أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ك . أدم كوما - رسالة















المزيد.....

رسالة


ك . أدم كوما

الحوار المتمدن-العدد: 1995 - 2007 / 8 / 2 - 05:08
المحور: الادب والفن
    



كان يوم ألاحد صباحا وكانت الاجواء ربيعية جميلة تصحبها زخات مطر خفيف عندما وصل ساعي بريد الى قريتـنا حاملا رسالة وظهوره المفاجيء أمام دارنا كان أمر مدهش حقا ومثيرا للتساؤل. ساورتني شكوك أول ما رأيته وبدأت اقلق ولكن أرتاح بالي قلیلا عندما ادركت بان شخص ما من قريتنا يتبعه الى ان وصل الى عتبة دارنا.

وضعت قبعتي على رأسي و نهضت لاستقبال الرجل القادم, لكن الكلب الوفي واليقظ دائما كان أسرع مني والذي كان يغمض عينا ويفتح الاخرى عند النوم ربما كان يتظاهربالنوم... وبدأ ينبح بحزم وبصوت أجش على الرجل الغريب كأنه اكتشف سرا خطيرا , ولكن زوجتي مـارتـا قاطعته و أعطته أمرا بان يسكت فأطاع بأيماءة رأس.

تقرب الرجل نحوي وبدون مقدمات وجه الي سؤلا قائلا: هل انت كيوركيس؟ وانا اجبته بنبرة غضب نعم, نعم انا العم العم كيوركيـس . أنتابني الغضب لانه لم يظهرأي أحترام لرجل من سني. وعلى كل حال حاولت أن اجد عذرا لجهله بعاداتنا وتقاليدنا.... ثم كأنما استعادة سطوته وقال بصوت عال كله تعجرف جئت برسالة لك وبدون توقف دفع يده اليمنى الى اعماق حقيبة كان يحملها وبدأ يفتش بداخلها.
وبعد ثوان سحب يده من تلافيف حقيبته واخرج قطعة ورق سميكة وثم اخرج نظاراته ووضعها على عينيه و بدأ يقرأ بضعة كلمات مخطوطة على الورقة. وعند ذلك لمحت بضعة سطور مكتوبة بخط بدا لي كالاسترنكلية ولكن بعض حروفه كانت مختلفة.

بينما هو كان منشغلا , نظرت وركزت النظر الى حقيبته والتي كان لونها مشابه جدا للملابس التي كان العسكر يرتدونها عندما كان يطوقون قريتنا في منتصف اللليل و يوجهون فوهات اسلحتهم وكلاشينكوفاتهم الى صدورنا.
وغالبا ما كانوا يغرزون حراب بنادقم في أكياس الرز وکواني الطحين و لايتركوننا الا بعد استجواب وتهديدات.

! قلت في نفسي, فأنا لم أتعود أن أتلقى رسائل ! لكن حاولت أن اعصر ذاكرتي وأخمن ربما تكون من ابني. بدأت اسمع صوته وخفق قلبي حنينا وكادت عيوني تدمع ولكن حاولت ان أقفل قنوات الدموع. استيقظت من حلمي القصير وأما هو فدفع الرسالة مادا يده وغرسها بين يدي. وانا بدوري امسكت بالرسالة واحتضنتها مقربا اياها الى صدري.

طلب رجل البريد مني كأس ماء مثلج, لكنني قلت له لهجة واضحة جدا أسمع يا أستاذ....نحن هنا ليس لدينا مثل هذا الماء, فنحن نشرب فقط من ماء العيون الطبيعية و الحكومة قطعت الكهرباء عنا.
تمتم قليلا...وقال وبصوت ينم عن التذمروعدم الرضا , بسببك وبسبب ابنك الهارب جئت مشيا على الاقدام لقريتكم ولا تتكلم عن حكومة الثورة ولا القائد...هل فهمت. وطبقا لتفواهته واقواله كان له معلومات عني وعن ابني .

ثم اضاف وبصوت عال , أنتم يا ناس ليس لديكم ماء بارد ولا طرق مبلطة, أذن ماذا تفعلون هنا؟! كيف تعيشون بين الصخور والتلول في هذه الجبال ؟ انتقلوا الى المدينة ... للحضارة والتمدن.... وثم قال ولي ولمعلوماتك لدينا نحن قبعات احسن من قبعتك السوداء التيارية.

في الحقيقة اصبحت غاضبا جدا لدرجة ضربه, لكن تمكنت من تهدئة روعي لان فرحتي كانت اعظم وأكبر من غضبي وانفعالي ,لذا اغمضت عيناي وحاولت السيطرة على أعصابي, وعندما فتحت عيناي لمحت حقيبته العسكرية تبتعد وظهره بعيدا عن وجهي .

وبصوت مبتهج مليء بالسرور ناديت مارتا لتخرج من البيت و لترى ماذا حصلت عليه أخيرا...خرجت مسرعة ووجهها يسبق قديميها وعندما لمحت طرف من الرسالة وانا ممسك بها , رمت الجواريب التي كانت تحيكها و فجاة بدات تصرخ وبصوت فرح تماما كصوت فتاة صغيرة عندما يشترى لها ثوب جديد.

ومن أجل عدم أثارة فضول الجيران و توجيه فرحتها , أسرعت وقلت لها بأن الرسالة قد تكون من ولدنا سركون, فطربت لسماع الخبر ولم تمر ثوان حتى بدأت دموع الفرح تغمرعينيها وبدأت تسقط كحبات مطر وشكلت أنهار صغيرة تجري في تجاعيد وجهها.
عفويا ناولتها منديلي الذي احمله معي دائما وهي بدأت تمسح الدموع من على وجنتيها و وتضرعت للسماء و شكرت المسيح وعدت بانها سوف تشتري الكثير من الاشياء لاطفال وأرامل القرية بدون التفكير اذا ما كان لدينا مال كاف.

وضعت الرسالة في جيبها و ذهبت مسرعة لتجلب معلم المدرسة حتى يقرأ لنا الرسالة والتي كانت مكتوبة باللغة الانكليزية, لكن معرفتي بالانكليزيةكانت قليلة و لم تكن كافية لاتمكن من قراءة الرسالة. وبعد ربع ساعة جاء المعلم وهو يدخن سيكايرة, وبعد انسلم و تصافحنا, اخرج علبة من جيب سترته المبلل قليلا بزخات المطر وقدم لي سيكارة روثمن.
دخنت هذه السيكاير ايام الشباب, قلت له في زمن وجود الانكليز في العراق ...الانكليز الذين لم يحركوا ساكن عندما هاجمتنا عساكر بكر صدقي في شهر أب عام 1933 في سميل.

يا عم كيوركيس ...الرسالة هذه من ابنك..من الخارج...اوقفته و قلت لهانت فعلا أبن اصول وتربية...ليس مثل هذا ...الذي ناداني بأسمي وبدون أحترام. فسألني الاستاذ من هذا ؟ قلت له رجل جاء الى قريتنا وجلب لي هذه الرسالة وقال انه ساعي بريد. فأبتسم الاستاذ وقال لي ..هذا ليس ساعي بريد بل رجل أمن .
قلت له : تصورأنه قال لي: أهجروا قريتكم وانتقلوا الى المدينة والحضارة, فهز الآستاذ رأسه وقال متمتما ..أنهم دمروا الحضارة وباعوا الاثار.

قاطعتنا مارتا, وأما الاستاذ فأسرع وقال انها من أبنك يا عمة مارتا وبدأ يقرأ الرسالة ويشرح لنا ما جاء بها وثم قال يا عم كوركيس انه بعث لكم ببعض الاموال و لكن لا أرى أي شيء ....فقلت له لابد انه ساعي البريد اخذها, فقال لي تقصد الامن اخذوها .. انهم يراقبون كل شيء حتى انفاس الناس.

ماذا يقول بعد في رسالته, عدا السلام , فقال الاستاذ يقول انه بخير ويعمل و يطلب منكم ان تهتموا بالضيوف...فقلت له اي ضيوف يا أستاذ ...فقال : سمعت بأن هناك شباب انتظموا في حركة سياسية ,عجبتني الفكرة و لكن قلت له هل هم من الفارين والهاربين من الخدمة العسكرية...فضحك الاستاذ وقال كلا ..ليسوا فارين ويبدوا ان بعضهم قد أتصل بأبنك في الخارج. فقلت اهلا بهم ...لدي بعض البنادق القديمة التي خبأتها في الكومة مع علب مليئة بالطلقات و لدي ايضا جفتة سوف أقدمها لهم كهدية.

ولكن اولاد من هم هؤلاء ..وكيف نعرفهم؟! فقالت زوجتي ربما بعضهم من اولاد اقربائنا من بغداد, لا أعرف أجاب الاستاذ...ولكنني سمعت من رقاقنا في حركة الانصار اسماء بعض منهم واعتقد انها أسماء حركية ويقولون أن تنظيمهم أسمه زوعــــا.
وثم انشغلنا بقراءة الرسالة وطلبنا من معلم قريتنا ان يقرأها ثانية.

مع تحيات
G. Adam Comah
(Denmark)
[email protected]



#ك_._أدم_كوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ك . أدم كوما - رسالة