أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الصراع الطبقي وراء انهيار الإتحاد السوفياتي















المزيد.....


الصراع الطبقي وراء انهيار الإتحاد السوفياتي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 12:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



سيسجل التاريخ يوم 27 أكتوبر 1961 أنه يوم الفاجعة ، يوم الهزيمة الكبرى للإنسانية . لعبت الأقدار لعبتها القذرة وناب عن قوى التقدم والثورة في العالم أحد الفلاحين الأوكرانيين الأميين الأغبياء في توقيع صكوك إستسلامها المهين للقوى الظلامية البربرية في الجبهة المعادية للإنسانية . وقف المدعو نيكيتا خروشتشوف في ذلك اليوم المشؤوم يقدم تقرير الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي للهيئة العامة الكاملة للحزب في مؤتمره الثاني والعشرين . طعن خروشتشوف في تاريخ الحزب ونسب إليه التسلط والبيروقراطية وجرائم قذرة رغم أنه الحزب الذي إنتشل روسيا القيصرية المتخلفة وخلال سنوات قليلة من العمل السلمي لأن تكون أقوى دولة في العالم وثاني دولة في الإنتاج والتقدم الصناعي بل والأولى في التقدم التقني . وتجرأ هذا الفلاح الغبي على أن ينال من ماركس ولينين فسخر من مبدأ الصراع الطبقي وزعم أن عجلات التقدم السوفياتية ستدور تلقائياً دون محرك !! كما هزئ من دولة دكتاتورية البروليتاريا وقال بأنه طالما أن الجميع يهوى الشيوعية فسوف نصل إلى الشيوعية بدون بروليتاريا !! يقول كل هذا الذي شكل حجارة الزاوية في عمارة الحزب التي آوى إليها خروشتشوف وصيّرته ما صار ـ ليس ثمة من شك في أن أحداً من الهيئة التي استمعت صامتة إلى هرطقات خروشتشوف السخيفة لم يكن شيوعياً ، فمنذ أن تولى خروشتشوف المسؤولية الأولى عن تنظيم الحزب بعد رحيل ستالين 5 آذار 1953 مباشرة عمل على تقديم الوصوليين من أزلامه في قيادات الكوادر المختلفة في الحزب توطئة للوصول إلى رأس القيادة ، وكان آخر ما قام به تصفية جميع البلاشفة ، رفاق لينين ، من المكتب السياسي للحزب في حزيران 1957.

كان خروشتشوف في ذلك اليوم المشؤوم 27 أكتوبر 61 يوقع صكوك الإستسلام في مركز الثورة ، موسكو ، بينما كنا نحن في محيط الثورة ، في العالم الثالث ، نقاتل بأيدينا العارية قوى الظلام من داخل السجن الصحراوي البعيد عن كل معالم الحضارة . لم يتيسر لنا حينذاك الإطلاع على تقرير خروشتشوف والتعرف على مرامية وإن كان قد تناهى إلى أسماعنا بعض من مقولاته الغريبة علينا نحن المشـتبكين مع العدو بالأيدي العارية . لم نستطع الحصول على نسخة من التقرير قبل ربيع 1962 . حال قراءتي التقرير لم أكن لأصدق عيني تقرءان أحرف الكلمات . كانت الكلمات كلمات " أبو" التحريفية إدوارد بيرنشتاين (E. Bernstein) قبل أكثر من نصف قرن وليست كلمات الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي قائد الثورة الإشتراكية العالمية ، حزب لينين وستالين، في بداية النصف الثاني من القرن العشرين والإتحاد السوفياتي أقوى قوة في الأرض. وعندما قرأت تطمينات خروشتشوف ، التي رمى بها لستر ما جاء به من تشويه بشع للفكر الماركسي اللينيني ، تلك التطمينات التي تدعي بأن الإتحاد السوفياتي سيسبق الولايات المتحدة في معدل الإنتاج للفرد الواحد في الثمانينات ، وأن فجر الشيوعية سيبزغ على الأرض السوفياتية عام 1990 ، إذّاك حذرت رفاقي في السجن ، معترضاً على هذه التطمينات المخادعة ، من أن إبناً لخروتشوف بالمعمودية سيصعد إلى سدة الأمانة العامة للحزب الشيوعي السوفياتي في الثمانينات وسيعلن آنذاك دون حياء أو خجل كل السياسات الرجعية التي إستبطنتها تحريفات خروشتشوف ؛ وفي العام 1990 سوف ينهار الإتحاد السوفياتي . قابل الرفاق هذه التحذيرات بالسخط والغضب وعذرهم في ذلك أنهم لا يدركون أهمية دكتاتورية البروليتاريا في بناء الإشتراكية وأن كل ما تحقق من نجاحات في الجمهوريات السوفياتية بما في ذلك دحر النازية والقضاء عليها في عقر دارها إنما كان بفضل دكتاتورية البروليتاريا ، وبفضلها فقط . كما أنهم لا يدركون معنى وأهمية الصراع الطبقي في تقدم المجتمع حالهم في هذا الأمر ليس أفضل من حال خروشتشوف. وفعلاً كأنما القدر كان يسجل تحذيراتي ففي عام 1985 صعد غورباتشوف لمركز الأمين العام للحزب وأخذ يعلن دون حياء أو خجل، ودون أدنى إحترام لدماء ملايين الشيوعيين الذي ضحوا بحياتهم دفاعاً عن الإشتراكية، التحول إلى اقتصاد السوق بكل ميكانزماته والعمل على لبرلة الدولة والمناداة بكل ما استبطنته تحريفات عرّابه خروشتشوف. وتشكلت فعلاً في موسكو جمعية خاصة لتعلن غورباتشوف إبناً لخروشتشوف بالمعمودية. وأخيراً وفي العام 1990 انهار الإتحاد السوفياتي وأعلن الإنهيار في عام 1991.

عامة المفكرين والمحللين البورجوازيين وصفوا الإنهيار السوفييتي بالزلزال الكوني وذلك لأن أحداً منهم لم يكن يتوقع أو يمكنه أن يتصور مثل هذا الإنهيار المفاجئ بالنسبة إليهم . لم يكن الأمر مفاجئاً بالنسبة لي، فقد تحدثت عن أحداث 1985 ـ 1991 السوفياتية مبكراً جداً ، في العام 1962 . أتذكر كل هذه الحقائق اليوم لا لأفاخر بعبقرية ليس لي نصيب فيها وإنما لأؤكد على حقيقتين لهما ذات الجوهر وهما أولاً، أن الماركسي الحقيقي يستطيع أن يستشرف المستقبل بخطوطه العامة وحتى بالدقيقة منها أحياناً ، وأما الحقيقة الأخرى ، وهي الأهم ، فتقول أن إنهيار الإتحاد السوفياتي وبالتالي الثورة الإشتراكية العالمية جاء دليلاً على صحة الماركسـية اللينينية وليس على خطأها كما يتبجح المفكرون والمحللون البورجوازيون . ترتب عليّ بعد الإنهيار أن أكشف عن هذه الحقائق للعامة ، عن أسباب الإنهيار إعتماداً على التحليل الماركسي اللينيني وأين يكون حجر سنّمار في المشروع اللينيني ؛ فكان أن كتبت في العام 1992 كتابي " أزمة الإشتراكية وإنهيار الرأسمالية " ـ وكان علي أن أعتبر " انهيار" الإشتراكية ليس أكثر من مجرد أزمة وذلك بسبب استحالة تحول البلدان الإشتراكية سابقاً إلى النظام الرأسمالي إستحالة قطعية ، وهو ما يتأكد اليوم بعد ما يزيد على خمسة عشر عاماً من الإنهيار خلافاً لما يتشدق به بعض الأدعياء ـ وهذا أمر في غاية الأهمية يتوجب ألا يتناساه أنصار المشروع اللينيني . كما وجدت أن تحول الإقتصاد الرأسمالي إلى الإقتصاد الإستهلاكي (Consumerism) والذي كان قد تشكل آلياً نتيجة لمقررات الكبار الخمسة في قمة قلعة رامبوييه قرب باريس عام 1975 إنما هو التفكيك الكلّي للنظام الرأسمالي ونهايته الأخيرة .

ما جعلني أعود لأكتب عن كل ما تقدم وعن إنعطاف العالم نحو الهاوية لدى تسلم خروشتشوف مقاليد قيادة الثورة الإشتراكية العالمية 1954 ـ 1964 ، كما شرحت في كتابي المذكور آنفاً والصادر قبل ثلاثة عشر عاماً ، هو ما قرأته مؤخراً في كتاب " نهاية التاريخ The End Of History & The Last Man " لأستاذ الإقتصاد السياسي ، فرانسس فوكوياما (Francis Fukuyama) وقد أثار بي غير قليل من الدهشة حيث فوجئت بأنني وفوكوياما كنا نفكر بنفس الفكرة ونبني ذات النظرية الإقتصادية السياسية ، ربما في ذات اليوم من عام 1992 . فهو يقول في كتابه .. " إن أقوى حجة حول إرتباط التطور الإقتصادي بالديموقراطية الليبرالية هي أن التصنيع الشامل للمجتمع يترافق دائماً مع تشكيل شرائح تنتمي إلى الطبقة الوسطى ، وشرائح الطبقة الوسطى تطالب دائماً وأبداً بالمشاركة السياسية وبالحقوق المتساوية " (ص 115و116) . ما يزيد من هذه الدهشة هو أننا لم نتشارك بذات النظرية وبذات الوقت فقط بل إعتمد كلانا على هذه النظرية ، نظرية التصنيع والطبقة الوسطى ، كأساس شامل يحـمل كل بناء الكتاب ، كتاب فوكوياما " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" وكتابي " أزمة الإشتراكية وانهيار الرأسمالية " . وما يزيد من الدهشة للمرة الثالثة هو أن كلاً منا انتهى إلى نتيجة معاكسة تماماً لما انتهى إليه الآخر . ففي حين ادّعى فوكوياما أن التصنيع الكثيف من شأنه أن يضاعف من مساحة الطبقة الوسطى في المجتمع وهي الطبقة التي تكرس الديموقراطية الليبرالية والسلطة التي تضمن المشاركة السياسية لمختلف شرائح المجتمع كما تضمن الحقوق المتساوية للجميع ـ يبدو أن تطور النظام السوفياتي كان في ذهن فوكوياما وهو يستنتج مثل هذه الأفكار التي لا تتلاءم مع تطور المجتمع الرأسمالي ، الحقيقة التي تجاهلها فوكوياما بقصد على الأرجح ـ أما أنا فقد وجدت أن التصنيع الكثيف ، الذي كان خطوة ضرورية في التنمية الإشتراكية لروسيا القيصرية الحلقة الأضعف ، بوصف لينين ، في سلسلة مراكز النظام الرأسمالي العالمي ، لم يكن إنجازه ممكناً بدون خلق طبقة وسطى بعشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة ، إذ بمساعدة هذه الطبقة فقط يمكن تحويل عشرات ملايين الفلاحين الروس (الموجيك) غير المدربين وغير المتعلمين إلى عمال يتقنون التعامل مع الآلة ، وهذا هو العصب الرئيس في بناء الإشتراكية . واتفقت هنا مع فوكوياما حول ما تشكله الطبقة الوسطى من ضغط باتجاه تحصيل حصتها في المشاركة السياسية إلا أن هذه الحصة التي رآها فوكوياما باتجاه تكريس الديموقراطية الليبرالية ، فقد رأيتها باتجاه مغاير وهو سد الطريق أمام التنمية الإشتراكية لصالح البروليتاريا ولمنع إلغاء تقسيم العمل ، الإلغاء الذي طالما ناضلت البروليتاريا لتحقيقه والذي هو فعلاً إلغاء الطبقة الوسطى . إتفقت مع فوكوياما على أن إنهيار النظام الإشتراكي في الإتحاد السوفياتي والدول الإشتراكية الأخرى إنما تم ّ على أيدي الطبقة الوسطى التي خاضت معارك ناجحة ضد البروليتاريا السوفياتية بدأت بإزاحة جيورجي مالنكوف من رئاسة الحزب والدولة عام 1954 وحلول نيكيتا خروشتشوف محله ، ثم في هجوم خروشتشوف في المؤتمر العشرين للحزب عام 1956 على تراث ستالين الثوري والإشتراكي ، وكان ذلك أعظم هدية تتلقاها دوائر الرأسمالية والإمبريالية العالمية ، ثم في حزيران 1957 عندما تم طرد جميع البلاشفة رفاق لينين من المكتب السياسي للحزب بما يشبه الإنقلاب العسكري الذي قام به خروشتشوف بمساعدة مباشرة من الماريشال جوكوف ، ثم في العام 1959 حين أعلن خروشتشوف أمام الهيئة العامة لمؤتمر الحزب الإستثنائي الحادي والعشرين إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا وإستبدالها بِ " دولة الشعب كله " والتخلي التام عن سياسة الصراع الطبقي واستبدالها بسياسة التآخي الطبقي ، وأخيراً حين وقع خروشتشوف في العام 1961 صكوك إستسلام الحزب والثورة لفيالق الطبقة الوسطى بقيادة إبنها المدلل وتاجر السلاح والأب الأكبر لمافيات الجريمة ، ليونيد بريجينيف . إنهيار المشروع اللينيني وما وصف بالزلزال الكوني ما كان ليكون إلاّ نتيجة لصراع طبقي حاد . هذا الصراع الحاد ، والذي انتهى إلى تهديم كل ما تم بناؤه من الإشتراكية وإلى ضياع كلي لشعوب الدول الإشتراكية سابقاً ، لم يعد بإمكان أحد تجاهله . ومع ذلك يتجاهله " الشيوعيون " تجاهلاً ليس له من تفسير سوى أن هذا الإنعطاف الكارثي والإستسلام غير المشروط لقوى الرجعية الظلامية إنما هو من صنيعهم ، من صنيعهم وحدهم ، حالهم كحال المجرم الذي لا يحب أن يتذكر جريمته . يبحث هـؤلاء " الشيوعيون " في كل شيء وفي كل وقت وبكل الوقت لكنهم يتمنعون عن الإقتراب من البحث في أسباب إنهيار الثورة الإشتراكية العالمية بعد أن عبر بها لينين وستالين أخطر الحواجز . لماذا علينا أن نقبل بمثل هذا الأمر دون مساءلة ؟! لماذا يتجاهل هؤلاء " الشيوعيون " الصراع الطبقي الحاد والعنيف الذي لم يتوقف بانتصار قوى الثورة في الحرب عام 1921 واستمر حاداً في الثلاثينيات والخمسينيات إلى أن سجلت الطبقة الوسطى إنتصاراً حاسما عام 1961 وجعلته شرعياً عام 1964 حين إنقلبت على حصان رهانها نيكيتا خروشتشوف. ـ ألم يقل ستالين القائد العبقري للثورة الإشتراكية .. " كلما تعالى بناء الإشتراكية كلما تعالت حدة الصراع الطبقي ". علينا أن نتعلّم جيداً هذا القانون العام في كل عبور اشتراكي نحو الشيوعية !

خلاصة القول هي أنه بعد ثلاثين عاماً بالتمام وبالكمال من توقيع خروتشوف صكوك إستسلام عمال العالم وفي طليعتهم العمال السوفييت للطبقة الوسطى ، صدر في العام 1992 وربما في ذات الشهر وذات اليوم كتابان يعالجان ذات الموضوع ، الاستسلام ، أحدهما في الولايات المتحدة " نهاية التاريخ " لأستاذ الإقتصاد السياسي في جامعة هوبكنز ، فرانسس فوكوياما ، والثاني في الأردن " أزمة الإشتراكية وانهيار الرأسمالية " من تأليفي . إنتهى فوكوياما ليقول لنا بأن إنتصار الطبقة الوسطى الحاسم استدعى بالضرورة إرساء إقتصاد السوق من جهة وسياسة الديموقراطية الليبرالية من جهة أخرى وبذلك تكون البشرية قد وصلت إلى أرقى نظام إجتماعي يمكن أن تصل إليه ولن تنزع بعد ذلك إلى تغيير النظام طالما أن الإنسان هو الإنسان الذي نعرف ـ وعلى هذا الشكل ينتهي التاريخ . أما الصورة المرسومة في كتابي فإنها النقيض التام لصورة فوكوياما . إنها تبيّن بصورة جليّة أن ذاك الإنتصار للطبقة الوسطى إنما هو الإنعطاف الكارثي في تاريخ البشرية ولن يصل إلا إلى النهاية المأساوية التي قد تكون نهاية البشرية وليس نهاية التاريخ فقط .

هناك ثغرات كبرى ماثلة للعيان في البناء النظري لفوكوياما لا يمكن السكوت عليها . يرى فوكوياما أن إقتصاد السوق هو ذات الإقتصاد الرأسمالي وهو الإقتصاد الأمثل للمجتمع ، لكنه من جهة أخرى يدين ويشجب النظام الإمبريالي !! لا أدري كيف يمكن لفوكوياما أن يفسر ذلك !! هل بإمكانه أن يمنع النظام الرأسمالي من التطور ليحول دون وصوله لمرحلة الإمبريالية !! لعله يملك نظاماً رأسمالياً خاصاً غير الذي نعرف والذي تشكل الإمبريالية المرحلة الأعلى من مراحل تطوره !!! وثمة تناقض آخر أكثر فجاجةً إذ يشير فوكوياما إلى أن المجتمعات الصناعية المتقدمة هي مجتمعات الطبقة الوسطى ـ ونحن لا نوافقه على ذلك ـ ويسلّم بالمقابل بأن النظام السائد في هذه المجتمعات هو النظام الرأسمالي !! كيف يمكن أن يكون صاحب البناء هو الطبقة الوسطى وأن يكون ساكنه هو الطبقة الرأسمالية ؟؟ كيف لعاقل ، ولا أقول أستاذا في الإقتصاد السياسي ، أن يقبل بمثل هذه الهرطقات بل الترّهات ؟؟
الطبقة الوسطى لا تبني إقتصاداً رأسمالياً ولا يمكن أن تسمح ببنائه حيث أن طبيعة إنتاجها الفردي (Individual Production) تتعارض كلياً مع طبيعة الإنتاج الرأسمالي الجمعي (Associated Production) أضف إلى ذلك أن منتجي الخدمات ، وهم الطبقة الوسطى ، يجنحون دائماً وأبداً إلى الحد من فعالية قانون القيمة الرأسمالي وهو القانون الأساس الذي يمسك دائماً بكل مفاعيل النظام الرأسمالي ومفاصله ، يجهدون لتغييب قانون القيمة ليتسنى لهم مبادلة إنتاجهم من الخدمات بأضعاف قيمته من السلع بحجة أن إنتاج الخدمات يقوم أساساً على المعرفة متجاهلين حقيقة أن صناعة السلع كانت قد وظفت عبر تاريخها الطويل من المعارف أضعاف ما توظفه الخدمات . الطبقة الوسطى في الحقيقة لا تمتلك نظاماً إجتماعياً ثابتاً ومستقراً ودلالة ذلك أن عالم اليوم الذي تحكمه الطبقة الوسطى ، في عوالمه الثلاث التي ورثناها عن الحرب العالمية الثانية ، يفتقد لأي نظام إجتماعي محدد القسمات والهوية ، إن في الولايات المتحدة الأميركية من بقايا العالم الأول الرأسمالي وإن في روسيا الإتحادية من بقايا العالم الثاني الإشتراكي وإن في الهند من بقايا العالم الثالث .
كان يمكن أن نأخذ أطروحة فوكوياما " نهاية التاريخ " على محمل الجد لو أن الإقتصاد الأميركي القائم اليوم ، أو البريطاني أو الفرنسي أو الألماني ، يتمتع بالقدرة الذاتية ويقوم على ذاته (Self-supporting). لكننا نرى هذه الإقتصادات تترنح على وشك الإنهيار . جميعها لم تعد قادرة على تلبية إحتياجات شعوبها وتضطر الدولة إلى الإستدانة حتى انتهت إلى أن تعاني من مديونية ثقيلة لا يقوى الإقتصاد على حملها . فمثلها ، وهو الولايات المتحدة ، يعاني من ديون تبلغ أربعة أمثال مجمل الإنتاج القومي ، وهي نسبة لم تصلها دول إنهارت تحت عبء الديون مثل المكسيك والأرجنتين ـ يمكن مراجعة إنهيار النظام الرأسمالي في كتابي (جديد الإقتصاد السياسي) الموجود على الموقع أدناه .
وأخيراً فإنني ومن على صفحات (إيلاف) أوجه إنذاراً نهائياً للبروفيسور فرانسس فوكوياما لأؤكد له بأن محطته الديموقراطية الليبرالية العاملة باقتصاد السوق ، التي استحسنها ليعتبرها نهاية تاريخ البشرية ، سوف يراها فوكوياما* نفسه بأم عينيه تنهار إلى ما تحت أسسها وخلال السنوات القليلة القادمة ! ومع ذلك علي أن أعترف بأن ذلك الإنهيار سيكون بمثابة الكارثة الكبرى للبشرية جمعاء .

فـؤاد النمـري
www.geocities.com/fuadnimri01

* اعترف فوكوياما مؤخراً بأكثر من خلل في نظريته "نهاية التاريخ" .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكعيك) أو تفكيك الماركسية )
- ماهيّة -الصحوة- الإسلامية
- ما هي الحرية
- نهاية التاريخ وفرانسس فوكوياما
- الجديد في - النظام - الدولي
- الحق- ليس إلا مفهوماً بورجوازياً باطلاً -
- الإشتراكية ليست نظاماً اجتماعياً
- المفهوم الغائب للفكر
- المرتدون على ماركس
- الإشتراكية العربية !!
- قراءة مختلفة في تاريخ الثورة العربية
- من ينقض ماركس ؟! 2
- من ينقض ماركس ؟! 1
- الإتحاد السوفياتي لم يعبر الإشتراكية
- رسالة خاصة حول راهنية العمل الشيوعي ومشروعيته التاريخية
- ما أحوجنا اليوم إلى معرفة ستالين على حقيقته
- المنحرف خروشتشوف والمرتد كاوتسكي يكتبان للحزب الشيوعي العراق ...
- دكتاتورية البروليتاريا
- لا علمانية ولا إكليركية، الدولة هي الدولة
- إنهيار الرأسمالية


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الصراع الطبقي وراء انهيار الإتحاد السوفياتي