أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فواز فرحان - تركيا بين العلمانيه والاسلام السياسي..















المزيد.....

تركيا بين العلمانيه والاسلام السياسي..


فواز فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعتبر العلمانيه احدى الركائز الاساسيه التي قامت عليها الدوله التركيه الحديثه منذ انشاءها عام 1923 ورغم ان هذا النظام لم يظهر الى السطح نتيجة صراع طبقي او جدال سياسي معين في داخل الدوله لكنه استطاع الاستمرار والبقاء لحد هذه اللحظه لفترة تفوق السبعة عقود, فقد جاءت العلمانيه الى تركيا كأيدلوجيا مفروضه على نمط الحياة التركيه بعد انهاء الحكم العثماني الذي حكم البلاد ما يقارب الستة قرون ونصف وهي فترة ليست بالقليله من ناحية حجم التأثيرات الفكريه والعاطفيه والسياسيه ومجالات اخرى عديده على الشعوب الخاضعة لسيطرتها, وعمليه فرض العلمانيه على المجتمع بالطريقه التي جاء بها اتاتورك لا شك انها تشكل تحديا خطيرا يكون من الصعب التنبؤ بحجم النجاح الذي يحققه اذا ما حدث في دوله اخرى لاسيما وانها الحاله المتمثله بالعلاج لمشاكل المجتمع بالصدمه , وربما لا خلاف على ان ما حققه اتاتورك للدوله التي نقلها من مجتمع تسوده العلاقات الاقطاعيه والافكار المغرقه في الظلام يشكل نجاحا بغض النظر عن السلبيات الاخرى التي رافقت عمليه اعادة بناء الدوله على اسس جديده كطريقه تعامله مع القضيه الكرديه او طريقه تعاطيه مع المشكله الارمنيه التي قادت الى ابادة مئات الالاف منهم في تلك الفترة من بدايات حكمه..
لقد نقل النظام العلماني تركيا الى مرحله حضاريه متقدمه اذا ما قورنت بالحاله التي كان المجتمع يعيشها في العهد العثماني واخذت الدوله لها هويه جديده تختلف عن الهويه الدينيه التي ميزتها طوال حكم العثمانيون وتقوم هذه الهويه على اسس قوميه تجسد حاله الاعتزاز عند الاتراك بالعيش على الارض التركيه وبالمقومات الجديده للهويه وحدثت نقله نوعيه في مختلف مجالات الحياة بعد تغيير الاحرف الابجديه العربيه الى اللاتينيه والغاء الشريعه الاسلاميه في مارس من عام 1924 وحظر ارتداء الملابس العثمانيه والاخرى العربيه وغيرها ابدالها بالقبعات الحديثه انتهاءا بقطاع التعليم الذي اعاد كتابه تاريخ تركيا بطريقه مختلفه تماما عن السابق واعتبار العثمانيه فترة مظلمه في التاريخ التركي , ومنذ ذلك الحين لا تزال العلمانيه التي تحميها المؤسسه العسكريه عاجزه عن بسط سيطرتها على كل افراد المجتمع وتواجه اية محاوله تمسها بالقمع والترهيب وهي طريقه ولدت تراكمات نفسيه خطيرة ادت الى اعادة انبعاث الفكر الاسلامي من جديد في المجتمع وعلى اسس جديده ربما تراع مخاطر الاصطدام بالمؤسسه العسكريه على الاقل في المدى المنظور كي تتمكن من بسط سيطرتها على المجتمع واخذه الى الضفه التي من شأنها اعادة رد الاعتبار للتاريخ العثماني من جهه والشريعه الاسلاميه من جهه اخرى , ولعبت الاحداث السياسيه والاقتصاديه في البلاد دورا اساسيا في اعادة النظر الى المفاهيم السائده في الحياة السياسيه للمجتمع لا سيما بعد انتهاء الحرب البارده التي كانت تركيا تلعب فيه دورا لا بأس به من خلال انضمامها للحلف الاطلسي واستقبالها لقاعده انجرليك على اراضيها لتمثل احد اطراف التوازن في المعادله السائده في الشرق الاوسط طوال حقبة تلك الحرب , لكن اليوم وبعد نهاية الحرب البارده فقدت تركيا تلك النظرة القائمه على اساس التحالف من قبل العالم الغربي كما انها بدأت تشعر بتقلص دورها الاقليمي وذهابه بأتجاه دول اخرى في المنطقه واخذت تدرك تدريجيا حجمها بالنسبه لاوربا التي فضلت الكثير من الدول الشرقيه التي كانت تعاديها في السابق على تركيا في مسأله الانضمام الى الاتحاد الاوربي وكذلك في علاقتها مع واشنطن التي راحت تتجاهل الدور التركي وحساسيته في المنطقه وتقترب شيئا فشئ من اعداء تركيا في المنطقه وتعقد التحالفات معهم وهذه العوامل حركت عند الاتراك مشاعر الغبن والنفور في نفس الوقت من الطريقه التي يتعامل بها الغرب معهم ومع دولتهم التي ساندت المشاريع الغربيه طوال مرحله الحرب بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي واستطاعت في هذه الاثناء الاحزاب الاسلاميه الاستفادة من هذه المتناقضات وجعلتها تصب في خانة برامجها السياسيه وشعاراتها بطريقه جعلتها تكسب ود الناخب التركي وتغير قناعاته رغم انها تسير في عمليات الاصلاح التي تطلبها اوربا منهم وهي مدركه انها لن تنال العضويه الاوربيه حتى وان ذهبت الى ابعد حد في المفاوضات لانها ستقف عند حد معين يشكل خطا احمرا للكثير من الاتراك وهي التاريخ فاوربا الموحده لا تستطيع اعتبار التاريخ العثماني فتوحات ومرحله مضيئه بل تعتبرها غزوات همجيه نالت من الشعوب الاوربيه وادخلتها في حروب كثيرة ابادة الملايين وفي نفس الوقت لن يسمح الاتراك بان يدرس تاريخهم في مدارسهم على انه غزوات همجيه وبالتالي لن يسمحوا بان تكون الهويه الاوربيه هويه بديله لتاريخهم لا سيما وان هناك فئات واسعه لا تزال غير مقتنعه بالعلمانيه كأساس في نظام الحكم المتبع لديهم..
وفوق ذلك التغييرات التي تحدث من حولهم في العالم الاسلامي التي تتجه نحو بناء معسكر يعارض الهيمنه الامريكيه والغربيه على مقدرات العالم وبالتالي لا يريد الاتراك ان يذهب تاريخهم باتجاه يعارض العالم الاسلامي ويعاديه طالما ان الغرب يضع الكثير من العقبات امامهم للاقتراب منهم, كما انهم لا يرغبوا ان تذهب قيادة العالم الاسلامي لكل من ايران او السعوديه في الوقت الذي تتوفر لديهم القدرة الاقتصاديه والسياسيه والبشريه لتأدية هذا الدور ويدعمهم في ذلك تاريخ الدوله العثمانيه الطويل والذي تعتبره بعض الدول العربيه كالمغرب العربي عهد فتوحات ونهضه,كما ان هناك اكثر من دوله متنفذه في العالم تحاول اقناع الاتراك بضرورة تبوء مركز قيادي في النظام العالمي الجديد كروسيا والصين اللتان تحاولان اخراج الاتراك من الاحضان الغربيه وضمهم الى العالم الاسلامي كخطوة اولى لابعاد النفوذ الغربي من هذه المنطقه ودق اسفين في العلاقه بين تركيا والولايات المتحده وهو ما يقترب تدريجيا من الحدوث فروسيا تريد بناء علاقات ستراتيجيه جديده مع الاتراك واثبتت لهم ذلك من خلال تخليها عن اكثر الاوراق المؤثره في المعادله وهي زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان اما الولايات المتحده واوربا فلم يقدموا دليلا واحدا على حرصهم على ابقاء العلاقه مع تركيا على شكلها السابق كحليف بل العكس فالولايات المتحده عقدت تحالفات مع الد اعداء تركيا في المنطقه وهم اكراد العراق واوربا تحاول في كل يوم اثارة قضايا حساسه تهدد الدوله التركيه فيها كقضية الارمن والنظام القضائي التركي والكثير من العقبات في الوقت الذي كانت هذه الدول تثني على هذه الجوانب في تركيا اثناء الحرب البارده..
والاتراك ادركوا الان اكثر من اي وقت مضى الازدواجيه التي تسيطر على السياسه الغربيه في التعامل معهم اما الروس فلا يرغبوا في التدخل في الشأن السياسي التركي الا من زاويه اقناعهم بضرورة الاستفادة من تاريخهم وكذلك من العمق الاستراتيجي الذي وفرته الظروف لهم باستقلال جمهوريات اسيا الوسطى التي تتحث معظمها اللغه التركيه او احدى لهجاتها فاوراق تركيا في تعاملها مع الغرب اقوى بكثير من تلك التي تمتلكها اوربا والولايات المتحده لذلك لا تجد الاحزاب الاسلاميه في تركيا ضرورة في الخضوع الاعمى لمطالب الاتحاد الاوربي, ففي الوقت الذي تعتلي فيه اسبانيا على سبيل المثال رئاسة الاتحاد الاوربي تطالب تركيا بضرورة اعطاء الاقليه الكرديه حقوقها في الوقت الذي تنتهك اسبانيا حقوق الشعب في اقليم الباسك ولا تعترف بها ,وفي الوقت الذي تطالب فيه بريطانيا الاتراك بتصحيح نظامهم القضائي ومراعاة حقوق الاقليات يشوب النظام القضائي البريطاني الفساد والرشوة ويتم تجاهل مطالب الايرلنديين في بريطانيا وقضيه الرشوة في الاسلحه البريطانيه للسعوديه وايقاف الاجراءات القضائيه بحقها لاتزال على صفحات وسائل الاعلام,وكذلك تطالب فرنسا الاتراك بالاعتراف بمجازر الارمن وابادتهم في الوقت الذي ترفض فرنسا نفسها الاعتراف بمجازرها في الجزائر والتي ادت الى ابادة اكثر من مليون انسان ومجازرها في اماكن اخرى من العالم هذه الازدواجيه في التعامل مع تركيا ولدت شعورا شعبيا معاديا للانضمام الى اوربا , ان حزب العداله والتنميه يرغب في الذهاب الى ابعد حد تستطيع به تركيا في المفاوضات وهو مدرك حتميه فشل هذه المفاوضات عند موضوع التاريخ والهويه..والاتراك امام خيارين كما يريد حزب العداله والتنميه ابراز ذلك يأما ان تكون تركيا دوله اوربيه يعامل شعبها كأقليه في اطار الاتحاد الاوربي على اساس انها الدوله المسلمه الوحيده في الاتحاد او ان تكون تركيا دوله اسلاميه مؤثرة في محيطها وتمتلك شخصيه مستقله فالفرق يبدو واضحا للاتراك ان تكون طرفا وضيعا وضعيفا في المعادله او ان تكون قطبا مؤثرا فيها ولا يشك احد في ان الاتراك سيختاروا الطريق الثاني..
ان العلمانيه في تركيا لا يمكنها الصمود طويلا امام التحديات التي تفرزها المرحله طالما انها لا تنطلق من اساس وطني بقدر انطلاقها من تبعيتها للعسكر الذين فرضوا على تركيا لمنع سيطرة الاسلاميين واليساريين على الحكم في هذه الدوله ويحموا المصالح الغربيه فيها ,والاحداث الدوليه التي تحرك العالم اليوم لا بد وانها تدفع بالسفينه التركيه باتجاه الخلاص من حكم العسكر والاستفادة من الموقع الذي تمتلكه بلادهم لاعادة رسم السياسه التركيه على اسس جديده تجعل من وزنها مؤثرا وفاعلا يتجه تدريجيا للتخلص من التبعيه للغرب الرأسمالي ويحاول ايجاد موطئ قدم له بين عالم الدول الصاعده الكبرى ولن يتحقق ذلك دون اعادة رسم السياسه التركيه وفق اساس يبتعد في مضمونه عن الطاعه للولايات المتحده والغرب الاوربي والاقتراب من محيطه بوجه جديد..



#فواز_فرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحد الادنى من مطالب العمال..
- قانون النفط...ونقابات العمال
- حرب العراق...والتحولات المرتقبه
- حكم دكتاتوري عسكري..
- ألاصوليه العلمانيه...
- العنف...والمؤسسات التعليميه
- المواطنه المتفوقه..والدستور العلماني
- حرب الافكار...والمشروع الامريكي للشرق الاوسط
- المجتمع المدني..واسس الديمقراطيه
- الدولة..والطفوله المعذبه
- علامات انهيار مرتقب....
- العنصريه...في اوربا المتحضرة
- العمل الصحفي..والسلطه السياسيه
- النازحون من جحيم الحرب ..
- الانذار الاخير ...
- أضراب عمل نفط الجنوب..والشرارة التي لا بد منها
- الطفوله...وعالم السياسه
- رؤيه عراقيه...للهزيمه الامريكيه
- العلمانيه.. والاحزاب السياسيه
- المرأه...والصراع مع الذات


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فواز فرحان - تركيا بين العلمانيه والاسلام السياسي..