاني، وحسن ناظم وناظم عودة وغيرهم لهو نقد يمهد لملاح تيار عراقي لم ينهض بعد كمدرسة.

*هل اسهم النقد العراقي، وانت أبرز المشتغلين فيه.في تخصيب وأنماء مفهوم الثقافة الشاملة لزحزحة الإطار التقليدي والمفهوم عن ثقافة الصالون الأدبي والمقهى والصحيفة الثقافية فقط؟ ألا تتفق معي أن هذا المفهوم المتوارث في الأوساط الثقافية كان عقبة تحول دون الفاعلية الحضارية لدور ومهمة المثقف في الحياة؟


*النقد هو الطاقة الكبيرة التي تفيض على الصالونات والمقاهي والصحف، تاثيره يفوق تاثير اي نص مع العلم انه في الثقافة العراقية باقيا ضمن بنية المقالة وليس ضمن الدراسة،السبب واضح وهو ان النقد يمهد للديمقراطية وللحوار وللرأي الآخر. ومن هنا كان يُسمع ويفتح له المجال، ولكن كانت أصواته قلة، ليس بسبب الخوف، إنما بسبب الموهبة والمران والمتابعة والقراءة والفهم، لا ينتعش النقد بالنصوص التي قرأها الناقد، بل ينتعش ويحيا ويفيض ماؤه عندما يتعامل مع المدينة، مع الانتاج المجتمعي، مع التداخل بين الفنون، مع الفلسفة والمثيولوجيا، والنصوص البدائية، مع الروح الشعبي، مع تلك النغمات المشترك الثقافة بين القديم والحديث. هذا كله وغيره امكن للنقاد العراقيين، وهم قلة، أن يجدوا مساحة يلعبون بها مع كبار النقاد في الوطن العربي، إن لم يفوقوا في بعض دراساتهم عليهم، نحن نفتقر إلى وجود فيلسوف أو دارس حديث للتراث أو مفكر اسلامي حديث أو قارئ متميز للفلسفة في العالم او مفكر اقتصادي وسياسي مثقف بشؤون بلده، فكل ما لدينا تصورات ولكنها استطاعت ان ترسم طريقة مغايرة لسياقات العلاقة القديمة بين النقد والصالون والمقهى والجماعات.


*كيف تتطلع إلى النقطة الفاصلة التي القتك خارج رحم "المكان الأم" مكان الحب والذاكرة والقسوة والامتهان..؟ هل تلاشت صورة المكان الأول أو اندمجت بالمكان الجديد؟ وهي مناسبة للحديث عن محفزات ومؤثرات التطور التي اعطتها لحظة لإندفاع الإبداع العراقي إلى الأمام؟



- كنت مهاجرا داخل بلدي قبل أن اهاجر جسديا للخارج، فقد كنا ولسنوات متخفين بين ان نكون سواق تكسي اوعمالا او اصحاب محلات شعبية لنبيع ونشتري حتى ننجي انفسنا من غائلة الانخراط في صفوف السلطة. كانت سيارتي الصغيرة نجاة لي من كلمة كي لايقال انني ضعفت او تخاذلت فوافقت العمل، وللامانة لم يضايقني احد من الأدباء، بل من السياسيين والبوليس واجهزة الامن، وهو ما جعلني التقي باصدقاء مثقفين، ونحتمي ببيوتهم عندما يهاجمنا جراد السلطة للتجنيد. من هنا لم اعش خارج المكان الأول وقد اجبتك في السؤال الأول عن الكثير من جوانب العلاقة لي بالداخل.


*موسوعتك للأدباء العراقيين ..لم تكتمل بعد...هل ستنتهي إلى انطولوجيا استثنائية لتاريخ يشك الآخرون بفاعليته وامتداداته التراكمية التي تعطيه هوية تميزه عن آداب الدنيا كلها؟

*ياليتني استطيع تكملة هذا المشروع الذي ولد كحاجة لي لاستحضار الادباء والمثقفين الذين اجد فيهم روح ومبادئ ومقومات الحداثة. كان مشروعي ينصب على موسوعة للمبدعين وقد لا يتجاوز عددهم المئة، ولكني كسول في مثل هذه الحال. فانا غاليا ما ابدأ بمشروع واتركه لاكثر من عشرين سنة، دون ان يموت في داخلي، وعندما اعود إليه اجد نفسي قد تمكنت منه. مشروع الموسوعة لم يمت ولم ينته، بل هو مؤجل لفرصة مؤاتية اخرى. ولا اكتمك سرا لو تهيأ لي المناخ المادي الجيد لبدأت باستكماله. كل ما عملته كان جهدا من اجل ان لا تموت ذاكرتي، فاحتفظت بملاحظاتي عن أدباء احترمهم. أما عن البقية فقد سجلتها كنقاط يمكن أن اعود إليها. مثل هذه المشاريع الكبيرة لا يمكنها ان تتم بدون دافع ما، اتمنى على الجهات المعنية ان تكلف من يستطيع لكتابة موسوعة نقدية وتعريفية عن المبدعيين العراقيين وأن لا يكتفون بما فعله الكاتب المبدع حميد المطبعي مشكورا عندما قدم جهدا لا يقدر عليه سواه. جهدة يمهد الطريق ولذا بحاجة إلى دراسات تقوم عليه. ما حاولته هو في هذا الإطار، ولدي القدرة على المواصلة ولكن من يضمن لي ادمة حماسي؟.

*ايهما الأكثر امتاعا وتشويقا واستفزازاً في مشغلك النقدي القصة التي كتبت فيها وعنها الكثير، الشعر ..واخيرا المسرح ناقدا ومؤلفاً والتشكيل وغموضه وصعوبة الانفتاح الذوقي على إيهاماته.هل تتعبثر الموهبة أوتتشظى هدراً ..حينما يدور الكاتب بين كل هذه الأكوان الابداعية دون ملل أو كلل لثلاثة عقود؟


*لم اكن ناقد في هذه المجالات كلها قبل خمس وثلاثين سنة ، كنت في بداية عملي مقتصراً النقد على المسرح والقصة، ولكني بعد اكتشافي لقيمة المكان وأثره في النص، ودوره في الثقافة. توسع لدي مفهوم النقد، فصرت ابحث عن المكانية في الفنون الاخرى، بالقوة نفسها التي كانت لدي في القصة والمسرح. ولذا لا اعتبر ذلك تشتيتا بقدر ما هو توسع للمنهجية التي وجدت فيها بنية قارة في الفنون كلها. وعلي كي اكون منصفا مع مشروعي، ان اتفهم الفنون كلها وامارس الكتابة عنها. فالمكانية مبدأ نقدي اشمل من اي فرع او نوع. ثم بدأت بالاستهلال الذي هو الآخر اشمل من اي نص، وهكذا تجدني متجولا لا حبا في هذه الحقول بل بحثا عن الجديد لممارساتي النقدية فيها.
اللوحة فن مكاني يمارس الفنان على قماشتها بناء الشكل الفني ممتزجا بخيالات وموضوعات، هذه البنية الظاهرة للعيان تخفي وراءها احاسيس الفنان ومواقفه وخصوصياته. ولذا عندما اقول ان اللوحة فن مكاني اعني ان الفنان يستطيع ان يحوي العالم فيها وان يختبئ في بيت طفولته، وأن يرينا كم هو التاريخ مؤثر في سياق الاعمال الفنية. جئت الفن التشكيلي لرغبة دفينة منذ الطفولة، وهي انني كنت ارى الاشياء متداخلة، لم يكن لي متسع من الوقت ان ارى البيت ولا ارى ساكنية، ان ارى النهر ولا ارى السفينة، أن ارى النخيل ولا ارى الفلاح، هذه الصورالمزدوجة تتسع لاضافات اخرى لتنشئ علاقات بين النهر والصياد ،السفينة والشاطئ ،البحار والسندباد ، المد والجزر ،الاسماك والاضواء، الاقمار والاغنيات،الحكاية والسحر، الحب والجنس..الخ وكل ما من شأنه ان يكون حاضرا في المخيلة او الواقع وقد تجمع كله في رؤيتي لشيء واحد. وهذا ما قربني للفن التشكيلي الذي يكون الخط في اللوحة حاملا لمعان كثيرة،والكتلة تعني اشياء لا حدود لجمالها ومعانيها، واللون له خصوصياته وحساسيته. وعندما تتجمع كل هذه على سطح اللوحة، تصنع مكانا يمكنك ان تسكنة بمخيلتك، ويمكن ان تراه وتعيشه وتسترجع ما تعرفه ومالا تعرفه. الفن التشكيلي لوحده كان يصنع المخاوف للأديان.
حقيقة اشعر أنني لم أبدا بعد بالكتابة، كل هذه التراكمات من الكتب والمقالات والانشغالات لم تجعلني إلا مبتدئا بالكتابة، اشعر انني مختزن بطاقة ربما غير اعتيادية في جعل النقد اعم من عرض كتاب او ظاهرة، بل هو مسعى للتجديد الفكري، قبل أن يكون كتابة عن ظاهرة ما أو احتذاء لتجربة او تقليدا لتيار.اشعر ان المدينة مثلا بحاجة لان ننهض فيها قواها العملية، التي لو انتبه كتابنا لها لغيرت من طرق واساليب قولهم وفنهم. المدينة حاضنة التجديد والحداثة،فالحداثة ليست الفاظا وصورا جديدة، ولا هي خروج على ايقاع او قافية قديمة، بل هي صياغة جديدة للإنسان في عالم يحيط به ويضغط عليه ويحول تفكيره إلى افق اوسع، المدينة ساحة رحبة لمثل هذا الطماح.من هنا اجد في تعاملي مع فنون عدة هو السعي لجعل هذه الفنون في مستوى معين من العلاقة مع المدينة .

*هل تراهن كثيرا على دور فاعل.. مهم للمثقف العراقي في استثمار التحول من الاستبداد إلى ما بعده هل حانت اللحظة التاريخية ليسهم المثقف في صياغة الحياة وقيم التنوير والديمقراطية؟


*ربما هذا اخطر سؤال اصادفه في لقاءات كثيرة،مهمة المثقف اليوم اكبر من انه يكتب نصا جيدا، بالرغم من اهمية النص الجيد، المراحل تفرض أحيانا على المثقف دورا آخر هو المساهمة في الحوار السايسي وابداء رايه في امور الحرب والسلم وبناء الدولة ورصد متغيرات المجتمع..الخ ، عليه ان لا يكتفي بكتابة النص فقط، بل ان يكون بموقف في النص وخارجه دون ان يكون ذلك مدعاة للتضحية. ربما على المثقف العراقي مسؤوليات اكبر من اي مثقف آخر في العالم،فقد حوصر وقمع وعليه ان يثبت انه جدير ببلد حر وديمقراطي وحديث، عليه ان ينفض عن جسده دثار التقية الذي تبرقعنا به جميعا في فترات القمع.على المثقف العراقي وهو يكتب نصه أن يضمنه نوى الحداثة، وعلى نصه ان يكون متعلقا بالمدينة، عليه ان يخلصه من مخالب القرية والبدائيات والطفولة والذكريات، عليه ان يلتحم بصخب الحياة اليومية وتصوراتها حتى لو لم يكن ثمة مظاهر لهذه الحياة. الثقافة الابداعية بنت المدينة الناهضة والمتجددة، وعلى مثقفينا ان ينهضوا مدينتهم باكتشافهم المواقع التي تحمل نوى التجديد والحداثة. عليهم ان يكونوا اكثر جدية ومسؤولية في الكتابة. فكتابة نص ما ليست هي الغاية، بل التجربة التي وراء النص. ومن هنا لا اجد مثقفا بلا مشروع ولا مثقفا بلا هدف، ولكن قد ننحني احيانا لمتطلبات التغيير قبل متطلبات النص.

*أتؤمن بان ثمة أطرأ وملامح تتشكل لثقافة عراقية جديدة ..تغادر أمكنتها القديمة واسوارها البالية ومفاهيمها الرتيبة..هوية تحتضن بقوة ضد انتهاك السياسي والاجتماعي البالي؟


*هذا ما اسعى لتشخيصه في كتاباتي الأخيرة، شخصيا اشعر اننا مقبلون على تجديد واسع ومنهجي كبير في كل فنون القول والرسم والمسرح والنقد والرواية. ما نعيشه هو مرحلة مخاض كبيرة تضافرت قوى ظلامية على منع الجديد فيها وحجبه. واعتقد ان هذا المنع ضروري حتى تختمر تلك التجارب التي ولدت في ساحات الحروب، وتحتاج إلى عقدين كي تنضج على حرارة الوضع العراقي. من يقرأ مرحلة الريادة الشعرية يجدها حدثت في اواسط الاربعينات، اي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كرد فعل على الحروب،لكن استمراها هو المعني حيث نضجت حركة الحداثة وتوسعت في الستينات،ثم تنوعت في العقود اللاحقة، محدثة قفزات مهمة اخرى مهدت لظهورحركة ثانية للحداثة، واعني بها قصيدة النثر. من هنا شخصيا اعول على الشباب الذين اكتووا بالتجربة المريرة للعراق، وقد هيأوا أنفسهم الآن لقول جديد وقد بدت ملامحه هذا القول تظهر هنا أو هناك. لا اريد ان استبق، ولكن في الذي اقرأه واعيشه ثمة الكثير الذي يمهد لظهور كتابة جديدة، يضاف أن هجرة المثقفين خاصة التشكيليين قد تسهم لاحقا في تغيير حساسية الالوان والاستقبال للظواهر بعد ان عاش الكثير منهم في مناخات فنية متقدمة. وقلت ذلك مرارا أنني اراهن على القصة كي تكون في طليعة التجديد اللاحق.

*في مقال لك منشور على منتدى القصة معنون "القصة واستنباط النقد" تقول فيه: إن النقد غادر فن القصة منذ أوائل الستينات ما ذا تفسر إذن كل ما كتبت وكتبه الآخرون بعد ذلك؟


*اعني بالنقد هنا القصة الانتقادية وليس النقد عن القصة، القصة الواقعية الانتقادية هي التي غادرناها ولم تعد موجود لتغير هائل في الاستقبال والحرية الفنية وبالموضوعات الحياتية الجديدة بعد أن دخلت القة ميادين جديدة مثل المثيولوجي والغرائبي والواقعي التخييلي واليومي والشاذ والنادر وبعد أن اصبحت القصة مشروعا فكريا وليست صوتا او مكرفونا عن حال او وضع ما.هذا ما عنيته بالقصة واستنباط النقد، اي ان القصة الجديدة لم تغادر كليا النقدية السابقة ولكنها حذفتها لتستبدلها بموقف إنساني نقدي اوسع من ان تكون صدى لحال او موقف عابر.

*في احدى مقالاتك " تراجيديا رجل الدين العراقي" على المغترب العربي تقول ما نصه : "ما نعنيه بتراجيديا رجل الدين العراقي هي الكيفية التي يفهم بها مهمته في مرحلة يتكالب فيها الصراع بين أن يتقدم العراق ويلحق بركب الأمم الحديثة أو البقاء ضمن مفهومات سلفية قديمة؟ إلى اي مدى يفهم الناقد لحظة الصراع بين هذه القوى المتضادة لولادة لحظة تاريخية جديدة هل هي شجاعة منحها لك المنفى في رؤية الحدث الوطني؟


*المنفى لا يولد شجاعة في القول، الشجاعة يولدها الوضع الحالي الذي بدأنا نمارس في ظله موقفا نقديا واضحا،شخصيا اجد نفسي كمثقف في موقع جديد بعد أن حرمت منه عقود طويلة،وهو موقع الثقافة السياسية التي علينا جميعا ممارستها، كي نتخلص من عقدة ان ندع الآخرين يفكرون عوضا عنا،تراجيديا رجل الدين العراقي مبنية على ثقافة نظام حكومة الأموات، كل ما نعيشه هو أن التفكير بالمستقبل ينصب على تقليد الموتى والسير على منوالهم، وبالتالي على مجتمعنا ان يستحضر دائما أولئك الشهداء باخطائهم وصوابهم، اننا معصوبون الاعين، يتحكم الماضي بمستقبلنا. هذه التراجيديا يعيشها المجتمع العراقي بفضل تسيد رجل الدين على مقاليد الحكم، وهي ماساة ان نعيش في القرن الواحد والعشرين واقلامنا تعيش في القرن الأول الهجري.هذا شيء غير معقول، من هنا اجد ان مأساة الشعب ليس بتغيير نظام ثقافة الموتى بنظام لثقافة موتى اخرين، كانوا سنة فاصبحوا شيعة، لا شيء يتبدل من ثقافة الانظمة الدينية، لذا علينا ان نرفض ثقافة رجل الدين الذي يشدنا إلى حكومات الأموات، علينا ان نرفض ثقافة الأزمنة القديمة التي لم تساير المعاصرة. هذه ليست شجاعة، بل فهم ما يجري. وعلينما أن نفهم أن لانص جديدا إذا استمرت مثل هذه التراجيديا تتحكم بنا.

س-13 (حكومة نظام الاموات)هو توصيفك للطبقة الهجينية الحاكمة لعراق اليوم هل ترجع للخطاب الثاري الديني المسند امريكيا وحده مسؤولية النزيف الدموي المتدفق، ام هناك عوامل تعززه داخل البني الاجتماعية وارثها الثقافي؟
ج- ما اعنيه بحكومة نظام الاموات هو ان الحاكمين الحاليين لا يحكمون إلا باسم من مات من المسلمين الأوائل،يريدون تطبيق الصيغ القديمة على شعوب ومجتمعات حديثة،هذه الصيغة من الحكومات وجدت مع الاسف نتيجة الاحتلال وغياب الوعي وهيمنة القوى الظلامية في العهد السابق على عموم الناس، فكان الملجأ لهم هو الدين، ثم جاءت مع الاحتلال مجموعات دينية استغلت هذا الفراغ الهائل في الوعي، لتعيد انتاج خطاب سلفي ديني رجعي ومتخلف. والنتائج واضحة الآن، فقد اصبحت المليشيات الدينية قوة كبرى تتحكم دون ان ترجع إلى سماحة وانسانية الإسلام، لانها خضعت لرغبات اخرى غير دينية، لاسيما وان وعيها الفكري ومشروعها النهضوي غير واضح إن لم يكن معدوما. هذ القوى التي تتحكم بالمشروع العراقي عمرها قصير، لكنها دموية ومؤذية للتقدم. وعبثا تجمّل نفسها لانها خضعت فكريا لتيارات خارجية غذت فيهم نزعة الثأر واستحضار الموتى الشهداء للاخذ بثاراتهم. حكومة نظام الاموات هي سلطة غاشمة ولكنها تستند إلى مشروع وبنية من الصعوبة الغائها او تجاوزها. لان الانظمة السابقة التي قمعتها كانت قد مهدت لظهورها القوي بعد سقوطها.
اضف إلى ذلك ان التغيير الكبيرالذي احدثه النظام السابق في بنية الطبقات الاجتماعية العراقية بتغيبه الطبقة الوسطى والطبقة العاملة،واحزابهما الوطنية، فسح المجال لنشوء فئات طفيلية في التجارة والسياسة والاقتصاد والثقافة مما مهد لمثل هذه القطعان من البشر الاميين أن يكونوا بديلا غير منضبط للانهيار الكبير الذي حدث بعد 9 نيسان 2003. ومن يستقرئ الوضع الاقتصادي المشوه الذي كان عليه النظام البعثي يجد أن نشوء مثل هذه الفئات كان نتيجة منطقية للخلل البنيوي في المجتمع، عندما جعل الجميع عسكريين ومحاربين فغير من بنية المجتمع ووظائفة ليصبح الجميع متمكنا من استعمال السلاح وخزنة والتلاعب فيه، فكانت النتيجة أن اصبح معظم الشعب - وهو غيرمتعلم - بمواجهة الشارع فتحكم فيه. بمعنى ان الدولة المنحلة وجت بديلا لها في سلطة الشارع. وهنا لا نجد قانونا ولا مؤسسات ولاجيشا ولاشرطة ولا امنا، مما يعني ان سلطة الشارع هي التي تفرض قوانينيها على الناس. وهذا شكل من اشكال نظام حكومة الأموات. ولما شكل بريمر سلطة الحكم بصيغته الطائفية، جاءت احزاب الاسلام السياسي بمشروعها الجديد لتطبقه على المجتمع، منتقلة من الشارع إلى مؤسسات الحكم، لذا لم تجد هذه الفئات إلا أن تكون جزء من نظام الاموات الذي يتحكم برقاب ومستقبل الناس.
من يتبع تشكيل هذه الطبقة الجديدة يجد لها تاريخا عريقا في العراق فهم من أولئك الذين يعملون في المدارس الدينية الذين اسسوا لأنفسهم سلطة ومريدين يجمعون لهم المعونات ويحيطونهم بسرية تامة،وهم الذين اسسوا تنظيما شبه مغلق لا يدخله إلا من يؤمن بأفكارهم. هؤلاء ينحدرون في فكرهم من بنية العشيرة والفئات التجارية الكبيرة المرتبطة بدوائر داخل وخارج العراق، ولذا ليس من السهل تجاوزهم بعد أن حيروا الدين لحسابهم.في حين أن ملايين الفقراء منهم يعيشون بلا ماوى أو قوت.

*في كتاباتك الاخيرة المنشورة في ملحق ادب وثقافة في جريدة الصباح (دراما الرجل الصغير) و(الملقن )و(صور الكتابة) و ((صرائر العجائز ) وسواها من المقالات والدراسات الجديدة ثمة منزع جديد لكتابة تتعاكس مع التباس هذه المرحلة وتعقيداتها وتناقضاتها وفيها نزوع واضح لايجاد علائق جديدة بين المتلقي والمبدع دون القفزعلى دور هذا المتلقي بصناعة الوقائع والدراما الاجتماعية
هل هو تعبير او انتباهة متأخرة لبطل الدراما الاجتماعية المغمور والمستنسخ عبر تاريخنا المعاصر ؟


* اشعر اننا امام تغيير جذري في الكتابة وهذه ليست نبوءة بل هي معايشة للواقع هذا الوضع المأساوي لن يستمر وعلى الكتاب ان يبحثوا في ازقة ادمغتهم وحياتهم عن لغة واساليب جديدة، فما حدث في الواقع لا تستوعبه تلك الاشكال الفنية القديمة، ولا الشخصيات الواضحة والكبيرة والمهمة. التاريخ الحقيقي يكتبه الثانويون والهامشيون ومطبقوا القوانين لا الذين سنوها وشرعوها، هذه الحياتية هي التي اراها الآن وقد بدأت تتشرب في كل مناحي حياتنا، ومن هنا اجد من الضروري البحث عن الشخصيات والأفكار والأحداث البسيطة المكتنزة والقوية والشعبية كي نكتب عن المرحلة القادمة. أن وجه الحياة المستقبلية للثقافة العراقية ليس ما كتب سابقا، بل ما سوف يكتب، وقد استوعب الاشكال السابقة وطورها وغيّر من بنيتها واكتشف فيها مساحات مختفية لم تظهرقبل. ان ما يحدث في العراق لا يخص فئة او طبقة او مدينة، بل يخص بنية المجتمع كله. وثمة مراجعة قاسية لكل ما سبق حتى اولئك الذين عارضوا التغيير نجدهم اليوم يؤمنون به وينخرطون ولو ببطء في عجلته، لان لا مناص لهم من المساوقة مع ما يجري، وعبثا نتشدق بالثورات والنضال الفردي او الحزبي، ان تشكيلة هائلة من المنظومات الفكرية الجديدة بدأت تظهر على الساحة العراقية، وعلى الاحزاب وعيها وفهمها وإلا تجاوزتها الأيام والاحداث. ان ما يجري هو اكبر من طروحات اي حزب او دين او قومية او طائفة، انه التغيير الدفين الذي يمور في اعماق المجتمع، ولم يظهر منه إلا قمته فقط.من هنا ادعو الكتاب إلى تفهم الآليات الجديدة للقول وللوعي فنحن مقبلون على ثورة حقيقية في الأشكال والكتابة وحقول المعرفة بالرغم من قوى الظلام التي تغتال الثقافة والمثقفين. ثمة مقالات ستظهر لاحقا في جريدة الصباح ومحورها المثقف والمدينة وتصب جميعا في البحث عن نوى الاشكال والشخصيات التي اجد فيها القدرة على استيعاب الذي حدث بعد أن استُهلكت الشخصيات الطبقية والمثقفة والفلاحية وغيرها، لا لعجر في افكارها، أنما في صورها القديمة التي كان الكاتب يراها، بينما هي تتغير وتقدم نفسها بطريقة حديثة تنسجم وروح المدينة والحداثة.علينا ان نعيد النظر في طرق معارفنا السابقة بها، هذا هو جوهرمسعى هذه المقالات.

*كيف تجد العلاقة بين الاعلام والصحافة الثقافية منها على وجه الخصوص؟



*ثمة بون واسع بين الاعلام والصحافة الثقافية،الاعلام والثقافة حقلان مختلفان وان استخدم الاعلام الثقافة، بينما لا تستخدم الثقافة الاعلام. في السنوات السابقة ونتيجة عقلية متخلفة جيرت الثقافة لصالح الاعلام،لان الاعلام يمكن ان يكون مؤسسة حكومية بينما الثقافة ليست مؤسسة حكومية وعندما يجير الاعلام الثقافة لصالحة يعني استيلاء الحكومة على الثقافة، وهذا ما حصل فدمرت الثقافة واضمحل الإبداع فيها واتجهت إلى انتاج ثقافة الحرب وليس ثقافة المجتمع.حاليا ما تزال العقلية نفسها وان بدا ظاهريا ثمة اختلاف،ما يحدث ان الحكومة الحالية تدمر الثقافة ومؤسساتها، اما بتعيين وزير للثقافة أميا ومتخلفا ولا يفقه فيها شيئا،أو تحجز مخصصات المؤسسات الثقافية مثل اتحاد الادباء والفنانين والصحفيين وغيرهم كي لا ينتجوا ثقافة، شخصيا لم اجد فرقا كبيرا بين هذا العهد والذي سبقه في تفهمهم للثقافة. والسبب واضح ان كلا الطرفين معاد للثقافة العراقية، اولئك لايريدونها ان تكون حقلا معرفيا لان الثقافة بحكم تكوينها يسارية وحديثة وتنشد الحرية وهؤلاء يريدونها خاصة بهم وتنتج من حقول معارفهم لانها يسارية ايضا وذات افق تحديثي.
على المستوى التقني كلما بعدت الثقافة عن الإعلام حصلنا انتاجا حرا مبدعا وبافق جديد.

*هل تتحمل الصحافة الثقافية في العراق دورا ما في ترميم خراب الذائقة وتهذيب السلوك العدواني ورصد هجمات الشر؟


*بالطبع على الصحافة تقع مهمة تنوير الناس لشيوعها وسرعة تداولها وتأثيرها الجماهيري ، ومفردة صحافة تعني مباشرة القول وبلغة مفهومة مع الناس، مع تلك الفئات التي لا تقرا الكتاب ولا تتمعن في التحليلات. الناس العاديون هم ميدان الصحافة اليومية وهم الذين يجب ان يتوجه إليهم. ومعروف ان ثقافتهم وسطية ومجرد القراءة لما يجري هو مشاركة في الفهم الذي نريده لما يحدث، صحيح ان الثقافة الحزبية موجهة للاعضاء لانها لا تعرف إلا ان تكون حزبية تبليغية ومطلبية وليست جماهيرية عامة، ومن هنا فصحافة الاحزاب هي الاقل تأثيرا، بينما الصحافة الحرة التي تتناول كل القضايا بروح نقدية ساخرة وتحليلة وواقعية ومصداقية وبعيدة عن التحزب هي التي تلقى رواجا واتساعا ومن هنا علينا ان نعزل بين صحافة المنشورات الحزبية والصحافة الشعبية. فيما يخص ترميم الخراب وتهذيب السلوك ورصد هجمات الشر يمكن ان تكون المهمة موزعة بين نوعي الصحافة الصحافة الشعبية اوسع مسؤولية من سواها لانها تنطق باسم نبض الشارع في حين تكون الصحافة الحزبية اكثر تشخيصا للامراض الاجتماعية التي تقف وراء ذلك. نحن بحاجة في مجتمع مثل العراق إلى هذين النوعين من الصحافة. صحافة تحليلية نقدية وصحافة اعلامية خبرية شعبية النبرة.

*ثم برايك ما هي المهمة المباشرة للصحافة الثقافية فى نشر النص الابداعي فقط في مجالات التجنيس الادبي حصرا كما هو معروف عندنا في صحافتنا العراقية؟ . ام ان مهمة الصحافة الثقافية هي مهنية صرف لاعلاقة لها بالنص الابداعي الذي يجد مكانه اللائق في ملاحق ابداعية متخصصصة ؟


* تعزل دول العالم بين الصحافة والثقافة،وتضع حدودا صارمة للأثنين، فلكل منمها ميدانه الخاص ولم يندمجا إلا في انهما يصدران من الناشر نفسه، وتسهيلا لانتشار الثقافة وهو ميدان يتصل بحلقات ومؤسسات خاصة، عمدت صحافة العالم المتقدمة إلى اصدار ملاحق اسبوعية أو شهرية للثقافة ولكن ايضا في ميادين محددة وليست تجميعا لنصوص او مقالات. الملاحق تصدر بمحاور، وابواب وافكار ولها كتابها المعنيون، وتصدر تبعا لخطط مسبقة تفصح عنها الجريدة في منهجيتها وخطتها السنوية. الملاحق الثقافية التي تصدرها المؤسسات الصحفية تكون مختصة بحركة المجتمع السريعة اعني رصد الظواهر الاجتماعية والفكرية التي تحدث في المجتمع،وتستمرلاشهر او لاسابيع. لكن الكتب والمجلات المتخصصة هي التي تتولى نشر الثقافة،وقد يكون ناشر الصحيفة ناشرا للكتب ايضاً.
في اوربا يصبح الاديب او المثقف مصنفا، انت صحافي، ولكن اي نوع من الكتابة الصحفية تمارس؟ هل انت صحافي مجلات ام كتب ام صحف، وانت ناقد، ولكن اي نوع من النقاد هل انت ناقذ مسرح او سينما او رواية، وهل تكتب نقدا صحفيا ام نقدا في كتب،هل انت ناقد حر متجول، ام ناقد في مؤسسة... وهكذا. فمهنة الكتابة تصنف تبعا لحاجة السوق وطبيعة انشطته والوصول إلى قطاعات كبيرة من الناس. ومن هنا فالناشرون هم الذين يتحكمون بحركة التأليف وليس الادباء،الادباء يمكن أن يكتبوا ما يشاءون ولكن ليس الناشر هو من يختارما ينشره في مؤسسته ولذا لدى الناشر خبرا بحركة السوق وتشخيص وحاجة القراء اليومية الشهرية السنوية، لذا تجد كتبا اقل مستوى تقرا وتلقى بعد قراءتها وصحافة توزع مجانا لان تمويلها من الاعلانات اليومية، وصحافة تصلك للبيت بسرعة وباشتراكات اسبوعية أو شهرية او فصلية. ليس من قارئ يثبت على صحيفة رديئة، حركة النشر تتبع حركة السوق السوق. وهكذا تجد أن الصحافة كيان معرفي متحرك وغير ثابت، وله قدرات للوصول إلى اقبية ومجالات لا حد لها.اعرف صاحب مكتبة عربية كل مبعاته من الكتب لمكتبات السجون، هذا يعني ان نزلاء السجون لهم حاجاتهم الثقافية، وعلى الناشرين أن يفكروا بهذا القطاع الذي هو الاخر في تزايد.
من هنا اقول نحن بحاجة إلى صحافة ثقافية، ولكن قبل ذلك بحاجة إلى خبراء يقولون لنا ماذا ننشر فيها.

*العولمة والمواقع الالكترونية وسقوط الاستبداد وموجة الثقافة الديمقراطية المستشرية الان ومفارقتها مع انتشار المد الراديكالي للاصوليات الظلامية ،كيف تفسر هذا الخليط وانعكاس موقف المبدع منه ؟


*تقع على المبدع مسؤوليات جسام، فهو لا ينظر للورقة البيضاء او شاشة الكومبيوتر التي امامه ويكتفي انه قد حقق مهمته، عليه ان يغور بعيدا في المجتمع وان يخترق العادي وصولا للجوهر،مهمة المثقف المبدع اعمق بعدا من مهمة السياسي المتغير. المبدع يزداد نموا كلما تقدم الزمن به، وعليه ان يكون متابعا مسؤولا ومقتدرا على القول الفصل. في هذه المرحلة عندما تمكنا من التعامل مع التقنيات الحديثة يمكن ان نوصل صوتنا إلى قطاعات كبيرة من الناس، شخصيا المس ذلك بوضوح وهو عدد القراء المتزايد لما نكتب وتجري بيننا حوارات ومداخلات، هذه النعمة هي نتيجة لوسائل الاتصال وانتشارها. لذلك تجد الراديكاليين يحاربونها، لانها تخترق وسائلهم القديمة، هم يريدون ان يكون الجامع هو الملقن الكبير للناس، وهو الذي يسيرهم،نعم كان الجامع منذ العهود الاسلامية وحتى مرحلة الأربعينات في العراق هو سلطة المعرفة، وهو الصوت الشعبي، وهوالميدان الفكري التنويري،وقد ادى دوره الوطني لانه كان دينيا صرف، إلا إن ذلك الامر قد تغير الآن بفعل التعليم والصحافة والاحزاب وحرية الإتصال. ومع ذلك على المثقف أن يضاعف مسؤولياته ويدخل ميادين اجتماعية وشعبية اوسع، وان لايحجر نفسه في الكتاب او الكومبيوتر، فالطريق إلى الناس اصبح اكثر المسالك شعبية، بعدما كان الطريق يتم اما عبر صحيفة او حزب او كتاب.
ثقافة التيارات الراديكالية الاصولية جزء من جدلية المجتمع المتناقض الفكر والحياة الاقتصادية والثقافية، وعبثا نعزف عن معرفة هذه التيارات وفهمها والحوار معها فهي ايضا اجتماعية، وتهتم بها فئات واسعة من المجتع، ولديها امكانات مالية وبشرية لنشر فلسفاها وافكارها وممارساتها. ومن هنا علينا ان نفهمها اولا، وأن نعرف ما هو خطابها السلفي القديم والجديد. نحن ابناء مشروع الحداثة وهم ابناء مشروع الاصولية الجامدة المسورة بالقول والفعل القديم والمتحكمة برقاب الناس باسم الدين بعدما جعلوا من أنفسهم سدنة قيمين على الناس. ولما كنا نحن ابناء الحداثة، علينا ان نفهم أن الحداثة ليست بخطاب واحد،ثمة خطابات لها، منهاخطاب الحداثة السياسي،وهو لغة اقتصادية وثقافية وفلسفية، وفيها خطاب الحداثة الثقافي وهو ما يعني تجاور ثقافات عدة في مجتمع واحد. ومنها خطاب الحداثة الاقتصادي ومنها خطاب الحداثة الديني، وخطاب الحداثة الفلسفي، وخطاب الحداثة المعماري ...الخ هذه كلها ميادين معرفة جديدة لا يملكها السلفيون والراديكاليون بالرغم من شيوع ظاهر المتعلمين وبدرجات عالية بينهم. ماذا يعني ذلك؟ يعني ان لدينا مجالات اوسع للوصول إلى الناس ومحاورتهم وتفهم مشكلاتهم وطرح الحلول التي يمكن أن تعالج ما يمرون به من أزمات. هم لا خطابات كثيرة لهم غير أن يسوروا الناس بالاصوليات التي تقترب من التابو والمحرمات، معتمدين على تخويف الناس من النار،اكثرمن الاقناع بان الجنة هي في العلم، وارتياد الفضاء، وتيسير العلوم لخدمة البشرية،وهي المساواة بين الناس، وهي اعتماد الحرية منطلقا للعيش،وهي توزيع الثروات، وحق العمل للجميع..الخ لذا يعتمد الاصوليون على تراكم المخاوف عند الناس وتأجيجها واسنادها بأقوال قديمة .

*انا استغرب من اشكالية اصطفاف المثقف المعرفي مع موجة الاصولية وعناوينها في المقاومة دون الالتفات الى ما تفضي اليه هذه القضية من نحر جماعي لملايين الابرياء كيف يمكن تلمس هذا الالتباس وتفكيكه في رؤية هؤلاء المثقفين؟


* ربما هناك عوامل خارجية تسهم في ضبابية موقف بعض المثقفين نتيجة تراكمات محلية ودولية سابقة لقوى سياسية مثل القوات الامريكية التي ترتبط بتاريخ الاستعمار والاحتلال وقهر الشعوب، نحن نمتلك ارثا طويلا من ممارسات القوى الامبريالية وقد اسهمت الثقافة السياسية في تعريف الناس بمثل هذه القوى الفاشية والمدمرة، لانها وقفت ضد حركات التحرر. نعم هذا الدور في نظر بعض المثقفين بقي ثابتا وغير متحرك. على الجانب الآخر ان مفهوم حكم ولي الامر الظالم لشعبه ما يزال فاعلا في فهم وممارسة الكثيرين من المثقفين مادام هذا الحاكم مسلما .لذا علينا ان نفهم ان البعض قد جمدت افكاره عند قناعات لا يمكن التنازل عنها دون ان يرى حركة التاريخ، والبعض يتبع الحاكم المسلم حتى لو كان ظالما. من هنا تكون الاستعانة بالاجنبي مبررة حتى في الاسلام. ولكن الاستعانة بالاجنبي ليس حلا مقبولا، بل هي جزء من ضعف الارادات الوطنية. ضمن هذا السياق نجد بعض المثقفين وقد اصطفوا مع قوى الإرهاب بحجة انها ضد امريكا، او هكذا يبدو. في حين ان حسهم الوطني لم يفتح لهم افقا في معرفة متغيرات التاريخ. لم يكن الموقف الوطني يومذاك المعادي للإستعمار نابعا من المباشرة معه على ارض الواقع العراقي، بل من تجارب شعوب بما فيها الشعوب العربية. لذا كان انتصار المثقف العراقي لهذه الشعوب- التي خذلتنا في محننا ونحن نقارع الفاشية- لا يوازي اصطفاف هذه الشعوب مع قوى الارهاب ضد الشعب العراقي وهي التي تحمل ارضها قواعد امريكية واسرائيلية واجنبية اخرى. على المثقف ان يرفض الاثنين معاً قوى المحتل وشرور الحاكم الظالم، وان يرفض معه اي اصطفاف طائفي او مذهبي. ما يحدث في العراق شيء مؤلم لبعض المثقفين الذين لم يتفهموا جدلية الوطني والسياسي، فهم عاجزون عن فهم ان الموقف الوطني هو الأهم من الموقف العدائي للمحتل،عليهم ان يدركوا ان تمشدق البعض بالمقاومة لهو موقف تافه ومتخلف. على مستوى الإبداع ليس من نص جيد يخرج من مثقف يقف مع قوى الإرهاب بحجة محاربة امريكا،وعندما نتحدث عن شاعر تجاوز السبعين وغابت عنه الحكمة، نجده يتخبط في تشخيصاته ومواقفه،ولا اعني شاعرا معينا بل جملة من الأدباء الذين قدموا خدمة كبيرة للإرهاب عندما غلبوا نوازعهم الذاتية على مواقفهم الوطنية.لا نستغرب من البعض ذلك فالتربية الفاشية تنمو في مجتمعاتنا حتى بدون احزاب فاشية، لان الفاشية قبل كل شيء مواقف فردية سرعان ما تتحول إلى موقف جماعي، ، والا ما الذي يجمع شاعرا مثل سعدي يوسف مع الارهاب والتكفيريين والقتلة؟ شيء محزن ان يحدث ذلك ونحن نقرأ تشخيصاته المتخلفة عن حركة التاريخ.



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة
- صلاحية نفاد الكتابة
- عيد وباي حال عدت يا عيد الصحافة
- مناكدات بين معلمين ومريد
- الناصرية الشجرة الطيبة
- هوامش عراقية على المدى
- مراث لااصدقائي الاحياء وأولهم نصيف فلك
- انهم الحمراصدقائي الشيوعيين...يستفزون الارهاب بكرنفالاتهم
- الصعاليك الشعراء يغادرون لعالمهم الاخر...واخرهم كزار
- هل تصلح المذكرات ما افسدته الحكومات
- اشكالية المعرفة الشاملة والاستبداد الشعري
- بلاغة اسكات قناة الفيحاء العراقية
- حوار مع عزالدين باقسري الباحث في الديانة الايزيدية
- ماذا يعني حضور وزير الثقافة العراقي لمؤتمر اعلامي ؟
- النجيبان المصري والعراقي
- سؤال بحجم كارثة جسر الائمة
- تسامح ام تصالح في فضاء الثقافة العراقية الجديدة؟
- حوار مع رئيس اتحاد ادباء اربيل
- السطو الانترنيتي في صحافتنا الثقافية ...لماذا؟
- هل نقيض هوانا البغدادي باشباح ملثمين؟


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - حوار طويل مع الناقد ياسين النصير