أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية















المزيد.....

الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 1975 - 2007 / 7 / 13 - 05:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أدبيات النقد للمنهجيات المتبعة من طرف العقل العربي، تخيل المؤامرات الخارجية والتفسير البوليسي للتاريخ ونفسية المعركة.

وكل واحد منا يتخيل نفسه أبعد ما يكون عن السقوط في زلات العقل العربي تلك. غير أننا ونحن في نفس الوقت أبناء مدرسة اعتزت بالقول كون العنف مولدة التاريخ وكون حرب التحرير الشعبية هي الطريق المضيء نحو تحرر الأمة من السيطرة الأمبريالية وبالصراع الطبقي دينامية ثابتة في المجتمع والدولة؛ نستعمل طاقة العقل ضمن حركية الحرب مع تخيل المجتمع البشري خاليا من الصراع الطبقي في المرحلة الاشتراكية؛ وتبعا لذلك، تنتهي دواعي الحروب بين سكان الأرض. ثم، نتخيل بذهنية دينية استتباب الأمن فوق الأرض وتوزيع الثروة والسلطة والمعرفة بين الناس بالقسطاس سواسية. على شاكلة الجنة المثبتة المعالم في النصوص الدينية. علما أننا جيل تالي لجيل تغنى بقصائد الحرب عند عنترة وعمرو بن كلثوم وأبي فراس الحمداني والمتنبي......

في آخر المطاف نجد أنفسنا في أتون الحرب. لم نتمكن من الابتعاد عن ميدانها. سواء بالاعتماد على نفسية الحرب في المعيش اليومي والعلاقات التي لا تتوقف بين التجدد والانقطاع. أو في المخيال الذهني الذي يستمد من دون كيشوط بطولته الوهمية ومعاركه التي لا تنتهي.

فعلاقتنا بالحرب تشبه معادلة "غدا النكير". إذ لا يوجد بيننا من لا يهدد بالحرب إن لم يستطع ممارستها فعلا. فعقلية داحس والغبراء مستمرة فينا.

وفي مستوى ثان، نتقن الحديث عن الحرب أكثر من إتقان ممارسة الحياة. ولما كانت الحرب لحظة استثنائية تستعمل الموت للدفاع عن الحياة، فمن المطلوب إتقان فن الحياة وهو الأصل قبل الركون لتعلم فنون القتل وهي الاستثناء....

وما دمنا نتقن الحياة في الاستثناء ونترك الأصل، فالخيال الذي لا يشكل سوى ظل للحياة نفسها يسطر على أذهاننا في المعيش نفسه.

فالنكتة مشهورة تلك التي جعلت السباق بين الأمريكي والفرنسي والمغربي ترفع المغربي نحو درجة البطولة. وذلك عندما استعمل ذلك الجزء من جسده يتحول من عضلة طويلة إلى ضلع يدور بسرعة ليرتفع معه الجسد مثل طائرة مروحية، اكتفى الامريكي والفرنسي بالتيقن من صلابة العضلة الطويلة لحمل الجسد دون اعوجاج ولا انكسار....والنتيجة أن الامريكي والفرنسي يعتمدان اختبار قوة عضلتهما السحرية في حمل جسدهما. في حين هربت الحالة المغربية من الاختبار المادي نحو البطولة الذهنية غير القابلة للتحقيق. وهي خرق قانون الجاذبية....والطيران الوهمي بفضل نفس العضلة.


وبين الطائرة المروحية العربية الموهومة والطائرة المروحية الغربية الحقيقية، يبقى الغرب قادرا على إتقان ممارسة الحياة. بينما ننغمس يوما بعد يوم في اتقان فنون "الحرب".

ولو رجعنا إلى عقلاء فنون الحرب في العالم، لوجدنا أننا لا نتقن لا فنون الحياة ولا فنون الحرب. إذ لا يمكن أن يتقن فن القتل من لم يتقن ممارسة الحياة. فكلاوزفيتز قبل أن ينظر للحرب، حارب مع الغالب (فرنسا) ضد المغلوب(روسيا) بداية القرن 19، ثم مارس نفسه الخبرة للانقلاب على الغالب (فرنسا) عندما اقتضى الأمر الدفاع عن الذات/الأمة. إذ انقلب وحرض الفرقة العسكرية للانقلاب ضد نابليون المحتل لبلده (ألمانيا). بل استخلص الدروس والعبر بلغته الأم ليهيئ شعبه للانقضاض على المحتل بعد حين (1871). لكن الانقضاض العسكري الذي مارسه الألمان لم يكن ممكنا دون التوحيد السياسي لألمانيا (1870)، ودون تدوين الخبرة الميدانية وتحويلها إلى ثقافة وأدب سياسي (الحرب استمرار عسكري ميداني لاستراتيجيا سياسية مدنية).

إن إهمال فنون ممارسة الحياة معمم تقريبا بين المجتمع والدولة. فالدولة التي تدرب المجتمع على الاستقرار والأمن، تترك نفسية "الحروب الصغيرة" متفشية في مكاتب القرار الإداري. بحيث يتقن بعض أصحاب القرار زرع الألغام تحت أقدام الناس. وما زال المرؤوس والرئيس يتخيل نفسه منذورا لممارسة الحرب الصغيرة ضد من يقابله من الرؤساء أو المرؤوسين. وبالتالي، عوض أن يصبح العمل الإداري أداة لإطفاء الحرائق في مستوى أول وحلحلة الأرضية لتسهيل السير الإداري تحت أرجل الناس في دروب الحياة، تصبح حياة الآخرين غابة لصيد فرص الإيقاع وممارسة نفسية "الحروب الصغيرة".

لم يستسغ جيش التقنوقراط القرار السياسي للدولة بإلغاء نموذج "أم الوزارات" التي كانت تزرع الرعب في نفوس الناس والتي كانت تستفيد من استراتيجيا الإرهاب النفسي لتكسر الطموحات وتهزم العزائم وتعمم "نفسية الحروب الصغيرة".

ولأن نفسية أغلبية ذوي القرار السياسي تستند إلى إثخان جسد الضحية قبل الانقضاض عليها واستخلاص الريع الخضوع والمنافع، فالذي يغيب عن العقلية الانتهازية للفرص قصد التسلق في المواقع، على حساب الناس، هو روح الحرية وعزة النفس أقوى من "نفسية الحروب الصغيرة".

فبالتقسيط، يسقط من يمارس "نفسية الحروب الصغيرة" في خندق حربي لا ينفك منه، إذ يكتسب نفسية الخوف عبر تمارينه على سياسة التخويف. وبالجملة تتضرر الدولة نفسها من بقايا سياسة المكيافيلية المتوحشة القائمة على الشطط في استعمال الموقع. فتنبعث روح الانتفاض من حول غلاظ القلوب ومنعدمي اللباقة في السلوك. تلك الكائنات التي تشبه الضباع التي تتعود على نقل منطق الصراع والحرب إلى حيث الحكمة والسلم.

والكل يتذكر الشاعر الشعبي الذي أهدى قصيدته بمناسبة عيد حاكم جزيرة الواق واق، عنوانها "الله ياخذ فيك الحق آ الظالم".

لكن نفسية السلم والحرية تنتصر على نفسية الحروب، ما بالك أن تكون تلك الحروب صغيرة عمياء بلا ذوق ولا فائدة سوى تلبية تلذذ النفوس الصغيرة التي تبحث عن صنع بطولات بلا قضايا. أما أن يصبح أبناء الشعب "أبطال بلا مجد"، فلا ضرر من ذلك.

فالسعي نحو الحرية لا يترك ما يتحسر عنه غير فقدان الحرية وصناعة الضمير الجمعي، أما التلويح وتطبيق الانتقام القمعي فكبار مدبريه صغار في مجرى الحياة السلمية السليمة البعيدة عن نفسية الحروب....أما المأثرة الجمعية التي يتسلح بها المغاربة جميعا فتتلخص كما يلي: "وسيعلم الذين انقلبوا أي منقلب ينقلبون".



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض قواعد البرشمان لتشكيل البرلمان
- في غفوة قرب معرض الجزائر
- تأمل وباقة ورد لمحمد بوكرين
- !!محبط أخوك لا بصل
- الانتخابات المقبلة في المغرب لن تجدد النخبة السياسية
- ما هي دلالات السعي لتحسين موقع اليسار المعارض ؟؟؟
- أعطاب أمام القطب الاقتصادي/شمال المغرب ودور النخب في تخريب ا ...
- هل يعيد مركز النظام الرأسمالي إنتاج النظام الفاشي في محيطه ا ...
- الثورة البوليفارية أو ثقب الأوزون في سماء العولمة
- الجبهة النسائية ....وإنتاج قيم المواطنة وتكافؤ الفرص
- هل يمتلك العقل السياسي المغربي مفتاح التواصل مع النواة الصلب ...
- هل تكفي الانتخابات الموريطانية والحكم الذاتي المغربي؟
- الاستحقاق المهني بين النصوص واللصوص
- المسألة الترابيةأي رأي للمجتمع في مستقبل القضية؟
- الانتخابات المقبلة هذه الماكيط، فأين الروح؟
- حول الحالة الثقافية التعددية المتشظية الجريحة
- معضلتنا في السياسة الأمنية؟ حالة المغرب
- الإصلاح الدستوري في المغرب: هل يمكن تلقيح الفصل التاسع عشر ب ...
- متفجرات الحقيبة السياسية
- تكريم العقل .....تخصيب لرحم الحرية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية