أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - حكاية السينما















المزيد.....

حكاية السينما


ابراهيم محمد عياش

الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


لكل حضارة رمز ولكل حضارة كتابة، فكتب الفراعنة على البردي ونقش الآشوريين الصخر، أما إنسان القرن العشرين فكتب بالضوء أصبحت هذه الكتابة رمزا لحضارته.
ذاك الضوء الذي يخترق الظلام الحالك و يحوله إلى مهرجان إثر سقوطه على قطعة من القماش ابيض اللون معلقة بعدا عن مصدر الضوء.
حين يسقط هذا الضوء على ذاك القماش الأبيض يجعل منه الحياة بكل وقائعها بأسلوب كله إبهار وإثارة تفنن فيها هذا الإنسان جاعل من جماهير السينما تقف مبهورة في ذهول لا مثيلة له مدركة حقيقة هذا الإنسان.
وتاريخ هذا الفن هو رصد لعقل هذا الإنسان الفنان الذي حاك الواقع وحول هذا الاختراع الضوئي إلى أداة للغوص في عمق النفس البشرية.
فالسينما هي محاكاة للواقع بأسلوب فني و برؤى مختلفة، جذب إليه جميع الفنون الأخرى فاصبح يستطيع أن يعبر عن حالات الروح وعن وقائع عاطفية معتمدا في ذلك على عدة أدوات أساسية تتمثل في الضوء والديكور و الأشخاص، من خلال كتابات سينمائية وأحاسيس بصرية ينتج عنها سمفونيات نسمعها بأعيننا ونشاهدها بقلوبنا و عقولنا معا.
تبدأ عملية إخراج الفيلم منذ اللحظة التي يبدأ فيها المخرج في كتابة السيناريو، حيث يضع فيه الأسس و المنطلقات الفكرية و الفنية لموضوع الفيلم و بنيته المتكاملة شكلا ومضمونا، و قد أثبت التجارب العملية عبر تاريخ الفن السابع أن كتابة أي الفيلم مرت بهذه المراحل:

الموضوع: و هو فكرة الفيلم الذي يكون ملخصا على شكل synopsis السيناريو: أو توسيع و تطوير لهذه الفكرة فتصير موضوعا مقسما إلى وحدات درامية.
التواصل: و هو معالجة الوحدات المشكلة للسيناريو بشيء من التفصيل.
التقطيع: و هو المرحلة الانتقالية بين الشكل المكتوب و الشكل السينماتوغرافي و يحتوي بالطبع على الحوار و المؤثرات الصوتية.
إلا أن تقنية السيناريو تلعب دور أساسيا وهام في تحديد نجاح الفيلم أو فشلة. إن السيناريو هو تحويل المشاهد الأدبية إلى مشاهد تقنية و كأنما يخيل إليك أنك تشاهد فيلما بكل وقائعه المتسلسلة و تحركات أبطاله على الشاشة.
و لا يمكننا كتابة سيناريو من العدم إذ يجب أن يكون لدينا موضوع ، فهو يشبه الحليب فإذا كان ذو جودة عالية غني بالمواد الدسمة كانت الزبدية و الجبن المستخرج منه جيد ،لذلك يجب أن يراعي الموضوع في حالة أعداد عقلية البلد الذي سينتج و يصور فيه ، و عقلية البلدان التي سيعرض فيها ، و على سبيل المثال عدة أفلام أمريكية نالت نجاحا باهرا إثر عرضها في أمريكا ، بينما في أوروبا و الشرق العربي لقيت الفشل الذريع ، و السبب يعود إلى عدم تناسب أو ملائمة موضوعاتها و تسلسل حوادثها مع عقلية و تقاليد تلك البلادن. لذا يجب أن تضع نصب عينيك هذه الناحية عند كتابتك لأي سيناريو ، كما يجب أن تراعي الأفكار التي يمكن تحقيقها إذ يستحيل تحقيق بعض الأفكار إلا بوسائل ضخمة و ميزانية كبيرة جدا .
هناك اختلاف كبير بين موضوع الفيلم و مواضيع الكتب و الصحف، ذلك الأدباء يعتمدون على الأسلوب اللفظي و أدبي الشيق من أجل تصوير مشاهد و أحداث خيالية في منتهى الروعة، إلا أنها تبقى حبرا على ورق بأسلوب أفقي، بينما موضوع الفيلم يعتمد على الأفكار الواقعية التي يسهل تحقيقها تصويريا، كما أن هناك لقطات لا يمكن لأبرع كاتب أو مؤلف أن يأتي بمثلها روعة و صدقا مهما بلغ به الخيال لأنها صورت بأسلوب فني عمودي.
يمكنك أن تعثر على موضوع في غاية الأهمية من خلال تصفحك لجريدة ما فيطالعك في أخر الصفحة خبر لا يتعدى عشرة أسطر، فتقرأ من أجل إنقاذه من الموت – تمت زراعة مخ شاب لرجل يتجاوز الخمسين سنة وذلك بعد حادث مرور – هذا الخبر الصغير الذي شد انتباهك و آثار تفكيرك لدى قراءتك له يصلح موضوعه لفيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني يمكن أن يكون من أنجح الأفلام. فموضوع زرع المخ شئ محير و جديد قد لا يحدث أبدا، إلا أن هذا الموضوع يمكن معالجته بمضمونين، إما أن تخلعه كوميديا أو مزيجا من الكوميديا و الميلودراما كوميديا بما يتضمنه من مفارقات و ملابسات في كيفية تصرف الكهل بمخ شاب، و ميلودراما من خلال الحالات و العوامل النفسية التي تحيط بإنسان ينتقل من الشيخوخة إلى الشباب في شكل شيخ.
فهذه فكرة واحدة من عشرات المواضيع تستطيع إيجادها في خبر صغير قرأته أو حادث سمعته أو مشهد رأيته، وعلى سبيل الذكر وليس للحصر فكمال الشيخ الذي احدث يغيرا هام في السينما المصرية في عصرها الذهبي حيث كان يسطر على قاعات العرض الأفلام الرومانسية التي لا تخلو من الأغاني ورقصات لأنها كانت من موصفات النجاح.
فقرأ ذات يوم خبر في جريدة *المصري* عن طبيب هولندي كان يمارس التنويم المغنطيسي على مرضاه لمعرفة مدى استجابة المريض لأوامر الطبيب بغية معالجتهم .فكان هذا الخبر الذي لا يتجاوز العشرة اسطر نوات لفيلمه الأول *البيت رقم 13 * عام 1952 ورغم أن هذا الفيلم مخالف للموصفات التجارية .إلا انه نال نجاحا باهرا و اصبح كمال الشيخ من رواد أفلام التشويق في السينما العربية.
ومن المواضيع التي يمكن بعثها في أي زمان ومكان ، المواضيع الدينية ، ذلك لأنها تبقى دائما حية تعيش مع كل فرد منا و لأنها جزء من كياننا ووجودنا ، لقد رأينا من هذه الأفلام * صلاح الدين الأيوبي * ليوسف شاهين و * الوصايا العشرة * لبي سيسل دو ميل و * ملك الملوك * لنكولا راي و غيرها من الأفلام . ورغم أن أحداث هذه الأفلام قد مر عليها مئات السنين، إلا أنها مازالت قريبة إلى نفوسنا ووجداننا.
تبقى دائما الأفلام الدينية بصورة خاصة تنجح في جميع البلدان التي تعرض فيها لأنها تمس شغاف الروح و مكونات شخصية الفرد.
كما أن الحب عامل من عوامل النجاح، لأن الجمهور يتقبلها على اختلاف طبقاته و نزاعاته، و لو استعرضنا الأفلام و المسلسلات لوجدناها لا تخلو من مشاهد الحب و الغرام، وليس من الضروري أن يكون موضوع الحب بين البطل و البطلة، فهو أيضا بين الأم وابنها و الصديق و صديقه، لهذا كانت الأفلام العاطفية القديمة أو الحديثة ناجحة و أكثر رواجا في العالم، و رغم المشاهد الحزينة من فراق و سعادة و شقاء فإنها تشد إليها نفوس المتفرجين على اختلاف طبقاتهم بدافع فطري.
لنأخذ على سبيل المثال فيلم – عنترة و عبلة – إن قصة الحب فيه حدثت منذ مئات السنين وفي مكان معين، مع ذلك نجح نجاحا عظيما في العالم العربي، و فيلم - قصة حب – الأمريكية نالت نجاحا كبيرا و حققت إيرادات كبيرة في شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم، و رغم البعد المكاني و الزماني.
المواضيع البوليسية و أفلام الحركة يقبل عليها جمهور كبير و ضخم لما لديها من قدرة على شد الجمهور لأدق تفاصيلها، و إذا كنت من محبي هذا النوع من الأفلام يجب أن تنصر قوى الخير على قوى الشر في نهاية كل فيلم، كما يعتمد هذا النوع من الأفلام على إمكانيات مادية و بشرية كبيرة يجب أن نضعها في الحسبان.
و الأفلام الحربية كذلك تكتب لها النجاح سواء كانت محلية أو عالمية، فجميع دول العالم التي استعمرت تراها تعكف على إنتاج هذا النوع من الأفلام من أجل التعبئة الوطنية، و الأمثلة عديدة في السينما العربية و العالمية.
و هناك نوع أخر من الأفلام يجب الابتعاد عنه لمسألة تهذيبية،و رغم أن الكثير من الشركات تقدم على إنتاج أفلام الرعب و لقد نالت رواجا كبيرا حين صرح الرئيس الأمريكي ري جان قي سنة 1985 بعد أن شاهد فيلم رامبو و جاء ذلك التصريح بعد عملية اختطاف طائرة TWA في لبنان حيث قال لقد شاهدت فيلم رامبو و أنا اعرف ماذا افعل في المرة القادمة. فهذا التصريح كان بمثابة إعلان لشركات هوليود لتعكف على إنتاج هذا النوع من الأفلام لعدة سنوات، و مهما بلغت هذه الأفلام من روعة في التقنية و الأداء فعواقبها النفسية و الاجتماعية وخيمة.
فقد أوردت مجلة *الصداقة *الألمانية بعض الإحصائيات في عام 1982 اعترفت وزارة الصحة في واشنطن بأن هناك علاقة سببية بين عرض العنف و الرعب على الشاشات و السلوك العدواني للإنسان في ما بعد، تذكر هذه الإحصائيات إن في الولايات المتحدة الأمريكية في عام1981 وقعت 22516 جريمة قتل، 851000 حالة تعذيب أطفال و 187000 جريمة اغتصاب و لم يذكر من هذه الجرائم إلا 10 %.
نذكر لكم بعض النماذج عن هذه الأفلام: شهر أوت 1987 في بريطانيا قام أحد هواة هذه الأفلام بقتل 16 شخص رميا بالرصاص.في ولاية سان فرانسيسكو و أضرم رجل النار في زوجته بعد مشاهدته لفيلم * سرير يحترق * و أخر بمسدس أبيه يقتل شقيقه مقلدا فيلم * الفوضى*، ناهيك عن حوادث التي تطلعنا بها الصحافة كل يوم.
فإن عشاق هذا النوع من الأفلام هم عادة ممن يتملكهم حب الجريمة و الإجرام و هو نوع من الشذوذ و كان يجدر أن يقضى عليه لا أن يغذى.
و اتضح أن معظم المتفرجين يحبون مشاهد الأفلام التي لا تتعبهم و لا تجعلهم يبذلون جهدا فكريا. و هذه هي أفلام الكوميديا، تراهم يتزاحمون على قاعات العرض من أجل قضاء وقت بقصد التسلية و نسيان متاعب يومهم و مشاكل حياتهم، و قد ثبت تجاريا أن هذا النوع من الأفلام يلقى إقبالا حسنا من مختلف الطبقات، أما المواضيع التي لا يصح الاعتماد عليها أو معالجتها فهي مواضيع الجنس لأنها أكثر خطورة من أفلام الرعب. . إثر تحضيري لهذا العمل عثرت صدفتا على بعض القوانين الرقابية التي وضعتها اللجنة السينمائية بشيكاغو في عام 1929 و أطلق عليه اسم قانون هايس Hays سأتطرق لها من أجل اخذ نظرة عنها: 1- جرائم ضد القانون : أثناء عرضها يجب أن لا يتعاطف نعها، ولا تعطى لها رغبة في التقليد،المتاجرة بالمخدرات موضوع لا ينبغي التطرق إليه ،أما استهلاك الخمر لا يجب عرضه إلا لضرورة الفنية.
2- الجنس: عدم التطرق إلى الفعل الجنسي،ولا لزنى و لا لقطات العري والمداعبة و المضاجعة ، و لا لقطات الوضع أي الولادة.
3- ألفاض المشينة: احترام حساسية الجمهور في المواضيع الحساسة و عدم أتلفظ بكلام السوء .بغي التطرق إليه ،أما استهلاك الخمر لا يجب عرضه إلا لضرورة الفنية.
4- الرموز الدينية مهما كانت لا تكون محل صخرية أو انتقاد، ولا تستغل شخصية رجل الدين في ادوار الشر أو شخصيات منحرفة.
يتبع في الجزء الثاني..



#ابراهيم_محمد_عياش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء من الخوف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد عياش - حكاية السينما