أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواز قادري - الرقابة في سورية مشكلة الرقيب ام مشكلة المؤسسة؟















المزيد.....

الرقابة في سورية مشكلة الرقيب ام مشكلة المؤسسة؟


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الملف المهم الذي يقوم بانجازه الشاعر والصحافي السوري ابراهيم الجبين، عن مشكلة الرقابة في سورية (نشر القسم الاول والثاني في العددين 1160 و1161 من جريدة الاسبوع الادبي التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب، بقي قسم ثالث) يتناول الملف المشكلة المستعصية بين المثقف والرقيب، ومدي تاثير ذلك علي المناخ الثقافي بشكل عام. واذا حولنا صيغة السؤال الذي يطرحه الملف: اشكالية علاقة المبدع مع الرقيب، الي اشكالية المبدع مع المؤسسة اولا، وتاليا مع الرقيب، سيكون بامكاننا ان نطرح المشكلة علي وجهها الحقيقي، باعتبار ان المشكلة مع الرقيب التابع للمؤسسة هي مشكلة اجرائية تتعلق بمنع مادة من النشر، او منع كتاب او قبول عضوية الي آخره... وطبعا هي اشكالية حقيقية وكبيرة، بينما المشكلة كما نراها هي في الجوهر اعمق من ذلك، واشد خطورة من هذه الاجراءات القمعية التضييقية، كونها تشمل بالمحصلة ليس فقط الغاء كل انواع الكتابة المختلفة والتي هي بشكل من الاشكال تعبر عن موقف المبدع او السياسي المعارض، والذي لا تكتفي فيه السلطة فقط من محاصرة المنتج الفكري او الادبي، بل تذهب الي ابعد من ذلك في محاولتها احكام الطوق كاملا علي المجتمع، من خلال محاصرة الثقافي الذي يشكل العامل الاكثر تاثيرا علي تطلعاته لاي تغيير حقيقي في المدي القريب او البعيد، وستكون فيه بالنتيجة قادرة ليس علي اعتقال الفكرة وحسب، بل وصاحبها ايضا، كما حصل في السنوات الاخيرة (هذا اذا تناسينا كل ما سبق!) للمثقفين والسياسيين امثال عارف دليلة وكمال اللبواني وانور البني وميشيل كيلو، والحكم عليهم بسنوات طويلة من السجن، وغيرهم الكثير، حيث تبادلت المؤسسة الثقافية الادوار مع الاجهزة القمعية، والهيئات القضائية، التعاون والتكامل بينهم كان لا بدّ ان يؤدي بالنتيجة ليس فقط الي محاصرة الاديب والمبدع، بل الي اقصائه كليا كلما احتاج الامر الي ذلك.
اذا المشكلة هي في المؤسسة، كنتيجة للذهنية القمعية التي خططتْ للدور الذي يجب ان تكون عليه هذه المؤسسة، في بلد مثل سورية، يختلط فيه الثقافي والامني الي الدرجة التي لا تستطيع ان تستثني ما هو امني حين تريد التحدث عن الثقافي. وحديثنا عن الرقابة في سورية لا بد ان يتم من خلال الحديث عن مؤسسة ثقافيّة مثل اتحاد الكتاب العرب، هذه المؤسسة النموذج الاكثر تعبيرا عن هذه العلاقة الشائنة بين المؤسسة والرقيب من جهة، والمبدع الحقيقي المقموع من جهة اُخري، (دون نسيان اتحاد الصحافيين ووزارة الاعلام والتلفزة والاذاعة والصحافة الرسمية والمجلات) المؤسسة التي اختارت دورا لرقيبها ليست له علاقة بالثقافة بأي معني من المعاني، وحددت له مهام هي في احسن احوالها، لا تبتعد كثيرا عن مهام المخبر الجميل الطموح والمخلص لان يكون جديرا بالمهام الموكلة اليه من قبل اسياده (ونحن نتكلم هنا عن المآل الذي آل اليه الاتحاد، ولسنا بصدد رصد التحولات التاريخية التي طرأت عليه، من حيث طبيعة مهامه، ونحن في نفس الوقت لا ننسي الاستثناءات المتواجدة داخله، والتي هي علي الاغلب مهمشة، او مقصية او مُبتعدة) وعلي ذلك نستنتج ان الرقيب الذي هو اجير لدي هذه المؤسسة بشكل او بآخر، لن يستطيع الخروج علي ان يكون مخبرها الجميل الذي تقع عليه ملاحقة ليس الذي يشير اليه النص فقط، بل وعلي ما يختبئ في نوايا الكاتب ايضا. ناهيك عن المعرفة المسبقة للمواقف المطلوب منه اتخاذها من اسماء محددة عليها اشارات استفهام امنية، او غير المرضي عنها علي الاقل، وارتباطه العضوي مع التابو: السياسة، الدين، الجنس . وغالبا ما يكون هذا المخبر الجميل ، غير مؤهل لاي دور له علاقة بالادب، ناهيك علي ان يكون قادرا علي تقييم العمل الابداعي الذي يتطلب اصلا، مبدعين حقيقيين لا يرضون بهذا الدور المخابراتي. وهذا ما يتلاءم مع طبيعة الدور التي اخذه اتحاد الكتاب العرب في سورية، علي سبيل المثال لا الحصر، كونه المؤسسة المفترض فيها ان تكون المناخ الحقيقي للابداع، وضمير الناس الحي ــ اذا جاز لنا ان نستخدم تعبيرا كبيرا في هذا المجال ــ والتي هي في الواقع اصبحت المكان الذي يجمع عددا كبيرا لكل من ليس له علاقة بالابداع، هؤلاء الذين يصلحون وحدهم لأخذ دور الرقيب (وأحد الادلة المهمة هو: هذا العدد الكبيرمن العسكر واتباعهم الحاصلين علي هذا الشرف، وهم لم يكتفوا بتخريب الثقافة وسرقة البلد، بل تعدي ذلك الي سرقة صفة الاديب والشاعر حتّي يكتمل المجد) في هكذا مؤسسة. امّا المبدعون الحقيقيون فيتم تجاهلهم او اقصاءهم او يبتعدون من تلقاء انفسهم كما اسلفنا. فمن هذه المشكلة الأم، لا بدّ ان يولد العديد من الابناء الشرعيين. وباعتقادنا ان الكلام العام مهْما كان مفيدا في هكذا موضوع، لن يكون كافيا دون تناول امثلة حية عن علاقة المثقف بالرقيب، حدثت وستحدث طالما الحال هو الحال. لكوننا اشرنا بشكل سريع الي مشكلة الرقابة في سورية علي وجه العموم، لا بأس ان نشير ختاما الي مسالة تدل علي تصوّرنا، المشكلة في المؤسسة وليست في الرقيب. لنري ما الذي تغيّر مع تغيّر الرئيس الابدي للاتحاد علي عقلة عرسان الذي غُيّرعلي اساس توصية حزبية بعد فوزه بالانتخابات الديمقراطية! عرسان الذي صدق انه سيُخلد كصاحبه فللكلب ما للامير ! والذي كان النموذج المثالي للقمع المكشوف والمدافع بكل ما يستطيع من قوّة لكي يكون الثقافي خادما للسياسي (وأي سياسي!). والمفارقة المحزنة المضحكة هنا، ان يتم استبدال العرسان بقرار حزبي وليس بديمقراطية البعث المفصّلة اصلا علي احجام خدم النظام، هذا العرسان الذي انكر بصفاقة لا مثيل لها، حين سألت احدي المنظمات الحقوقية عن الشاعر فرج بيرقدار المعتقل في السجون السورية، قائلا لا يوجد في سورية شاعر يحمل هذا الاسم لم ينكر وجوده في السجن فقط، بل انكر وجود شاعر بهذا الاسم وهو الذي دافع في بيان يحمل اسم اتحاد الكتاب (موقع باسم علي عقلة عرسان العروبيّ جدا) عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وكأن المعتقلين في سورية هم معتقلون من وفي كوكب آخر. لا بأس ان تجاوزنا مثال فرج والعديد من المثقفين الآخرين الذين لهم مواقف مشرفة وعلي اساسها يدفعون هذا الثمن الفادح، فالرجل يقوم بتنفيذ المهام الملقاة علي عاتقه وعاتق المؤسسة. ولكن الامر الملفت للانتباه ان العقلية القمعية التي تدار بها شؤون الثقافة لا تستثني حتي البعثيين ان لزم الامر: وليد مشوح شاعر بعثي كان مسؤولا ثقافيا في صحيفة البعث في التسعينات من القرن الماضي كما اذكر (عموما لا فرق بين صحيفة واخري فكلها صحف البعث وان حملت اسماء مختلفة) كل جريمته التي استوجبت دخوله الي السجن في الفترة التي كان فيها من قياديي الاتحاد، موافقته علي نشر قراءة لكتاب تراثي عن الجنس، سُجن البعثي المسؤول الاتحادي لمجرد موافقته علي مادة اثارت الابواق الدينيّة للنظام، مثل محمد سعيد رمضان البوطي، (هذا الشيخ الذي قال علي الهواء في مقابلة اجراها التلفزيون السوري مع المشيعين لباسل الاسد بما معناه اني اراه من هنا في الجنة جنبا الي جنب مع الصديقين والانبياء ، وانا هنا اكتب من الذاكرة، المهم لم يحرك هذا العرسان شعرة واحدة للمطالبة برفيقه الحزبي وزميله في قيادة الاتحاد، حتي لا تزعل الاجهزة الامنية المتواطئة مع الرقيب الديني، والعزيزة جدا علي قلبه. وهناك العديد من الامثلة التي لا يتسع لها المجال هنا. ذهب العرسان وجاء حسين جمعة رئيسا جديدا للاتحاد.
كل الشواهد تؤكد ان الرئيس الجديد للاتحاد سيؤدي دوره المطلوب علي اكمل وجه في هذه المؤسسة، والذي لن يختلف عن سابقه الاّ اذا كانت المرحلة تتطلب ما هو اسوأ، مثلا ان يكون الصلح مع اسرائيل عملا وطنيا وقوميا يجب ان يصفق المثقفون السوريون له والاّ.... وليس مهما في هذا المجال ان نقول ان الرئيس الجديد حاول ان يختصر تاريخ الاتحاد ليجعله منجزا بعثيّا حصرا ولن نذكر موقفه الشائن من سعد الله ونوس ومن ورثته وخلافاته معهم حول الراتب التقاعدي او غيرها من الامثلة، كل هذا ليس مهما، المهم هو ان نقول: ما دامت الآليات نفسها هي التي تقود عمل هذا الاتحاد والذي يعتمد علي القاعدة نفسها التي تمّ بموجبها الاستفراد بحكم البلد حكما مطلقا، ما جدوي ان يكون هناك رئيس جديد عبر التعيين او الانتخابات ما دام البعثيّون (وكلمة البعثيين هنا وحدها لا تكفي، بل علينا ان نقول الاكثر ارتباطا منهم بالاجهزة الامنية علي وجه الدقّة) يجب ان يحصلوا علي اكثر من النصف ان كان في مجلس الاتحاد، او في المكتب التنفيذي، وبعد ذلك ياتي اعضاء الجبهة الوطنية الذين يشاركون النظام في افتراس البلد (فنسبتهم محفوظة في مجلس الشعب وفي الوزارة وفي بقية اللعبة) ولا بدّ ان تكون لهم حصة ايضا في عملية اخصاء الثقافة. ومن هنا اي حديث عن مشكلة الرقيب بعيدا عن تناول طبيعة المؤسسات الثقافية التي كوّنها النظام لخدمته، والتي اوصلت الثقافة في سورية الي هذه الحالة المزرية (وهل تكفي كلمة مزرية) التي وصلت اليها، ليس اكثر من ذرّ الرماد في عيون لم تعد تتحمّل المزيد من الرماد!)



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر السوري : فواز قادري في حوار مع جريدة العرب اليوم الار ...
- فخاخ سليم بركات -شهادة - منشورة في العدد الخاص من حجل نامة
- مأتم سوريا الراقص
- كم قلتُ لكِ
- الأرض المجروحة ... نشور الكائنات
- شباك على غابة..ثلاثون صباحا ارقا
- ظل وردة عطشى .....قصائد
- قصيدة بسيطة كالحرب حرب صعبة كالقصيدة
- الضحايا في عراق ” الموت الجميل ” بشر وليسوا ارقاما
- بديهيات -اسرائيل-وسقوط النظام العربي الاخير
- صباحكِ له اجنحة...قلبي سماء
- صباحكِ له اجنحة..قلبي سماء
- صباحكِ له اجنحة وقلبي سماء.........الى..هبة
- .في الاول من ايار....كرنفال الايدي الخالقة
- شموع عيد الميلاد الاخير .الى تانيا في وحدتها العارمة
- عابرة ….. الى سيليفيا حبث تحتشد الارصفة بالغرباء
- موتى يقتسمون الوقت
- الى شهداء آذار والى نيروز, وامَي
- احتفي بكِ كما لم يحتفِ عاشق من قبل. اليها في عيدها
- فخاخ معلنة


المزيد.....




- أندر إوز بالعالم وُجد بفناء منزل في كاليفورنيا.. كم عددها وك ...
- بعدما وضعتها تايلور سويفت في كوتشيلا.. شاهد الإقبال الكبير ع ...
- طائرتان كادتا تصطدمان في حادث وشيك أثناء الإقلاع.. شاهد رد ف ...
- بعد استخدامها -الفيتو-.. محمود عباس: سنعيد النظر في العلاقات ...
- لبنان.. القبض على رجل قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ود ...
- هل ستجر إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة في الشرق الأو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطنيين في مخيم نور شمس شمالي ...
- الصين.. عودة كاسحتي الجليد إلى شنغهاي بعد انتهاء بعثة استكشا ...
- احباط عملية تهريب مخدرات بقيمة 8.5 مليون دولار متوجهة من إير ...
- -كتائب القسام- تعرض مشاهد من استهدافها جرافة عسكرية إسرائيلي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواز قادري - الرقابة في سورية مشكلة الرقيب ام مشكلة المؤسسة؟