أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رمضان مهلهل سدخان - الصحافة في العالم العربي : 100 عام من الحرية المكبوتة















المزيد.....

الصحافة في العالم العربي : 100 عام من الحرية المكبوتة


رمضان مهلهل سدخان

الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 11:01
المحور: الصحافة والاعلام
    


بقلم : سعيد السولمي• ترجمة : رمضان مهلهل سدخان

إنّ تأريخ الحرية الصحفية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القرن الأخير محدَّد بتفاعل عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية وتكنولوجية. ومن بين أكثر العوامل السياسية أهمية التي لابد من الاستشهاد بها هي : القومية العربية التي دعت إلى الإستقلال من الإمبراطورية العثمانية ، والفرنسية و البريطانية ، وإنشاء دولة " إسرائيل " وما تبع ذلك من حروب ، وإنقلابات عسكرية ، ونزاعات مدنية وحرب الخليج ، بالإضافة إلى نشوء الإسلام المسَيَّس. إن إزدهار البترول ، والتضخم في الولادات وما نتج عن ذلك من زيادة في عدد المتعلمينِ ، بالإضافة إلى التنافس بين الإذاعة والتلفزيون ، قد أَثّرَ أيضاً على تطور الصحافة و على نطاق حرياتها.

في منطقة تسيطر عليها الإمبراطورية العثمانية ، نجد أن الصحف التي وُجدتْ منذ منتصف القرن الثامن عشر كانت أدوات بيد السلطات التركية أَو السفارات الأجنبية. ولَم تظهر الصحافة العربية المكتوبة المستقلة حتى منتصف القرن التاسع عشر ، وبشكل خاص في مصر في عصر النهضة الثقافيِة والفكرية في ستينات القرن التاسع عشر وسبعيناته حيث كان يشجعها الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر بين عامي 1863 و 1979. في سوريا والعراق ، ظهرت الصحافة المكتوبة بعد ذلك بسنوات قليلة ، لكنها كانت ضحيّةَ الرقابة المتكرّرة ، التي شرّدت الصحفيين السوريين ـ اللبنانيين إلى الخارج إلى مصر حيث كانت حرية الصحافة مضمونة. وكان هؤلاء الصحفيون السوريونِ ـ اللبنانيونِ ، المصممون على إنعاش الأدب العربيِ بإسم المجد العربيِ الماضي ، في طليعة الصحافة العربية الحديثة وأطلقوا الصُحُفَ التي أصبحت بدورها أنموذجاً للصحافة العربية. وهكذا كان أيضاً حال الإخوة سالم وبشارة تاكلا ، الذَين أَسّسا "الأهرام " في القاهرة.

في نهاية الحقبة العثمانية التي إقتربت من الإنتهاء في ذروة الحرب العالمية الأولى ، لَم تصل الصحافة إلى ما وراء حدود النظام التقليدي الذي نظّمَ العلاقةَ بين الطبقة السياسية وبقية السكانِ طبقاً لمبادئِ الطاعة والإحترام للسلطة السياسية المسيطرة. إلاّ أن بعض الصحفيين ، المتأثرين باللبرالية الأوروبية ، تَحدّوا هذا النظامِ بإنتقاد السلطة التركية ، لَكنَّهم دفعوا الثمن باهضاً جراء نشاطاتهم بزجّهم في السجنِ ، والتعذيب أَو ببساطة منع صُحُفهم. البعض منهم طلب اللجوء في فرنسا أَو بريطانيا ، حيث انشأوا الصُحُف والمجلات النقدية. وقد كان هؤلاء الصحفيون يدفعهم الأدب والسياسة أكثر مما يدفعهم مبدأ الحصول على المعلومات.

ولم تُرفع القيود السياسية عن تأسيس الصحف إلاّ عام 1908 فصاعداً ، بضغط من الأتراك الشباب ، مما سمح بظهور صحافة مستقلة في مصر وسوريا والعراق. في عام 1909 ، على سبيل المثال ، كان هناك 144 صحيفةَ ومجلة نقدية في مصر ، 90 في القاهرة و45 في الإسكندرية. هذه الصحافة كان يديرها دائما الكتّاب والسياسيون الشباب المنكبين على النهوض بضمير عربي وطني ضمن سياق الهيمنة التركية.

وبتفكيك الإمبراطورية العثمانية وظهور الإستعمار الفرنسي والإنكليزي , ظَهرت صحافة جديدة في المنطقة. في باديء الأمر من قبل المستعمرين الأوروبيين ، ثمّ من قبل الناسِ المحليينِ. لقد أسس الأوربيون، وخصوصاً الفرنسيون ، صحافة في المغرب والجزائر وتونس وسوريا ولبنان. وفضّل الإنكليز إبْقاء الصحافة السياسية الوليدة في مصر تحت المراقبة بدلاً من إعطائها دورها. هذا وقد شُكلت عدّة أحزاب سياسية في مصر إثناء الحربين العالميتين وكانت قادرة على إطلاق أدواتها الصحفية الخاصة بها التي عبّرت عن الدافع الوطني لإستقلال البلاد. أما الصحافة الفلسطينية التي ظهرت في عام 1908 واستمر الأتراك في خنقها ، فلم تكن قادرة على الظهور ثانية في الساحة بعد الحرب العالمية الأولى. إذ كان همّها الرئيسي هو السياسة الإستعمارية البريطانية وخصوصاً الحركةَ الصهيونيةَ التي تَجذّرت في فلسطين و إستمرّت تستفيد من وعد بلفور الذي جعل فلسطين بمثابة الوطن اليهودي. كانت الرقابة الإستعمارية على الصحافة المحليّة أكثر صرامة ، خصوصاً أثناء الحربين العالميتين.

منذ عام 1945 فصاعداً ، أصبحت الصحافةَ الآلةَ المميّزة في المعركة من اجل الإستقلال الوطني. لذلك عانى الوطنيون ، الذين كانوا في أغلب الأحيان صحفيين بالمهنة ، من كلّ أشكال المعاملة الوحشية على أيدي السلطات الإستعمارية : كالسجن والتعذيب والنفى. كما عُلّقت صُحُفهم أَو مُنِعتْ. إن الصحافة العربية ، خصوصاً في فلسطين ، لم تنحنِ فقط إلى النير الإستعماري ، بل أنها إستمرَّت أيضاً لمواجهة إقامة " إسرائيل " في عام 1948.

بعد إستقلال الدول العربية ، نرى أن الحاجة لبِناء إقتصاد وطني دفعت مسالة المطالبة بالحرية والحقوق الفردية إلى الوراء. فثورة 1952 في مصر ، وما تلاها من إنقلابات عسكرية في العراق وسوريا، وضع حداً لنظامِ التعددية الحزبية و للصحافة المستقلة. وفي شمال أفريقيا ، ساعدت الحريات في قيام أنظمة قمعية. وهكذا ألغى الرئيس جمال عبد الناصر النظام المتعدّد الأحزاب ، وأَمّمَ الصحافةَ وخَلقَ هياكل مؤسساتيةَ خاضعة لنظام الحزب الواحدة يحكمه الحزب العربيِ الاشتراكي. في سوريا والعراق ، قام الجيش البعثي بعمل نفس الشيء ؛ وفي الجزائر ، أَسّست جبهةُ التحرير الوطنية نظامَِ حكم الحزب الواحد وأصبح الصحفيون موظفين حكوميين يخضعون للمسائلة أمام الثورة الإشتراكية. في تونس ، تساهلَ نظام بوركيبا مع الصحافة المعارضة ، لكن هذه الصحافة كانت معتمدة على إرادة الحكومةَ ، كما هو الحال في المغرب. وغالباً ما كان الصحفيون يعانون من الرقابةَ والقوانين التي كانت تقمع النقد المستقل بذريعة حمايةَ النظام العامِ.

من عام 1960 إلى عام 1980 عانت المنطقة بأكملها من الافتقار إلى الحرية الصحفية ، بإستثناء لبنان. وهذا الإستثناء اللبناني راجع إلى تعقيد التركيبة السياسية والإجتماعية لهذا البلد. وهكذا كان الصحفيون اللبنانيون ينعمون بحرية التعبير التي لامثيل لها في المنطقة وكانت صحافتهم ذات نوعية تقنية عالية جداً. لكن الحرب الأهليةَ في عام 1975 أجبرت الصحافةََ وهؤلاء الصحفيين إلى المنفى في أوروبا والولايات المتحدة. فضلاً عن أن ازدهار بترول الخليج جذب العديد من هؤلاء الصحفيين أيضاً ، الذين تبوؤوا مواقع في الصحف الجديدة بفضل الثروة التي ولّدها البترول. كذلك استغلّ الصحفيون الفلسطينيون والسوريون والمصريون منجمِ الذهب هذا أيضاً. لكن لسوء الحظ ، حاصر هؤلاء الصحفيين النظامُِ التقليدي الذي يحكم هذه البلدان. إن الجانب السلبي للرواتب العالية التي كانوا يكسبونها تمثّل في الرقابةَ الصارمةَ التي كان لا بدّ أن يعملوا في ظلها.

الصحفيون الوحيدون الذين كان بإمكانهم أن يكتبوا بكلّ حرية هم أولئك الذين انشاوا قواعد لهم في أوروبا ، لكن حتى حريتهم هذه كانت مؤقّتة ليس إلاّ : فالمال المتأتي من البترول إشترى أغلب هؤلاء الصحفيين. إذ أن السعودية والعراق وليبيا كانت لهم استثمارات في الصحافة المغتربة من اجل حشد الدعم لسلطتهم وضمّهم إلى الأقلام البارزة والأكثر ثقة في العالمِ العربيِ. فأَسّسَ العراق وليبيا المجلات النقدية ؛ فيما موّلَ السعوديون الصحف اليوميةَ. وما أسرع أن تهافت الصحفيون لعرض خدماتهم أمام الأغنياء والتعويل على المنافع التي يجنونها ، مثل السيارات ، أو البيوت ، أَو الساعات الذهبية. أما الصحافة النقدية فقد إنحصرت في حدود الجالية العربية في الخارج. في حين كانت الصحف اليومية والمجلات النقدية الأكثر قوّة تتمتع بجمهور إقليمي لابأس به.

نهاية الثمانينات ، التي تزامنت مع نهاية الحرب الباردة وإزالة النير الشيوعيِ من البلدانِ الأوربية الشرقية ، تركت بصمتها على أكثر من بلاد في المنطقة. وكانت أهم ثلاثة أحداث هي : حرب الخليج ، ونشوء الإسلام المُسَيَّس ونمو العملية الديمقراطية في عدة بلدان ، وبشكل خاص الجزائر والمغرب وتونس ومصر والأردن واليمن.

وقد فَتحت حرب الخليج التي سبّبها الإحتلال العراقيِ للكويت فصلاً جديداً في تأريخ أجهزة الإعلام في المنطقة. فالدول الخليجية ، التي ترى التأثير الذي تمتلكه الـCNN على نطاق دوليِ ، أدركت الأهميةَ الستراتيجيةَ لفتح تلفزيونِ فضائي في أوقات النزاع. وهكذا شجعت عدةُ حكومات ، وبشكل خاص السعودية ، مواطنيها الأغنياء على الإستثمار في إنشاء القنوات الفضائية في أوروبا. فكانت قنوات الـ MBC ، ORBIT ، ART قادرة على بِناء إمبراطورياتها وإقامة العروش تحت السماء العربية. وحذت بلدان أخرى نفس هذا الحذو بإطلاق قنواتها الوطنية الخاصة بها.

هذا وجلبت حرب الخليج الدمار إلى البنية التحتية الإعلاميِة العائدة إلى نظامِ صدام حسين السابق. حيث أن الحصار الإقتصادي الذي فَرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدةِ - شمل الورق ، والأقلام ، والحاسبات ، وآلات الطباعة وكل شيء ذا علاقة بطباعة الصحف - كان له تأثير كارثي على الصحفيين في العراق. لذلك فقدَ الكثير منهم وظائفهم واضطروا إلى تصفية كتبهم أَو حاجاتهم الشخصيةَ من اجل الحصول على لقمة العيش.

لم تكن البلدان الأخرى تعيسة جداً كالعراق. بل على العكس ، جاءت التسعينيات بالتطور إلى المجتمع المدني , والمجتمع الذي تحرّكه الأحزاب السياسية ، ومنظمات حقوقِ الإنسان والتجمعات الثقافية والفنية - وجميعها كانت تدعو إلى حرية التعبير ، والإتحاد والمشاركة الواسعة والعادلة في إدارة الشؤون العامة.

وكان الضغط الشعبي أعظم في الجزائر ، حيث سبّب في تفجر النظام السياسي وتحرير الصحافة ؛ بينما كانت الإنتخابات التشريعية الجديدة على وشك أن تضع الإسلاميين في سدة الحكم. إلاّ أن الجيش ، وتحت ذريعة حماية الديمقراطية الوليدة ، ألغى الإنتخابات واستولى على السلطة. وهكذا تسبّبت الحرب الأهلية التي تلت ذلك بوفاة أكثر من 100,000 شخص ، بينهم 60 صحفياً اغتيلوا على يد فصائل إسلامية مسلّحة أَو مجموعات شبه عسكرية يدعمها الجيشِ الذي في الحكم.

إن الفشل الديمقراطي في الجزائر لَيس حالة فريدة بالنسبة للعالمِ العربيِ. حيث أن فرصاً أخرى نحو الديمقراطية فَشلت أيضاً في العديد من البلدان العربية. المغرب هو البلد الوحيد في العالم العربي الذي يتقدم ببطئ نحو بناء حكم القانون. بينما في البلدانِ الأخرى ، مازال الصحفيون يتعرضون إلى السجن أَو التعذيب. فأكثر من 15 صحفياً مازالوا يرزحون في السجونِ في سوريا أو تونس أو الكويت أَو العراق. وهكذا فإن كل الحريات الموجودة في العالم العربي غير كافية لصحفي واحد ، وعندما يريد الصحفي العربي أَن يتمتع بحريةَ التعبير ، عليه أَن يبدأَ بالدفاع عن حرية الآخرين.

_____________________________________________

•سعيد السولمي ، المدير التنفيذي لمركز الحرية الإعلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو مواطن مغربي وبريطاني الجنسية ; كتب كثيراً في قضايا الحرية الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وأنشأ شبكة حقوق الإنسان التي تتكون من أكثر من 60 منظمة حقوق إنسان غير حكومية من أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.



#رمضان_مهلهل_سدخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رمضان مهلهل سدخان - الصحافة في العالم العربي : 100 عام من الحرية المكبوتة