أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مريم نجمه - من خواطر زوجة معتقل سياسي














المزيد.....

من خواطر زوجة معتقل سياسي


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:46
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


*
الساعة الواحدة ليلاً ولم أنم , ربما تطول حتى الخامسة صباحاً , لا أدري ..؟
المهم أنا جالسة في سريري .. أكتب ما يجول في فكري من خواطر ..
أذهب تارة إلى حديقتنا لأسامر النجوم والقمر في السهر .. وتارة أطوف البيت كمن ينتظر غائباً أو مسافراً طال انتظاره ...ربما يأتي الاّن , دون موعد ..!؟

أنظر في وجوه أطفالي النائمين , لأقرأ على وجوههم علامات الصبر , والجلد , والفقر , والمرض , والحرمان .. والبؤس . علامات التحدَي والأمل بالمستقبل ..
لقد حمَلنا أطفالنا أكثر مما يستطيعون حمله , ولكن لم نكن نحن أوَل عائلة سياسية واّخر عائلة تتحمَل ذلك الشرف السياسي , والصدق السياسي , وما يتطلَب هذا الطريق من تضحيات ..
لم أكن أعلم أن عائلتي ستمر بهذه المحنة المريرة , وبهذه المسافة الطويلة , وهذا العمق من الإحتمال , ولا تزال صامتة ومرفوعة الرأس ..؟
إنها تسير بهدوء ودون تأفَف , أو ضجر أو ملل . تكبت وتخفي كل هذه التضحيات في صدرها دون أن يدري بها أحد . الحقيقة هي قمة الشعور بالمسؤولية , هي قمة القناعة والوعي والصمود والقيام بالواجب الوطني ...

كنا خلال هذه المدة التي غاب عنا زوجي , قد مررنا بأيام فقر , وأيام بحبوحة , ورغم غزارة الصدمات وكثافة المسؤوليات والواجبات الضرورية المرهقة , كنت أتحمَلها بصمت , وأحاول أن لا يشعر بها حبيبي .. وأطفالي , لأنها من إختصاصي أنا . فتنصهر في " الأتون " الداخلي المتدفَق دون أن يحترق بها أحد ....حاولت طاقتي وصمودي ارتشافها , كانت تمر بسلام , وأنا ثابتة الأقدام ..
ولكن هذا الشهر وبعض الشهور السابقة , كانت الصدمات والهموم كثيفة , والطلبات والنفقات الكثيرة الملحة تثقل كاهلي ..
أما الاّن ,
فلا أدري كيف أجتازت جراح السجن .. جراح الصلب أرضاً .. نزفت .. اختلطت بدموع نارية أحرقت مكانها ...!؟
دمشق – 1976

*
دمشق – 2 – 9 - 1975
كثيرة هي الإتفاقات المذلَة التي يعقدها رؤساء مهزومون , عسكرياً وتاريخيا , فكريا وسياسياً ,
لكن , القلائل هم الذين يكتبون إنتصار ثورة ..
وانتصار معركة .. وتجربة باهرة ..
قليل هم الذين يعيشون قولاً وعملا ً , حرية ومصلحة شعب وجماهير بائسة ..
إن المواقف الإنهزامية تماماً , هي كالمواقف المشرَفة , لا تزول من ذاكرة الشعب .. وسطور التاريخ ..
ولكن , هيهات بين الإنتصار والهزيمة ؟؟

الإنهزام يلتصق بالإنسان .. باليد الذي صنعته ,
والنصر كالنيشان كالوسام .. كالعلم المرفوع في وطن من الأوطان .. لا يضمحلَ ولا يزول ولا يمحى ..
فالذين يكتبون النصر لشعوبهم .. وأوطانهم .. هم خالدون .. في الزمان .. والمكان ..
كميسلون .. و " ساحة المرجة ".. و " الزور الأولى " .. و البرلمان . وجبل الزاوية والكفر .. وغيرها .
خالدون كالأرض التي لا تموت .. وما نحن إلا جزء .. وحفنة من هذا التراب .. الذي نعيش عليه .. ونأوي إليه .
فلنكن أوفياء لأرضنا ...!


*
المحبة .. هي الصمت في قمة الألم .
المحبَة .. هي الفرح الإبتسامة حينما يجود العطاء , والتضحيات .

*

لا أحب أن أجزَئ فرحتي يا حبيبي ..
لا أرغب أن يؤخذ مني قلمي , ورسالتي ... نقطة من سعادتي الكلية العارمة , التي تغمر قلبي ومهجتي لمشاهدتك , بعد كل اجتياز صدمة , أوجسر ألم .
كنت بشوق , وقلق كبير عليك يا حبيبي .. بعد هذه المدة الطويلة وأنا لم أستلم منك أي خبر.. ؟
الحمد لله , أخيراً , أنني قرأت رسالة من أناملك , وقبلَت الأرض على سلامتك , فمن لنا غيرك يا عزيزي ..؟

*

لكل إنسان بداية .. ونهاية
الإنسان الذي يبني الوجود إستمرار الكون والتجدَد والحياة , هو نشاط و ديناميكية الجسم .. والفكر .. والعمل ..
الإنسان الحي .. نصفين : ماضي .. وحاضر
نصف مضى , ونصف يبنيه باستمرار , كل يوم .
حاضره مرتبط بماضيه , ويستطيع أن يتحدَث ويشرح عن الحاضر والمستقبل , أي خططه وأهدافه .
فالماضي يعني أننا . أمام تاريخ , أمام ذات وفكر وعمل مضى ... كوَن شخصية مستقلة تميَزت بصفات خاصة . إذا نحن أمام طفقولة , مراهقة , وشباب ..أ وكهولة .. ,فا الحياة هي بداية مستمرة طالما المرء في خضم العطاء والإبداع .. والإستمرار ., لكنها تحمل في طياتها أغمار التاريخ الثقيل ..

*

عيون الأطفال لا تخطئ ..

وحدي أنا في هذا الليل .. لا عين تسهر معي .. ولا قمر
لا قلب يعيش تمزَقي .. ربما إبنتي سمر ..؟

أنانية أنا باّلامي .. بمعاناتي
أنانية بواجباتي ومتطلباتي .. وتضحياتي
لست أنانية بحبي ومحبتي .. وسعادتي وفرحي ..

عامين .. وأنا أقدَم شهد خلاياي
عامين وأنا اقدَم نزيف شعيراتي , وأنسجتي .
هذا واجبي , ولم أقم بأكثر من ذلك ..
عصارة عيوني .. هذا قليل
قلقيي . ونومي .. هذا قليل ..

عليَ أن أعطي كل ريشي .. كل لوني
فراشة أنا خلقت لمجتمعي
نحلة أنا أتيت لعائلتي
هل تتذكروا يا صغاري .. ؟
من هي أمَكم ..؟؟
أي بطن هذا الذي حملكم ؟
وأي ثدي .. هذا الذي أرضعكم
وأي قلب بالحب غمركم ..؟؟
ربما تعرفوا , أو لا تعرفوا ..؟
المهم , أنكم .. أقرب الناس إلىَ ..
وعيون الأطفال دوما لا تخطئ ..! ........... دمشق / 8 / 7 / 1976




#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المرأة في الإنتاج , والبناء الإشتراكي , والدفاع عن الوطن
- من كل حديقة زهرة : زراعة .. صحَة .. جمال - 4
- للصباح الغناء .. على مشارف الفجر - 3
- أوطاننا .. جراحنا ؟ ؟
- من كل حديقة زهرة : زراعة .. صحة .. جمال - 3
- وداعاً شاعرة العراق .. نازك الملائكة
- من كل حديقة زهرة : زراعة .. صحة .. جمال - 2
- دعوة مدرسية - دروس إنسانية من هولندا ..!؟
- ديمقراطيتنا بين حقول الألغام ..!؟
- أناشيد النكبات .. أناشيد الشهداء .. أناشيد الحرية
- أنت لي .. أنت لي
- إلى شهيدة الحبَ والبراءة , دعاء -
- الحقيقة دوما عنيدة ..!؟
- تعليق الصورة القديمة ..!؟
- أهمية المجتمع المدني .. ضرورة تفعيله وتنشيطه وحمايته - 2
- لا ... لبشَأر..؟؟
- السلام , والأممية , والإشتراكية الديمقراطية في الإنجيل - أضو ...
- أهمية المجتمع المدني في العالم .. ضرورة تفعيله وتنشيطه وحماي ...
- - شو تأخّر بكرة - .. ؟
- ترنيمة


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة
- تفاصيل قانون بريطاني جديد يمهّد لترحيل اللاجئين إلى رواندا
- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
- العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
- الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ ...
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مريم نجمه - من خواطر زوجة معتقل سياسي