أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صبحي حديدي - كعكة كافكا














المزيد.....

كعكة كافكا


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 11:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قبل أسابيع قليلة نشر الشاعر اللبناني بسام حجار مقالة (سياسية، على غير عاداته الكتابية عموماً) حملت العنوان اللافت "كافكا في ريف دمشق"، وتألفت من عشرة مقاطع مرقّمة تنتهج روحية التعليق، الساخر الأسود تارة أو المضحك المبكي طوراً، على بعض الوقائع المستجدة في الأوضاع اللبنانية والسورية: المحكمة الدولية، وتحذيرات النائب السوري محمد حبش من أنّ إقرارها تحت البند السابع سوف يؤدّي إلى كارثة، وانتخابات الرئيس السوري بنسبة تزيد عن 97% (وهذه، وحدها، "تستحقّ محكمة دولية" كما يقول حجار)، وغرابة أن يكون الممثّل الفعلي لنسبة 70% من أصوات المسيحيين في لبنان عاجزاً عن الفوز في انتخابات طلابيّة أو نقابة مهنية...
وبالطبع، العنصر الأوّل اللافت في العنوان هو الربط بين كافكا وريف دمشق، حيث يتعذّر قبل إتمام قراءة المقال إدراك المغزى البسيط المتمثّل في أنّ غالبية الوقائع التي تتناولها التعليقات كافكاوية الطابع من جهة، ومبتدئة من دمشق ومنتهية إليها من جهة ثانية. ولكن، لماذا ريف دمشق، وليس دمشق فقط؟ هل دمشق هي الريف (مقابل لبنان، المدينة؟)، أم العكس تماماً: لبنان، كما تريده السلطة السورية، هو ريفها؟ وهل أهل السلطة، في سورية أو في لبنان، هم وحدهم موضوع التجاذب بين الريف والمدينة، أم يدخل في نطاقه الشعبان والبلدان أيضاً؟ هذا غموض لا توفّره القراءة، لأنّ المادّة لا تكفي لتخفيض درجة الغموض، ناهيك عن ترجيح تأويل هنا أو استبعاد التباس هناك. العنصر الثاني اللافت، الذي يزيد في الغموض، هو أنّ المقالة بأسرها لا تأتي البتة على ذكر كلمة كافكا، ولا كلمة ريف، ما خلا تلك المرّة اليتيمة في العنوان.
ولعلّي أبدأ من حقّ بسام حجار، الشاعر، في أن تكون فضيلة الشكّ معه وليس ضدّه، بمعنى أنه مارس حقاً شعرياً في بعثرة الدلالة، أو تشريد التعبير، أو تعكير صفو المعنى وكسر سكون المفردة وخرق ركود القول. هذا، في نهاية المطاف، شاعر اعتبر القصيدة "حدّ استقراء الصمت. فقط"، وفي مقابل السؤالين الشهيرين: «لماذا لا تقول ما يُفهم» و«لماذا لا تفهم ما يُقال»، وقف قاب قوسين أو أدنى من اقتراح سؤال ثالث: لِمَ لا تفهم ما لا يُقال؟ إذْ «لعلّ الجدوى، كل الجدوى، في إبراء حدّ الشعر مما يكتنف القول من لغو ورطانة» كما كتب في مقالة لامعة عنوانها، بالضبط: "فهم ما لا يُقال". صحيح أنه هنا يكتب في السياسة، أي لا يكتب شعراً يبيح له كلّ هذه الإجازات، ولكن أليس بين الفضائل (القليلة... القليلة!) لهذه الأوضاع اللبنانية الكافكاوية أنها أكسبتنا مقالة سياسية رفيعة يوقعها أمثال عباس بيضون وبول شاول وبسام حجار؟
ثمّ لعلّي، بعدئذ، أنتقل من حقّ صديقي الشاعر إلى حقّي الشخصي، كمواطن سوري يعنيه كثيراً أن لا يكون أحد ريفاً لأحد بالمعنى الانتقاصي للمفردة، وحيث يُراد للمعنى أن يفيد الباحة الخلفية. ورغم أنني أستبعد بقوّة أن يكون ترييف الشام على يد جبل لبنان، أو العكس طبعاً، هو المغزى وراء استخدام المفردة، فإني مع ذلك أنتهز الفرصة لكي أساهم في تبديد احتمالات الإلتباس هنا، وفي الآن ذاته تأكيد احتمالات انعدام الإلتباس في عدد من المفردات الخبيثة التي أخذت تطفو هنا وهناك على لغة التخاطب بين بعض السوريين وبعض اللبنانيين.
وقبل أيام شاركت في اعتصام نظّمه الأشقاء اللبنانيون على مبعدة أمتار من السفارة السورية في باريس، وكنت في ذلك أؤدّي ما هو أعمق بكثير من مجرّد واجب التضامن. لكن ممثّلي إحدى القوى السياسية اللبنانية وصلوا إلى ساحة الاعتصام حاملين ملصقاً يصوّر ما يشبه الشبح حاصد أرواح البشر، وكتبوا على صدره كلمة "سورية". ولم يكن من الممكن لي، وشاركني للإنصاف عدد من الأصدقاء اللبنانيين، السكوت على هذه المساواة المنفّرة بين سورية البلد والشعب، ونظام الاستبداد الذي يخرّبها مثلما يفعل في لبنان. وكان الحلّ بسيطاً ومنطقياً، ولم يكن شكلياً أو شكلانياً في يقيني: طمس كلمة "سورية" بقصاصة كُتب عليها "النظام السوري".
ولقد مرّت حقبة أكثر التباساً، شهدت شيوع هتافات لبنانية من النوع التالي: «لا لجمهورية الكعك»، و«ما بدنا كعك بلبنان، إلا الكعك اللبناني»، في عزّ هيمنة النظام السوري ليس بتجنيد الكعكة السورية، بل بسطوة الدبابة وأجهزة عنجر وغازي كنعان. والحال أنّ حنين أولئك اللبنانيين إلى كعك لبناني فقط، وصمتهم المطبق حيال الجنرال السوري للاستئساد على العامل السوري، لم يكن سوى نوستالجيا مقلوبة ترفض «جمهورية الكعك» السورية من أجل إحياء «جمهورية الموز» اللبنانية! وكأنّ غالبية رجال الدولة اللبنانية لم يكونوا، آنذاك، من باعة كعك التزلف أو النفاق أو العمالة المباشرة للنظام السوري؛ أو كأنّ اللواء جميل السيّد لم يكن لبنانياً صافي المحتد والنسب، ولم يكن «صوت سيّده» في نقل المواطن اللبناني من الدلف إلى المزراب، وفي اعتقال العباد ومراقبة البريد والتنصّت على الهواتف ومنع المطبوعات.
وها هي المفارقة الكافكاوية تمتدّ من الماضي إلى الراهن، لأنّ دعاة الكعك اللبناني الصافي كانوا من أنصار الجنرال ميشيل عون إجمالاً، فانظروا أيّ كعك يبيعون اليوم




#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادات الأمّة الأمريكية: ليس رحم التاريخ، بل برميل النفط الع ...
- القوقعة والذاكرة
- كسر الجليد السوري الإسرائيلي: ما يطرأ سريعاً يتطاير أسرع
- أدونيس والوهابية: عود على بدء
- -حماس- وعبّاس: ديمقراطية رجيمة أسقطت ورقة التوت
- درز خازندار الرهيف
- إسرائيل في ذكرى 5 حزيران: حصّة الكابوس، بين رقصة حرب وأخرى
- مأزق تركيا المعاصرة: حجاب السيدة أردوغان، أم العسكرتاريا؟
- جدل الشاعر الكبير
- الأسد في الولاية الثانية: ثابت الاستبداد ومتحوّل ال 99%
- أرباب التأويل
- -زيزو- ضدّ ساركو-
- الحاضر الفرنسي عشية الانتخابات: زمن ماضٍ ناقص
- تمويه المعنى
- روسيا يلتسين: جدل المخاضات العسيرة والولادات الزائفة
- حكاية فرنسية
- سورية الشعب في مفاوضات السرّ: التغييب أو مطحنة الشائعات
- نزار قباني وقصيدة النثر
- بيلوسي في دمشق: تطبيل خلف أضغاث أحلام
- انحطاط كريستوفر هتشنز


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صبحي حديدي - كعكة كافكا