أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية كنظرية وحركة والاشتراكية كنظام اجتماعي (1)















المزيد.....

الاشتراكية كنظرية وحركة والاشتراكية كنظام اجتماعي (1)


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاشتراكية كنظرية وحركة والاشتراكية كنظام اجتماعي (1)

في الحديث عن الاشتراكية كثيرا ما يجري الخلط بين الاشتراكية كنظرية او كحركة سياسية وبين الاشتراكية كنظام اجتماعي. وفي الواقع هناك فرق كبير بين الاثنين فهما شيئان مختلفان كل الاختلاف. وفي الحديث عن تحقيق الاشتراكية كنظام اجتماعي في الاتحاد السوفييتي يؤدي هذا الخلط احيانا الى الاعتقاد بان الاتحاد السوفييتي لم يحقق نظاما اجتماعيا اشتراكيا وانما كل ما حققه هو راسمالية الدولة بدلا من الراسمالية الفردية.
حين وضع كارل ماركس وانجلز نظريتهما الاشتراكية وجدا حركات كثيرة ونظريات عديدة تطلق على نظرياتها اسم الاشتراكية او تمارسها كحركة سياسية. كالاشتراكية الطوباوية والاشتراكية الحقيقية وغيرها عديد من الاشتراكيات يجد القارئ تعدادا لها في كتاب الايديولوجيا الالمانية لكارل ماركس وانجلز. وبما ان نظرية ماركس الاشتراكية تستند الى العلم كليا وبصورة مطلقة فقد اطلق عليها اسم الاشتراكية العلمية تمييزا لها عن سائر النظريات او الحركات الاشتراكية. وقد ظهرت بعد ماركس وانجلز عشرات النظريات والحركات الاشتراكية. فالاشتراكية الديمقراطية التي كانت اسما للحركات الماركسية في عصر كارل ماركس وانجلز تحولت الى حركات يمينية تحريفية منذ الحرب العالمية الاولى وانحاز كل حزب من احزابها الى برجوازيته في الحرب بحجة الدفاع عن الوطن وايدت جميع هذه الاحزاب قتل جزء من الطبقة العاملة للجزء الاخر تحقيقا للاهداف الامبريالية التي كانت تعمل على اعادة اقتسام العالم الذي تم اقتسامه. وبدلا من وحدة الطبقة العاملة ضد مضطهديها ومستغليها الامبرياليين ضحى الملايين منها في سبيل تحقيق مطامع هؤلاء المستغلين واهدافهم الاستعمارية. ولم يشذ من الاحزاب الاشتراكية عن ذلك بصورة كاملة غير حزب لينين الذي اعلن عن افلاس الاممية الثانية وتحولها الى منظمات تحريفية انتهازية ودعا جميع الثوريين الحقيقيين الى الانفصال عنها وتشكيل احزاب ثورية حقيقية تعمل على التخلص من الانظمة الراسمالية وعلى تحويل الحرب الامبريالية الى حرب تحررية تقوم الطبقة العاملة فيها بالاطاحة بحكوماتها الراسمالية وتحقيق الانظمة الاشتراكية. وقد حققت الطبقة العاملة الروسية بقيادة لينين في ثورة اكتوبر اسقاط النظام الراسمالي في روسيا وتحقيق اول دولة عمالية ظافرة في تاريخ البشرية بعد دولة كومونة باريس التي لم تدم طويلا.
ولم تقتصر الحركات الاشتراكية على الاممية الثانية بل ان العديد من الحركات السياسية اطلقت على نفسها اسم الاشتراكية فحتى النازية اطلقت على نفسها اسم الاشتراكية وكذلك حركة البعث وصدام حسين اطلقت على نفسها اسم الاشتراكية وحركة القذافي والاسد ايضا اطلقوا عليها اسم الاشتراكية وحتى اثيوبيا اعتبرت من المنظومة الاشتراكية بل ان الحزب الشيوعي العراقي اثناء تحالفه مع حكومة البعث الفاشية اعلن ان صدام حسين اعتنق الاشتراكية العلمية كأن الاشتراكية العلمية نظرية تختلف عن النظرية الماركسية واختار طريق التطور اللاراسمالي صوب الاشتراكية. ولكن جميع هذه الاشتراكيات بما فيها الاشتراكية العلمية اي الماركسية هي نظريات او حركات سياسية وليست نظاما اجتماعيا وسياسيا له كيان محدد وتحكمه قوانين طبيعية مختلفة عن القوانين الطبيعية التي تتحكم بالنظام الراسمالي. فهل يوجد نظام اجتماعي اشتراكي وما هي طبيعة هذا النظام ان وجد؟
لدى الحديث عن اركان الماركسية يجري تقسيمها الى ثلاثة اركان هي المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية او ما يصر بعضهم على تسميته القسم الفلسفي، والاقتصاد السياسي والاشتراكية. وركن الاشتراكية كأحد اركان الاشتراكية العلمية اي الماركسية لا يقصد به الركن النظري من الماركسية وانما يقصد به نظام اجتماعي اشتراكي له كل مواصفات المجتمع كما تظهر في الانظمة الاجتماعية السابقة للاشتراكية كالنظام الشيوعي البدائي والنظام الاجتماعي العبودي والنظام الاجتماعي الاقطاعي والنظام الاجتماعي الراسمالي بمرحلتيه، مرحلة الراسمالية التنافسية ومرحلة الراسمالية الامبريالية. وعلى هذا الاساس لم يبق اي معنى لتسمية هذه الاشتراكية بالاشتراكية العلمية. ففي الجانب النظري كان بالامكان تمييز النظريات الى نظريات علمية ونظريات غير علمية اما في النظام الاجتماعي الاشتراكي فلا يمكن ان نتحدث عن نظام اجتماعي اشتراكي علمي ونظام اجتماعي اشتراكي غير علمي. فالتناقض لم يعد في علمية النظام وغير علميته وانما تحول الى طبيعة النظام الاجتماعي، التناقض بين النظم الاجتماعية الطبقية، كالنظام الراسمالي، والمجتمع الشيوعي المتحول، اي المجتمع الاشتراكي. تناقض بين نظامين اجتماعيين مختلفين متناقضين. فهناك اما اشتراكية او راسمالية وليس هناك اشتراكيتان احداهما علمية والاخرى غير علمية.
واول وصف رائع للمجتمع الاشتراكي جاء في كتاب كارل ماركس "نقد برنامج غوتا" كما اقتبسته من الترجمة المنشورة في موقع كارل ماركس في الحوار المتمدن:
"ان ما نواجهه هنا، انما هو مجتمع شيوعي لا كما تطور على اسسه الخاصة بل بالعكس، كما يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي، أي مجتمع لا يزال، من جميع النواحي، الاقتصادية والاخلاقية والفكرية، يحمل سمات المجتمع القديم الذي خرج من احشائه. فالمنتج يتلقى اذن بصورة فردية - بعد جميع الاقتطاعات- ما يوازي تماماً ما قدمه للمجتمع. وما قدمه للمجتمع، انما هو نصيبه الفردي من العمل. مثلا، ان يوم العمل الاجتماعي يمثل مجمل ساعات العمل الفردية ؛ ووقت العمل الفردي الذي بذله كل منتج هو النصيب الذي قدمه من يوم العمل الاجتماعي، هو القسط الذي اسهم به في هذا العمل. وهو يتلقى من المجتمع سنداً يثبت انه قدّم قدراً معيناً من العمل (بعد اقتطاعات العمل المبذول من اجل الصناديق الاجتماعية) وبهذا السند، يأخذ من المخزون الاجتماعي كمية من اشياء الاستهلاك تناسب قدر عمله."
كان كارل ماركس يرد في كتابه على بعض المفاهيم الخاطئة المنحرفة عن الاشتراكية وعن مفاهيم غير ماركسية اعلنها الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني في برنامج غوتا ولكنه في هذا المجال وصف النظام الاجتماعي الاشتراكي اروع وصف. فالنظام الاجتماعي الاشتراكي هو مجتمع شيوعي ولكنه مجتمع شيوعي في بداية تكوينه مبتلى بكل سمات المجتمع الراسمالي الذي نشأ منه. لذا فان هذا المجتمع الشيوعي لا يمكن ان يكون مجتمعا شيوعيا كاملا قبل ان يتخلص من كل سمات المجتمع القديم الذي نشأ منه. فالمجتمع الاشتراكي في عرف كارل ماركس هو مجتمع شيوعي في دور التكوين، اي انه مرحلة انتقالية تقع بين المجتمع الراسمالي والمجتمع الشيوعي الكامل النضوج. مجتمع يحتوي على جزء من المجتمع الشيوعي دائم التطور وعلى سمات من النظام الراسمالي المطاح به الايلة الى الزوال. وكارل ماركس هو الذي بين ان نظام الحكم في هذه المرحلة لابد ويجب ان يكون دكتاتورية البروليتاريا، دكتاتورية تمارس اشد انواع الدكتاتورية ضد الطبقات المستغلة السابقة وتمارس اقصى درجات الديمقراطية بالنسبة للطبقة العاملة وسائر الكادحين. والمهم في هذا الموضوع هو ان الاشتراكية هي مجتمع، اي نظام اجتماعي، انتقالي في طبيعته ينقل المجتمع من سماته الراسمالية الى سماته الشيوعية. وعلى هذا الاساس فان المجتمع الاشتراكي يضم سمات الراسمالية المتبقية من المجتمع الذي نشأ منه وسمات الشيوعية التي يهدف الى تحقيقها طيلة فترة وجوده وان تاريخ المجتمع الاشتراكي وتطوره يتضمن زيادة سمات المجتمع الشيوعي وتناقص سمات المجتمع الراسمالي الى حين بلوغ المرحلة الاخيرة من النظام الاشتراكي باختفاء كافة سمات المجتمع الراسمالي وتكامل سمات المجتمع الشيوعي فيتحول المجتمع من مجتمع اشتراكي الى مجتمع شيوعي. فالمجتمع الاشتراكي اذن هو بطبيعته مجتمع انتقالي مؤقت قد يطول أمده او يقصر حسب الظروف ولكنه يبقى مجتمعا انتقاليا طيلة فترة وجوده ويبقى قائما طالما لم يتحقق بعد التحول التام الى المجتمع الشيوعي. فالمجتمع الاشتراكي يبقى مجتمعا اشتراكيا طالما بقيت فيه بعض سمات المجتمع الراسمالي ولا يتحول الى مجتمع شيوعي الا بعد اختفاء كل سمة من سمات المجتمع الراسمالي. وهذا يعني ان طبيعة النظام الاشتراكي تتضمن طيلة فترة وجوده وجود بقايا بعض السمات الراسمالية وان وجود هذه البقايا من السمات الراسمالية لا ينفي وجود المجتمع الاشتراكي بل يؤكده.
أول سمات المجتمع الشيوعي في تاريخ الاتحاد السوفييتي كان مرسوم الارض الذي كان اول او ثاني قرار اتخذته الحكومة السوفييتية يوم تشكيلها رغم ان موضوع الارض هو من سمات المجتمع الاقطاعي وكان حله من مهام الثورة البرجوازية التي لم تستطع البرجوازية الروسية تحقيقها. فقد اممت الدولة الاشتراكية الفتية الارض وجعلتها ملكا للشعب كله والغت جميع الامتيازات السابقة لبقايا الطبقة الاقطاعية. لم تبق الارض سلعة تباع وتشترى وترهن ويستولي عليها هذا الشخص ام ذاك. اصبح الفلاحون احرارا في استخدام الارض بدون ان يشتروها او يستأجروها ولكنهم لا يستطيعون ان يبيعوها او يرهنوها او يملكوها او يحولوا ملكيتها الى غيرهم. اصبحت الارض وما في باطنها من ثروات ملكا لشعوب الاتحاد السوفييتي كلها ولا يمتلك اي فرد في الاتحاد السوفييتي اي جزء منها. وهذا سمة من سمات المجتمع الشيوعي.
وكانت الخطوة الكبرى في اتجاه تكوين المجتمع الاشتراكي تأميم كافة المشاريع الراسمالية الاجنبية والمحلية الكبرى. فقد اممت الحكومة السوفييتية كل مصنع او معمل او مشروع يستخدم اكثر من خمسين عاملا واستولت الدولة السوفييتية على كامل النظام المالي المصرفي وعلى التجارة الخارجية وعلى المواصلات فاصبح الجزء الاكبر من القطاع الصناعي والمالي والمواصلات ملكا عاما للشعب السوفييتي، ولو ان هذا القطاع كان ضئيلا نظرا الى ان روسيا كانت متخلفة في مجال التطور الراسمالي عن سائر الدول الراسمالية من جهة وكان اقتصادها مدمرا نتيجة الحرب العالمية الاولى من الجهة الثانية. وتأميم المشاريع الصناعية والتجارية والمالية سمة من سمات الاشتراكية او سمات الشيوعية فيما بعد.
ومع ذلك بقيت سمات المجتمع الراسمالي في هذا المجتمع الجديد هي الغالبة. واول هذه السمات الراسمالية التي اقتبسها النظام الاشتراكي هي الدولة وجميع مؤسساتها. ففي النظام الشيوعي لا تبقى ثمة ضرورة لوجود دولة بالمعنى العلمي المعروف للدولة. ولكن النظام الاشتراكي كان مضطرا الى ان يقتبس نظام الدولة من الراسمالية ويكيفه ويغير طابعه لمصلحة النظام الاشتراكي والتقدم نحو النظام الشيوعي.
بعد نجاح الثورة مباشرة وتشكيل الدولة السوفييتية نشأت حرب التدخل التي اشتركت فيها اربع عشرة دولة من الدول التي كانت تحارب بعضها في الحرب العالمية الاولى في الهجوم على الدولة الاشتراكية الفتية للقضاء عليها في مهدها اضافة الى المعارضة الداخلية والجيوش التي جندتها الطبقات المستغلة السابقة لمحاربة الدولة الاشتراكية. فاضطرت هذه الدولة الفتية الفقيرة الى انشاء جيشها الاحمر الذي قام به شعب هذه الدولة بالدفاع عنها واحباط هذا الهجوم الذي دام اكثر من ثلاث سنوات. في هذه الاثناء مارست الدولة ما سمي بشيوعية الحرب حيث كانت الدولة تستولي على فائض الانتاج الزراعي من اجل توفير الغذاء الشحيح للشعب وللجيش. وقد رضي الفلاحون بهذه السياسة لانهم كانوا يعلمون ان اندحار هذه الدولة يؤدي الى عودة الطبقات الاقطاعية والراسمالية لاستعادة السيطرة على الارض واستغلالهم افظع استغلال وما يرافق ذلك من عمليات الانتقام من الفلاحين والعمال لاسنادهم هذه الدولة الجديدة. وبعد انتهاء الحرب اصبحت شيوعية الحرب سياسة غير ملائمة لظروف تطور المجتمع الاشتراكي مما يبعد الفلاحين عن تحالفهم مع العمال في هذه الدولة الفتية. فاتخذت الدولة بقيادة لينين سياسة اقتصادية جديدة فسحت فيها المجال لبعض سمات البرجوازية بالاستمرار والتطور. فسمحت بالتجارة الداخلية الخاصة بين الريف والمدينة وسمحت للفلاحين ببيع الفائض من منتجاتهم في سوق المدينة وسمحت باستمرار البرجوازية الريفية وتطورها الى حد بعيد. كانت هذه السياسة تراجعا واضحا عن سياسية شيوعية الحرب ولكنها كانت سياسة ضرورية وتراجعا مفيدا من اجل مواصلة تقدم المجتمع نحو تحقيق المجتمع الاشتراكي. لقد ابتهج الكثيرون من اعداء الاشتراكية في الداخل والخارج من السياسة الاقتصادية الجديدة واعتبروها تراجعا نحو اعادة النظام الراسمالي ولكن لينين اوضح ان هذا التراجع كان خطوة هامة من اجل بدء الهجوم مجددا على بقايا السمات البرجوازية المتبقية في المجتمع. وهذا ما حصل في الاتحاد السوفييتي. فقد دامت السياسة الاقتصادية الجديدة عدة سنوات تحولت بعدها الى الهجوم على بقايا المجتمع الراسمالي واهمها الزراعة البرجوازية التي كانت تمارسها البرجوازية الريفية المسماة طبقة الكولاك. وبالقضاء على طبقة الكولاك كطبقة اصبح المجتمع السوفييتي مجتمعا اشتراكيا حقيقيا. لم تبق في الاتحاد السوفييتي بقايا من الطبقات الراسمالية او الاقطاعية قادرة على العمل وعلى استغلال الطبقة العاملة او الفلاحين علنا وقانونيا كما كان الحال قبل القضاء على الكولاك كطبقة. وهذا من اهم سمات المجتمع الاشتراكي.
ولكن المجتمع الاشتراكي يظل يعاني من سمات النظام الراسمالي السابق طوال مدة بقائه مجتمعا اشتراكيا. الا ان هذه السمات تختفي تدريجيا كلما تقدم النظام الاجتماعي الاشتراكي من تحقيق النظام الاجتماعي الشيوعي. ومن هذه السمات وجود التبادل السلعي والنقود والاجور. وسبب بقاء هذه السمات الراسمالية في المجتمع الاشتراكي هو عدم بلوغ انتاج المواد الاستهلاكية المباشرة المستوى المطلوب في المجتمع الشيوعي. فلم يصبح بعد في مقدور المجتمع الاشتراكي تقديم السلع الاستهلاكية الى كل حسب حاجته. فكان من الضروري استخدام وسيلة لتنظيم توزيع المواد الاستهلاكية ولم تجد الدولة السوفييتية افضل من استخدام الشكل الراسمالي السابق، النقود والاجور والتبادل السلعي في نطاق المواد الاستهلاكية والانتاج الزراعي والتبادل بين الريف والمدينة. ولكن طبيعة هذه السمات الراسمالية تغيرت تغيرا تاما واصبحت وسائل تخدم المجتمع الاشتراكي. فالنقود فقدت جميع وظائفها في المجتمع الراسمالي عدا وظيفة تنظيم التبادل السلعي لمواد الاستهلاك في المجتمع الاشتراكي ووظيفة النقود كعملة دولية تدار بها التجارة الخارجية مع دول العالم الراسمالي. ولم تعد النقود مثلا تشكل راسمالا يستطيع مالكه ان يشتري به قوة عمل العامل وان يستغله للحصول على فائض القيمة منه. وكمية النقود التي يحتاجها المجتمع الاشتراكي من اجل ذلك محدودة جدا بالكميات التي يحتاجها تسيير التبادل السلعي. والانتاج السلعي في المجتمع الاشتراكي مقصور على المواد الاستهلاكية والمواد الزراعية التي تنتجها المزارع التعاونية وتبيعها الى الددولة للاستهلاك وللصناعة في المدينة وهو لا يشكل الا جزءا ضئيلا من مجموع الانتاج الاجتماعي وهو يتضاءل باستمرار مع تطور الانتاج واتساع الانتاج غير السلعي بالقياس الى الانتاج السلعي. وفي الحقيقة تشكل النقود والاجور " سنداً يثبت انه قدّم قدراً معيناً من العمل (بعد اقتطاعات العمل المبذول من اجل الصناديق الاجتماعية)" الذي اشار اليه كارل ماركس في نقد برنامج غوتا. فعمل المجتمع الاشتراكي هو يوم عمل اجتماعي يشكل عمل كل عامل فيه جزءا من يوم العمل الاجتماعي ويتلقى لقاء عمله شهادة بمقدار ما قدمه للمجتمع. ولكن انتاج العامل يتألف من جزئين العمل المبذول من اجل الصناديق الاجتماعية اي من اجل زيادة الانتاج الاجتماعي للمجتمع الاشتراكي المتقدم نحو الشيوعية والجزء الذي يخصص لنيل المواد الاستهلاكية المباشرة التي يحتاجها العامل. واختفى مفهوم العمل الضروري والعمل الفائض الذي كان اساس الانتاج الراسمالي في النظام الراسمالي. وهذا هو تحقيق الشعار الاشتراكي من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله. كان من الممكن ان يستعاض عن النقود في هذه الحالة ببطاقة تمنح للعامل ويستطيع استخدامها للنيل من المجتمع ما يساوي الجزء من المواد الاستهلاكية الذي تمثله هذه البطاقة ولكن المجتمع الاشتراكي وجد ان النقود هي افضل شكل من اشكال تحقيق هذه البطاقة.
ان تطور المجتمع الاشتراكي الى مجتمع شيوعي متعدد الجوانب ولا يقتصر على الجانب الاقتصادي. واهم الجوانب الاخرى مهمة رفع المستوى الفكري او ما يسمى القضاء على التفاوت بين العمل اليدوي والعمل الفكري. وهناك جوانب اخلاقية مثل القضاء على الدعارة وظاهرة التسول والاستجداء وظاهرة الزواجات الراسمالية التي لم تكن تتعدى كونها صفقات تجارية او الزواجات القسرية التي كانت تمارسها العوائل في المجتمع الراسمالي. وهناك مهمة القضاء على التفاوت بين العمل الصناعي والعمل الزراعي او التناقض بين الصناعة والزراعة. وهناك القضاء على وجود المراتب المتوسطة التي تشكل مزرعة دائمة لانتاج الراسمالية وهناك مهمة تحويل المزارع التعاونية الى مزارع دولة وهناك مهمة تقليص العمل الاداري الروتيني او ما يسمى بالبروقراطية والمهام كثيرة ومتعددة الجوانب يطول بحثها مما لا يمكن بحثه مفصلا في مقال كهذا. وهذه امور لا يمكن تحقيقها عن طريق ممارسة الدكتاتورية بل ينبغي تحقيقها عن طريق اوسع انواع الديمقراطية التي لا يحلم بمثلها النظام الراسمالي. ولكن ما اريد التحدث عنه في الجزء التالي من المقال هو الفرق بين راسمالية الدولة وبين الملكية الاشتراكية وما اذا كان ما حققته الدولة السوفييتية كان راسمالية دولة ام ملكية اشتراكية.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع سعاد خيري في محنتها
- وأد ثورة تموز في مهدها
- شكرا اخي احمد على تعقيبك
- ترك الحزب الشيوعي المنحرف ام العمل على استعادته؟
- الماركسية المتجددة الحلقة الثانية
- الماركسية المتجددة والديالكتيك المتجدد
- المصالحة في عرف بوشتشيني
- تفاوتات الثروة في المجتمعات الراسمالية
- يهود العراق سابقا وحاليا
- علاقة حزب الطبقة العاملة بالنقابات والمنظمات الاجتماعية
- غناء واناشيد السجون
- الى الاخ عارف معروف
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي الحلقة الثالثة - المنظمات ...
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي
- حول مقال دحام التكريتي
- المنظمة النسائية وانتماؤها السياسي - الحلقة الاولى -النقابة
- المصالحة الطبقية ظاهرة تاريخية
- حول دراسة الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي
- اكتشاف قانون الحركة في ظرف معين
- هل نستطيع تكييف الماركسية لتلائم مجتمعاتنا الشرقية؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية كنظرية وحركة والاشتراكية كنظام اجتماعي (1)