فؤاد منير خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1979 - 2007 / 7 / 17 - 10:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الأسابيع القليلة الماضية كنت في سورياالحبيبه في زيارة عمل رسمية بالإضافة إلى زيارة الأهل. من شدة الحر ومن حبي الكبير للبحر الغادر الهدار وسحر ماءه الأزرق السماوي, كنت أذهب في أوقات الفراغ إليه وإلى المناطق المحيطة به أيضا. في يوم أربعاء منذ أسبوعين كنت أجلس مع أحد الأصدقاء نتناول غداءنا على شرفة مطعم شعبي بين أشجار البرتقال والليمون وإذا بصوت الرعد يشق السماء وكأنه يحاول زحزحة فارس عن صهوة الأرض التي أثقل كاهلها الحر والحرمان. تعجبت من قدوم الرعد في الشهر السادس من السنة وهو شهر النار والحرارة العالية التي تذيب كل غيمة تحاول أن تعكر صفو سماءها. لاحظ صديقي أن الصوت أثار انتباهي فقال لي مبتسما ابتسامة الحزن المرتسمة على شفاه الشك والحرمان بأن هذه الأصوات هي أصوات القنابل التي تنخر الجبال والأرض كما ينخر السوس قلب كل شيء قابل للحياة. تفاجأت وقلت له بأن يقول هذه النكتة لشخص غيري, فأنا متأكد كل التأكد بأن قنابل الحرية التي تدق عنق السماء وتشق الأرض وينابيعها في العراق لتنثر بذور الديمقراطية وفردوسها المفقود هي قديمة, وبعيدة بعد أمتنا عن الحضارة, والحق, والصدق واحترام الآخر, فكيف لنا أن نسمع أصواتا تكاد لاتظهر إلا في منام أصم لايستطيع سماع شيء. ضحك صديقي من جانبه وقال لي بأن لاأحاول أن أقنعه بعدم معرفتي أن القصف والضرب هو من حكومة السنيوره. فقلت متعجبا وهل أتى وقت الرد على العدوان الغاشم الذي هدم لبنان وأعاده عشرات السنين إلى الوراء وقلت في قرارة نفسي بأن دموع السنيوره لن تذهب هدرا فهاهو الأن يري العدو بأنه ليس بأقل من حزب الله الباسل في الرد والتكتيك والمناورة الحربيه! قال لي صديقي بأن لاأذهب بخيالي بعيدا فهذه هي حرب على مخيم النهر البارد الفلسطيني في لبنان!
لاأخفيكم القول بأنني صدمت وكدت لاأصدق ماأسمع أو بالأحرى لم أرد أن أسمع ماهو قابل للتصديق في بلاد فقدت كل بذرة ضمير وأخلاق وإنسانية. وطبعا لم أفكر بالموضوع كثيرا لأنكم وكما تعرفون فإن كل من يعيش في بلادنا حتى لو كان لزيارة بسيطة للعمل أم الإستجمام, فأول شيء عليه فعله هو أن ينسى كل شيء, حتى كونه إنسان, وعليه أن يناضل حتى يمضي يومه والأيام القادمه لأن مشاكل الحياة وقلة الحيله تحتاج لكل وقته, والصم والبكم من شروط الحياة الخالية من مشاكل إضافية المرء بغنى عنها.
المهم وبعد عودتي إلى بلاد الكفر والضلال مكان إقامتي الدائمه في ألمانيا لم أستطع نسيان الصور التي كنت أراها على قناة الجزيرة والمنار وغيرهما من قنوات لاترى فيهم إلا أن فلان قتل فلان, وبعث الإسلام قطع رأس الصحفي الفلاني, ونصر الإسلام هدم كنيسة, وروح الإسلام فجر باصا وآية الله استقبل هبل لتعزيز حوار الأديان, والشيخ الفلاني أباح دم المسلمين للغزاة وإلى ماهنالك من مآس لاتدل إلا على أمة متخلفة منكوبة قطع أوصالها الحقد والإستبداد.
اليوم وبينما كنت أتمشى في سوق السبت, وكما يقال عنه في سوريا سوق النسوان, للتفرج على البشر بمختلف ألوانهم وجنسياتهم وأطيافهم كاختلاف بضائعهم وملابسهم, سمعت أحد الأشخاص يطلق الأيمان المغلظه حول سعر سلعة ما يريد بيعها لآخر من أبناء عمومته, والكل يعلم بأن المسلمين فقط هم من يرمونك بوابل من الأيمان حتى لو كان الموضوع لاتزيد قيمته على عدة سينتات ومبدئي هو أن كل من يقسم كثيرا يكذب كثيرا. وما أثار انتباهي هو الشاب اللطيف الأنيق الذي يريد الشراء لأنه كان يقول للبائع أرجوك لاتقسم فأنا أصدقك مادمت قد أقسمت بالله. في هذه الأثناء لاحظ كل منهما وجودي وابتسامتي فوضعاني محكما بينهما من أجل السعر, وعلى عكس من يحكمنا في بلادنا دون خبرة أو دراية أو معرفة بالإختصاص والمكان الذي يمثله ويعمل به فقد أخبرت كلا منهما بأنني لست اختصاصي موزاييك ولاشطرنج ولكنني إذا أردت شراء هذه القطعة لنفسي فلن أدفع للبائع أكثر من ثلثي الثمن الذي طلبه وذلك لأن شعوبنا العربيه والإسلاميه تعودت على المكاسرة في البيع والشراء فترى البائع يطلب ضعف الثمن حتى إذا قام المشتري بتنزيل هذا الثمن حتى النصف بقي للبائع الربح الذي يريده, طبعا هذا كله بعد مئات الأيمان كما ذكرنا وبعد أن يشهد الله ورسوله على صدق هذا البائع الأمين.
بعد هذه الحادثه وعلى غير عادتي ومبدئي ـ فأنا لاأحب العلاقات مع الأهل والأشقاء في الغربه ـ تدرجت مع الشاب الأنيق وإذا به فلسطينى من مواليد مخيم النهر البارد موضوع النكبة التي نتحدث عنها, فقلت له إجيت والله جابك تعال حدثني عن الوضع هناك, فأنا متأكد من أن أهلك وأصدقاءك يخبرونك على الهاتف بالوضع. طبعا أنا أردت سماع الأخبار منه لأقارنها مع ماسمعت ومارأيت وما حللت (علما أن تحليلي للأمور المعقدة في بلادنا لايختلف عن خطط النهوض الإقتصادي التي لم تستطع أن تتعرف على أبسط ماهيات وشروط الإرتقاء بالإقتصاد حتى لو كان على مستوى قرية نائية في جبل أصم). بعد حديث مطول معه ونتيجة سماع ورؤية واستقراء وبحكم عملي في مجال القانون قررت أن تكون الأحداث التي سأسردها على شكل ادعاء وهذا هو أقل حق للشعب الفلسطيني المنكوب المظلوم المحروم كغيره من الشعوب العربيه والفارق الوحيد الكبير هو أن هذا الشعب الصابر الذي أذاقوه الويلات والمر لايعيش على أرضه التي هي له بكل شرائع الأرض والسماء إذا كانت هناك عدالة وأخلاق وضمير.
دعوى جزائية مدنية أخلاقية إنسانية مقامه أمام كل صاحب ضمير وأمام كل محكمة تعرف ماهو العدل وتحكم به
المدعي: كل إنسان عربي حر عموما والشعب الفلسطينى خصوصا وعلى رأسهم مسرح الأحداث فلسطينيوا مخيم النهر البارد بالإضافة للشعب اللبناني الحرالذي تستخدمه السلطه اللبنانيه كطعم لقنابل الحقد والعدوان والتخاذل والعماله.
المدعى عليهم: الغرب بجانبه الإستعماري ومن يمثله بالإضافة إلى الدول والمملكات العربية الخائنه مفجرة الأحداث وأدواتهم العميله الرذيله من الحريري الإبن إلى السنيوره وفلتة زمانه وليد بيك.
موضوع الدعوى: قتل عمد عن سبق إصرار وتهجير من هجرة إلى هجره ومن مكان إلى مكان بالإضافة إلى زرع بذور الفتنه والإقتتال الإقليمي والطائفي لصالح جهات أجنبية ومحلية مستفيدة من العمالة وإراقة الدماء.
الطلبات: وقف فوري غير مشروط للإعتداء على الشعب الفلسطيني في كل أنحاء الشرق الأوسط وليس فقط في مخيم النهر البارد, بالإضافة إلى تعويض عادل وشامل على كل ماأصابهم من أذى مادي أو معنوي ووقف المتاجره بقضية فلسطين وأهل فلسطين وأطفال فلسطين وحجارة فلسطين من قبل الحكومات العربيه والدوليه دون استثناء بالإضافة إلى مطالب أخرى تظهر عند فتح التحقيقات في الدعوى هذه.
في الوقائع:
1. مخيم عين الحلوه: منذ حوالي الستتة أسابيع قام أشخاص من جماعة جند الشام في المخيم الوارد ذكره بقتل جنديين من الجيش اللبناني في اشتباكات دامت أكثر من ساعتين وقد انسحب الجيش اللبناني خلالها. مع أنه كان هناك مسوغ لضرب المخيم بالهاون والقذائف الثقيله إلا أن السنيوره أمر بوقف الإشتباكات والإنسحاب. إن عدم ضرب مخيم عين الحلوه رغم وجود مسوغ قانوني وشرعي كان باعتقادنا للأسباب التاليه على سبيل المثال لا الحصر:
ـ مخيم عين الحلوه بجانب صيدا بل متداخل مع بيوتها وسكانها وضرب المخيم يعني بدء تدمير جزء من مدينة آل الحريري وصحبهم فهم يملكون أكثر من نصفها على الأقل.
ـ فلسطينيوا مخيم عين الحلوه مسلحين بشكل جيد وهذا المخيم من أقوى المخيمات الفلسطينيه في الساحة اللبنانية بل العربية.
ـ اتفقت حكومة السنيوره بعد استشارة مملكة العماله بأن تحل جماعة جند الشام نفسها وتندمج مع عصبة الأنصار لقاء مغريات مالية وغير ماليه على أن تقوم هذه الجماعات بتهدئة الوضع في المخيمات لدى ضرب مخيم ا لنهر البارد.
2. مخيم نهر البارد: هو من أضعف المخيمات الفلسطينية على الإطلاق من ناحية التسلح ومن أقرب المخيمات الفلسطينيه في لبنان إلى سوريا وبعيد عن الأماكن التي يعيش فيها اللبنانيون.
منذ عدة أشهر وفي إطار مشروع الحكومه اللبنانيه بالبحث عن أي مشكلة وأمر يخدم قضاياها المصلحية وقضايا من تعمل لهم على كافة الأصعدة بإدخال سوريا في موقع الإتهام بأنها تقوم بمساندة جماعات فلسطينيه متطرفه غير حماس وغير مساندتها لحزب الله اللبناني المقاوم, قامت المخابرات اللبنانيه بأمر من السنيوره بالسماح لأكثر من مئتين وخمسين مسلحا تدربوا في الممالك المجاوره بالدخول إلى مخيم النهر البارد وذلك بعد أن تدرب هؤلاء الأشخاص على المناورات وقتال الشوارع وذلك لمهمة الصدام مع الجيش اللبناني وإعطاءه المسوغ لدك مخيم النهر البارد وقتل العزل والنساء والأطفال والشيوخ وتشريدهم وتهجيرهم واتهام سوريا بأنها وراء هذه الجماعة المتطرفة الأصولية.
المرتزقه في الجيش اللبناني لم يكتفوا ـ بناء على ضوء أخضر من حكومة الحريري الإبن ـ بقتل وتشريد السكان الآمنين, بل قاموا بأكثر من ستين حادثة اغتصاب داخل المخيمات وخارجها بالإضافة إلى الضرب المبرح والإيذاء المقصود لمدنيين عزل أرادوا مغادرة المخيم بالإضافة إلى بعض عمليات القتل على الهويات.
إن الوحشية التي أظهرتها الحكومه وأظهرها مرتزقة الجيش اللبناني لاتقل عن وحشية الصهاينة في قتل الفلسطينيين داخل فلسطين مع فارق وهو أن الصهاينه كانوا يقتلون ويسمحون لسيارات الإسعاف بنقل الموتى والجرحى أما حكومة سنيوره بيك فلم تسمح لابنقل موتى ولا جرحى.
إن طريقة هجوم الجيش اللبناني تدل على أنه تدرب جيدا لمثل هكذا أزمات مفتعلة مختلقة وياليتهم تمرنوا على كيفية صد العدوان الغاشم على لبنان وياليت رئيس حكومتهم الذي سالت دموعه أنهارا تحركت فيه مشاعر الإنسانية التي هو بعيد عنها كل البعد مع مرتزقته وعمالته. في السنة الماضية عندما رأيت دموع التماسيح على وجهه اللئيم ظننت أنه يبكي على لبنان وعلى شعب لبنان وإذا به يبكي على نصر حزب الله الذي اعترف به العدو قبل الصديق, والحاقد قبل المحب.
مع أن الجيش اللبناني كان يعلم في بداية الرمي بالقذائف بأن هذه الجماعة متواجده على أطراف المخيم إلا أنه بدأ بضرب الوسط حتى قام بتهجير قسم كبير من الفلسطينيين وبعدها خلت الساحة لهؤلاء المتطرفون المدربون على الغدر والقتل وخدمة كل من يريد شرا بالمقاومة ومن يقف بجانبها للدخول إلى وسط المخيم لأن أهالي المخيم ضد هذه الجماعة.
خرج بعض سكان مخيم النهر البارد الذين هجروا إلى مخيم البداوي في مظاهرة سلمية استغلتها الحكومه السنيوريه وقام مرتزقة الجيش بطعن اثنين بسكين حتى الموت أو حربة البندقية والمشهد كان لايختلف عن شيخ الإسلام الزرقاوي الذي كان يذبح البشر كشياه في العراق, حتى إذا لاقي الحور العين في الجنة حدثهم عن مغامراته بدل من أن تكون سهرتهم مملة.
من هذه الوقائع التي يشهد عليها الله والإنسان اسمحوا لي أن أكمل الطلبات إلى مايلي:
ـ على الرغم من موقفنا وتحفظاتنا حول الأوضاع في سوريا من ناحية وضع المواطنين ومعاناتهم إلا أننا لم ولن ننكر موقف سوريا الصامد رئيسا وشعبا بوجه المؤامرات التي تحاك للنيل من سوريا ومواقفها المشرفه مع حركات التحرر العربيه ولاننكر بأن سوريا لها الدور الأهم والأكبر للسلام في المنطقه والرئيس السوري زاد من أهمية هذا الدور عندما أثبت للعالم أجمع بأن القضايا العادله والمصيريه لارهان عليها ولاتنازل عنها ولامجال للعمالة عليها. طبعا هنا سيأتي المحللون النفسيون ويقولون بأنني من كتاب النظام أو المخابرات وأرد بأنني لم ولن أكون يوما من أبواق لانظام ولامعارضة تذهب إلى مغتصبي الأرض والعرض وتفاوضهم على أرض مقابل حفنة من دولارات.
بناء على ماذكر أعلاه فعلى سوريا شعبا ورئيسا الإنضمام إلى قائمة الإدعاء ضد السنيوره وأبو سكسوكه وعمالتهم وأرباب نعمتهم.
ـ على الشعب اللبناني أن يتحرك ويقوم بتغيير لهذه الحكومة المهزلة فلبنان عودنا على وجود عقول وقلوب وأحرار وأشراف ودهاقنة سياسة غير الأولاد وأتباعهم ممن يعبدون الدولار.
ـ على كل الحكومات العربيه وبدون استثناء أن ترفع يدها عن قضية فلسطين لأن القدس أطهر من أياديهم الوسخه وقلوبهم القذره التي كادت تودي بالقضية وشعبها. إن الشعب الفلسطيني بهذه الظروف الحالكه أقدر على حل مشاكله من تدخلاتكم التي لاتهدف إلا إلى إضعاف القضية الفلسطينية وصهرها في السراب.
ـ على كل العملاء أن يعلموا بأن فلسطين ستبقى قائمه والشعب الفلسطيني سيبقى على قيد الحياة حتى قيام الساعه لذلك لن يجعل العالم يعيش بسلام ولن تقر عين المستعمر حتى يعود الشعب الفلسطينى إلى أرضه ولاحل بدون ذلك, إلا إذا تخلى أحدهم شخصيا دون ضغط أو إكراه عن هذا الحق ولاأظن بأن فلسطينيا مات وهو يحلم بالعودة إلى فلسطين مستعد لهذا التنازل تحت أي ظرف كان.
وأخيرا على العالم الحر الشريف النزيه الإنساني أن يقف إلى جانب كل قضية عادلة وعلى رأسها القضيه الفلسطينيه حتى ينعم ونحن بسلام وأمان.
#فؤاد_منير_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
