أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية ح / 4















المزيد.....

للفقر مصداقية باكية ح / 4


حسن جميل الحريس

الحوار المتمدن-العدد: 1993 - 2007 / 7 / 31 - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وباء الربيع الحامض ح / 2
وفي اليوم التالي التقى الوالي بكبير وزرائه بمجلسه وقال لابن أخيه :
- الوالي : إذن أنت من فسّر رؤيتي .... لقد أوكلت لك قيادة عسسي فاعمل على خدمة رعيتي وثبّت عليهم الأمن والأمان .
ومضى زمن عاد مستشاره الأول من مهمته بطيب أداء , وعلم برؤية مولاه الثانية فعقد اتفاقاً سرياً بينه وبين كبيرهم وابن أخيه يقضي بأن يخفوا عن واليهم أثر أبي حسان , مع أن أبي حسان كان في طلب مستمر للقاء الوالي ولكن جهوده ذهبت هباء من سلطانهم إذ أغلقوا عليه جميع المنافذ والأبواب , حتى وقعت على أحلام واليهم رؤية ثالثة أرهصت مفاصله وهزّت كيانه , فجمع مستشاريه ووزرائه في مجلسه على عجل وقال :
- الوالي : رأيت سنّوراً في مكاني هذا ينبح عليه كلب في قصري , قتلت السنّور فخرج من جسده عقرب ضخم لدغني في قدمي , أضرمت عليه ناراً فاحترق وغاب عن بصري , فزعت وعدت لخلفي فدخل مسمار غليظ بمقعد صلبي ........ أفتوني بهذا يا صفوة قومي .
وبعدما أنهى رؤياه سقط مستشاره وخادمه الشخصي برفقة كبير وزرائه وابن أخيه بين يدي أبو حسان وسألوه تفسيراً لرؤية واليهم فقال لهم :
- أبو حسان : كل مرة تأتونني بسمٍ زعاف , ألم تمنحوني عهدكم الموثق بقسمكم أن تنصفوا رعيتكم بخير جزاء ؟!! هذه آخر مرة أفسّر لكم رؤيا مولاي رغم أنني لا زلت أملك الكثير الكثير من علم رؤياكم للأحلام وخبرة جمّة بتدبير الأحوال , أما السنّور فهو لص سرّاق ونباح الكلب رجل قليل المرؤة يخرج من فمه كلمات كريهة بحق مولاه الذي ينال منه حسداً وحقداً كبيران , ومن رأى عقرباً كبيراً فهو عدو له يعيش في كنفه ويغتابه بلسانه ويقول فيه ما يكرهه , والذي أضرم ناراً ولم تكويه سيصيب بها أمراً ينفعه وخيراً عميماً يعود عليه وعلى أهله , وموجز قولي :
- أن والينا سيكتشف في قصره عدواً له يغتابه ويستغل مكانته بالسطو والجور على رعيته وسيقتص من مكره وحقده شر قصاص .
فسأله المستشار : وماذا عن مسماره الغليظ .... أفتنا به يا أبا حسان ؟
- أبو حسان : يبدو أنك نسيت تفسيره ؟؟؟ رغم أنك نسبت تفسير رؤية والينا إليك !!!!!! دع المسمار وشأنه فهو ظاهر لا محالة في حينه .
عادوا من حيث أتوا وكلّفوا وزير القصر نيابة عنهم ليخبر واليهم عن تفسير رؤياه فختم قوله أمام واليه :
- وزيره : وهذا يا مولاي مجمل علمي وقد أجهدت نفسي كثيرأ لتفسيره .
- الوالي : غريب حقاً ما أتيتني به ..... ما علمت أبداً أنك عالم بتفسير رؤياي !!!!!! صرت ومستشاري وكبيركم وابن أخيه علماء بتفسير رؤى الأحلام .
- وزيره : ليس كله من أثري يا مولاي ..... بل معظمه من كبير تجار سوقنا المكرم !!!!! وهو طامع بخدمتك هنا في مجلسك .
- الوالي : لقد عيّناه على خزائني .... أرسل في طلبه وسأخبره بنفسي .
لم يهنأ جفن واليهم طيلة لحظات ليلته , فبات يسأل أمهات عقله حتى نال رضاها بفكرة حاسمة جمعت مستشاريه ووزرائه وأعوانه كلهم في مجلسه ليطرح عليهم رؤية اصطنعها بنفسه :
- الوالي : رأيت بيدي سراجاً قوياً أنير به موضعي هذا , وحفرت بئراً عميقاً في مجلسي , وأثناء حفري حطّمت صخرة كبيرة كانت تقف عثرة بوجه هدفي , فهلكت قواي وسقطت على مسمار غليظ دخل بمقعد صلبي , أفتوني بها يا من فسرّتم لي رؤياي من قبل .
- مستشاره : مولاي ...... هل لنا بفسحة نتشاور بها في رأينا حتى غدِ .
- الوالي : لا .... لن تبرحوا مجلسي هذا ... لديكم فرصة حتى صلاة الظهر ... أريد تفسيركم حالاً دون عذرِ .
احتار أمر من سكن مجلسه وتاه رشدهم فأمر باعتقالهم كلهم حتى يفصحوا عن حقيقة أمرهم بتفسيرهم رؤياه من قبل .
ذاع أمر اعتقالهم بين رعية الحكم حتى تناهى لسمع أبي حسان فلاذ مسرعاً طالباً مقابلة والي القصر :
- أبو حسان : مولاي ..... جئتك بفداءٍ يفك أسير أحلامك للأبد .
- الوالي : أعلمني بها قبل أن أزجك في سجني .
- أبو حسان : سراجك القوي صلاح لك في سلطانك من فساد وفتنة عمّت بين أعوانك في الحكم , وحفرك بئر عميق دلالة على فوزك بمال وفير ورزق يطول كل من يحتاج إلى الوصل , وما تحطيمك صخرة كبيرة إلا إشارة لك تدل على أنك ستحصّن ملكك بالرفعة والعدل .
- الوالي : وما بال مسمار غليظ أتاني مرات عدة في رؤيتي ؟
- أبو حسان : ذاك رجل ذو علم وحكمة يسمو إلى إحقاق العدل فيأخذ منك مطالب رعيتك بالإحسان والعقل .
- الوالي : أنت إذاً من راودني في رؤيتي ... تعال إلى طرفي فلك نصيباً طيباً في مشورتي وحكمي .
نكتشف من روايتنا تلك أن هدفها إظهار مدى تباين ملكات الفكر بين إنسان مدرك لإبداعه وآخر لا يملك قدرا كافياً من إدراكه الفكري , ونظهر كيفية استخدامها عملياً لتحقيق مبدأ صيد الفرص وفق مسالك اختارها السارق بنفسه تبعاً لنوعية بيئته ونشأته الأولى وتعليلاً لمدى فهمه لعادات اكتسبها بنفسه من محيطه مع ذكر تأثيراتها السلبية على مجتمعه من كافة نواحيه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية وغيرها .... ونلاحظ وجود نمطين للفقر الفكري أولهما فطري ونواياه طيبة محصورة بفئة قليلة نسبياً إن لم نقل نادرة بعض الشيء بين عقلاء دراويش وبسطاء فقراء والثاني فقر فكري موّجه خبيث انتشر بكثرة بين مختلف المناصب والمراتب والمهن وصار على شكل مهنة معترف بها تحت أي مصطلح مادي يمكن إلصاقه بكلمات مستحبة في وقتنا الحاضر / كالشاطر – والذكي الفطن المستغل لأي فرصة يقع عليها – والمتدبر لأمره بثقافة الحضارة الراهنة / كالوساطة – والواصل – ومفتاح الرشاوى لذوي النعمة – والسمسرة – وتجارة البغاء وغيرها من مصطلحات كانت محرّمة بقوانين وباتت مشروعة محترمة /..... فسرقة أفكار بعضنا البعض باتت شريعة جائرة غير محتملة , سيما وأن فاعلها أضفى عليها شرعية ظالمة دفعت به لمراتب ليست من حقه كسرقة مقالات غيره وتحليلاته وأفكاره ونتائج دراساته ونصوص رواياته وأشعاره ... الخ وكلها من نتاج فكر غيره , والأدهى أن سارقها نسبها لنفسه علانية دون خوف أو وجل , بل وزاد في غيّه أن سعى لإسكات من كانت من فكره وحقه , وكأن فكرة إقرار معاقبته على فعلته باتت مستحيلة عصية على أصحاب القرار ذوو الشأن , وما هذا الإجحاف إلا من فعل زرعة فقدت مخزونها ولكنها تمادت فتوفّر لها حظاً واسعاً في حقوق الأمم , والطامة الكبرى ليست بما سرقه إنما علمه علم اليقين بأنها ليست من إبداع فكره حتى وإن كانت مثقال ذرّة سقطت بحِجرهِ , فلا ميزان حق ينصف خالقها ولا عقاب يطال سارقها إقراراً للعدل , ولبيان جوانب أخرى من الفقر الفكري سأورد لاحقاً قصة قصيرة توضح غير تلك الأحوال في سرقة الفكر ..... يتبع






#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للفقر مصداقية باكية ح / 3
- جذور الارهاب / كوهين - الجاسوس / ح : 5
- يا زائرة الحرمين
- باركوا ل / بانة وهبي / وشارل / الجهلاني / ح - 1
- جذور الإرهاب / كوهين - الجاسوس / ح : 4
- للفقر مصداقية باكية ح / 2
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / ج / 5
- للفقر مصداقية باكية ج / 1
- جذور الإرهاب / كوهين - الجاسوس / ح / 3
- مسلسل جذور الإرهاب ح / 2
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 4
- حزينة على رباط حذائها
- فكر الفيل وحرية الذبابة
- مسلسل جذور الإرهاب الحلقة / 1
- تعالي من أي طريق تختاريه
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 3
- ياسور وهمي
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 2
- لون عينيك تربة دافئة
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 1


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية ح / 4