أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نائل الطوخي - في وصف التعذيب وما وراءه














المزيد.....

في وصف التعذيب وما وراءه


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 09:54
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أساطير كثيرة حول التعذيب تدحضها الباحثة بسمة عبد العزيز في كتابها الصادر مؤخرا عن ميريت بعنوان "ما وراء التعذيب. الجوانب النفسية والسياسية". تتخلى بسمة عن الرؤية الرومانتيكية التي تعتبر القائمين على التعذيب شياطين. تقتحمهم باستخدام التحليل النفسي لتكتشف أشخاصا عاديين، أكثر إيمانا ربما، أو أكثر تعرضا لغسيل الدماغ. ولكن الشيء المؤكد كما تقول: "إن أي شخص يبدو عاديا بيننا، يمكن أن يصبح، أو أن يكون فعليا، ضالعا في التعذيب."
كيف يمكن أن يحدث هذا، يشرح الكتاب عدة وسائل يتعرض لها المتدربون لأجل الاقلال من الحساسية تجاه التعذيب: " ينبغي على المتدربين تحمل التعذيب والتعاطي معه، ويقومون بالصراخ بمفردات وأنشيد تدور حول القتل والعنف". تستشهد عبد العزيز برسالة أرسلها أحد رؤساء الجهاز المخابرات المصري السابقين اقترن عهده بالتعذيب إلى أبناء أسرته: "لقد كانت العبارة التي قلتها أثناء العملية وأنا بالبنج منذ ثلاث سنوات والتي عرفتوها من الأطباء وأظنكم تذكرونها هي أنني أعيش لأسعد الثلاثين مليون، ومستعد أضحي بحياتي من أجلهم."
تتدخل الباحثة في العلاقة التي تربط بين القائم بالتعذيب وضحيته. تكتشف أن التآلف بينهما ليس له من غرض إلا أن يزيد حدة التعذيب، عكس ما هو متوقع، فبمرور الوقت وحدوث تآلف بين الطرفين يكتشف القائم بالتعذيب أن ضحيته تختلف عن الصورة التي رسمها وأن المبالغة في التهويل من شأن ما ارتكبت هو محض تزييف لما يلمسه بنفسه، من هنا يقع صراع داخلي بين ما يعتبر واجبا عليه "الاستمرار في التعذيب" وبين ما بدأ يدركه، وبما أن التخلي عن عمله الوحيد هو أمر بعيد الحدوث، لا يصبح أمامه سوى الانتقام من الطرف الأضعف الذي تسبب له في صراع غير مرغوب فيه.
الضحية أيضا تخضع لتحليل الباحثة. الضحية التي تتعرض لنوبات هياجية، غير منسقة أو متوقعة، من العنف الشديد، بالإضافة للنزوات التي يتم فيها فرض قواعد جديدة. تضيف عبد العزيز أن عنصري عدم التوقع وعدم الاتساق، هما العاملان الأساسيان، اللذان يؤديان لمضاعفة خوف الضحية، وليس الإساءة الجسدية. على العموم فتقنيات كثيرة تؤدي إلى أن تقتنع الضحية بأن القائم بتعذيبها يتمتع بالحصانة الكاملة وأن المقاومة هي محض عبث وبالتالي فإن البقاء على قيد الحياة يعتمد على الفوز بصفحه وغفرانه. يحدث هذا تحولا مثير لدى الضحية إذ يتولد لديها شعور بالامتنان تجاه القائم بتعذيبها بسبب السماح لها بالبقاء على قيد الحياة، وهو الشعور الذي ينتظره القائم بالتعذيب ويشعر حياله بالافتتان والتدله.
ليس هذا فقط، بل إن الأكثر إرعابا هو الضحية في وحدتها والتي تحتاج لأي قدر من التواصل الإنساني، ولا يكون أمامها سوى القائم على التعذيب لتحقيق هذا التواصل. هنا يؤدي احتياج الضحية للإبقاء على أي صورة من صور الارتباط بالآخرين، كما تستشهد الكاتبة، إلى إنكارها لتجربة الاعتقال والتعذيب من الأساس.
تلتفت الباحثة في نهاية كتابها إلى رد فعل المجتمع على حالات التعذيب التي يتم الإعلان عنها أو نشرها، إذ عادة ما تقابل هذه الحالات باللامبالاة، بل وأكثر من ذلك، بتجريم الضحية، ولا يحدث هذا التجريم والتسفيه من قدر الضحية عن قناعة حقيقية في أغلب الأحيان بل إنه يبدأ في الظهور على السطح عندما تستمر معاناة الضحية وإهانتها وانتهاكها دون أن يملك جمهور الشهود القدرة على التدخل والإنقاذ. هنا يصبح التعذيب في ذهن الجمهور العادي مجرد جزاء وفاق لما ارتكبته الضحية.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطرس غالي وشيمون بيريز في شهادات للتاريخ: الصراع كما يرويه ا ...
- المفتي.. الأب الروحي للعصر الحديث
- شاعر إسرائيلي يدافع عن حماس: نحن عنصريون ازاء كل من لا يحمل ...
- ايلان بابيه والتغيير المستحيل من الداخل.. موسم الهجرة من اسر ...
- عبد الناصر سعى لعقد سلام مع اسرائيل قبل عام سبعة وستين
- ادباء اسرائيل يحتجون. الفنانون يتذمرون والاوتوبيسات تسخر، ان ...
- سبعة أسباب تجعلني أعشق التراب الذي تمشي عليه حماس
- وزير الثقافة الاسرائيلي، غالب مجادلة: دولتي تحارب شعبي
- في مديح أهل النار
- بعد أن فشل في العثور علي حلم وردي واحد يرفع الرأس، محمد الكف ...
- معنى أن يكون الكاتب يهوديا
- النوبة بين التوطين والتطوير: عودة الجنوبي إلى أرضه
- أوروبا .. ولاية عثمانية
- صنع الله إبراهيم: أحلم بالكتابة عن الجنس
- المدير الجديد لمعهد جوتة بالقاهرة، هايكو سيفرس: غياب الماضي ...
- في بينالي الشارقة: تضميد الواقع بيد وخدشه بالأخرى
- مسعد أبو فجر ورواية البدو: الديكتاتورية أسوأ من الاحتلال
- يوميات الكتاب في أبو ظبي
- في مديح العنصرية: النقاء المطلق لكراهية الآخر
- لمسة من عالم ميت


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نائل الطوخي - في وصف التعذيب وما وراءه