أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ثروتنا البشرية.. إلى أين؟















المزيد.....

ثروتنا البشرية.. إلى أين؟


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 10:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحم الله زمنا "كانت" سمعة عمالنا تليق بمصر

"ظل" العنصر البشري زمنا طويلا أحد المزايا التنافسية في الاقتصاد المصري، و"كانت" العمالة المصرية الماهرة منخفضة التكلفة تلاقي إقبالا هائلا من الراغبين في الاستثمار داخل مصر و خارجها. ومازال معظمنا يذكر كيف كان من بين أهم ما سعى إليه الاستعمار التركي لبلادنا هو إرسال العمال والصناع المهرة المصريين إلى الآستانة لدعم حركة النهوض الاقتصادي القوي هناك. ويعرف الجميع الدور التاريخي الذي قامت به العمالة المصرية في بناء معظم المجتمعات العربية الشقيقة منذ الستينيات من القرن الماضي وحتى الآن.
غير أن "كان" ـ كما نعلم ـ فعل يدل على الماضي. أما في الحاضر، فيبدو أن هذه الميزة التنافسية تشهد منحنى خطرا للهبوط منذ فترة؛ حيث صارت عبارة "صعوبة العثور على العمالة الماهرة" في مصر، تتردد على ألسنة الخبراء والمستثمرين الأجانب ، بل والمحليين. وبدأنا نلاحظ لجوء دول شقيقة إلى الاستغناء عن العمال المصريين وإحلال آسيويين محلهم. بل أن بعض الشركات الأجنبية في مصر بدأت تلجأ لهذا الأسلوب، بينما يعاني ملايين الشباب المصري من البطالة. ومع تضاؤل فرص العمل في الدخل أمام الشباب، لا تنتهي محاولاتهم للسفر من أجل تدبير لقمة عيش ، لم يعد يهم الكثيرين أن تكون كريمة، وإنما يكفي أن تكون لقمة عيش فقط، ومن أي طريق. حتى أن المصريين الذين اشتهروا طويلا بالتعلق بالوطن والنفور من فكرة الغربة، بات الكثيرون منهم لا يبالي بالأهوال في سبيل الفرار من وطن لا يوفر له هذه اللقمة، فصرنا نسمع عن العشرات الذين يخاطرون بالهجرة غير القانونية، خاصة إلى الدول الأوروبية التي مازال بها فرص عمل للعمالة غير الماهرة، فيقع بعضهم في براثن عصابات التجارة في البشر، مما يعرضهم للعمل بالسخرة أو الدعارة، وربما يتعرض بعضهم للموت غرقا أو اختناقا خلال رحلة الهجرة غير القانوني، كما تطالعنا أخبار الحوادث من حين لآخر بأمثلة عن هذه الحالات.


البطاقة الزرقاء
وتؤكد تقارير المراقبين، أن الطلب على العمالة الأجنبية سيتزايد في عدد كبير من البلاد المتقدمة لان تركيبتها السكانية تضم أعدادا كبيرة من المتقدمين في السن، ويوجد فيها تناقص في الشرائح العمرية في سن العمل وفي الوقت نفسه هناك نقص واضح في مجالات معينة مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات الطبية، والفرق الكبير بين مستوى الأجور وفرص العمل في هذه الدول النامية يشجع أبناء الأخيرة على الهجرة إليها، وهناك بالفعل العديد من الدول التي غيرت والتي بصدد تغيير قوانين الهجرة لكي تسهل دخول العمالة الأجنبية الماهرة عادة بصفة مؤقتة. فقد أعدت المفوضية الأوروبية مقترحات جديدة من أجل وضع استراتيجية أوروبية موحدة لإدارة ملف الهجرة، بشقيه الشرعي وغير الشرعي، في كافة أنحاء الاتحاد الأوروبي، وهناك اقتراح يقضي بمنح بطاقة أوروبية زرقاء (بلو كارد)، للأيدي العاملة المؤهلة وأصحاب الكفاءات المقيمين على أراضي الاتحاد من رعايا الدول المجاورة، على غرار ما يعرف بالبطاقة الأميركية الخضراء " جرين كارد" لاستقطاب العمالة الماهرة للمحافظة على نشاط سوق العمل الأوروبي على مدى السنوات القادمة. والمعروف أن أوروبا تحتل المركز الثالث بعد كندا والولايات المتحدة في استقطاب العمالة المهاجرة من العالم. ونذكر أن الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي، كان تقدم ـ عندما كان وزيرا لداخلية بلاده ـ بمشروع قانون للهجرة أقرته رسميا الجمعية الوطنية، رغم ما أثاره من جدل وقتها. ويقضي القانون بتفضيل العمالة الماهرة وتشديد قواعد إعادة لم شمل الأسر. وقال ساركوزي للبرلمان إن القانون سيمكن الحكومة من ترويج ما سماه الهجرة المنتقاة. ووفقا للقانون الجديد تصدر السلطات تصريح إقامة "للمهارات والمواهب" مدته ثلاث سنوات بهدف جذب العمالة الماهرة، لكن القانون يسمح أيضا بجلب العمالة غير الماهرة في القطاعات التي تواجه نقصا في الأيدي العاملة. ويزيد القانون من صعوبة قيام المهاجرين المقيمين بجلب أسرهم إلى فرنسا.
نزيف العقول
ومع زياد الطلب الخارجي على العمالة الماهرة، ووضع الشروط أمام اختيار العمالة لمنتقاة، تبدو خطورة إقبال ما تبقى من عمالة مصرية ماهرة على السفر. ورغم ما نعرفه جميعا من أهمية تحويلات العاملين في الخارج كمورد مهم للاقتصاد الوطني، إلا أن هروب العاملين ، خاصة ذوي الكفاءات، للبحث عن فرص عيش أفضل خارج الوطن، يحرم البلاد من خيرة عقولها التي كان يمكن لها أن تحقق نهضة حقيقية قوية، إذا توافرت لها فرص التشجيع والرعاية. وبنظرة سريعة على عدد من المشروعات الناجحة والقوية في بعض بلدان الجوار،التي كان عماد تأسيسها عقولا مصرية، يمكننا أن نقدر أي خسارة منيت بها مصر بدفع هذه العقول للهجرة، وبناء أمجاد لآخرين ،كنا نحن الأكثر حاجة إليها والأولى بها.

ولا يبدو أن قضية تراجع مستوى مهارة العمالة في مصر، أمر يخفى على معظم المسئولين . وعلى سبيل المثال؛ فخلال افتتاح المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة الخارجية والصناعة المشروع القومي لإصلاح التعليم الفني والتدريب المهني؛ قبل نحو عام ونصف العام، أكد سيادته على أهمية الاستثمار في العنصر البشرى.وأشار الوزير إلى أن هناك بعض المصانع لا تعمل بكافة طاقاتها الإنتاجية نظراً لعدم توفر العمالة الماهرة والمدربة المطلوبة مع وجود شباب مدرب في مجالات أخرى لا يحتاجها سوق العمل ولهذا كان لابد أن يبنى التدريب على الطلب الحقيقي لاحتياجات المصانع. ونقلت وسائل الإعلام المصرية أن وزارة القوي العاملة والهجرة بدأت بالفعل في تنفيذ الاتفاقية المشتركة بين مصر ومنظمة العمل الدولية بشأن إعداد وتأهيل العمالة الماهرة وتحديث آليات التشغيل في قطاعات السياحة والتشييد وصناعة الملابس.
النمور ودور الدولة
غير أن التصريحات ليست هي المحك كما نعلم جميعا، وإنما الأهم ما نشهده على أرض الواقع، الذي يؤكد هروب الكفاءات الماهرة ـ ذهنيا أو يدويا ـ إلى الخارج هربا من ضيق سوق العمل. وفي نفس الوقت تراجع مستوى مهارة العامل المصري. وهي معضلة ترجع إلى حد كبير إلى ترويج مفهوم الحرية الاقتصادية على النحو الكلاسيكي، الذي تخلى عنه مبدعوه، وهو انعدام دور الدولة في توجيه الاقتصاد. بينما يكاد يكون من المستحيل أن تسترد مصر بعض قوتها الاقتصادية بدون تدخل فعال للدولة، يضمن تضافر كافة قطاعاتها وراء مشروع قومي حقيقي يضمن استرداد سمعة العنصر البشري المصري؛ عبر توجيه منظم للتعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف والرعاية الاجتماعية، وفق الاحتياجات الحقيقية لاقتصاد البلاد.
ولعل المتابع لمسيرة ما يسمى بالنمور الأسيوية، يدرك أن هذه البلاد رغم، ما أعلنته من اتباعها لسياسة تحرير الاقتصاد، إلا أنها جميعا مازالت تتبنى ما يسميه البعض بـ "التوجيه غير المباشر للاقتصاد "، وهو ما حقق لها الكفاءة في تخصيص كل من الموارد البشرية والرأسمالية بين الاستثمارات ذات الإنتاجية العالية . الأمر الذي يعتمد في كثير من الأحيان على التدخلات الحكومية . فمنذ عام 1965 إلى عام 1995 نمت اقتصادات هذه الدول بمعدلات تفوق النمو في اقتصادات جميع المناطق الأخرى في العالم ، وفي نفس الوقت تقلص التفاوت في الدخل إلى حد كبير. عبر توزيع الدخل لصالح الطبقات المتوسطة و الفقيرة ، وذلك من خلال مشاركه طبقات المجتمع في تحقيق التنمية. ويرجع المحللون المعجزة التي حققتها النمور الآسيوية إلى أسباب عديدة ؛ من بينها الاستثمار في الموارد البشرية من خلال الإنفاق على التعليم و التدريب و الصحة. وكان من أهم ما اتسمت به عمليه التنمية الاقتصادية بهذه الدول، وفرة الأيدي العاملة المدربة و الرخيصة . مع نقص الموارد الطبيعية في هذه الدول مما دفعها إلى الاعتماد على قطاع الصناعة خاصة في المجالات كثيفة العمالة. وكان للدولة دورها في تحديد المجالات الصناعية التي تستوعب العمالة الوطنية وتحقق أعلى مستويات من الإنتاجية والربحية. ولعل الإبقاء على دور توجيهي للدولة من أهم القواسم المشتركة بين دول النمور الآسيوية، رغم التفاوت بين حجم هذا الدور في كل من هذه البلدان. فعلى سبيل المثال ساعد استمرار هذا الدور الحكومة في كوريا الجنوبية على خلق نسبه نمو في التوظيف عاليه بلغت 12% في القطاع الصناعي ، بحيث أدى الارتفاع الحقيقي للأجور في نهاية الستينيات إلى انتهاء حاله فائض العمالة وهي إحدى مميزات الاقتصاد الكوري في ذلك الوقت . ويرجع المحللون الفضل الأكبر في هذا الأداء إلى مجموعه من العوامل منها النمو السريع للصادرات الصناعية كثيفة العمالة و سياسة الأجور و أسعار الفائدة التي شجعت على استخدام العمالة بكثافة ، واستخدام كميه أقل من رأس المال كلما كان ذلك ممكنا . وتمتعت كوريا الجنوبية بتوزيع عادل للدخل. وكانت مظاهر العدالة تعود أساسا للإصلاحات الزراعية التي قامت بها الحكومة ، فقد نما الناتج الزراعي بمعدل نمو بلغ 5.4% في المتوسط خلال السبعينات من القرن العشرين ، بالإضافة إلى حصول الجميع على القدر اللازم من التعليم و التجانس السكاني . ويمكن القول بأن النمو السريع للصادرات الصناعية كثيفة العمل وزيادة خلق الوظائف الناتج عن ذلك قد لعب دورا أساسيا في التنمية بدون إساءة لتوزيع الدخل القائم . وعند امتصاص العمالة الفائضة و بارتفاع الأجور الحقيقية كان من الممكن رفع أسعار السلع الزراعية لتحقيق استفادة الجميع.
ولا يجب إغفال تحقيق الصين لنظام يجمع بين التخطيط الاقتصادي و الانفتاح على الخارج فيما يطلق عليه اقتصاد السوق الاشتراكي؛ الذي كان من أبرز نتائجه الانتشار الهائل للسلع الصينية في جميع أنحاء المعمورة، بل وانتشار العمالة الصينية المدربة والماهرة بعدما تمتعت به من سمعة مميزة، نتيجة جهود الدولة في مجالات التعليم والتدريب. مما مكن الصين ـ وهي الدولة التي بدأت مشروع نهضتها الاقتصادي في وقت مقارب لنا مع منتصف القرن الفائت ـ من أن تصبح قوه اقتصاديه عظمى منذ مطلع التسعينيات من القرن العشرين . ويصنفها البنك الدولي على أنها القوة الاقتصادية الثالثة في العالم، بعد الولايات المتحدة واليابان.
كما لا يمكن أن نتجاهل ماليزيا كأحد النمور الآسيوية. وهى ضمن ما يطلق عليها " مجموعة الدول حديثة العهد بالتصنيع " مع إندونسيا و تايلاند؛ أو الجيل الثاني للنمور الآسيوية والتي بدأت التقدم منذ مطلع عام .1985
وفي حديث صحفي، يقول مهاتير محمد بطل النهضة الاقتصادية الماليزية خلال العقدين الماضيين" المشكلة الماليزية كانت تبدو مثل مشكلة مصر لحد كبير. تخلصنا من الاستعمار عام 1957 ولكن ظللنا بلدا زراعيا حتى الثمانينيات. كان هدفي هو إخراج ماليزيا من وضع الدولة الزراعية. وهذا لم يكن معناه مجرد إخراج مادي بإنشاء مصانع وبنية أساسية وغيره، ولكن إخراجها من العقلية الزراعية التي ترضى بالواقع". ويضيف مهاتير،إن تطوير أي شعب وإخراجه من حالة التخلف يستلزم التركيز على ما يمكن أن نسميه بلغة الكمبيوتر السوفت وير والهاردوير السوفت ويرهي التركيبة العقلية والذهنية للشعب أماالهارد وير فهو البنية الأساسية اللازمة من كهرباء اتصالات وغيره. وبالنسبة للسوفت وير كان لابد من تطوير نظام التعليم بالكامل من خلال التركيز على تعليم الانجليزية والعلوم الهندسية والرياضية والتكنولوجية بالذات، كما سعيت أيضا من خلال السوفت وير إلى ايجاد طبقة وسطى ماليزية تأخذ على عاتقها التحلى بقيم المنافسة والابتكار وتطوير البلاد ونجحت فى ذلك من خلال انتقاد الملايويين سكان البلاد الأصليين والزراعيين وتهديدهم بانتزاع الامتيازات التى تمتعوا بها وامتداح الصينيين الملايويين حوالى 20% من السكان، لقدراتهم العالية ونشاطهم وحيويتهم"
وكان الاهتمام بالثروة البشرية أهم ركائز النهضة الماليزية، حتى أن ماليزيا وفرت فرص العمل لكل أبنائها. بالإضافة إلى مليون عامل أجنبي!. وعملت الدولة الماليزية على تطوير قطاع الأبحاث والتنمية، حيث تنفق سنويا عليه مايساوي 0,8 % من الناتج المحلي مقارنة بـ 0,2% في مصر . كما عمل مهاتير حمد على تنمية التعليم في مجتمع متعدد الثقافات. فقد تميزت الحقب التاريخية المختلفة في ماليزيا بسيطرة العرق الصيني على مقاليد الصناعة والاقتصاد الماليزي، ولذا فإن مهاتير محمد عمل بداية على تحفيز"المالايا" للدخول في عالم التنمية من خلال العلم والتكنولوجيا، وتبنى سياسة دعم التنمية القومية للمالايا، وذلك في تأكيد محلية أو وطنية التنمية، مكرراً بأنه ليس ضد الصينيين أو الهنود في ماليزيا بل أنه يسعى لتحقيق مشاركة عادلة للمالايا في اقتصادهم الوطني. كما اهتم بتوثيق الصلات بالعالم الخارجي من زيادة تعليم اللغة الانجليزية، والتواصل مع الجامعات الأجنبية، وإرسال البعثات التعليمية وهكذا عني بتعليم المالايا وتدريبهم على التكنولوجيا الحديثة وتعلم اللغة الانجليزية، للتواصل مع العالم معرفياً وثقافياً، فنجح بإدماج المالايا في سوق العمل، وهو ما كان من أسباب نجاح مشروعه التنموي، من خلال تفعيل غالبية المجتمع وزيادة انتاجه. وفي إطار ذلك، عمل مهاتير محمد على تحرير المرأة عبر عدة تعديلات على قانون المرأة وإنشاء "وزارة المرأة والعائلة". حيث أصبحت المرأة الماليزية وفقا لتقديرات المراقبين تحصل على تعليم ومعرفة بما يزيد كثيرا عن المتوسط العالمي. مما ساعد مجهود الدولة لتخريج طالبات التعليم العالي بما يناسب متطلبات سوق العمل.
لمصلحة جميع الأطراف
وهكذا تثبت جميع التجارب التاريخية والحديثة، بل وتجربتنا المصرية بالتحديد، ضرورة استمرار دور تنظيمي وتوجيهي للدولة، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، تعتبر تنمية الثروة البشرية أهم ركائزها. وذلك عبر سيطرة الدولة على قطاع التعليم وتوجيهه لمتطلبات سوق العمل بما يفي بالمصلحة الاقتصادية للبلاد ككل دون تركه لتقديرات مستثمرين ـ حتى لو افترضنا في بعضهم صدق النية والرغبة الخالصة في النهوض بالمجتمع ـ لا يمتلكون القدرة على التخطيط لاقتصاد كلي لا يهدف فقط لتحقيق أرباح سريعة. بل أن الدولة يمكنها أن تشجع المستثمرين في القطاع الخاص، على المساهمة في تنمية الثروة البشرية والارتفاع بمستوى مهارة العمال عبر ما دعوت إليه في أكثر من مقال سابق آخرها تحت عنوان"الاستثمار في البشر..حل" ، عندما اقترحت أن نقلد بعض التحارب في بلدان أخرى، بل وبعض ما كان يقوم به رجل أ‘مال مصريين في مطلع القرن الماضي، حيث يتكفل صاحب العمل بإرسال بعثات تعليمية للخارج على نفقته أو فتح مدارس مهنية في التخصصات التي تحتاجها مصانعه لتعليم أبناء الفقراء؟ أو حتى إيواء من درج على تسميتهم "أطفال الشوارع" في مدارس داخلية مجانا؛ مقابل إلزامهم أن يعملوا في مصانعه أو مشرعاته الاستثمارية ـ بعد تخرجهم ـ لمدة معينة مثلا بأجر مخفض إلى أن يستوفي المصاريف التي صرفها على تعليمهم؟ فيضمن بذلك لمشروعاته عمالا مهرة، ويضمن لبعض أبناء مجتمعه وظيفة تقيم أود عوائلهم وتقيهم من التشرد في الشوارع، و يضمن المجتمع في نفس الوقت نزع فتيل من فتائل الحقد وكراهية المجتمع التي تجعل من المشردين والعاطلين تربة خصبة لتربية الإرهابيين.. ويمكن أن تشجع الدولة هذا الحل، عبر تقديم تسهيلات ضريبية أو جمركية، أو غيرها من التسهيلات، كتوفير المدرسين المؤهلين أو المباني التعليمية بأسعار ميسرة.، وبذلك نضمن أن تسترد العمالة المصرية مكانتها كميزة تنافسية تسهم في تحقيق التنمية عبر ملاءمتها لمتطلبات الاقتصاد في الداخل، وتعيد سمعة العامل المصري التميز الذي سيزيد الإقبال على استقدامه للعمل في الخارج وفق شروط مهنية تليق بمكانة مصر والمصريين.
لقد فعلتها بلدان مثل نمور آسيا التي كان بعضها غارقا في ظلام التخلف بينما كانت مصر تبدأ خطوات نهضتها في العصر الحديث. فهل يصعب على مصر أن تحذو حذو هذه البلدان، وتسارع بإعادة النظر فيما استدرجنا إليه من اندفاع لإلغاء دور الدولة، لم يجر علينا حتى الآن سوى التخبط والارتباك واستمرار معدلات التدهور بسرعة غير مسبوقة.وقديما قالوا "العاقل من اتعظ بغيره".!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسكان الشباب وبيع العقارات للأجانب.. والأمن القومي
- موسم الهجوم على أوبك
- التحرير الاقتصادي الحقيقي الذي ننشده
- دروس الغزو الصيني للاقتصاد المصري
- العروبة بين الأغنيات والمصالح المادية
- خطر يهدد البشرية ونحن نيام
- الفتنة لم تعد نائمة..
- البديل البوليفاري ..والوصفة السحرية
- بين نقص الغذاء وتلوثه أي غد ننتظر؟
- دع الشعارات.. وابحث عن النفط
- العنف المسلح يكشف وجها آخر للديمقراطية الأمريكية
- العراق الذبيح على درب الآلام
- هل يصلح الاقتصاديون ما أفسده الساسة؟
- نجيد إطلاق المبادرات ونفشل في مواصلتها
- عندما تتخلى الدولة عن الرعاية ويختفي الدور الاجتماعي لرأس ال ...
- ..إلا طعام الفقراء!
- ..شاهد من أهلها
- الذهب الأسود الإثيوبي والذهب الأبيض المصري
- زيارة بوتين.. وفرصة لعلاقات متكافئة مع الكبار
- تركمانباشي ..ديكتاتور تغافلت عنه واشنطن


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - ثروتنا البشرية.. إلى أين؟