أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى محمد غريب - مكتبة الخلاني ونازك الملائكة وموروث الفكر الظلامي














المزيد.....

مكتبة الخلاني ونازك الملائكة وموروث الفكر الظلامي


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 13:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فُجّر شارع المتنبي سابقاً لا لأن الأمريكان هناك أو أنهم قد أسسوا قاعدة عسكرية كما لم يكن التفجير يهدف الجيش والشرطة وان تواجد البعض كأفراد أو مجموعات لكنهُ فُجّر المجمع الأدبي العامر بالكتب الثقافية والعلمية والتربوية لأنه يحمل بين طياته الثقافة التنويرية والمعرفة الواعية وهي من اشد أعداء الفكر الإرهابي التكفيري السلفي الأصولي ولم يُفّجر جامع الخلاني لأسباب طائفية كما أشيع على الرغم من أن الانفجارات التي أصابته والمراقد والجوامع وفي مقدمتهم المرقدين في سمراء والجيلاني الصوفي تهدف إلى تسعير الحرب الطائفية من جهات مختلفة لكنها تلتقي في المنهجية، بل لوجود مكتبته العامرة الغنية بعشرات الكتب المختلفة التي تحمل العلم والثقافة والمعرفة، الفلسفة والاقتصاد والاجتماع والشعر والرواية والقصة القصيرة وغيرها من الكتب التربوية وهي خطرة كما هي خطورة القنبلة الذرية على الفكر ألظلامي وعندما بدأت الاغتيالات تطال العلماء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والأساتذة والشعراء لم تكن ضد تلك الشخوص كونها كشخوص إنسانية فحسب لأن فسيفساء التنوع العرقي والقومي والديني والمذهبي اكبر دليل على أن الاغتيالات والتصفيات هي ضد الفكر التنويري الثقافي الذي ينوّر عقول الآخرين ويقدم لهم العلم والثقافة والوعي المعرفي وهم اخطر من أي خطر على الفكر المتخلف المشبع بالحقد على التنوير الذي يرى في العلم والثقافة والمعرفة والإطلاع آفة سوف تبتلعه فيحاول عرقلة نموه وتطوره ولكن هيهات.
تجمعني ومكتبة الخلاني ذكريات عزيزة وأسماء أعزاء بقيت لصيقة معي في كل مراحل حياتي فكانت الزيارة الأولى للمكتبة على ما أتذكر أوائل عام 1956 مع الشاعر عبد الرزاق " هوبي " الذي كتب أول قصيدة طويلة نثرية طبعها له اتحاد كتاب العراق بعد ثورة 14 تموز وكنا نذهب إلى المكتبة مجموعة من الأصدقاء المهتمين بالأدب والثقافة عموماً أكثر من مرة في الأسبوع لنقرأ ونسأل و نتابع وبعدها نعود للمطاردة الشعرية وجلسات السمر في مقهى إبراهيم في شارع أبو نؤاس على ضفاف دجلة الخير وكثيرا ما كنا ننام إلى الصباح وكنا نتبادل الكتب فيما بيننا " الدون الهادئ وسقوط باريس والطاعون ورباعيات الإسكندرية والأم والجريمة والعقاب والحرب والسلام والبؤساء والوجودية فلسفة إنسانية والوجودية فلسفة ليست إنسانية وحتى كتب كانت ممنوعة تؤدي إلى السجن ، واطلعنا في هذا الصرع الثقافي على الكثير من المعارف الثقافية والتاريخية والتراثية وهناك قرأت " فلسفة الألم واللذة لإرسطبوس " و اطلعت على الروايات العالمية والعربية وعلى وطه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والمازني وشوقي وحافظ والزهاوي والرصافي وملا عبود الكرخي والجواهري وصالح بحر العلوم وغيرهم وغيرهم ، وعلى الشعر العربي القديم والحديث منه على الرغم من قلته وبقيت منجذباً لمكتبة الخلاني لأسباب عديدة منها قرب السكن والسعي لنيل اكبر قدر من المعرفة وكذلك العلاقة الحميمة بالعاملين فيها وأصبحت مدمناً حتى بعد ثورة 14 تموز 1958 وهذه العلاقة التاريخية جعلت القائمين على المكتبة وفي مقدمتهم الشاعر محمود الريفي بتقديم تسهيلات خاصة لي وهي استعارة الكتب وأخذها معي إلى البيت ولعمق الثقة فقد كنت احصل على الكتب النادرة والثمينة التي لا يمكن استعارتها خارج المكتبة إلا أن هناك سبباً واحداً قطعني عن المواصلة وهو السجن فبعد أن استعرت ديوان للشاعرة العراقية المرحومة نازك الملائكة " عاشقة الليل " وعرفت مقدار الأنين والبكاء لحد العويل المؤلم الذي يدل عن معاناة بشرية ذاتية ، نازك رائدة الشعر الحديث التي قرأت لها في مكتبة الخلاني قصيدتها المشهورة " الكوليرا " التي كتبتها في عام 1947 على ما أتذكر، اعتُقلت وسجنتُ فضاع ديوانها وديوان " الربيع والجوع " للشاعر العراقي المرجوم حسين مردان ومرت السنين وفي كل مرة التقي صديقي منعم النعيمي " العظيم " الذي اخبرني بوفاته أمير الدراجي قبل فترة، يقول ـــ أن محمود الريفي يسأل دائماً عليك
وبهذا يغمزني بقضية " عاشقة الليل والربيع والجوع " فكنت امزح وأقول له ـــ بعتهما بربع عرق مستكي.
لقد طالت يد المغول المجمع الثقافي لمكتبة الخلاني التي تأسست عام 1945 والتي أغلقت عام 1980 بسبب تنوع ثقافاتها وسياسة النظام السابق الثقافية التي أريد منها تغييب الثقافة الوطنية التنويرية، الانفجار الإرهابي ومن كان خلفه طال عشرات الآلاف من الكتب القيمة وليس المرقد ونالوا من الثقافة المتنوعة بمقدار ما خرب المغول بغداد وحاولوا مسح حضارتها الثقافية بقذف آلاف الكتب في نهر دجلة وكما فعل النازيون عندما حرقوا عشرات الآلاف من الكتب التقدمية والثقافية، فإنهم يلتقون دائماً في التدمير والتخريب ومعاقبة الإنسان لكونه إنسان يفكر ويحلم ويناضل من أجل تحرير العقل من القيم البالية، يتفقون على الرغم من المساحة الزمنية المختلفة وعلى الرغم من نوعية الفكرة واختلاف الشكل، يلتقون لأنهم موروث الفكر الإرهابي المعادي لأبسط طلعات الإنسان وتمتعه بالحرية الفكرية، لقد هدم جزء من المكتبة ويقال أن هناك جهود مستمرة لانتشال جزء من المكتبة من تحت أنقاض الانفجار لقد تصوروا أنهم بانتقامهم وبأجرامهم ضد العلم والعلماء والصرح الثقافية العلمية سيقضون على الفكر التنويري الذي يكشف زيف منهجيتهم وأفكارهم الغوغائية .
السعي المحموم للانقضاض على كل ما هو ثقافي تنويري يدل على أن الفكر الإرهابي التكفيري يعرف معرفة أكيدة بأنه مهزوم لا محالة ولهذا يفعل المستحيل لإطالة زمن هزيمته أو تأخيرها وقد يفسر ذلك الانفجار في شارع المتنبي وتفجير النصب الفنية التذكارية واغتيال العلماء والمثقفين العراقيين ومكتبة الخلاني مدى الاستهتار بقيم العقل والانحطاط في القيم الحضارية وتبني قيماً لا حضارية تعيش في كهوف الإنسان القديم ، انحطاط في موروث الفكر التكفيري والدكتاتوري العنصري المشبعان بكراهية الإنسان والإنسانية



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الوحدة الوطنية بالمحاصصة الحزبية علامة إستفهام
- المليشيات الطائفية المسلحة والإرهاب التكفيري علّة العراق وال ...
- شر البلية ما يضحك.. ليتعرى الشعب العراقي بسبب انقطاع التيار ...
- الأخوة الأعداء وضياع الحقوق الضائعة
- الطبقة العاملة العراقية أشرف الطبقات وأنبلها وأكثرها وطنية
- لا حيادية في الإعلام بل مصداقية وغير مصداقية
- دفاعاً عن حقوق النساء وضد تصريحات وزير الداخلية الإيراني
- حرب الإبادة الشاملة ضد الشعب العراقي
- القضية الفلسطينية ما بين المماطلة والحلول التوفيقة والحل الع ...
- إحدى وثلاثون عاماً في بغداد والرهان الخاسرما بين الجديد والق ...
- بعض الملابسات حول إنعقاد المؤتمر التأسيسي للمجلس العراقي للث ...
- قرار خاطئ أستغل فيه المكان والزمان
- فاز نيكولا ساركوزي اليميني وماذا بعد؟
- ماذا في مقال نسرين عز الدين في ايلاف عن نهاية الصراع الطبقي ...
- أول أيار رمزاً وطنياً وأممياً للتضامن ضد الاستغلال وعدوانية ...
- قرار وزارة الداخلية المجحف يعد تجاوزاً على حقوق المرأة العرا ...
- الجريمة ضد العمال الأزيدين جريمة أخرى ضد الطبقة العاملة العر ...
- لينين
- الخطة الأمنية وتأمين الطرق الخارجية لحماية أرواح المواطنين
- متى يدرك أهل العراق من كل الطوائف حجم الجريمة؟


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى محمد غريب - مكتبة الخلاني ونازك الملائكة وموروث الفكر الظلامي