أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أبيض وأسود














المزيد.....

أبيض وأسود


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:28
المحور: المجتمع المدني
    


قبل أيام خصص برنامج أوبرا على قناة mbc4 إحدى فقراته لموضوعة في غاية الحساسية والأهمية وهي مسألة نظر السود للونهم وفيما إذا كانوا يرون أنفسهم أقل جمالاً من البيض بسبب اللون ليس إلاً، حيث استضافت أوبرا التي يشاهد برنامجها ملايين الأشخاص في العالم مخرجة فيلم تسجيلي شابة سوداء في التاسعة عشرة من عمرها تدعى كيري ديفيس مع عرض مقاطع من أول فيلم لها صوَّرته، و الذي يبدو أنه حرّك ساكناً في بعض الأوساط الأميركية.. تختبر كيري مجموعة من الأطفال الإناث من أصل أفريقي، تضع أمامهن دميتين لطفلتين أحداهما سوداء والثانية شقراء وتطلب منهن أن يخترن الأجمل بينهما، والغريب أنهن جميعاً اخترن الدمية الشقراء، وحين سألت واحدة منهن؛ وأنتِ تشبهين أي من الدميتين؟ أشارت بحسرة وخجل إلى السوداء. كانت لقطة صادمة، قالت أوبرا عنها أنها شعرت بشعر رأسها يقف. فيما قالت شابات سوداوات أن اللون الأبيض والفاتح أجمل من اللون القاتم. وتحدثن عن التمييز الذي تعرضن له خلال سنوات حياتهن، ولاسيما في مرحلة الطفولة. وإذا ما عرفنا كما يقول علماء النفس أن خصائص شخصية الفرد تتكون من خلال تجارب السنوات الخمس الأولى من العمر وجب علينا أن نخشى تداعيات وانعكاسات مثل هذه الظاهرة. وأحسب أن العائلة ومن ثم المجتمع مسؤولان عن هذا. فحس التمييز، في هذا السياق، يمكن أن ينمو باتجاهين، كلاهما ضار، الأول أن يعتقد المرء انه أقل من الآخرين جمالاً أو كفاءة أو أهمية وقيمة إنسانية بسبب لونه أو جنسه أو عرقه أو مذهبه، الخ، والثاني هو أن يعتقد أنه أفضل من الآخرين، في تلكم النواحي، وطبعاً من غير مسوغات موضوعية.
من الطبيعي أن يبحث الإنسان عن التميز والفرادة، لكن هناك فرقاً جوهرياً بين من يشعر بالتميز والأفضلية في مقابل احتقار الآخرين وإقصائهم وأحياناً قتلهم متذرعاً بأسباب ورثها بيولوجياً واجتماعياً كاللون والدين والمذهب والقومية والمنطقة والعشيرة، وآخر يبحث عن الفرادة والتميز بوساطة عمله وكدّه وإبداعه، ومساهمته في الإنتاج. ولا نحتاج إلى إثباتات معقدة لنبرهن كيف كانت نتائج النوع الأول مؤذية ودامية وكارثية إذ التاريخ يخبرنا كيف اندلعت الحروب الأهلية وتلك التي عبر الحدود وتصاعدت التصفيات الجماعية بسبب تبني النوع الأول الوهمي، أو اتخاذه مبرراً في سبيل مصالح فئات وجماعات ودول محددة. في الوقت الذي تطورت المجتمعات التي تبنت النوع الثاني وتماسكت لأنها وضعت الكفاءة والموهبة والقدرات الإبداعية والجد في العمل معايير للتمييز بين الأفراد في إشغال المواقع الإدارية والفنية والحصول على الدخل واكتساب القيمة الاجتماعية.
هذا في أميركا، ولكن ماذا بشأننا؟
حدثني صديق لي يسكن منطقة مختلطة مذهبياً، إنه بعد سقوط نظام صدام واحتلال العراق بسنتين جاءه ابنه الذي سجله تواً في الصف الأول الابتدائي وسأله فيما إذا كانوا من السنّة أو الشيعة، قال صديقي لابنه؛ إن سألك أحدهم هذا السؤال قل له؛ إني مسلم. في اليوم التالي أخبره ابنه؛ هذا لا ينفع لأن الصف صاروا فريقين.. كان هذا قبل سنتين.. إنه شيء مرعب، أليس كذلك؟!!. حين حكيت هذا لصديق آخر قال لي؛ هناك ما هو أرعب؛ معلمة قسمت الصف إلى جهتين.. قلت له؛ أرجوك لا تكمل.. يا للهول.
أعرف أن الأمر حساس جداً، لكن حساسيته لا تمنع من أن نطرحه في الهواء الطلق. بل على العكس، فنحن اليوم نجني ثماره المرة. وقطعاً إن لم نضع حداً حقيقياً له فإننا للأسف سنجني فيما بعد ما هو أكثر مرارة. وهو ما يهدد هويتنا الوطنية في الصميم.
العائلة مسؤولة أولاً، وكذلك المجتمع والدولة ومؤسساتهما ( المدرسة والجامعة والجامع والمسجد والحسينية ومنظمات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام والثقافة، وكل من يهمه الأمر أو له صلة به.. وهل ثمة عراقي شريف لا يهمه الأمر وليس له به صلة؟ )، لذا أقترح عبر هذا المنبر أن تخصص برامج تلفزيونية وندوات اجتماعية ومناقشات في مراكز البحوث وأجهزة الإعلام المختلفة بمشاركة مختصين وعلماء ومثقفين وسياسيين ومواطنين اعتياديين، وقبل نصل إلى خط اللاعودة، لمناقشة هذا الجانب الخطير من محنتنا ومحاربة حس التمييز والنبذ على أساس الدين والقومية واللون والمنطقة والعشيرة، الخ، لا بإنكار وجوده والاكتفاء باتهام جهات خارجية فقط بإثارته، ولكن بالاعتراف بأن هناك بعضاً منّا، ممن يستهويهم هذا الأمر، ويشيعونه ويعمقونه عن جهل أو عن قصد.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البانتوميم نصاً أدبياً: محاولات صباح الأنباري
- ابنة الحظ لإيزابيل الليندي؛ رواية حب ونهوض مدينة
- تحوّل الاهتمامات
- أنا وحماري لخوان رامون خيمينث: بلاتيرو في العالم
- من لا يتغير؟
- مصالح
- الاستشراق والإسلام قراءة أخرى لشؤون الشرق
- -تقنية شهرزاد في -حكايات إيفا لونا
- مروية عنوانها؛ طه حسين
- -حياة ساكنة- لقتيبة الجنابي
- في الروح الوطنية العراقية
- إمبراطورية العقل الأميركي: قراءة أولى
- في الاستثمار الثقافي
- نحو حوار ثقافي عراقي
- بمناسبة بلوغه الثمانين: ماركيز بين روايتين
- حين يُصادر كافكا وبوشكين؛ الإيديولوجيا والإنتاج الثقافي
- فيروسات بشرية
- جحا وابنه والحمار
- الأفضل هو الأسرع
- الإعلام العربي: سلطة الإيديولوجيا ومقتضيات العصر


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أبيض وأسود