أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جواد البشيتي - البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!














المزيد.....

البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1971 - 2007 / 7 / 9 - 11:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


البتراء.. شرعية منزَّهة عن "الانتخاب"!

بحسب بعض المعايير الحضارية ـ العلمية، تُعَدُّ (أي يمكن ويجب أن تُعَد) البتراء، أو المدينة الصخرية الوردية، عجيبة من عجائب الدنيا.. من عجائب الحضارة، التي لا أرى من معنى لـ "تسبيعها"، أي جعلها سَبْعاً. و"العجيبة"، هنا، إنَّما هي شيء صنعه الإنسان، يدعو إلى العجب، أي نستطرفه لغرابته، أو نَسْتَعْظمه. وهذا الاستطراف، أو الاستعظام، إنَّما هو أثر يَتْرُكه هذا الشيء في نفوس وعقول البشر من أبناء الحضارات اللاحقة الذين يكتشفون في العجيبة الحضارية (القديمة) ما يجعلهم يستعظمون أن يصنعها بشر من أبناء الحضارات السابقة. ولا شكَّ في أنَّ الأمم الأكثر تطوُّرا من الوجهة الحضارية والثقافية والعلمية هي التي ترى في عجائب الدنيا، كمثل الهرم خوفو والبتراء، من أوجه "الإعجاز الحضاري" ما تَعْجَز عن رؤيته الأمم المتخلِّفة حضاريا، فالسائح الأوروبي الذي يزور المدينة الوردية يراها بـ "عين مُثَقَّفة"، فيرى فيها، بالتالي، ما نَعْجَز عن رؤيته عندما نزورها.

لقد صوَّتنا مع نحو 100 مليون مُصوِّت من أجناس وأمم الأرض كافة في أوَّل "انتخابات" من نوعها في عصرنا الذي فيه من الخواص والسمات ما يُبرِّر تسميته "عصر العولمة". وقد كنتُ أتمنى أن يشبه هذا التصويت التصويت لـ "برامج حزبية"، أي أن يَنْتَخِب الناخب هذا "المرشَّح"، وهو البتراء، وهو على عِلْمٍ بما يجعله في هذه الأهمية الحضارية.. فـ "ما هي البتراء؟"، و"في ما تكمن أهميتها الحضارية؟"، كانا السؤالين اللذين ينبغي لإجابتهما العلمية الموضوعية أن تُقيم في عقول المصوِّتين قبل ومن أجل أن يصوِّتوا، فنحن انْتَخَبْنا البتراء وكأننا ننتخب البرلمان، أي في الطريقة الانتخابية ذاتها.

البتراء، العظيمة في حدِّ ذاتها، والتي يشرح لنا التاريخ أوجه عظمتها الحضارية، ليست في حاجة إلى "الشرعية الانتخابية"، فثمَّة أشياء تملك من الشرعية الحضارية والتاريخية والعلمية ما يجعلها منزَّهة عن "الشرعية الانتخابية"، فشعار "يعيش.. ويسقط" الذي يصحُّ في السياسة، والذي تشتد حاجتنا إليه في سعينا إلى إصلاح أوجه العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لا يصح في أمور تشبه حقائقها الحقائق العلمية، فهل لكم، مثلا، أن تقترحوا تصويتاً شعبيا ـ عالميا على "النسبية الخاصة" لآينشتاين حتى تقرِّروا استنادا إلى نتائجه صواب أو خطأ تلك النظرية التي فيها ما يدعو إلى العجب أكثر كثيرا من عجائب الدنيا السبع كلها.. القديمة والجديدة؟!

"العجيبة" التي رأيْتُها هي البحث عن "شرعية انتخابية" لأشياء ينبغي لنا تنزيهها عن تلك الشرعية؛ لأنَّها تستمدُّ شرعيتها من مَصْدَر يشبه المَصْدَر الذي منه تَسْتَمِد الحقائق العلمية شرعيتها.. و"تنزيه" حياتنا السياسية عن الشرعية الانتخابية.

حتى "القانون الانتخابي"، الذي بموجبه أجْري التصويت، كان فيه من "الروح التجارية" أكثر كثيرا ممَّا كان فيه من "الروح الديمقراطية"، فالمُتَّجِرون بسلعة "عجائب الدنيا السبع" كانوا هم "الرابح الأكبر (ماليا)". وكانت تجارتهم يخالطها كثير من "السياسة". و"الوسطاء" بين هؤلاء "التُجَّار الدوليين الكبار" و"جماهير الناخبين الدوليين" ربحوا (ماليا) أيضا إذ اخترعوا "حق شراء الأصوات"، فتصويتكَ الأوَّل مجَّاني، وينبغي لكَ بموجب "قانونه" أن تختار من "القائمة" سَبْعا من العجائب المرشَّحة. ولكَ الحق بعد ذلك في أن تشتري ما شئت من الأصوات لتدلي بها لمصلحة عجيبة بعينها. أمَّا "أدوات الاقتراع"، كمثل "الإنترنت" و"الموبايل"، فليست في متناوَل أيدي غالبية البشر، أو غالبية من يحق لهم الاقتراع.

على مقربة من "المدينة الوردية" يقع جبل هارون، الذي يضم قبر النبي هارون، و"الينابيع السبعة" التي تفجَّرت إذ ضرب موسى بعصاه الصخر. وأخشى ما أخشاه أن يُدْرَج هذا الموقع في قائمة المرشَّحين الجُدُد لـ "الانتخابات المقبلة".

بقي أن نقول إنَّ البتراء قيمة حضارية عظيمة.. كانت كذلك قبل "التصويت"، وستبقى كذلك بعده؛ إنَّها تعطي الشرعية لـ "الانتخابات"، ولا تستمدها منها. و"الحقائق" التاريخية والعلمية، أو ما يشبهها، لا يمكن أبدا وزنها بـ "الميزان الانتخابي"، فـ "الحقيقة"، و"الحقيقة العظمى" على وجه الخصوص، لا تُوْلَد إلا بوصفها "شَرَّاً"؛ لأنَّها تَهْدِم ما ابتناه البشر من أوثانٍ فكرية، وتَخْرُج عمَّا، وعلى ما، تواضعوا وأجمعوا عليه من أفكار ومفاهيم وحقائق؛ وللتذكير إنْ نفعت الذكرى نُذَكِّر بعبارة "ولكنَّها تدور!".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الفقر القيادي المدقع!
- -روابط القرى-.. هل تعود بحلَّة جديدة؟!
- خيارٌ وُلِد من موت الخيارين!
- -الأسوأ- الذي لم يَقَع بعد!
- وَقْفَة فلسطينية مع الذات!
- هذا -الكنز الاستراتيجي- الإسرائيلي!
- -رغبة بوش- و-فرصة اولمرت-!
- تحدِّي -الضفة- وتحدِّي -القطاع-!
- بعضٌ من ملامح المستقبل القريب
- هذا -النصر- اللعين!
- ثنائية -الإيمان- و-الإلحاد-.. نشوءاً وتطوُّراً
- -التقسيم الثاني- لفلسطين!
- -حماس- خانت شعبها!
- حرب إسرائيلية بسلاح فلسطيني وأيدٍ فلسطينية!
- مناورات على مقربة من -ديمونا-!
- حل مشكلة -حق العودة- يبدأ من هنا!
- -النكسة-.. معنىً ومبنىً!
- -لُغْز- العبسي!
- أي -عفريت- سيَخْرج من قمقم -البارد-؟!
- هل هذا ما يقترحه بوش على طهران؟!


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جواد البشيتي - البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!