أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحركات الجهادية والشرق أوسطية















المزيد.....

الحركات الجهادية والشرق أوسطية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 11:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أحد أهم الدعابات السياسية التي نسمعها اليوم في سماء المنطقة، هي أن الحركات الجهادية والأصولية معادية للمشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة، وأنها تقف عقبة كأداء في وجه المخططات الأمريكية، وتطرح نفسها كبديل وطني لما عجزت عنه أنظمة القهر والتجويع والإفقار الممنهج والاستبداد. وسنبين، وباختصار شديد، كيف تعمل هذه الحركات بتناغم دقيق وعجيب مع المشاريع الأمريكية في المنطقة، هذا إذا علمنا مسبقاً، أن أحد أهم فروعها كان قد انطلق من مكاتب استخباراتية فاعلة في المنطقة حيث بدأت رحلتها الجهادية من أفغانستان، التي صبت في طاحونة حسم الحرب الباردة لصالح "الصليبيين والكفار"، وتستقر أخيراً في أزقة وزواريب الشرق الأوسط الجديد، شرق الطوائف والمذاهب والعشائر والتفتيت. إذ ليس من قبيل الصدفة البتة تزامن إطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير مع أسلفة ووهبنة عموم المنطقة وتورم ونضوج المشروع الأصولي والوهابي، وبلوغه مداه الأقصى بعد عقود من الزخم والدعم السلطوي له، والضخ المعنوي الكبير، وتهيئة كافة المناخات لعمله. لقد أخطأت الأنظمة القائمة بتحالفاتها المبهمة والآنية معهم فالثمن القادم باهظ وكبير جداً. إذ يعتبر اليوم الحامل الأساسي، والرئيسي للمشروع الأمريكي الشرق أوسطي في المنطقة، هي الحركات الأصولية والجهادية، بعينها، ولا شيء سواها، حتى وإن تلطت وراء عناوين وشعارات براقة ونازلة بـ"الباراشوتات" المقدسة من سابع سماء.

أولاً، وقبل كل شيء، من مصلحة أمريكا وإسرائيل بقاء العالمين "العربي والإسلامي"، (مع التحفظ على التسمية لعدم اكتمال المسمى لشروطه)، في حالة من التخلف والانحطاط والتدهور والسلفية بكافة أشكالها وخاصة السياسية ( الخلافة الإسلامية)، وخارج التاريخ والسياق الإنساني العام، وهذا ما تعلنه هذه الحركات، وتعمل، دؤوباً، ليل نهار، على تحقيقه، وهو جوهر ولب المشروع الأصولي العام ومن تقاليده وتراثه العداء المطلق للحداثة والعصرنة ورفض الأخذ، والاعتراف بمقوماتها وأدواتها، والعودة، كلياً، إلى الوراء بهذه الشعوب والجغرافيات المهلهلة إلى عصور بادت وماتت بكل ما في ذلك من تخلف عن اللحاق بالركب الحضاري الذي يتقدم بسرعة لا متناهية، وهو الوحيد (المشروع الحضاري) القادر على إحياء هذه الشعوب وإبقائها في دائرة المنافسة والحياة. ألم يصرح دونالد رامسفيلد، ذات يوم، وبالفم الملآن، عن عزمه إعادة العراق إلى العصور الحجرية؟ وقد أفلح في هذا، بعض الشيء، بمعية الجماعات الجهادية إياها. وهذا ما يصرح به أيضاً أمراء الجهاد، ولكن تحت يافطة من النوستالجيا الدينية المشبعة بالقداسة والرومانس، بالعودة، طواعية، وجماعياً، إلى زمن وأيام السلف الصالح رعاهم الله حيث تستحيل، وبالمطلق هذه العودة، وإعادة الإنتاج.

المشروع الأصولي الذي يحرص على تبني خطاب وثقافة ومبادئ وقيم أصبحت في حكم التاريخ والموات ولا تتلاءم مع روح العصر، تجعل من يحمل هذا الخطاب قاصراً وعاجزاً ومعزولاً عن كافة تيارات الحداثة والتنوير وتهمشـّه وتجعله غير منسجم مع روح العصر التي تتطلب الديناميكية والمرونة والإبداع، لا الجمود والتحجر والفكري. ومن هنا نرى الدعم الهائل واللا محدود من قبل أمريكا وإسرائيل لهذه المنظمات وتعويمها جماهيرياً وشعبياً وترويج طقوسها وثقافتها، عبر وسائل إعلامية تبدو إيمانية ودعوية وجهادية ومناصرة للحق في مظهرها، لكنها شرق أوسطية في نهجها وتوجهها وأهدافها واستراتيجيتها العامة.

أصبحت الحركات الجهادية والأصولية تشكل الآن جزراً أمنية وطائفية وسياسيية معزولة وشبه مستقلة داخل الأوطان، في لبنان، وفلسطين، والعراق، ومصر، والجزائر واليمن والصومال، وهذا، وكما هو معلوم، ومفهوم، لا يخرج قيد أنملة عن التصورات الشرق أوسطية التجزيئية، بحال، بل يصب في طواحينها في المآل، ويدعم بقوة هذا المشروع الذي انبنى أصلاً على التفتيت والتقسيم والانفلات. والحركات الأصولية حاضن، أيضاً، للاستبداد ومولدة له عبر ثقافتها الإقصائية والشمولية والعنصرية، أحياناً، والتي لا تخدم الحراك الديمقراطي والمشروع الوطني عبر استعدائها المدعـّم إيديولوجياً للمكونات الوطنية الأخرى، وهذا ما يقف حائلاً أمام الطموحات الخجولة للتحول الديمقراطي المأمول الذي يعني ازدهاراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وهذا ما لا تريده، في النهاية، لا أمريكا ولا إسرائيل.

ربما يعتبر ما حصل غزة- ستان اليوم هو النواة للشرق أوسطية، بالانقلاب الفج على المشروع الوطني الذي شطر الوطن الفلسطيني إلى توأمين متنافرين حتى الآن، وهذا ما تدعمه وتقف أمريكا وإسرائيل وراءه بشدة، وإن كانت تدينه علانية، لأنه يعني انهيار الحلم الوطني الفلسطيني نهائياً، وتأسيساً لدول الطوائف الذي ستكون فيه دولة بني إسرائيل "ديكاً"، وسط دجاجات هزيلة جرباء.

والفوضى الخلاقة هي أهم أدوات ودعائم ومرتكزات الشرق أوسطية الجديدة. فحين تحاول هذه الحركات الخروج عن القانون، ورفضها للقوانين المدنية، وإصرارها على المشروع الغيبي والقوانين و الدساتير الشرعية القاصرة، والمشروع الوطني العام والخروج عن الإجماع العام، كما حصل ويحصل في غزة ستان وجبال صعدة الحوثية، ومذابح الجماعة الإسلامية في الجزائر والصومال، والاستعراض العسكري لشباب الإخوان في جامعة الأزهر، وتهم التكفير والتخوين والارتداد، فهي تمهد، عن جهل أو قصد، في إحياء الفوضى الخلاقة وإكمال كافة أضلاعها. كما إن مواقفها المعلنة من المرأة والأقليات والمكونات الاجتماعية والوطنية الأخرى، التي لا تتوافق معها لا في الرأي ولا في المعتقد، يؤسس لنشوء صراعات عنيفة، وينذر باشتعال حروب أهلية ضروس شعواء، تأتي على ما تبقى من هيكل وسياج وكيان وطني. وهذا كله في النهاية يوضع في رصيد المحافظين الجدد وخياراتهم الجهنمية الشرق أوسطية الفوضوية. صحيح أن هذه الحركات تجاهر بخطاب دعوي وناري يدغدغ مخيلة الرعاع، إلا أنه في المحصلة وفي الجانب الآخر، يسعى لتقويض آخر ركائز البناء الوطني وتهديد الأمن الوطني العام، عبر إعطاء الذرائع والمبررات للقوى الدولية لشن حروب تفتقر لأدنى درجات القوة والتوازن العسكري، مما يفضي في النهاية إلى تدمير شامل للبنى التحتية والخدمية، المنهكة أصلاً، وهذا كله مسالك ودروب باتجاه الفوضى الخلاقة الوجه الأكثر قبحاً للشرق أوسطية.

إن شعوباً حية متنورة متحررة من الخرافات والدجل والكراهية والخزعبلات، وتؤمن بالتعايش والاختلاف وتقدس المواطنة، و تأخذ بكل أسباب الحضارة الحديثة ومقوماتها وثقافاتها ودساتيرها، وحدها، هي القادرة على النهوض بالمشروع الوطني العام والحفاظ عليه، وهذا ما ترفضه، بل وتعجز عنه معظم هذه الجماعات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة قطع الكهرباء
- هل تصبح أوروبا مسلمة؟
- المتنبي وأمراء الجهاد الإسلامي
- أطباء بحدود
- حوار نضال نعيسة مع جريدة العرب اليوم الأردنية
- مافيات المعارضة السورية -2
- مافيات المعارضة السورية
- هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
- العرب والمسلمون والحضارة-فوبيا
- معرض السيارات باللاذقية: شم ولا - تدوق-
- لماذا لا يتشبهون بالكفار؟
- شكراً حماس
- الحلاق الليبرالجي
- العلوية ليست سبة أيها النابلسي!!!!
- ولازالت النكسات عامرة بدياركم
- ما هي جريمة القرآنيين؟
- لو كنت قاضياً!!!
- عُلماء الأمّة
- د. أحمد العبادي: وفضائح الديمقراطية العربية
- نهاية عصر الدجل القومي


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - الحركات الجهادية والشرق أوسطية