أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - ممنوع ذبح الإناث















المزيد.....

ممنوع ذبح الإناث


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 1971 - 2007 / 7 / 9 - 11:13
المحور: الادب والفن
    



أطلت من وراء الشيش , كانت الحركة فى الشارع لا تهدأ, وقفت متسّمرة,تنظر بعيون زائغة الى المجهول, لا تعرف حسابا للوقت ,
لا تدرى كم من الليالى طالت وقفتها هكذا فى إنتظاره.
سرح خيالها بعيدا , منذ متى غادر الحارة؟, تحسبه دهرا طويلا ,أمها تخبر بأنه أقل من شهر,لكن الأمر اختلط عليها,الصداع وعدم النوم يشوشان تفكيرها,آه لو ظهر فجأة طالبا السماح .
إمتدت يدها تتحسس صدرها, يؤلمها منذ أيام, تحس كما لو كان محتقنا, ضغطت عليه بشدُة كما لو كانت تستمزج ألالم ,كأنما تريد إنتزاعه, يالشدة البؤس,نزل كفها قليلا إلى أسفل, بطنها لم تزل على حالها, لم تعلو بعد, ولكن إلى متى ,ضغطت عليها بقبضتها حتى آلمتها, طوًفت بها موجة حزن غامر,كم تمنت أن تغمض عينيها وتفتحها فتجده امامها طالبا السماح, يطوقها بذراعيه ويحملها بعيدا, ولكنها مجرد احلام لم تعد من حقها .
بخطوات بائسة تحركت إلى حافة السرير, جلست متثاقلة ,التفكير يقتلها , ماذا تصنع ,لا يعرف السر الا امها ورفيقتها فاطمة وهو, هل تقتل نفسها لتستريح؟ رباه ما كل هذه الحيرة وهذا الضياع.

***
أحبته كثيرا, ملك عليها جميع كيانها,من اين ظهر لها؟,,لاحت ابتسامه عابرة ,كان ذلك فى عامها الدراسى الاخير, قبل آخر امتحان, لم تكن تعرف احدا , ولا تكلم احدا ,سوى رفيقتها فاطمة, اما الاخريات فكانت علاقات عابرة, نشأت وحيدة ,كانت هدية السماء لوالديها بعد طول إنتظار.
إقتحم عليها حياتها فجأة , لم تكن علاقتها بالذكور تتجاوز رد السلام, تتوجس دائما منهم, هكذا تعلمت من أمها ,أخبرتها ان لا تقترب منهم ,فهم دائما شريرين.
كانت عائدة من الكلية ,ظهر فجأة فى الاتجاه المقابل, أحست ان نظراته موجههة نحوها, لم تكن تنظر اليه, ولكنها كانت تشعر به فى الفراغ, إرتبكت خطواتها, شعرت برجفة لا تدرى سببها, عبرها بعد ان كاد يصطدم بها, كأنما احست بانفاسه,تمالكت انفاسها واستمرت فى السير,ولكنها احست كأن الله اراد ان يوقعها فى تجربة.
أكملت سيرها لكن صورته إنطبعت فى مخيلتها, ذقن غير حليقه, مهمل الملابس, عيون ضيقة, فيهم جرأة ونفاذ, ممسكا بكتاب بين يديه, خطواته سريعة وواثقه.
عندما عادت الى غرفتها إستلقت على السرير, تستعيد المشهد بأكمله, ما الذى حدث؟ هل كان فعلا يقصدها, لا تعرف, هل لاحظ شكلها, إنها تدرك أنه ركًز عليها طويلا, مسح جسمها كله بعينيه, كأنما أراد أن يثبًت صورتها فى ذهنه, تدرك أنها غير جميله,هكذا تشعر,كأن أنفاسه لم تزل تلفح وجهها.
ظلت هكذا حتى نامت,لا تعرف متى إستيقظت, ولكنها كانت تشعر بالانتعاش.

***
فى اليوم التالى رأته, واقفا عند محطة الاتوبيس, بنفس الملابس,وفى يديه نفس الكتاب, فكرت أن تعود أدراجها, لكنها تجرأت وإقتربت, وقفت بعيدا, احست به يقترب منها ,حتى كاد يلاصقها, سمعته يهمس بالتحية, وجدت نفسها ترد عليه, سألها إلى أين؟, لم تجد مبررا لسؤاله, ليسوا أصدقاء لكنها أجابته, ركب معها, نزلت فى محطتها, وإستمر هو.
تكرر نفس المشهد فى الايام التالية, يوصلها الى الكلية, ويمضى فى سبيله,
بدأت تتعود عليه, كأنما تعرفه من زمن, فاجأها يوما بسؤال متى تنتهى دروسها اليوم, اجابته, قال سأكون فى إنتظارك.
ظلت شاردة طوال اليوم, لم تستوعب شيئ من الدرس, فكرت أن تخبر فاطمة لكنها ترددت.
وجدته واقفا على باب الكلية, لم يقل شيأ, سار بخطى سريعة, سارت خلفه كالمنومه,صعدا الطريق فى إتجاه الكورنيش صامتين, ما أن بدأت خطواتهما تأخذان شكلا منتظما على الارض الحجرية, وهواء ابريل القادم من البحر يكاد أن يطير فستانها, حتى تحركت شفتيه: إنتظرت هذا اليوم كثيرا,لم تدر ماذا تقول ,ظلت صامتة ,وظلا سائرين.
لم تلاحظ كم من الوقت إستغرقهما المسير, عندما إلتف الطريق بإنعطافة حادة, وجدت نفسها فى مواجهة القلعة, هامسة قالت:هيا لنعود.

***
جالسين على طاولة فى كازينو الشاطبى ,مد يده لتحتضن يدها,وهو ينظر الى عينيها بجرأة, مندفعا فى الكلام بقوُة,وهى تتابعه فى صمت مستغربة, مناين جاء بكل تلك الجرأة, يتحدث فى كل الموضوعات بخبرة,تتجاوز سنوات عمره بكثير, تبحر فى سواد عينيه, وتحلم ان يكون لها وحدها.

***
تراها ما زالت طفلتها الصغيرة, لا تعرف شيئ من تلك الاشياء التى تسمع انً الاخريات يفعلونها,هى كتلة البراءة التى لم تتلوث, لا تستطيع ان تخفى عنها شيئ, لقد ربتها على الصراحة, وان تحكى لها كل صغيرة وكبيره تحدث لها خلال اليوم, كلها اشياء صغيرة مثل سنها الصغير, اكبرها ان يتمزق شرابها وهى تصعد الاتوبيس.
لكن ما أزعجها أنها فى الايام الاخيرة تشعر انها تخفى عنها شيئ ما, تغيًر مسلكها, تعود من الخارج شاردة, تدخل غرفتها وتغلق الباب, لا تريد ان تتحدث معها كما كانت,تمتنع عن الكلام بضجر, تغيًر الموضوع, وتنسحب فى هدوء,,, آه كم هى قلقة عليها.

***
جالسة الى طرف السرير تحملق فى المجهول, الغرفة قذرة, رائحة عفنة تفوح منها, باب الحمام مفتوح على الغرفة مباشرة, متمدد هو على ظهره مشعلا سيجاره, وعلى شفتيه ملامح ابتسامة بلهاء, القت عليه نظرة جامدة,تحركت ببطإ, ارتدت ملابسها, أغلقت الباب خلفها بعنف, لفًها الزحام, تكاد قدميها لا تحملانها, الى متى تخفى هذا الامر عن أمها,بدأت تضًيق الخناق عليها, ولا تدرى ماذا تقول لها, ودًت لو انتهت حياتها.

***
لم تعد تحتمل,لا تدرى ماذا تفعل, اليأس يكاد يقتلها, كيف حدث هذا؟, اين كانت؟, كيف استطاعت تلك الطفلة ان تخفى عليها طول الوقت هذه العلاقة, يالبؤسها, اين تهرب من الفضيحة, ترفض بعناد ان تذهب معها الى الطبيب, ماذا لو عرف أبوها؟, مصيبه, وآه لو عرف أخوها, كارثة, تمنت لو إستطاعت هى أن تنهى حياتها, ولكن, هل تجرؤ.

***
ألقت بنفسها على السرير, عيناها مركزتان على علامة بالسقف,لا ترى شيئا, الطنين يملأ أذنيها, لقد اختفى وتركها وحيدة, قصيرة تلك الايام الجميلة, ذاب فى الزحام, كيف تجده, وفرضا ماذا تقول له, هل ترجوه؟, هل تستحلفه بحبهما, لا فائدة..لم يعد هناك مخرج.

***
فى الصباح وجدوها ميتة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - ممنوع ذبح الإناث