أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كوردة أمين - هل أنصف الاعلام العربي القضية الكوردية ؟















المزيد.....



هل أنصف الاعلام العربي القضية الكوردية ؟


كوردة أمين

الحوار المتمدن-العدد: 602 - 2003 / 9 / 25 - 03:13
المحور: القضية الكردية
    



 

 لاشك في أن القضية الكوردية لم تنل الاهتمام الذي تستحقه من الاعلام العربي بمختلف أشكاله ووسائله , المرئية منه والمسموعة والمقروءة ,  وظلت هذه القضية الشائكة بعيدة دائما عن دائرة أضواء أجهزة هذا الاعلام  . فالشعب الكوردي غبن سياسيا وإعلاميا على مدى عقود طويلة من التاريخ ولم يجد الاذن الصاغية التي تسمع شكواه أو اليد الحانية التي تعينه وتخفف من معاناته  .
سياسيا وكما هو معروف فان الكورد وبعد الحرب العالمية الاولى  تعرضوا لظلم كبير عندما قسمت أرضهم بين اكثر من أربع دول لاسباب تتعلق بمصالح دول الحلفاء الاستراتيجية , والحقت كوردستان الجنوبية بالدولة العراقية .  ومنذ ذلك الوقت لحد اليوم أصبح الكورد يشكلون أكبر قومية في العالم  لا تتمتع بحق السيادة على أرضها ولا تمتلك وطنا خاصا بها  يضم كل أبنائها . 
وإعلاميا لم تحظ  قضية الشعب الكوردي بما يتناسب وحجم المعاناة والجرائم البشعة التي تعرض لها  هذا الشعب على أيدي أنظمة الدول التي سيطرت على مقاليده ,  حيث تجرع  كؤوس الظلم والطغيان , وعانى كثيرا من سياسات التعريب والتفريس والتتريك وجرائم التطهير العرقي .
 والشعب الكوردي في العراق ناله الكثير من هذه الجرائم التي وصلت حد استخدام الاسلحة الكيمياوية ضده , هذه الجريمة التي  تعتبر سابقة خطيرة في العالم حيث لم  نسمع بوقوعها من قبل على أي شعب اخر وفي أية بقعة من العالم بهذا الشكل الكثيف.
وجميع أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق ساهمت بنوع أو باخر في ارتكاب الجرائم ضد هذا الشعب وبدرجات متفاوتة وسط صمت وتجاهل من العالمين العربي والاسلامي ,  بل بالعكس فقد فرضت وسائل الاعلام العربية تعتيما شديدا حول كل ما يخص القضية الكوردية من ناحية تعريف المواطن العربي بوجود وهوية هذا الشعب وخصوصيته القومية واللغوية , أو من حيث الجرائم التي تعرض لها والاهوال التي شهدها على أيدي أجهزة الجيش والأمن التابعة للحكومات المتعاقبة .
ولعل هذا التعتيم يعود الى أسباب متعددة أهمها كون الاعلام العربي في غالبيته هو إعلام رسمي يخضع لسياسات الحكومات العربية , التي هي أصلا أنظمة شمولية غير ديمقراطية  وتعاني غالبيتها من وجود مشاكل عرقية ودينية ومذهبية لديها .  فاضافة الى العراق هناك  دول المغرب العربي التي تواجه مشكلة الامازيع وهم سكان البلاد الاصليين وعانوا كثيرا من سياسات التهميش والغاء الهوية  التي مارستها ضدهم  تلك الدول ومنذ القدم .  وكذلك الحال في  السودان وفي سوريا ومصر وغيرها .
وبسبب تأثير المد القومي الذي ظهر بصورة واضحة بعد الحرب العالمية الثانية , وتفشي الافكار الشوفينية العربيةالمتاثرة بالمبادي النازية حاولت الدول العربية تغيير الهوية القومية لهذه القوميات والأقليات المتواجدة ضمن حدودها التي رسمها أصلا الاستعمار , وحاولت حكومات هذه الدول بالترغيب تارة وبالترهيب تارة اخرى  وباسم الدين الاسلامي في احيان كثيرة  فرض الهوية العربية على كل من يعيش على أرض هذه الدول وتذويبهم في بوتقة القومية العربية .
وقد كان للكورد حصة الأسد من استخدام هذه الاساليب القمعية ضدهم وخاصة بعد تأجج الشعور القومي الذي أخذ يطغى عليهم كرد فعل للأفكار القومية العربية التي انتشرت انذاك , مما أدى الى تبلور الحركة التحررية الكوردية التي طالبت بحق تقرير المصير للشعب الكوردي , هذا المفهوم الحديث الذي أخذ ينتشر صيته في أرجاء المعمورة انذاك .
فكيف نتوقع من اعلام هذه الانظمة الدكتاتورية التي ما زالت تجثم على صدور شعوبها في أغلب الدول العربية الى يومنا هذا أن تنصف قضية الشعب الكوردي أو تلقي الضوء على معاناته الناجمة أصلا عن ممارسات هذه الانظمة العنصرية ضده ؟
ومن الطبيعي أن تكون جميع وسائل الاعلام في مثل هذه الدول من صحف ومجلات وتلفزة واذاعات  بيد الحكومات , تسيرها حسب سياساتها وتوظفها من أجل مصالحها وتمجيد رموزها.  والاعلام في هذه الحالة لا يتعدى كونه بوقا من أبواق الانظمة الحاكمة يمثل وجهة نظرها فحسب .  فلذلك ليس بالغريب ان نجد الاعلام العربي وقد لف القضية الكوردية بغطاء ثقيل معتم  ,  وأطلق على الثورة الكوردية  تسمية الحركة الانفصالية وعلى الثوار الكورد  وصف المخربين والمتمردين والانفصاليين  واتهم  قياداتهم  بالعمالة  للصهيونية وللامريكان وغير ذلك من الشعارات المغرضة التي نجحت الى حد بعيد في زرع  بذور الحقد والكراهية في الشارع العربي ضد الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة .
وبذلك لعب الاعلام العربي الرسمي  دورا سلبيا بل ومجحفا بحق هذا الشعب وبالتجهيل بقضيته العادلة .

أما بالنسبة للاعلام العربي غير الرسمي والمتمثل خاصة بالصحف والمجلات  التي تصدر في أوربا وأمريكا  وبقية  أرجاء العالم وكذلك الفضائيات العربية المختلفة  المشارب والاهواء , وبحكم فسحة الحرية التي تمتلكها ,  نراها احيانا وفي الاونة الاخيرة  تتناول القضية الكوردية من بعض جوانبها وخاصة بعد تحرير العراق من النظام الدكتاتوري  والدور البارز الذي  لعبه الكورد وقياداتهم  في إسقاط هذا النظام  وتخليص العراق من براثنه ,  حيث  أصبح من الصعوبة بمكان  تجاهل هذا الدور الكبير لهم  سيما وان القنوات الاعلامية العالمية سلطت الاضواء بكثافة على هذا الموضوع  .  فأخذنا نشاهد على الفضائيات العربية  أفلاما وثائقية عن المناطق الكوردية ونسمع ونقرأ لاول مرة بعض الكلمات التي كانت من المحرمات سابقا ,  مثل كلمة كوردستان وكلمة الفدرالية ,  وليس بالمستبعد ان يكون بعض العرب يسمعون لاول مرة في حياتهم بوجود الشعب الكوردي بين ظهرانيهم !
  ولكن ما يدعو للاسف حقا أن نجد حتى هذه الاجهزة الاعلامية في أغلب الأحيان تتجاهل القضية الكوردية  كليا أو تتناولها بشكل غير موضوعي أو منصف ,  لان معظمها تخضع بشكل أو بأخر الى ضغوطات مختلفة قد تكون اقتصادية  أو سياسية أو لاعتبارات أخرى . بل إن البعض منها تتهم بأنها تمول من بعض الأنظمة العربية أوالجهات المشبوهة  أو تحصل على دعم مادي منها فلذلك هي أيضا لايعدو كونها في معظم الأحيان  وجها من وجوه هذه الأنظمة .
 وقد تم الكشف مؤخرا في العراق وبعد سقوط النظام البعثي فيه على وثيقة تتضمن تخصيص مبلغ قدره خمسون الف يورو شهريا من قبل وزارة الاعلام العراقية الى قناة الجزيرة الفضائية دعما لها مقابل قيامها  ببث البرامج المتنوعة  التي من اهدافها  الدفاع عن نظام صدام البعثي البائد ,  وتنظيم الحملات الاعلامية المكثفة لتلميع الوجه القبيح لهذا النظام ولتمجيد رموزه ,  والتستر والتعتيم  على جرائمه البشعة  ضد الشعب العراقي . مما تسبب في فضيحة وضجة إعلامية كبرى  لم  تنته الا باقالة وعزل مدير تلك القناة الفضائية .
  
         ولو استعرضنا دور الاعلام العربي بصورة عامة الرسمي وغير الرسمي من القضية الكوردية  نلاحظ بوضوح التقصير الكبير في وسائله المتنوعة والتجاهل التام للجرائم الوحشية التي ارتكبت ضدالشعب الكوردي وخاصة أبان الحقبة الصدامية ,  وكمثال على ذلك جرائم الانفال التي تعرض لها شعبنا وجريمة استخدام الاسلحة الكيمياوية ضد السكان المدنيين في حلبجة وجرائم التعريب والتهجير وتسفير الكورد الفيليين ومصادرة ممتلكاتهم من قبل أجهزة نظام البعث .
 فبينما كان الاعلام العربي يغمض عينيه عن هذه الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين على بعد بضعة كيلومترات منه,  كان يسلط الضوء على الجرائم المرتكبة  في  أماكن اخرى  تبعد الاف الاميال عنه .  مثال ذلك الجرائم التي وقعت في البوسنه وكوسوفو وغيرها من الجرائم  في مناطق مختلفة من العالم  .
وعندما يعتقل فلسطيني او يقتل فدائي او يهدم منزل عائلة عربية  بيد الجيش الاسرائيلي تقوم الدنيا ولا تقعد من قبل جميع وسائل الاعلام العربية ,  أما ما يحدث للكورد من قتل وتشريد وتهجير فلا يلقى سوى الصمت منها !
فهل ان قتل الكورد بيد الانظمة الشوفينية في العراق والدول المجاورة الاخرى حلال مباح وقتل العرب بيد الاسرائيليين حرام ؟
وهل ان جريمة  قتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة فقط هي التي تستوجب الادانة وكل هذه الضجة الاعلامية التي حصلت لاحقا  ,  بينما جريمة دفن الطفل الكوردي ( تيمور)  حيا على يد جلاوزة النظام البعثي البائد في احدى صحارى العراق المقفرة –  بعد قتل كل افراد عائلته والاف الكورد معهم أمام عينينه في احدى حملات الأنفال – لاتستحق أن تنال أي اهتمام  ولا حتى الاشارة اليها ولو من بعيد في الاعلام العربي ؟
 ولم هذه الازدواجية في التعامل في مثل هذه القضايا الانسانية ؟

قبل بدء العمليات العسكرية لاسقاط النظام ,  وفي ظل الاستعدادات الامريكية التي كانت تحشد قواتها العسكرية على خطوط المواجهة ,  كان هناك نشاط اعلامي ملحوظ  حول الشأن العراقي بصورة عامة وما يجري داخل العراق وخارجه .  وكانت هناك تغطية اعلامية  عالمية وعربية  واسعة  ترقب حركة المعارضة العراقية المتواجدة خارج العراق وفي داخل كوردستان واجتماعاتها ونشاطاتها .  ومن ذلك المؤتمر الكبيرللمعارضة العراقية  الذي انعقد في لندن في ديسمبر من العام الماضي وما صدر عنه من قرارات هامة ,  ومن ثم المؤتمر الذي لحقه وعقد على ارض كوردستان باشهر قليلة وقبل فترة قصيرة من نشوب الحرب .
 و كما هو معروف للجميع فقد كان للكورد دور بارز بل ورئيسي في ادارة هذين المؤتمرين وفي مجمل  القرارات الصادرة عنهما  والتي كانت تحمل ايجابيات كثيرة لصالح الشعب الكوردي ومنها الاقرار بالفيدرالية لكوردستان  العراق , وحق العودة للمرحلين والمهجرين الكورد الى ديارهم  وتعويضهم عما لحقهم من اضرار .
 ونرى أن الاعلام العربي وبحكم اهتمامه بالشان العراقي بصورة عامة وللدورالبارز للكورد في هذه المرحلة وبسبب تواجد اعداد كبيرة من مراسلي مختلف الصحف والفضائيات والاذاعات العالمية على أرض كوردستان التي اصبحت معقلا اساسيا يضم كل اقطاب المعارضة العراقية ,  نرى أن وسائل الاعلام العربية  هذه  كانت تتسابق في التوافد الى هذه المنطقة ونشر أخبارها  وما يجري على أرضها من استعدادات لخوض  غمار الحرب .  فأخذ المواطن  العربي يسمع لاول مرة بكلمة كوردستان التي لم تكن تعني شيئا لديه من قبل وخاصة من خلال الفضائيات العربية , وجرى تسليط الضوء اعلاميا على الكورد بعيدا عن تسميتهم بالانفصالين والمتمردين كما كان يجري في السابق .
 كما وأخذت جميع وسائل الاعلام العربية تتحدث عن الفدرالية وحقوق الشعب الكوردي  وما تعرض له من جرائم على أيدي النظام الدكتاتوري .
 وقد نجح الكورد في استغلال هذا التوقيت لاظهار قضيتهم العادلة للعالم العربي وتعريف العرب بها . صحيح كانت هناك سابقا  محاولات جادة وجهود مبذولة من قبل الكورد في  جذب الانتباه العربي  الى قضيتهم  وكشف جرائم النظام ضدهم  ,  وذلك من خلال المؤتمرات التي عقدت على أرض كوردستان من قبل ادارة الحكومتين ودعي اليها الكثير من المثقفين والادباء والكتاب العرب و مراسلي الصحف والاخبار من العرب والاجانب  وخاصة بعد عام 1996 أي بعد انتهاء الاقتتال الداخلي المؤسف وبعد الهدوء والاستقرار النسبي الذي ساد في المنطقة الكوردية الا أن الاعلام العربي  ظل ضعيفا في إظهار صورة الشعب الكوردي الحقيقة للمواطن العربي , ولم يكن أداء هذا الاعلام العربي بمستوى طموح الشعب الكوردي الذي كان يأمل منه المزيد .
  ولكن قبل الحرب واثنائها وبعدها ,  نشط الاعلام   بصورة عامة على أرض كوردستان  بشكل واضح كما ان جميع الفضائيات ووسائل الاعلام  العربية والعالمية الاخرى كانت تتنافس فيما بينها في  اجراء المقابلات واللقاءات المباشرة مع القادة والمسؤولين الكورد وخاصة مع السيد مسعود البارزاني والسيد مام جلال الطالباني .  وهذا انجاز كبير للشعب الكوردي ونجاح  له في توصيل صوته  وصورته  إعلاميا  للعالم العربي .  ومما زاد في هذا النجاح توحيد القيادتين لقوتيهما وادارتيهما وتحدث الجانبين بأسم وصوت واحد .
 ولكن هذا لايعني أن الاعلام العربي كان محايدا ومنصفا للقضية الكوردية في هذه المرحلة  على طول الخط , اذ كثيرا ما أسهمت وسائله في نقل الصور المشوهة وغير الحقيقية لما كان يجري على أرض الواقع وخاصة الفضائيات العربية . وهذا ما رأيناه  بوضوح  من خلال محاولاتها المقصودة في اظهار الكورد وقوات البيشمه ركة  بمظهر المسؤولين  المباشرين  عن كل ما وقع من حوادث السلب والنهب وحرق المباني التي صاحبت العمليات العسكرية وبعدها وخاصة في مدينتي الموصل وكركوك .  بينما الذي وقع كان مجرد حالات فردية ممكنة الحصول في أي مكان  في مثل هذه الظروف وفي ظل الفراغ الأمني في المنطقة  .
 كما وأن هذه الاعمال التخريبية  لم تقتصر على هاتين المدينتين فقط , فعمليات القتل والسلب والنهب والحرق كانت تجري بصورة واسعة جدا في كل انحاء العراق( ما عدا كوردستان) وخاصة في العاصمة بغداد  التي تعرضت الى أعمال السرقة ونهب الاثار والسطو على البنوك وأجهزة الدولة  وتفريغها من  محتوياتها من قبل بقايا فلول النظام البائد وأعوانه  والارهابيين العرب الذين جلبهم النظام ودربهم للقيام بهذه الجرائم  قبل سقوطه ,  وكذلك الحال في مدينة البصرة .
 إن أبسط ما يمكن أن نصف به  مواقف  وسائل الاعلام العربية هذه  انها مجحفة , والقصد منها تشوية صورة الشعب الكوردي أمام الشارع العربي .
ومن الأمور الأخرى التي حاول الاعلام العربي توظيفها لغير صالح القضية الكوردية والتشكيك في انسانية وعدالة  هذه القضية , هي مسألة عودة المرحلين والمهجرين الكورد الذين تعرضوا الى عمليات التعريب من قبل أجهزة  النظام السابق في محافظات كركوك ونينوى وأربيل وديالى ,  حيث تمت عودة البعض من المرحلين والمهجرين الكورد الى ديارهم في كركوك وخانقين بعد أن تركها قبل الحرب ساكنوها من الوافدين العرب الذين استقدمتهم الأجهزة الأمنية في النظام السابق ضمن إطار عمليات التعريب وأسكنتهم في المنطقة بعد طرد السكان الكورد الأصليين ومصادرة ممتلكاتهم .
وهذه المسألة تم التركيز عليها وتضخيمها بشكل كبير ومغاير للحقيقة من قبل الاعلام العربي الذي أخذ يتحدث عن عمليات تطهير عرقي تجري ضد العرب في المنطقة على يد الكورد .
فأين كان هذا الاعلام عندما ارتكب النظام الصدامي جرائمه الوحشية ضد الكورد وقام بتعريب مناطقهم وتهجيرهم  وطردهم من بيوتهم  وإسكان العرب محلهم ؟  ولم  لم يلتفت الى معاناة هؤلاء  المرحلين  الذين صاروا  يعيشون في مخيمات بائسة لا تقاس حتى بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين ؟
 وأين هوالان من موضوع الكشف عن المقابر الجماعية لضحايا الأنفال التي عثر على  العديد منها  في مختلف أرجاء العراق وخاصة بالقرب من كركوك والمحاويل وفي الصحراء التي تقع في منطقة  السماوة وعلى أطراف  الحدود السعودية ,  وما زال يكتشف كل يوم الجديد منها ؟ بل نراه يشكك حتى بوجود هذه المقابر الجماعية ويبرئ ساحة النظام من جريمة ارتكابها !
هذه بعض الامثلة التي تشير بوضوح الى تقصير الاعلام العربي تجاه القضية الكوردية وعدالتها وهناك الكثير من الأمثلة الاخرى على ذلك وغير بخافية على أحد  .
وليس غريبا أن  نرى الاعلام العربي الذي  أظهر بالامس  الكورد كعصاة وانفصاليين ومتمردين , يعود اليوم  وتحت يافطات متعددة ,  ليصور الشعب العراقي بأجمعه الذي لاقى أشد صنوف العذاب على يد النظام البعثي الدكتاتوري المقبور على إنه- أي الشعب العراقي - هو الجلاد وصدام وأبنائه وأركان نظامه المجرمين هم الضحية !
 
يمكن للمثقفين العرب أن يلعبوا دورا  كبيرا  في التعريف بالقضيه الكورديه أمام الرأي العام العربي لأن صوتهم هو المسموع ويصل للشارع العربي بسهولة . وذلك بأن يكونوا أكثر تفهما وموضوعية تجاه هذه القضية وتجاه حقوق الشعوب المضطهدة , ويعلموا بان الشعب الكوردي له الحق في ان يعيش حرا على أرضه وان تكون له دولته المستقلة كغيره من شعوب العالم .  وأن لا يتجاهلوا حقيقة هامة وهي  أن الشعب الفلسطيني ليس  وحده  الذي يعاني من الظلم والقهر والتنكيل ,  فهناك قريبا منهم يعيش شعب لا تقل مأساته عما يعانيه الشعب الفلسطيني ولايقل عنه شعورا في ارتباطه بأرض ابائه وأجداده ولا في حبه لقوميته ولغته.
والمطلوب منهم أيضا أن يسهموا بأقلامهم الجادة  في التعريف بقضية الشعب الكوردي ومعاناته الانسانية خلال العقود الطويلة على يد الأنظمة الدكتاتورية التي حكمته .
ومن الأمور الهامة جدا هو أن يبادر المثقفون العرب ومن خلال القنوات الاعلامية المتعددة للدعوة  الى بناء أسس للحوار العربي الكوردي  مبني على مبادي الاحترام المتبادل  والاعتراف بالاخر حتى يتمكن كل من الشعبين التقرب بعضهما للبعض وفهم الاخر بصورة أكبر , لأن الشعبين العربي والكوردي أولا وأخيرا يرتبطان بوشائج الجوار والتاريخ والدين وغيرها من الروابط الانسانية . ولن يتحقق هذا التقارب  إلا بالتخلي عن الافكار القومية العنصرية التي ما تزال تهيمن على عقول الكثير من المثقفين العرب ,  هذه الأفكار التي لم تعد تناسب المفاهيم الحديثة في ظل التطورات والتغييرات الحاصلة في العالم اليوم  والتي تدعو كلها الى احترام مبادئ حقوق الانسان وإرساء مبادئ السلام ونبذ الافكار والممارسات العنصرية التي لم  تعد تجد الترحيب من أحد .
وقد ظهر فعلا  عدد من المثقفين العرب من المؤمنين  بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره والداعين ومن خلال كل وسائل الاعلام العربية  الى وجوب إعتراف العرب بهذه الحقوق والى الحوار العربي الكوردي ,  وحتى الى الاعتذار من الشعب الكوردي لما لحقه على أيدي الحكام العرب من ظلم وقهر ,  منهم الدكتور منذر الفضل والبروفسور كاظم حبيب والعلامة المرحوم هادي العلوي الذي اعلن براءته من هويته العربية بعد قيام النظام  البعثي بقتل اطفال الكورد ونسائهم وشيوخهم عندما أرتكب جريمته الشنعاء وقصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية .  كما ولا ننسى موقف شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري وحبه الكبير لهذا الشعب والذي تمثل في أشعاره الجميلة التي مازال الكورد يذكرونها بكل  
  إعتزاز وتقدير.  

يجب أن نعترف بأن التقصير لم يكن دائما من جانب الاعلام العربي فقط تجاه القضية الكوردية ة بل من الاعلام الكوردي أيضا .  وهذا يعود الى أسباب كثيرة لا تخفى على المنصفين . منها طبيعة الظروف التي عاشها الكورد على مدى زمن طويل , من تقسيم لأرضهم وتعرضهم لأقسى أنواع القمع وتغييب الهوية وعدم الاعتراف بحقوقهم في التعبير أو التحدث بلغتهم  وحتى في عدم  الاعتراف بوجودهم أصلا كقومية لها شخصيتها وهويتها المستقلة .
 وهذا لم يمنع من ظهور العديد من الأقلام الكوردية الوطنية والمثقفة في جميع أرجاء كوردستان التي كتبت وتكتب بلغتها الأم أو باللغات الأخرى واستطاعت أن تعبر أفضل تعبير عن واقع هذه الأمة المسحوقة ومعاناة شعبها .
وفي كوردستان العراق تميز الاعلام الكوردي ,  وما زال , بكونه اعلاما محليا حبيسا داخل حدود المنطقة الكوردية , ولكن يلاحظ بأنه وفي السنوات الأخيرة أخذ يخطو خطوات حثيثة نحو الأمام . حيث أن الظروف قد تغيرت بعد أن استقل الاقليم  من سيطرة النظام الدكتاتوري البائد عام 1992 ,  فحصل تطور ملموس في مجال الاعلام الكوردي كغيره من مناحي الحياة الاخرى التي تأثرت بالتجربة الديمقراطية والحرية التي سادت المنطقة . وتمثل ذلك في تعدد الصحف والمجلات  الصادرة داخل الاقليم وفي الخارج  وكذلك  ظهور الفضائيات الكوردية والتي تخصص فترات قصيرة لبث البرامج والندوات باللغة العربية .
هذه الفضائيات تلعب دورا كبيرا في إخراج الاعلام الكوردي من شرنقة المحلية , وإيصال الصوت الكوردي الى جميع أرجاء العالم .
ولأهمية دور هذه الفضائيات يجب أن تولى عناية كبيرة  وخاصة فيما يتعلق بالبرامج العربية من حيث الكم والنوع .  ونرى ضرورة إنشاء فضائية خاصة باللغة العربية اذا سمحت الظروف بذلك ,  لتعريف الرأي العام العربي من خلالها  بالقضية الكوردية  التي تعرضت الى التعتيم والتجهيل المتعمد لفترة طويلة,  بالرغم من تقديرنا للظروف الصعبة  التي يمر بها الاقليم وخاصة من الناحية الاقتصادية قبل وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق .
ومن الضروري اعطاء أهمية كبرى لاقامة النشاطات المتنوعة في كوردستان وخارجها في مختلف دول العالم التي فيها جاليات كوردية كبيرة . ومن هذه النشاطات عقد الندوات والمؤتمرات ودعوة شخصيات عربية وأجنبية,  أفرادا ومنظمات ,  ومن المناصرين للقضية الكوردية للمشاركة فيها لغرض التعريف بهذه القضية وكشف الجرائم التي وقعت ضد الكورد ,  ومنها جرائم الأنفال وحلبجة وسياسات التعريب والتهجير .
  ويجب أن تصحب هذه الفعاليات تغطية إعلامية  مكثفة من قبل وسائل الاعلام العربية والأجنبية المتنوعة ومن صحفيين عرب وأجانب ليتسنى لهم الاطلاع على الحقائق وإيصالها الى شعوبهم  .
  وقد تم فعلا تنظيم العديد من هذه الفعاليات في السنوات القريبة الماضية وخاصة فيما يتعلق بدعوة المهتمين بحقوق الانسان والضيوف العرب والأجانب للقيام بزيارات ميدانية في كوردستان الى مخيمات المهجرين الكورد الذين طردوا من ديارهم ضمن سياسة التعريب التي تعرضوا لها .
أما بالنسبة للمثقفين  الكورد فيقع عليهم دور كبير لا يمكن إغفاله  في التعريف بقضيتهم .
 فهناك وكما هو معروف الكثير من المثقفين والكتاب الكورد من الذين يكتبون باللغة  العربية بكفاءة , وهؤلاء يجب أن يكون لهم نشاط واسهام فاعل بهذا الخصوص عن طريق الكتابة ونشر نتاجاتهم في الصحف والمجلات العربية لتسليط الضوء على كل ما من شأنه التعريف بقضيتهم العادلة  وتوضيحها للرأي العام العربي .
 كما يتوجب عليهم التصدي للأفكار والأقلام العربية العنصرية التي تنشر هنا وهناك بغرض تشويه الحقائق أو تزييف تاريخ الكورد والاساءة اليهم  واظهارهم بمظهر الدخلاء او المحتلين( لشمال العراق) كما يدعي هؤلاء ونقرأ لهم بين الحين والاخر في وسائل اعلامهم  العربية أو نشاهدهم على الفضائيات العربية المختلفة أو من خلال كتاباتهم في الصحافة الانترنيتية المنتشرة  .  فهذه الأباطيل والمحاولات المسمومة ينبغي عدم  السكوت عليها بل الرد عليها وكشفها  بكل الوسائل المتاحة ,  حتى يتمكن القارئ أو المشاهد العربي من التعرف على الحقائق . 
 وبالمقابل من المهم أن يقوم المثقفون الكورد بتقوية أواصر الصداقة مع المناصرين للقضية الكوردية من المثقفين العرب وأصحاب المواقف الشريفة من قضيتهم ,  ومد جسور الحوار بين العرب والكورد  الذي من شأنه التقريب بين  وجهات النظر وخلق الثقة بين الطرفين وتمتين العلاقات الطيبة بينهما.  

 



#كوردة_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة
- اليوم ذكرى أم الجرائم - بمناسبة مرور خمسة عشر عاما على جريمة ...
- حقائق تتحدث
- القضية الكوردية والفيدرالية في قرارات مؤتمر لندن للمعارضة ال ...
- تهنئة بمناسبة مرور عام على اصدار موقع الحوار المتمدن
- كركوك رحلة في ذاكرة التاريخ
- ليست الجبال وحدها اصدقاء للكورد
- سياسة التعريب ضد الكورد جريمة دولية لايمكن السكوت عليها
- توضيح الى الرأي العام العراقي
- القضية الكوردية وتأثيراتها على مستقبل العراق
- المشاريع العدوانية لتركيا الطورانية
- العراق ومشكلاته ...تداعيات الواقع وافاق المستقبل
- هل من المفروض ان نصفق الان....؟
- تطهير عرقي على الورق
- و ماذا بعد المؤتمر العسكري ... !
- مشاهد من قانون دراكون وتطبيقاته …على ارض الحضارات ! المشهد ا ...
- الاناء ينضح بما فيه ..رد على السيد علاء اللامي
- مشاهد من قانون دراكون* وتطبيقاته … على ارض الحضارات !
- جواب مشروع على تساؤلات غير مشروعة !
- لن يجدي الغريق التمسك بقشة ..!


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كوردة أمين - هل أنصف الاعلام العربي القضية الكوردية ؟