أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - حكاية السينما 2















المزيد.....

حكاية السينما 2


ابراهيم محمد عياش

الحوار المتمدن-العدد: 1994 - 2007 / 8 / 1 - 06:10
المحور: الادب والفن
    


الموضوع السينمائي: كما تطرقنا إليه سابقا أن المواضيع السينمائية تختلف تماما عن قصص و الراويات الأدبية فإذا وقع اختيارك على موضوع لتخرجه يجب أن تلخصه إذا كان مأخوذا من رواية أو توسعية إذا كان مقتبسا من حادث بحيث لا تتجاوز في كلى الحالتين ثلاث صفحات مكتوبة بالكمبيوتر مراعيا في التوسع أو التخليص مجموع من العناصر الهامة و الحيوية و هي الشمولية و الواقعية لكي يسهل إنجازه و تكتب له الصلاحية عند دراسته.
بعدما أن عثرت على الموضوع الذي سيكون فيلما يجب عليك معالجته فنيا ، و أول خطوة هي قراءة الموضوع بإمعان فتنقحه كيفيا تشاء، تحذف منه مالا يصلح و تضيف إليه ما تراه صالحا من أفكار و أحداث تزيده قوة و متانة دون التقيد بالموضوع ، و ليس من الضروري أن تكون مخلصا في اقتباسك للعمل أدبي لأن الكتابة السينمائية ليست مجرد ترجمة صورية للرواية أو القصة ، و بهذا تكون قد تفاديت الوقوع في فخ الراوي الذي يعيد سرد أحداث العمل الدرامي بجميع تفاصيله الوصفية متناسيا ما في السينما من تقنيات ، فمن البديهي أن عملية الاختزال التي تطرأ على الرواية أثناء المعالجة السينمائية قد تفقدها بنيتها شكلا و مضمونا ، إذا يلزمك الحس الفني على حذف فصول بأكملها تجعل من العمل الأدبي مكتسبا ملامح جديدة مخالفة لأصلها الروائي و يصبح العمل السينمائي أطروحة فنية جديدة تحتوي على شعور المخرج و موقفه إزاء الحياة .
و تاريخ السينما العالمية و العربية حافل بهذه الأعمال ، و على سبيل المثال ما حدث بين شيخ المخرجين هنري بركات و الأديب يوسف إدريس في فيلم * الحرام * إذ صرح المؤلف بأن القصة ليست قصته ، و بعد مرور عشرات السينين غير النقاد نظرتهم للفيلم و رجع المؤلف عن تصريحه هذا . و نفس الشيء حدث مع الأديب إحسان عبد القدوس في رواية * في بيتنا رجل * و بهذا نستنتج بأن الروائي و السينمائي يلتقيان في الفن و يفترقان في الوسيلة فالأول يعتمد على الإرهاصات الأدبية و الألوان البديع و السينمائي يعتمد على اللقطة و الصورة المتحركة و زاوية الكاميرا و التوليف . لأن السينمائي في أخر لحظة قد يلهم بحوادث جديدة تزيد في تماسك الأحداث شرط أن لا تخرج عن الموضوع الأساسي ، و بهذا يبقى الموضوع في الإطار المرسوم له ، فتكون كل إضافة أو نقصان ملائمة لسياق الفيلم ، و نتيجة لهذه المعالجة أصبحت ملامح الموضوع بهذا الشكل :
01 – المقدمة. 02 – الوسط . 03 – النهاية .

فالمقدمة أو البداية هي تقديم الأبطال و التعريف بهم وبمشاكلهم و ظروف حياتهم ، و إذا تعقدت هذه المشاكل و تشابكت الأحداث فهذا هو الوسط أي العرض ، أما النهاية ففيها تنفرج العقدة و تحل فيها جميع المشاكل ، و تصل عقدة الفيلم إلى ذروتها التي من شأنها جعل المتفرج لا يغادر كرسيه و لا تغفل عيناه عن الشاشة ، و بعدها تكون النهاية سعيدة أو حزينة أو مفتوحة . و بعد مهلة من الزمن ارجع إلى الموضوع و تفحصه بدقة و إمعان و أحذف منه ما تراه تافه لا يؤثر وجوده أو عدمه في سير أحداث الفيلم ، ومن الأفضل أن تكرر هذه العملية عدة مرات .
الفصول الدراماتيكية :
و تمر كتابة السيناريو بعدة مراحل فأولها تحديد الفصول الدراماتيكية و التي هي عبارة عن نوع من الوحدة الدرامية في سيناريو تدور حول حدث فني جزئي ينمو و يكتمل مراعيا احترام وحدة الزمان ووحدة المكان ، إضافة إلى أنها تعطي الملامح الكبرى للسيناريو و بالتالي للفيلم ، بحيث يكون السرد السينمائي مرن دون التفصيل في تعريف بالفصل الدراماتيكي .
و الفصل الدراماتيكي هو ذلك النسيج من السيناريو الذي يتعلق بحادثة كاملة في الفيلم لأن الفيلم عادة يتألف من عدة فصول دراماتيكية ، و أيضا هو جميع اللقطات التي تحدد فصل من بجميع تطورات الأحداث مميزا لمرحلة أو حادثة أو فترة تكمل باقي الفصول ، حيث يكون كل فصل متباين و مميز عن فصل أخر ، أما الفصل التكنيكي فهو محدد بالنسبة للدراماتيكي إذ يختص بحدث جزئي يتم سرده في نفس المنظر وبين نفس الشخصيات ، و من أجل شرح و تبسيط الفصل الدراماتيكي نأخذ فيلم * الإرهابي * لنادر جلال و بطولة عادل إمام فهذا الفيلم يتكون من ثلاثة فصول دراماتيكية ، الفصل الأول يصور حياة ( علي ) مع جماعة الإرهابية ، و الفصل الثاني يصور حياته الجديدة مع الدكتور بعد تعرضه لحادث سيارة و الفصل الأخير عودة (علي) إلى الجماعة الإرهابية بنظرة جديدة تجعل الأمير يبيح دمه و يحكم عليه بالإعلام .
أن تماسك الفصول الدرامتيكية يزيد في نجاح الفيلم و يضمن تسلسله المنطقي ، و إذا أردت حذف أي فصل يجب أن تراعي هذا التسلسل و يجب عليك إيجاد طريقة عملية تبقى تماسك أحداث الفيلم، يعد الفصل الدراماتيكي الوحدة الأساسية للفيلم كما يعتبر الفصل التكنيكي هو الوحدة الأساسية للفصل الدراماتيكي و عليه فالفصل الدراماتكي يتكون من عشرات الفصول التكنيكية .
الفصول التكنيكية :
هي تلك التفاصيل التي يعيشها أبطال الفيلم في الفصل الدراماتيكي الوحدة و لكي نشرح الفصل التكنيكي يجب أن نرجع إلى فيلم الإرهابي ، الفصول التكنيكية هنا تتكون من الأحداث التالية :
- خروج البطل (علي ) مع أفراد الجماعة .
- العودة البطل (علي) إلى المقر الجماعة .
- ذهاب البطل (علي) إلى منزل الأمير.
- تكليفه بالمهمة عملية حافلة السياح.
- هروبه إلى العاصمة و تغيير شكله بارتداء لباس الفرنجة على حد قوله إلى ما هناك من الأعمال التي يؤديها بما يتوافق و طريقة عرض الموضوع ، فهذا التتابع في سرد الأحداث هي الفصول التكنيكية ، كما يجب أن نراعي مدة عرض الفيلم و التي هي على العموم 95 دقيقة ، لذا نحذف بعض الفصول التكنيكية للضرورة الفنية و العملية كي لا يتسرب الملل و التذمر إلى نفسية المشاهد ، لأنه يعرف هذه الأعمال الروتينية .
كان بإمكان المخرج أو السيناريست في فيلم الإرهابي أن يطيل في الفصول التكنيكية بتعرضه إلى تفاصيل أعمال الممثلين في طريقة الشرب و الأكل و اللباس و الكلام و في إلقاء دروس التنبئة ، فالمخرج جمع هذه الفصول في مشهد الأمير و هو يلقن الأطفال تعاليم الجماعة في بداية الفيلم ، و كان بإمكانه أيضا إظهار التناقض الذي يعيش فيه أفراد الجماعة ،لكن اكتفى بعرض دخول علي على الأمير في بيته أثناء العشاء و حوله أربعة زوجات و كيف كان يلتهم الطعام و عرض عليه الزواج من رشيدة ، فبهذه التفاته القصيرة اختصر فصولا تكنيكية مراعيا في ذلك ارتياح نفسية الجمهور عند العرض باجتناب التطويل في تصوير بعض مشاهد الروتينية التي يعرفها الجميع .

الحــــوار :

بعد تكوين الملامح الدرامية للفيلم يبدأ الحوار في فرض نفسه في سياق السيناريو ، و الحوار هو المرحلة الأخيرة قبل التقطيع الفني ، فيأتي الحوار ليقسم السيناريو إلى عمودين يسارا و صف الصورة ويمينا الحوار الكلامي و الأصوات إذ يجب أن يكون الحوار سهلا وبسيطا و موحيا ،مؤديا للغرض حيث يفهمه الجميع دون جهدا فكري ، يكون مختصرا بالقدر الذي تعجز الصورة عن أدائه لأن في هذه المرحلة يكون الفعل الدرامي قد نمى و تأكدت معالم و نفسيات كل شخصية ، و التسلسل الحواري يضفي على هذه الشخصيات الطابع الملائم لأشخاص الممثلين :
ويجدر بالذكر أن الحوار السينمائي يختلف اختلافا متباينا عن الحوار المسرحي ، فالحوار المسرحي يعتمد على المكان الثابت و المحدود بخشبة المسرح ، أما الحوار السينمائي فالصورة فيه تقوم مقام الكلام ، فبمقدورنا بواسطة لقطة كبيرة نعبر عن أحاسيس كبيرة دون اللجوء إلى أي همسة أو كلمة ، فليس من الضروري أن يقول الممثل أنا سعيد لأنني أحب أو نجحت في الامتحان يكفي أن تعبر عنه الكاميرا في تنقلاتها و هو يجري سعيدا ، و ليس من الضروري أن يقول أنني أبكي لما قاسية في حياتي ، بل إظهار لوجهه و هو يبكي و الدموع تنهمر على وجنتيه.
باستعمال هذه الطريقة جعلت الجمهور يحس بحقيقية شعورك ، و إذا لم نكن مبالغين فيمكن استعمال الحوار السينمائي في فصول تكنيكية بكاملها دون العودة لأية كلمة و مع ذلك يكون هذا أصدق تعبيرا في نفسية الجمهور لروعة الشعور و الاحساسات المنعكسة فزيولوجيا على الممثل ، فإذا أردنا تصوير امرأة فقدت زوجها فلا داعي أن نستعمل الحوار الكلامي لأنه يقلل من التأثير على الجمهور، بينما لو جعلنا هذه الزوجة الحزينة تجول في غرفة نومها و تنظر لصورة زوجها على الجدار ،بلقطة كبيرة تضم إلى صدرها قميصه بينما الدموع تنزل على خديها لكانت أصدق تعبير ووفرنا على الجمهور الكثير من الكلام .
لا تنسى أن الحوار الكلامي مرهون بالتقطيع التقني ، إذ يمكن حذف أو إضافة بعض المقاطع الحوارية من أجل التطابق بين زوايا و تحركات الكاميرا مع الممثل، يمكن أن ينتهي الحوار قبل أن تنتهي اللقطة ، لهذا يبقى الحوار قيد التقطيع الفني ، فمثلا يتطلب مشهد أن يتقدم ممثل إلى ممثل أخر و هما يتحدثان بينما الكاميرا تتحرك مع الممثل الأول حتى تقترب من الأخر ، قد يكون الحوار قصير ينتهي قبل أن تصل الكاميرا إلى الممثل ،ففي هذه الحالة تضاف بعض الألفاظ المناسبة للمشهد كي ينسجم الحوار مع حركة الكاميرا كما يمكن أيضا حذف العديد من الكلمات و لعبارات حين نرى أن المشاهد الصامت تكون اكثر تعبيرا من الناطقة وخاصة إذا رافقتها موسيقى تصويرية معبرة ، كما ذكرت سابقا أن أحيانا حركة الكاميرا في بعض المواقف الدرامية تكون أساسا لنجاح بعض المشاهد ، عوض عن الحوار الذي بإمكانه أن يفقد المشهد حيويته.



#ابراهيم_محمد_عياش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على من نطلق الرصاص
- حكاية السينما
- شيء من الخوف


المزيد.....




- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
- تردد قناة سبونج بوب على النايل سات …. أجدد الأفلام وأغاني ال ...
- الكشف عن القائمة القصيرة لجائزة -PublisHer-


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - حكاية السينما 2