أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في القامة السامقة للسوسيولوجيا العراقية-1















المزيد.....

في القامة السامقة للسوسيولوجيا العراقية-1


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1983 - 2007 / 7 / 21 - 08:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


احتفاءً بالأستاذ الكبير الدكتور متعب مناف
(1)
هل يمكن، ولو قليلاً، إبعاد صفة نكران الجميل عن العراقيين، الذين يوصفون بها غالباً، ذلك أنهم متهمون بأنهم لا يكرمّون الأحياء من مبدعيهم، أو علمائهم، وأن مطرب الحي (العراقي) أبداً لا يطرب.
هكذا كان حال مفكرين مثل علي الوردي وجواد علي ونوري جعفر ومصطفى جواد وآخرين غيرهم، وشعراء وأدباء مثل السياب والبياتي وفرمان وغيرهم الكثير، ورسامين مثل جواد سليم وفائق حسن والدروبي والجادر ومطربين مثل الغزالي وغيره من النخب التي صنعت الوجه الحضاري والثقافي للعراق، والذين لم يحاول أحد تكريمهم في حياتهم، فماتوا والحسرة تملأ قلوبهم.... وكم هناك من مبدعي وعلماء العراق الكبار يشكون إهمال الدولة والمجتمع اليوم، ونسيان جهودهم الكبيرة التي بذلوها من اجل المجتمع وللمساهمة في بناء العراق وحضارته.
إن تكريم المبدع في حياته، لا شك يمنحه الشعور بالرضا عن جهوده، لكن وقبل ذلك يعطيه انطباعاً بأن هناك من يقدر جهوده التي بذل، وسيبذل، وهذا غاية ما يتمناه أي مبدع كما أظن.
لذا وجب التقدم بالشكر للقائمين على مركز (مدارك) للدراسات والبحوث الذين قاموا بالخطوة الأولى في هذا الشأن، وذلك عبر احتفائهم في أصبوحة بغدادية جميلة يوم الأربعاء 18 يوليو 2007 بالقامة السامقة في السوسيولوجيا (علم الاجتماع) والفكر والثقافة العراقية أستاذنا الكبير (د. متعب مناف)، وذلك في قاعة المقر العام لاتحاد الأدباء في العراق، نبارك الجهود الطيبة للمركز وإدارته، ونخص بالذكر منهم هنا الرائع سعدون محسن ضمد.... ونتمنى أن تحذو مؤسسات الدولة والقائمين حذو المركز في الاحتفاء ببناة العراق وحضارته.
أما بضاعتي المزجاة هذه... فهي مقدمة لأستاذي د. متعب مناف أولاً... وأيضاً للأصدقاء في مركز مدارك... استمراراً للجهود النبيلة في الاحتفاء بالمبدعين العراقيين... العراقيين.
اتفاقاً يمكننا القول أن الأستاذ د. متعب مناف يشكل أحد الثقاة في السوسيولوجيا العراقية، الذين حاربتهم الدكتاتورية بتوجهاتها، أما بعد زوال الدكتاتورية، فلم ينل ما يستحق من تكريم ومكانة اجتماعية يشيران إلى مقدار جهوده المخلصة في بناء السوسيولوجيا، بل والثقافة عموماً على المستوى الأكاديمي في العراق. لكن قبل ذلك ما هي السوسيولوجيا ؟ وما هي مهمات الباحثين فيها ؟
- إن أول تعريفاتها، وأكثرها غموضاً هي أنها علم دراسة المجتمع. فلا شك أن (المجتمع) مفهوم غامض بحدِّ ذاته، فنحن نتعامل بوعيٍ مع جماعات صغيرة (عائلة – أصدقاء– وما إلى ذلك) أو جماعات كبيرة (أثنية- دينية – طائفية)، أو مجتمعات محلية واضحة المعالم (حضرية أو ريفية، بسيطة أو معقدة.. وما إلى ذلك)، فما هو هذا المجتمع الذي نتحدث عنه، إذ سيبقى المفهوم واسعاً وغير قابلاً للتحديد بهذه السهولة.
وإذا ما سلمنا بالتعريف السابق للسوسيولوجيا، فيمكن القول أن فهم منطق الوقائع الاجتماعية يظل هاجس هذا العلم، مثلما أن فهم التحولات المجتمعية لا يكون متاحاً إلا بواسطته، فمقترب الفهم يفيد في تحديد مشكلات الاجتماع الإنساني وهمومه وطموحاته الكبرى. وهذا يضعنا أمام الأدوار المهمة التي يمكن أن تقدمها الرؤية السوسيولوجية للمجتمع.
فدور السوسيولوجيا المفترض هو اكتشاف (الاجتماعي)، أي التمكّن من معرفة منطق العلاقات والأدوار والمؤسسات الاجتماعية، وإضفاء معنى منطقي على حركاتها وسكناتها. وكما علمنا دوركهايم في قواعد المنهج، فإن هذا الاجتماعي لا يمكن تفسيره إلا بالاجتماعي( ).
لذا فإن من أكثر مهمات المشتغلين بالبحث السوسيولوجي أهمية هي محاولة بلورة استيعابهم لهذا (الاجتماعي) عبر إثارة الأسئلة الفاعلة، تلك الأسئلة المسكوت عنها باستمرار. لذا لا يمكن تصور معرفة سوسيولوجية أصيلة ما لم تكن منشغلة بالفهم الذي يربك ويفكك ويقطع أولاً وأخيراً مع الأحكام العامة. فالسوسيولوجيا تجعلنا نتأمل الظواهر والتحولات الاجتماعية بعين نقدية خالصة.
وبناءً عليه لا يمكننا تصور أطروحات الدكتور متعب من غير هذه الرؤية، ولكنني قبل أن أتحدث هنا عن متعب مناف أستاذ السوسيولوجيا العملاق، سأتحدث عن متعب مناف الإنسان... والذي يفيض محبة وإخلاصاً للعراق وأهله، محاولاً في هذه العجالة عرض التقاطات ثلاثة، إذ تبدو الرؤية الأبستمولوجية متعثرة بدون الإحاطة بجوانب الموقف الاجتماعي بقدر ما يمكن من الشمول.

الأول: في سيرته التي أعرف
كنت أسمع عنه منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي.. من طلابه... أساتذتي في البكالوريوس، لكنني لم ألتقه إلا في منذ منتصف التسعينات، أيام الحصار العميق، إذ حظيت آنذاك بشرف أن أكون أحد طلبته... فتعلمت على يديه في سنتي التحضيرية للماجستير أن أنظر للسوسيولوجيا بشكلٍ مختلف... فهي وكما كان يؤكد دوماً مصدر وعي مغاير للمشتغلين بها.
وتعرفون حتماً أن العرب من كتاب السير يشيرون وهم يتحدثون عن سيرة أحدهم بأنه درس على يد فلان وفلان... ونعرف أن فلاناً وفلاناً الآخر ليسوا جميع من قاموا بتدريسه، لكنهم الأكثر تأثيراً في صنع شخصيته وتوجهاته، ويبدو أستاذنا وشيخنا الجليل د. متعب أحد هؤلاء العلماء الذين يصنعون شخصيات الأفراد ويصوغون توجهاتهم.
وللذين لم يتعلموا على يد د. متعب من زملائي أقول، أنني وبعد سنوات في التدريس الأكاديمي لم أزل أطمح أن أصل إلى مقدارٍ بسيط من رفعة محاضرة هذا الرجل وقدراته الخلاقة في الاستحواذ على انتباه الطلبة، فهو يتمتع بشخصية ساحرة، وبشباب دافق، فأظنه لم يتصور نفسه يوماً شيخاً عاجزاً، كما هو حال معظم العراقيون الآن (وهو كما أؤكد دائماً أكثرنا دأباً ونشاطاً برغم عقوده السبعة).
أما طريقة طرحه لقناعاته العلمية الآسرة، التي لم يحاول يوماً فرضها على أحد، وربما كان لدراسته الدكتوراه في الولايات المتحدة (جامعة سيراكوز بالتحديد) دورها في التوجه الديمقراطي لإدارة قاعة المحاضرات... فلم يُسمَعْ منه أنه قد نهر يوماً طالباً لأنه أبدى رأياً مخالفاً في موضوع المحاضرة، بل إنه كان دوماً يؤكد احترامه لقناعات الآخرين وآراءهم ما دامت لا تصادر حرية الآخرين... فلم يكن عنيفاً حتى في جداله النظري كمعارضٍ للفكر الواحد المتزمت والمنهجية الجامدة، فقد كان مسالماً، ليس بالمعنى الخضوعي، وإنما بالمعنى الإنساني، مثلما رفض مراراً الاستسلام للانغلاق الشائع على المستوى الأكاديمي، فلم يكتب دراساته وأوراقه العلمية لزملائه وطلبته فقط، بل كتبها لكل من يحمل وعياً من العراقيين يود به نهضة هذا الوطن ومجتمعه.
ظل دوماً حازماً ودقيقاً وأميناً في الشأن العلمي، فلم يُعرف عنه يوماً تهاونه مع هذه القضية، إذ لم يهادن أو يتزلف، برغم صعوبة الظروف التي يعيش... وفي هذا الشأن يمكننا ذكر واقعتين تدللان على ذلك، ففي أواسط الستينات من القرن الماضي، تمت مصادرة نسخ كتابه الأول (ثورة على القيم) كما يعرف بعضكم، بينما كان بإمكانه لو تراجع عما كتبه فيه، على بساطته، الحصول على ترقية علمية ومالية كبيرة بمقاييس تلك السنوات.
أما في التسعينات، فقد ظل وهو ابن الستين (فهو من مواليد عام 1931) يأتي لعمله في الجامعة، صيفاً وشتاءً، في الباص البغدادي ذي الطابقين... وفي معظم الأحيان كنت أشهده يرتدي قبعته المميزة التي يحتمي بها شمس العراق اللاهبة، هكذا يعلمنا أن الأشخاص بمقدار مواقفهم في لحظات الشدة... فيما كان اللصوص والانتهازيون يركبون سيارات المكيفة، ويعيشون حياة مترفة، ثمناً لتهاونهم.. أو لأشياء باعوها ولا يمكن استعادتها أبداً.
الهوامش
(1)عبد الرحيم العطري: الحاجة إلى السؤال السوسيولوجي، موقع مجلة دروب، 9 أبريل 2006، http://www.doroob.com/?p=7151.



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في السؤال السوسيولوجي للهوية-2
- في السؤال السوسيولوجي للهوية-1
- إشكالية السلطة - 2
- إشكالية السلطة - 1
- اللوحة الفنية ... رؤية سوسيولوجية
- الديمقراطية في العراق... أسطرة المفهوم -1
- الديمقراطية في العراق... أسطرة المفهوم -2
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية-6
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 5
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 4
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية -3
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية -2
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية-1
- انتهاك حقوق الطفل في العراق... واختلال البنية المجتمعية -الج ...
- انتهاك حقوق الطفل في العراق... واختلال البنية المجتمعية - 3
- انتهاك حقوق الطفل في العراق... واختلال البنية المجتمعية -2
- انتهاك حقوق الطفل في العراق... واختلال البنية المجتمعية - 1
- أيتها الفيحاء... نحن لازلنا بالانتظار
- بأي حالٍ عدت يا... ؟
- مسارات جديدة... لنا


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في القامة السامقة للسوسيولوجيا العراقية-1