أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي محيي الدين - ما هو مصير الأقليات الدينية في العراق















المزيد.....

ما هو مصير الأقليات الدينية في العراق


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 11:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما للمكتشفات الحديثة منافعها،فلها أضرارها،وربما يكون تأثير هذه الأضرار أكثر من النفع الذي يأتي منها،فالقدماء كانت معلوماتهم لا تتجاوز محيطهم،ولا يعلمون بما يدور ممن أحداث حولهم،لانعدام الاتصالات،وعدم توفر الوسائل التي تنقل الأخبار،لذلك كان الغالبية يعيشون لأنفسهم،يتداولون أخبارهم وأخبار القريبين من مجاوريهم،متصورين أنهم نهاية العالم،لذلك قيل في أمثالهم(ما فوق عبادان قرية).
ولكن المكتشفات الحديثة جلبت لنا الهم والغم والحزن،فما أن يحدث حادث بسيط في أقصى المعمورة حتى يراه الناس بعد حدوثه بلحظات،بنقل مباشر،وأصبحت مهمة وسائل الأعلام نقل أخبار الكوارث والمآسي والفظائع والحروب،حتى اتخمنا بمثل هذه الأخبار التي لا يأتي منها الخير،لذلك طالما لعنت في سري من أخترع المذياع،أو طور التلفزيون،أو أكتشف الستلايت،أو أبتدع الإنترنيت،وأعلنت تضامني مع السلفيين والأصوليين في رفضهم كل ما هو جديد،وإصرارهم على البالي من التراث،وتشبثهم بكل ما هو قديم،فحروب السيوف والخناجر،أقل خطرا وخسائر من الأسلحة الحديثة التي تقتل الملايين بلحظات.
ولعل من أسوء الأخبار التي تناقلتها وسائل الأعلام،ما يتعلق بالعراق،وما يدور فيه من أعمال يرفضها العقل والمنطق،وينكرها العرف والناموس،فالقتل والتهجير والسرقة والاغتصاب وما الى ذلك من أعمال يندى لها الجبين،أحالت أيامنا - نحن من يشعر بمعانات الآخرين- الى سوداء قاتمة،فقد تصاعدت بعد سقوط النظام،نبرة جديدة في الوسط العراقي،وظهرت ممارسات ما كان لأحد تصور حدوثها،فالهجمة الهولاكية الشرسة التي تقوم بها(دولة العراق الإسلامية)على الطوائف العراقية ليس لها ما يبررها إلا التعصب المقيت،والروح العدائية ،والفكر الأسٍود ألظلامي المعشعش في عقول شذاذ الأفاق الذين لفظتهم بلدانهم،وجاءوا الى العراق ليكون ساحة لممارساتهم وأعمالهم الجبانة،وإيذاء الشعب العراقي الذي تخلص من كارثة ماحقة صاعقة،ليقع في داهية دهماء ماحقة،هي السلفية الأصولية الجديدة التي استقت أفكارها من بهائم بشرية تزيت بزي رجال الدين،والوجه القبيح لأبن لادن بملابسه الغريبة،ولحيته العجيبة،وابتسامته الصفراء الحاقدة،والفكر المنحط لهؤلاء الأراذل،خير دليل عن بعد هؤلاء الإنسانية ناهيك عن علاقتهم بأديان هابطة من السماء.
أن ما يجري في العراق من صراع طائفي له ما يبرره،فالجميع يحاول بسط سيطرته،وامتداد نفوذه وإنهاء الآخر،ولكن الضحية الوحيدة لهذا الصراع الدامي هو الشعب العراقي،الذي لا يريد في الوقت الحاضر غير الخدمات الضرورية لحياة الإنسان،(فقد ترك العنب ويريد سلته) وهاهم فرسان الطائفية يصولون ويجولون،لم تصبهم نائبة أو تحيق بهم نازلة،رغم دعوات المظلومين،واستغاثات الملايين الذين رفعوا أيديهم بالدعاء طالبين الخلاص من هذا الليل الأسود،ولكن أن يتصارع زيد مع عمروا ،فهذا خلاف تاريخي أبتكره سيبويه!! عندما وضع قواعد النحو العربي،وسيبقى زيد وعمر يتصارعان ما بقيت القواعد النحوية على حالها،لم يطالها التغيير والتبديل،ولكن ما علاقة جورج وسيمون،وخدر ورومي بما يحدث من صراع،أن الصراع الإسلامي الداخلي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالطوائف الأخرى،وعلى المسلمين تصفية حساباتهم دون أشراك الآخرين بها،فالإرهابيون والتكفيريون يستهدفون الآمنين المسالمين،في هجمة شرسة يندى لها الجبين،ولا أدري هل تبيح النصوص القرآنية قتل الإنسان لأخيه الإنسان،هل سمعتم أن الرسول الكريم قتل أحدا بسبب دينه أو معتقده،هل قرأتم أن صحابة الرسول وخلفائه الراشدين وآل بيته أجمعين قتلوا أنسانا لانتمائه الديني أو القومي،وأين النصوص الشرعية التي تبيح لهؤلاء قتل الآمنين،أن المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين،من سكان وادي الرافدين الأصليين،ولعلهم من أقدم الشعوب التي استوطنت العراق،قبل أن يطأه الوافدين من الجزيرة العربية وبلاد الشام،فهل من العدالة بشيء تهجير السكان الأصليين،وماذا فعل أبناء هذه الطوائف والأديان،هل طالبوا بوزارة أمنية أو سيادية أو خدمية،أو رئاسة دولة أو قيادة جيش أو تولى شؤون محافظة،أنهم يريدون العيش بسلام في بلادهم،وعلى المجتمع الدولي وضع الحلول اللازمة لحماية هؤلاء الذين عشنا وإياهم على أحسن ما يكون الإخاء،فهم أخوتنا في المواطنة،ونظرائنا في الإنسانية،وكلنا لأدم وأدم من تراب،إلا إذا كان هناك نص آخر يقول أنهم خلقوا من تراب غير ترابنا،وطينة غير طينتنا،وأنهم ليسوا من نسل آدم وحواء،وذلك أيضا لا يعطينا الحق بإبادتهم وترحيلهم.
لقد عشت كما عاش غيري مع هؤلاء الأخوة الأحبة لعشرات السنين،وتميزت علاقتنا بحميميتها،وعاشرتهم وجاورتهم وحاورتهم وعاملتهم،فكانوا مثالا للخلق الكريم ولم أجد منهم على طول ما عاشرتهم،جفوة أو نبوة،وزاملت بعضهم في أعمال مختلفة،فلم أجد منهم غير الصدق والإخلاص في التعامل،ودخلت بيوتهم فكانوا نعم الأحبة والأصدقاء،بنقاء سريرتهم وطيبتهم وثقتهم البعيدة عن التصور بالآخرين،وأتذكر في أحد المعتقلات كان معنا أحد الأخوة الأيزيديين،ومعنا في المحجر الكثير من الرفاق،وبعض الأخوة من حزب الدعوة الإسلامية،وعندما عرفوا أن الخ أيزيديا،حاولوا ألانعزال عنه بدون أن يشعروه بذلك،وكان رفيقنا الكريم قد عرف ما في نفوسهم وشعر به،وخشية إحراجهم آثر عدم الاختلاط بهم في المأكل والخدمات،في الوقت الذي كنا معه كأنه واحد منا،فعزل نفسه عنهم في الأكل والغسل والمجاورة،فكان يمارس عاداته دون المساس بالآخرين،وذات يوم أضطر لاستعمال إناء الماء الخاص بهم بدون علمهم،في ساعة متأخرة من الليل،وفي الصباح عندما أرادوا الصلاة أخبرهم بما فعل ليأخذوا احتياطاتهم،ووصل به حسن الخلق وسلامة التربية والأدب العالي أن يتحاشى ملامستهم عند مروره بجوارهم ويده مبللة بالماء،وكان يكتف أياديه خشية أن تلمس أحدهم،هؤلاء أخوتنا وهذه حياتنا معهم،فكيف للقادمين من وراء الحدود من التكفيريين الأوباش أن يضعوا هذه الفوارق بيننا،في محاولة لفك عرى التلاحم والمحبة بين أبناء الوطن الواحد.
والمؤسف أن التكفيريين هذه الأيام قد صعدوا من حملتهم الظالمة،فقد وزعت منشورات في الموصل تهددهم أما اعتناق الإسلام أو الهجرة أو القتل،وقام قبل أيام مجموعة من الإرهابيين باختطاف مجموعة من الأيزيديين العاملين في مدينة الموصل وقتلهم،فيما قتل الكثيرين من الأخوة المسيحيين وفجرت كنائسهم، ودمرت قراهم،في ظل عجز واضح من السلطات المحلية لإيقاف هذه التجاوزات،مما يتطلب أيجاد حلول عاجلة لمصير الأقليات الدينية المهددة بالفناء،وتقع على عاتق الجميع مسؤولية سلامتهم،فالدستور العراقي نص في مواده الأساسية على المساواة بين العراقيين بغض النظر عن الدين والجنس والمذهب والتوجه السياسي،مما يلزم الجميع تطبيقه واحترام نصوصه والعمل بمقتضاه،لذلك أرى أن تأخذ الحكومة ببعض المقترحات التي سأوردها أدناه لحل هذه المشكلة،وحماية أبناء شعبنا من التكفيريين والإرهابيين:
*إلحاق مدنهم بكردستان العراق،لتوفر الإمكانيات الأمنية لحمايتهم،واستعداد الشعب الكردي للتعايش مع الآخر لما جبل عليه من أنفتاح ديني،بفضل الأفكار الإنسانية المنتشرة في صفوفه،ولابتعاده عن التحجر الديني،ووجود حكومة علمانية لا تفرق بين الأديان والمذاهب،وعدم تمكن السلفيين من العمل في صفوف الشعب الكردي ونشر أفكارهم الضالة.
*قيام المرجعيات الدينية المؤثرة بإصدار الفتاوى الحقيقية والتعليمات المشددة لأتباعها بعد التعرض لهم وإيذائهم،ومنحهم الحريات اللازمة لممارسة طقوسهم الدينية وعاداتهم الاجتماعية،بالطريقة التي يريدون بغض النظر عن طبائع المسلمين وعاداتهم وشعائرهم،وعدم الاكتفاء بالتنديد والاستنكار،لما يصيبهم من محن وويلات،فأتباع المرجعيات الذين التزموا بأوامر مرجعياتهم في الانتخابات العامة،وصوتوا لقوائم طوائفهم،يلتزمون بأوامرها ونواهيها،لأن التصريحات وحدها لا تغني شيئا إذا لم تقترن بالأعمال،وتكون لها النتائج الملموسة على الأرض،وعلينا أن نتذكر أن هذه الأقليات الدينية كانت تشاركنا مناسباتنا الدينية،وتحترم شعائرنا يوم لم تكن لنا سلطة عليها،فقد كان الى جواري أحد أخوتنا المسيحيين،فكان يولم الولائم في العاشر من المحرم،تأسيا بنا،واحترامنا لمشاعرنا،ولم أسمع من أحدهم كلمة نابية بحق رموزنا،أو تشكيك بعقائدنا،وعلينا اليوم بعد أن أصبحت السلطة لنا،والأمور بصالحنا أن نرد لهم بعضا مما قدموا لنا،أو نتركهم امتثالا لقوله تعالى"قل يا أيها الكافرون ،لا أعبد ما تعبدون ،ولا أنتم عابدون ما أعبد،ولا أنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي ديني" .
*قيام المجتمع الدولي بتأمين الملاذ الآمن لهم،وتشييد المدن العصرية في كردستان لمن هجروا من مدنهم الأصلية،بالتعاون مع المنظمات الإنسانية،عند عجز الحكومة عن حمايتهم ورعايتهم،وتتحمل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومن شاركهما بحرب العراق مسؤولية حماية الأقليات،وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم،لأنها وراء ما يجري من مظالم بحقهم،بعدم تأمين الحماية لهم،لما لديها من إمكانيات عسكرية وسياسية وهيمنة على سلطة القرار في العراق،وعليها أجبار الحكومة العراقية لاتخاذ كل ما يلزم لحماية ورعاية هؤلاء.
*أنشاء وزارة خاصة تعهد أدارتها لشخصية مؤتمنة لها سمعتها وتأريخها النضالي بعيدا عن الكتل الطائفية،وتكون لها خصوصية استثنائية،وصلاحيات توازي صلاحيات الهرم الأعلى في الدولة،وتوفر لها الإمكانيات المالية المفتوحة،في تشكيل الحمايات،وبناء المجمعات وتوفير الخدمات،لتتولى المسؤولية بعيدا عن هيمنة البرلمان والحكومة المركزية،أو المحاصصات والتوافقات السائدة هذه الأيام،وبأشراف وطني أو دولي،ودعم من الجهات الدولية والعراقية لانجاز مهامها بنجاح،وحبذا لو يتولى مثل هذه المهمة شخصية وطنية نزيهة،بمستوى الدكتور مهدي الحافظ المعروف بأمانته ونزاهته ومبادئه الوطنية الشريفة البعيدة عن التحزب.
أن هذه التصورات ليست نهاية المطاف،فللآخرين آرائهم حول الموضوع لإيجاد حل مناسب لهذه المشكلة التي شوهت صورة العراق الجديد الذي نسعى لبنائه على أسس وطنية ديمقراطية.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى أين تسير القافلة بلبنان
- السونار
- القوانين الرجعية
- هنيئا للثقافة العراقية بوزيرها الهمام
- تخرصات الأفاقين فيما يقوله ياسين
- أما آن للغريب أن يعود لوطنه
- الى أين سيؤدي الصراع الدائر في العراق
- حاولات لتقسيم العراق
- المالكي والحل الاخير
- وأخيرا توقف القلب الكبير عن الخفقان
- أتصالات شبه رسمية بين البعث والحكومة العراقية
- المرأة بين سوط الأسلام وتخلف المجتمعات
- أبو عليان
- لماذا يقتل ويهجر الشعب المسيحي
- (قانون الاستثمار النفطي..مشروع لسرقة النفط العراقي)
- أجتثاث البعث
- بيوت الصفيح للفقراء،والقصور الفخمة للزعماء
- ما لم يقله سكرتير الحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي محيي الدين - ما هو مصير الأقليات الدينية في العراق