أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - صبيحة الرابع عشر من تموز 1958















المزيد.....

صبيحة الرابع عشر من تموز 1958


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:51
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


كانت الارهاصات تمور في نفوس ابناء الشعب العراقي من جراء استهانة السلطة آنذاك بما كان يعتبر من الطلبات الجماهيرية الملحة؛ وليس المهم هنا ان تلك المطاليب كانت بسبب الارادة الشعبية المجردة أم تحت تأثير الوضع العربي والعالمي الداعم للمواقف التحررية ومن ورائهما الكتل الكبرى المناهضة للاستعمار آنذاك .
لقد كانت المطاليب الجوهرية العامة للشعب العراقي ؛ تتركز على الخروج من حلف بغداد ؛ وانتهاج سياسة اقتصادية متحررة من السيطرة الاجنبية ؛ وكسر احتكار ثروات البلاد ( النفطية بخاصة ) من تحكم الشركات الاجنبية ؛ والخروج نهائيا من المنطقة الاسترلينية ؛ واعتماد العملة العراقية على رصيدها الذاتي الوطني ؛ والوقوف الى جانب الطبقات الكادحة ودعم التنظيمات النقابية ؛ واصدار قانون الاصلاح الزراعي ؛ وانهاء الاقطاع .... الخ اما بقية المطاليب التي سبق للاحزاب الوطنية ان ادرجتها في بياناتها المعلنة ؛ فقد كانت جزءا لا يتجزأ من برنامج النضال من اجل الحرية بصيغة اعم وأشمل بحيث تتعدى الجانب السياسي الى جوانب اخر تغطي مجالات اوسع تشمل مناحي الحياة ؛ بدءا من ضمان لقمة العيش للمواطنين حتى الصعودالى اعلى سلم رفاهية الفرد على كل الاصعدة التي تحفظ له مكانته وكرامته .

ان اللوحة الوطنية التي كتبت بدماء الشهداء على مر عقود التضحيات ؛ كانت مستخلصة من تراكمات الاصرار الوطني على ضرورة تلبيتها مهما كانت العوائق والموانع الموضوعة امام دوران عجلة الاماني الشعبية ؛ وذلك للوصول الى الهدف والمطمح المشروع . ان مواقف الشعوب ترتبط جذريا بمصير الوطن ككل في حاضره ومستقبله اي بمصلحته العليا اولا وقبل كل شيء ؛ ومن خلال هذه النظرة الملتزمة يصبح من المعيب على رجال الفكر ان يتوقفوا امام العوارض الزائلة او الاخطاء التفيذية ليعقدوا مقارنة مجحفة بين لب الموقف وجوهره ؛ وبين الاسباب الشكلية التي أدت الىبعض التصرفات التي خلقتها ظروف هي خارجة عن الارادة الوطنية مما يتوجب على الطبقة المثقفة بالذات ابعادها عن دائرة النقاشات المترهلة والتركيز على قيمة الحدث الاهم الا وهو ثورة 14 تموز التي اجمع على قيامها العراقيون .

ان دراسة هذا الموضوع الجوهري ؛ خارج نطاق الرؤى الفردية ؛ا و المواقف التفيذية اللاحقة التي حدثت من قبل فئات متشابكة الاغراض والمصالح ؛ سيجعلنا اكثر انصافا للمبدأ الذي قامت عليه تلك الثورة المجيدة ؛ ثم ما حققته فعلا ( وفي مدة قصيرة من الزمن ) من مطالب شعبية أساسية وحاسمة ؛ سبق ان اشرنا اليها اعلاه .

لو اتيحت لك فرصة التوقف بين صفوف الجماهير الهادرة صبيحة ذلك اليوم الاغر وسألت اي فرد من ابناء الشعب العراقي ( من غير المتضررين بالطبع )عن شعوره تجاه هذا الحدث العظيم لاجابك والزهو يملأ جوانحه بالفخر ؛ انه من اسعد ايام الشموخ الوطني المنزه عن كل تدخل اجنبي ؛ وعن اي مطمح شخصي .... و اذكر جيدا بهذا الصدد ايضا ؛ انه في امسية رائقة من اماسي مجلس ثقافي بغدادي كان ينعقد كل يوم ثلاثاء في منطقة المنصور يحضره ــ كالمعتاد ـ عدد كبير من رجال الفكر والسياسة والادب والفن والتراث ؛ ان طرح احد الحاضرين سؤالا على شخصية كبيرة من قادة ثورة 14 تموز ؛ مفاده ؛( هل تجد اليوم وبعد مرور ربع قرن من الزمن ؛ ان تلك الثورة كانت ضرورية وصائبة ؟!؛) تأمل الرجل الكبير في وجه السائل قليلا ورد بصيغة ذكية حملت الجواب على جناح سؤال كالآتي : ( ألم تكن تلك الثورة الشجاعة مطلبا جماهيريا كاسحا ؟!)؛ هنا تلعثم السائل عند هذه المبادهة التي لم يحسب لها حسابا وهو يقول ؛ ( نعم .. في حينه ؛ كانت كذلك .... ) وبنظرة ذات مغزى رد الرجل الحكيم قائلا ( والا يكفي هذا السبب لاندلاع الثورة)؟!!

نعم .... لقد كانت ثورة 14 تموز الخالدة مطلبا جماهيريا تحقق بالارادة الشعبية المتراكمة عبر عقود وعقود ؛ وبقيادة عسكرية وطنية تفذت الارادة بكثير من الصبر و والشجاعة والاقدام .
اما ما حدث بعد ذلك الفجر المعطاء ؛ فلتراجع صفحات التاريخ بمعزل عن الاماني والتطلعات
الشخصانية ؛ والمطامح الفردية الموجهة في كثير من الاحيان من جهات تلعب مصالحهــــــا
الضيقة الدور الاساس في تقوية مواقفها الغارقة في الانانية .والنظرة الضيقة .

لقد جاء ت مباديء 14 تموز صبيحة ذلك الفجر الساطع بأنبل ما كان العراقي والعربي يتمناه ويسعى اليه في سياسته الداخلية والخارجية ؛ وان تلك المباديء القيمة جمعت حولها شخصيات وطنية ؛ لم تتنازعها اعراق او طائفيات اوأثنيات ؛ ولا تكالبت حولها مطامح الاثراء غير المشروع ؛ لأن المبادي الطاهرة تجذب اليها الفئات االنقية .

وحينما نعود اليوم لنستعرض انعكاسات ثورة 14 تموز على مسيرة التأريخ المعاصر ؛ نجدها قد أثرت بشكل بعيد المدى على التطلعات والمواقف وخطوات التنفيذ وحتى هذه الساعة بحيث لاتستطيع اية جهة ان تعزل نفسها عما طرحته تلك الثورة المشرقة من مباديء ؛ سياسية واقتصادية وزراعية وتربوية وصحية ... الخ بل ومن الثابت ان ليس هناك جهة تستطيع ان تمحي التأثيرات العميقة التي طرحتها الجمهورية الاولى على الساحة العامة وبخاصة تلك التي تتعلق بالاتجاهات الوطنية التي اطلقتها من عقالها لتحلق في سماء رحبة ولتعانق كثيرا من حركات التحرر في العالم في توجاهاتها ومسيرتها ومبادراتها .

لقد كانت ثورة 14 تموز ؛ ثورة عراقية بارادة وسواعد شعبية ؛ تحمل بنودا وطنية ؛ وتمتطي دروعا عراقية وتقودها مطامح وآمال الملايين من ابناء الفراتين ؛ ؛ ولكونها قد اقتحمت ساحة الحرية لوحدها وخارج نطاق ارادة دوائر الامبريالية ؛ فقد جندت لها تلك الدوائر صراعات ومشاكل جانبية ومشاريع سياسية تعجيزية لم ينفذ منها اصغر جزء لحد هذه اللحظة. بل ولانها كذلك .... فقد دخلت معاركة كبرى مع مزيفي الحقائق من صناع اكاذيب التاريخ خرجت منه بشهادات و وثائق دامغة ؛ منتصرة لنقاء صفحتها وكريم مبادئها.
وحيث ان هذه الثورة الحقيقية المقدامة كانت ولم تزل عراقية شعبية المنبع والمصب ؛ فان الاحتفاء والاحتفال بها شعبيا وعلى كل الاصعدة هو احتفال بالارادة الوطنية الحرة ضد الارادة المغتصبة المستعبدة . وبالتالي فهو احتفال كان ولم يزل يعبر عن ايمان الجماهير بثورتها التي استطاعت ان تنتزع الحرية ؛ وتذود عن حرمة الوطن وكرامته ووحدة شعبه و ارضه؛ وتقف الى جانب مختلف فئات الشعب دونما تفريق او تمايز وبخاصة تلك الطبقة الواسعة من الفقراء .






#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الحكم والتقرب الى الشعب
- الأفاك
- الزوبعة
- الجار الهاديء
- الى زوجتي
- جدار عدو الحرية
- ذكريات خاصة عن جسر مكسور الجناح
- محاولة في اصلاح ما خربه الاحتلال 22
- محاولة في اصلاح ما خربه الاحتلال 1 2
- محصلة الحرب المشؤومة
- *موريتانيا كما شاهدتها
- من مناهل مجالس بغداد الادبية
- تل الحروف المتفحمة
- والقصف الوحشي مستمر
- حجاب المرأة والحرية الشخصية
- أدب القضاة -20
- في هوى بغداد
- أدب القضاة رسائل وتعليقات
- قصيدتان
- وكان يقودها انتحاري


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - صبيحة الرابع عشر من تموز 1958