غازي الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 1982 - 2007 / 7 / 20 - 05:25
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يقع (لآل مسجد) الشهير أو المسجد الأحمر المستمد اسمه من القرميد المستخدم في بنائه وسط العاصمة إسلام آباد قرب مقر جهاز الاستخبارات الباكستانية (آي أس آي) المثير للجدل، لان عملياته يكتنفها الكثير من الغموض، لكونه ساعد على تدريب وتمويل المجاهدين، ويقال إن عددا من العاملين بال(آي أس آي) يذهبون إلى هذا المسجد للصلاة.
. كما انه من المساجد المفضلة لنخبة المدينة منذ إنشائه ، بمن فيهم رؤساء الوزراء وقادة الجيش ورؤساء البلاد. حتى قيل أن الرئيس الباكستاني ، الجنرال ضياء الحق، كان مقربا جدا من الرئيس السابق للمسجد الأحمر( مولانا عبد الله) الذي اشتهر بخطبه عن الجهاد خلال الثمانينات لحث المسلمين على مواجهة الغزو السوفييتي لأفغانستان حيث كانت دعوة الجهاد صيحة مقبولة في العالم الإسلامي آنذاك. ومنذ ذلك الحين أصبح المسجد الأحمر موضع اهتمام كبير.وكان يضم الآف الطلاب والطالبات في المدارس الإسلامية الملحقة به. وقد اغتيل (مولانا عبد الله ) في المسجد في أواخر التسعينات، بعد ذلك أصبح المجمع بأسره تحت إدارة ابنيه، مولانا (عبد العزيز وعبد الرشيد غازي) اللذان سارا على نهج والدهما. وكان الجهاد آنذاك جزءا من السياسة المسموح بها في باكستان. ولكن منذ بدأت الحرب التي قادتها الإدارة الأمريكية على العنف إثر هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 أصبح المسجد الأحمر و(جمعية حفصة) المرتبطة بالمسجد ينفيان أية صلة لهما بالتنظيمات التي باتت محظورة . ولكن المسجد الأحمر والجمعية الإسلامية (جمعية حفصة) لم تفتئا تحثان بشدة على الجهاد ضد أمريكا فضلا عن إدانة الرئيس مشرف جهارا بعد إعلان دعمه للحرب الأمريكية ، وتصاعدت الدعوات في خطب المسجد لاغتياله. وإزاء ذلك شعر الجنرال مشرف بالقلق تجاه المسجد الأحمر وقادته وأمر مرارا باتخاذ إجراءات ضدهم. وكانت قد اندلعت صدامات في 23 يونيو/ حزيران عندما واجه شبان يحملون العصي شرطيين يطوقون المنطقة ، إذ ينتشر مئات من عناصر قوات الأمن في محيط المسجد منذ خطف سبعة صينيين (ست نساء ورجل) على أيدي بعض طلبة المسجد في أسلام أباد.
وعندما جاء يوم الثلاثاء 3-7- 2007 حدثت مواجهات بين قوى الأمن والطلبة في العاصمة الباكستانية (إسلام أباد) أسفرت عن مقتل جنديين باكستانيين و10 من طلبة "المسجد الأحمر" وجرح 400 آخرين فيما وجه إسلاميون من داخل المسجد المحاصر نداء لأنصارهم عبر مكبر للصوت للبدء بشن هجمات مسلحة.
وفي يوم الجمعة 6-7-2007 أطلق مسلحون النار على طائرة الرئيس الباكستاني برويز مشرف وهي تقلع . وكان رجل الدين الموجود داخل المسجد عبد الرشيد غازي في وقت متأخر من ليلة الاثنين 9 تموز 2007 انه وأتباع حركته يرغبون في الاستسلام لكنه وضع شروطا منها توفير ممر آمن. وفي يوم الثلاثاء 10 تموز 2007 تطورت الأحداث في المسجد وفي المنطقة المحيطة به حيث أحكمت المئات من قوات الجيش والشرطة حصارا حول المجمع الذي يضم المسجد والمدرسة ، وقطعت إمدادات الماء والغاز والكهرباء واندلعت اشتباكات خارج المسجد أدت إلى مقتل 19 على الأقل . وقد نقلت الوكالات الإخبارية عن متحدث باسم وزارة الداخلية الباكستانية الثلاثاء 10-7-2007 أن زعيم المتمردين في المسجد الأحمر عبد الرشيد غازي قد قتل برصاص ناشطين حين حاول الاستسلام للقوات الباكستانية التي اقتحمت المسجد وقتلت نحو 56 شخصا. فيما ذكر متحدث آخر هو جواد إقبال شيما أن عبد الرشيد قتل بينما كان الجنود يبحثون عن الطلبة المحتمين بمدرسة خاصة بالنساء وسط الموقع، وأضاف : "وجدوه في القبو وطالبوه بالخروج لكنه ظهر مع أربعة مسلحين أو خمسة بادروا بإطلاق النار على قوات الأمن مما دفعها إلى الرد وكان الجيش الباكستاني قد شن عملية فجر الثلاثاء لاقتحام المسجد وأسفرت المعارك عن مقتل 50 مسلحا واستسلام 50 آخرين للقوات الحكومية. كما قتل في الهجوم ثمانية من الجنود الباكستانيين، وبعد أن اقتحم الجيش المسجد، قضى اليوم كله ينتقل من غرفة إلى أخرى وسط المجمع الضخم بينما استمر القتال مع الطلبة المحتمين داخله.
تجدر الإشارة إلى أن بعض التقارير غير الرسمية تشير إلى أن 200 شخص قتلوا وأصيب عدد كبير بجروح في العملية إلا أن المتحدث باسم الجيش رفض هذه الأرقام. وقال متحدث عسكري باكستاني الأربعاء 11-7-2007 إن قوات الأمن الباكستانية استكملت تأمين المسجد الأحمر الذي كان أصوليون يسيطرون عليه في العاصمة الباكستانية إسلام أباد وقضت على آخر جيوب المقاومة في المجمع الكبير. فيما ألقي القبض على الشقيق الأكبر لعبد الرشيد غازي ويدعى عبد العزيز يوم الأربعاء 11تموز 2007 وهو يحاول الهرب متخفيا في نقاب امرأة، وطلب عبد العزيز في وقت لاحق من أتباعه الاستسلام . وقد دفع اندلاع كثيف لإطلاق النار الجمعة 13 تموز 2007 عددا من الآباء الذين سمح لهم بالدخول إلى المسجد إلى إخراج الأبناء.وأطلق المحاصرون النار في وقت لاحق على آباء آخرين لدى اقترابهم من المسجد مما أدى إلى إصابة شخص. وخرج حتى الآن 1200 طالب، وقال عبد العزيز انه مازال يوجد نحو 850 طالبا داخل المسجد . وكان عبد الرشيد غازي ، وهو المسئول الثاني في المسجد والزعيم الوحيد الذي ظل متحصنا فيه بعد اعتقال شقيقه قد قال: "أفضل الموت على أن استسلم وتعتقلني الحكومة".وقال "ما زال هناك 1800 طالب داخل المسجد. اكرر أننا لن نستسلم وعلى الحكومة أن تؤمن لنا معبرا آمنا وسنعود إلى مناطقنا الأصلية". وقال "قتل نحو 70 طالبا منذ أن بدأت الحكومة عمليتها قبل خمسة أيام" موضحا أن بين القتلى ثلاثون امرأة....هذه هي باختصار قصة المسجد الأحمر وهذه هي نتيجة الإصرار على المواقف غير المرنة التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء وترك الوسائل السلمية التي يقرها العقل والمنطق والشرع الإلهي لحل مثل هذه الأزمات فاستحق المسجد الاسم بجدارة ليس بسبب القرميد الأحمر الذي استخدم في بناءه فحسب بل للدماء الغزيرة التي أريقت و صبغت كل شيء فيه باللون الأحمر .
#غازي_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟