أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - طريقان تفضيان إلى مزيد من الكوارث!















المزيد.....

طريقان تفضيان إلى مزيد من الكوارث!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1980 - 2007 / 7 / 18 - 11:22
المحور: القضية الفلسطينية
    



ثمة ثلاثة أنماط من المصالح الفلسطينية "الواقعية"، على أن نفهم "الواقعية" في تناقض معناها، فليس كل ما هو "واقعي"، من المصالح، يمكن ويجب أن يكون "إيجابيا"، بحسب مقياس المصلحة القومية العليا للشعب الفلسطيني. النمط الأوَّل يشمل المصالح العامَّة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تختلف لأسباب موضوعية، في المقام الأوَّل، عن المصالح العامَّة للشعب الفلسطيني "في الخارج".

والنمط الثاني يشمل مصالح شخصية وفئوية ضيِّقة أسَّست لـ "واقع المهزلة" الذي تتوفَّر على صنعه وترسيخه وإدامته القيادات القائلة، عن وهم يستبد بتفكيرها السياسي، أو عن رغبة في بث ونشر الوهم بين العامَّة من الفلسطينيين، بأنَّ الأخذ بخيار "الحل عَبْر التفاوض السياسي (مع إسرائيل)" هو، في وحدانيته، "الخلاص الأبدي"، أو ما يشبه "الخلاص في المسيحية".

والنمط الثالث يشمل مصالح شخصية وفئوية ضيِّقة أسَّست لـ "واقع المأساة" الذي تتوفَّر على صنعه وترسيخه وإدامته القيادات القائلة، عن وهو يستبد بتفكيرها السياسي، أو عن رغبة في بث ونشر الوهم بين العامَّة من الفلسطينيين، بأنَّ الأخذ بخيار "الحل عَبْر المقاومة بالحديد والنار.. والقنابل البشرية"، هو، في وحدانيته، "الخلاص الأبدي".

ممثِّلو كلا الخيارين ظلوا في تعايش إلى أن استحال استمراره، فأضافوا إلى "انفصالهم السياسي"، الذي هو، أيضا، انفصالٌ لـ "السياسة" عن "الواقع"، "انفصالا جغرافيا"، فغدت الضفة الغربية مسرحا لمهزلة الخيار الأوَّل، وغدا قطاع غزة مسرحا لمأساة الخيار الثاني.

الناظِر إلى "القطاع" من موقعه في "الضفة" يراه مسرحا للمأساة التي جاء بها، ويجيء، مَنْ ظلَّ على التزامه مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الأساليب والوسائل العسكرية غير المجدية، عسكريا وسياسيا، والتي يتحكَّم في نتائجها وعواقبها ميزان قوى ترجح فيه الكفَّة الإسرائيلية رجحانا شبه مطلق على الكفة الفلسطينية. يراه كذلك، فيظن أو يتوهَّم أنَّ الصواب، كل الصواب، في خياره هو.

والناظِر إلى "الضفة" من موقعه في "القطاع" يراها مسرحا للمهزلة التي يصنعها كل من له مصلحة تَحْمِله على أن يعلَّل النفس بوهم أنَّ "التفاوض السياسي" يُمْكِنه في حدِّ ذاته أن يَجْعَل ضعفه قوَّة، وقوَّة إسرائيل ضعفا. يراها كذلك، فيظن أو يتوهَّم أنَّ الصواب، كل الصواب، في خياره هو.

والشعب، في معاناته الشاملة، يَنْظُر إلى خشبتي المسرحين هنا وهناك، فيتوهَّم، أيضا، أنَّه، ولأسباب مُسْتَغْلَقة، ما عاد يملك من القيادة غير صنفها هذا أو ذاك، مُفَسِّرا بؤس النتائج التي أفضى إليها كلا الخيارين على أنَّها ثمرة بؤس الصنفين القياديين. ونحن لو أمعنا النظر لبان لنا وتأكَّد أنَّ "أزمة" الخيارين، والتي أنتجتها، وتستمر في إنتاجها، أسباب موضوعية، في المقام الأوَّل، هي التي تخلق، وتعيد خلق، قيادات فلسطينية على مثالها، أي بما يضيف إلى أسبابها الموضوعية مزيدا من الأسباب الذاتية.

"السيئ" ليس هو خيار "الحل عَبْر التفاوض السياسي" وإنَّما "الواقع الموضوعي" لهذا الخيار، فـ "الحل"، الذي تَعْظُم، في استمرار، قدرة إسرائيل على فرضه، هو الذي يمعن تغييرا في "المفاوِض الفلسطيني" بما يجعله يُفاوِض توصُّلا إليه. و"السيئ" ليس هو خيار "الحل عَبْر المقاومة المسلَّحة" وإنَّما "الواقع الموضوعي" لهذا الخيار، فالتضاؤل المستمر والمتزايد في قدرة الفلسطينيين على أن يفرضوا بـ "الحديد والنار.." الحل الذي يريدون هو الذي يمعن تغييرا في "المقاوِم الفلسطيني" بما يجعله يَحْمِل السلاح ويستخدمه بما يؤسِّس لواقع فلسطيني جديد، يشبه مقبرة يُدْفَن فيها ما بقي من حقوق قومية للشعب الفلسطيني.

في قطاع غزة، الذي تحكمه، الآن، وتتحكَّم فيه، مصالح شخصية وفئوية ضيِّقة زيَّنت لأصحابها، من أمثال الزهار والجعبري وصيام، فصل المحرَّر وَهْماً عن المحتل واقعاً، لم نرَ غير المأساة عاقبة لخيارهم الذي ظلَّ فيه من الوهم ما يكفي لمزيد من المأساة. وفي الضفة الغربية، شرعنا نرى من التهيئة السياسية (وغير السياسية) ما يمكن أن يتمخَّض عن حلول، ضحيَّتها الأولى والكبرى المصالح العامَّة للشعب الفلسطيني وحقوقه القومية في جوهرها.

كلا الخيارين (مع أصحابهما وممثِّليهما) في أزمة (جاءها "حزيران الأسود" بمزيد من الأسباب الذاتية لتفاقمها). والوهم الذي شرع يقود الآن إنَّما هو وهم أنَّ مِنَ الأزمتين (في اجتماعهما وتفاعلهما) يمكن ابتناء حلٍّ جيِّد للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني، وكأنَّ إسرائيل يمكنها أن تعطي، بعد "حزيران الأسود"، ما أبَت أن تعطيه قبله!

إنَّ "السياسة" التي تقود هنا وهناك هي التي يشتد لدى أصحابها المَيْل إلى مزيد من الانفصال عن "الواقع"، أي عن العالم الواقعي للسياسة، وعن المصالح العامَّة للشعب، وكأنَّ السياسة التي لهم مصلحة حقيقية فيها هي عِلْم وفن الإبقاء على ما استنبتوه لهم من مصالح شخصية وفئوية ضيِّقة ولو جاء الإبقاء عليها بما لا يبقي على شيء من المصالح العامَّة للشعب الفلسطيني، التي لو نطقت لقالت: هذا "السلام" لن ينزل بردا وسلاما على الشعب الفلسطيني وقضيته القومية، وهذه "المقاومة" أفْقََدَت الشعب الفلسطيني ما بقي لديه من قدرة على الاستمرار في المقاومة. أمَّا لو أصبحت للسانها يدٌ لاستخدمتها في اقتلاع "القيادة" من تربة المصالح الشخصية والفئوية الضيِّقة (التي نمت وازدهرت في "مناخ السلام"، الذي ازدهرت فيه الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، ثمَّ في "مناخ النصر الانتخابي") لتعيد غرسها في تربتها.

في "القطاع"، رأيْنا "التحرير الثاني" يضيف إلى "التحرير الأوَّل" مزيدا من المأساة التي تفوق أضعافا مضاعفةً مأساة الاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشِر من قبل. ويطيب لتجَّار الوهم من ساسة وإعلاميين أن يُصوِّروا اشتداد المعاناة الإنسانية لأهله على أنَّه التضحية التي لا بد منها توصُّلا إلى "التحرير" و"الاستقلال"، مع أنَّ دماً أقل، ودمارا أقل، كان ممكنا أن يثمرا "تحريرا أكثر" و"استقلالا أكثر" لو كان للفلسطينيين قيادة تَعْرِف كيف تَجْعَل كل قطرة دم فلسطينية مثمرة سياسيا.

وفي "الضفة"، لا يَظْهَر لنا في "نهاية النفق" إلا "السلام" الذي فيه، وبه، يستمر ويبقى كثير من الاحتلال الإسرائيلي، وكأنَّ "الدولة الفلسطينية ذات السيادة الإسرائيلية" هي التي قد تقوم لها قائمة في نهاية "محادثات الأفق السياسي"!

وربَّما نسمع عمَّا قريب أنْ ليس في الإمكان أحسن ممَّا كان.. بعد، وبسبب، كارثة "التحرير الثاني"، فكلا الطرفين لن يتورَّع عن إظهار الثمار المرَّة لسياسته على أنَّها عاقبة من عواقب سياسة الآخر، وكأنَّ له مصلحة في أن يتَّخِذ الآخر مِشجباً للسيئ من نتائج سياسته.

من أجل "التحرير" و"الاستقلال" كان السلاح مع حَمَلَتِه ومستخدميه، فإذا به يخلق واقعا يتغيَّر فيه الهدف، فيغدو سلاحا للاقتتال، أو للحماية الشخصية لحامليه ومستخدميه، فإذا ضُمِنَت لهم، سياسيا، تخلُّوا عنه؛ ولكن في طريقة كان يجب ألا تكون، فتوقيع تعهُّدٍ (شخصي) مكتوب، تُلبَّى فيه شروط "عفو إسرائيلي"، كان يجب ألا يكون خيارا أو حلا، فالتزام وقف الأعمال العسكرية ليس بـ "القرار الشخصي"؛ وتلك الأعمال كان يجب ألا تُصوَّر على أنَّها "أعمال شخصية". هذا الالتزام كان ينبغي له أن يكون متبادلا، متزامنا، وأن يجيء بوصفه جزءا من اتِّفاق سياسي بين الطرفين، أي بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية. أمَّا إذا تعذَّر التوصُّل إلى اتِّفاق كهذا فإنَّ السلطة هي التي كان ينبغي لها أن تأمر بتنفيذ هذا الذي نُفِّذ (تسليم السلاح ووقف الأعمال العسكرية) مُلْزِمةً إسرائيل، بالتالي، التوقُّف عن كل عمل عسكري يمكن أن يُفْسِد سعيها، أي سعي السلطة، إلى إظهار وتأكيد سيادتها الأمنية والعسكرية.

"التحرير الثاني" رأيْناه على خير وجه في معبر رفح حيث الأزمة الإنسانية لنحو ستة آلاف فلسطيني تتفاقم، ورأيْنا بعضا من عواقبه في الضفة الغربية في هذا الحل الأسوأ لمشكلة 180 فلسطينيا "مطاردا"، فهل بقي بعد ذلك من حاجة إلى إثبات أنَّ الفلسطينيين قد حان لهم أن يدلُّوا قيادتهم إلى الطريقين: طريق "المقاومة المُجْدية" وطريق "التفاوض السياسي المُجْدي"؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعداء العقل!
- عشية -الانفجار الكبير-!
- كيف يُفَكِّرون؟!
- بعضٌ من المآخِذ على نظرية -الانفجار العظيم- Big Bang
- ما ينبغي لنا أن نراه في مأساتهم!
- ما وراء أكمة -الإسلام هو الحل-!
- البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!
- هذا الفقر القيادي المدقع!
- -روابط القرى-.. هل تعود بحلَّة جديدة؟!
- خيارٌ وُلِد من موت الخيارين!
- -الأسوأ- الذي لم يَقَع بعد!
- وَقْفَة فلسطينية مع الذات!
- هذا -الكنز الاستراتيجي- الإسرائيلي!
- -رغبة بوش- و-فرصة اولمرت-!
- تحدِّي -الضفة- وتحدِّي -القطاع-!
- بعضٌ من ملامح المستقبل القريب
- هذا -النصر- اللعين!
- ثنائية -الإيمان- و-الإلحاد-.. نشوءاً وتطوُّراً
- -التقسيم الثاني- لفلسطين!
- -حماس- خانت شعبها!


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - طريقان تفضيان إلى مزيد من الكوارث!