أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي المقري - الآلهة تستغيث في مارب














المزيد.....

الآلهة تستغيث في مارب


علي المقري

الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:52
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


على عكس ما تكشف أكثر النقوش السبئية القديمة من تضرعّات ونذور رجاء كان يقدّمها السبأيون لآلهتهم القمر (المقه) والشمس بدا لي ،أثناء زيارتي إلى معالم المعابد القديمة في مارب بصحبة قافلة إتحاد الأدباء والكتاب فرع صنعاء، أن الآلهة العتيقة في ذاكرة الأساطير والأحلام صارت هي التي تستغيث، وترجو إنقاذها من عبث الناهبين لآثار حجّاجها والمؤمنين بها .
فمن يقرأ الدراسات المنشورة عن نتائج الحفريات الأثرية في عدد من الأماكن التاريخية في العالم، وأثر ذلك في الاستشهاد على تحديد ملامح تاريخية هامة أو وقائع وجدت في أزمنة معيّنة، يجد مدى الإهمال الكبير لآثار اليمن ، ومارب خصيصا.
وهو إهمال رسمي ، من كل المستويات ، حتى أن وجود هيئات أو مؤسسات معنية بهذه الآثار لا يزيد عن كونها مجرّد جوقة تردد وتتغنى بأمجاد غابرة (سبأية تحديدا(عبر وسائل الإعلام ، وبالمقابل لا تفعل ما يليق بأهمية هذا التاريخ الذي يمكن أن يحمل مفاجآت إنسانية نادرة،فلا الآثار ومواقعها محاطة بعناية آمنة من النهب والعبث، ولا وجود لنشاط حفري متواصل، وبالتالي لا أبحاث ولا دراسات مستمرّة.
ويندهش الزائر للمعبدين الرئيسيين (بران) و(أوام )، أو ما يسمونهما (عرش بلقيس) و(محرم بلقيس)، لحجم الاستسهال و اللامبالاة بآثارهما الهامة ، فإذْ لم نصادف في زيارتنا الأخيرة ، في شهر مايو الماضي ،أي أعمال حفرية استكشافية حالية لأن الآثاريين غير موجودين في المنطقة، كما لم يبدأ موسم التنقيب الجديد ، فقد وجدنا شخصا في المعبد الأول، وحارسا واحدا في المعبد الثاني، وهذا الأخير ما أن وصلنا حتى طلب من مدير مكتب الثقافة في مارب الذي رافقنا قيمة القات (ثلاثمائة أو أربعمائة ريال فقط).
وحارس كهذا وسط مكان صحراوي بعيد عن المدينة، وفي موقع أثري غير مسوّر سوى بشبك حديدي خفيف ومتآكل، يصير غير قادر على حماية أي آثار، خاصة في منطقة مسلّحة ينتهز بعض سكّانها فرص الغنيمة في نهب ما يمكن نهبه ، والتقطّع المباغت لأخذ ما استعصى أخذه.
وقبل هذا وبعده ،فالحارس الموكل بحماية أغنى إرث تاريخي يمني يرجع أقدمه،حسب المصادر الآثارية، إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، لا يجد قيمة القات الذي سيتناوله ، وهو إذ لا يتحرّج من طلب ذلك ،كيف له أن يتفهم أهمية ما يحرسه ، ويركن لما سمعه عن حضارة أسلافه العظيمة، وهو لا يجد أي امتداد حال يتلمس فيه معنى لها يؤمِّن له العيش الكريم ويعزّه عن سؤال الحاجة ، ولو كانت قاتا.
قد تجد أثرا ، ربما كان نقشا لآلهة أو عنها ،أو سجلاً لواقعة أوغزوة سبأية ظافرة(!) ، أو نذرا بسيطا من فلاّح سبأي لاستجلاب المطر، قد يكون ترنيمة حب لـ (المقة) أو إعلان يأس منه ، قد يكون شيئا لا يخطر في بال ، وقد يكون فعلا ونقشا مكررا ، هذا الأثر بدلا من أن يكون موقعه في متحف أثري تاريخي في مارب ،وبمتناول الباحثين والسوّاح ، نجده معروضا للبيع من قبل طفل أو شيخ مسلّح يدور حول الأماكن الأثرية المُزارة من قبل السوّاح والمهتمين وتجّار الآثار.
أحد أبناء مارب يعتقد أن النهب المنظم للآثار الذي يقوم به أعضاء في بعثات التنقيب القادمة من خارج اليمن هو الأشد ضررا ، وأن هؤلاء يحصلون على تسهيلات من مسئولين ،لإخراج قِطع الآثار من اليمن، بشكل واضح.
ويضرب مثلا بالأعداد الكبيرة للألواح والأحجار الأثرية التي يتم أحيانا الكشف عنها بحوزة مسافرين في مطار صنعاء.
ولا يمكن الحديث عن أوضاع الأماكن الأثرية في مارب دون الإشارة إلى سد مارب القديم والذي لم يتم تحديد معالمه، والعناية ببقايا أثاره بحيث يصير مجالا للحفريات ، ثم مزارا تاريخا وسياحيا يحتوي على الشروح والتوضيحات الكتابية.
وإذا ما كانت مارب ،رغم هذا الوضع، منطقة جذب للسوّاح بشكل ملفت ، فإن عاصمة مملكة سبأ بدهشة أخبار ملكاتها وملوكها في الكتب الدينية (التوراة والقرآن) ،وفي الأساطير والمرويات التاريخية ، مازالت بحاجة بشكل كبير إلى الاهتمام بآثارها،وتهيئتها لتكون متاحة بشكل مرتب أمام السوّاح والحجّاج ، وتمهيد الطريق التي تؤدي إلى مارب بالأمن والخدمات السياحية المفقودة.
ذلك ،لكي لا تبقى سبأ مجرد شعار لذكرى يتباهى فيها بالأغاني الوطنية المملة ،أو صور لأعمدة تطبع ، فقط ، في طوابع البريد وأوراق الخمسة ريالات التي صارت بلا قيمة.
لكي لا تضرب العزلة أحلام السبأيين وتجلياتهم الإلهية ؛ بل لكي لا تُصاب الآلهة السبأية بالوحشة، في موتها العميق.




#علي_المقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر والباحث اليمني علي المقري :المثقف العربي يعيش هاجس ال ...
- محمد حسين هيثم..غصة أخرى
- لمناسبة الحديث عن الحوثية والإمامة في اليمن : من قرأ منكم مح ...
- الشاعر اليمني علي المقري: أن تكتب فلابد أن تقدم برهانا على أ ...
- اسمي (فاطمة) وأعرف ماذا يعني هذا الاسم لكم: حوار الثقافات في ...
- ......الجزيرة) والحاجة إلى صحيفة ممنوعة أو شبه)
- آمنة النصيري في معرضها الجديد: جمر الألم يتهيأ للانقضاض
- دس العسل في السم:(المطاوعة)..وحلم اسمه رياض الريس)
- دروس خصوصية في الحرية
- لنتضامن معه:حكم بالسجن 4 سنوات على مدون مصري وأهله يتبرأون م ...
- في نظرتهم إلى الأخدام:هل اليمنيون عنصريون؟
- هل سيوقع جلال طلباني حُكم إعدام صدام حسين؟
- طاش ما طاش..وهج تنوير وحرية
- ترميمات


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي المقري - الآلهة تستغيث في مارب