أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - الحياة اليومية في بغداد














المزيد.....

الحياة اليومية في بغداد


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سُئلتُ مرات عديدة أن أكتب عن الحياة اليومية في بغداد. وقبل أن أبدأ أود أن يتأكد كل من يطالع هذا الموقع أن ما سأكتبه بعيد عن المبالغة تماماً. قد يظهر له الموقع متشائماً لكن هذه هي الحياة في بغداد، بل وحتى أقوى العبارات لن تستطيع أن تصف الشعور المزري لما يحدث حقيقة في أرض الوطن.
أنهض كل صباح قبل أن يرن جرس المنبه ليس نتيجة نشاطي وحيويتي، بل لأني غارق في عرقي بعد ليلة طويلة مرهقة في غياب التيار الكهربائي الذي يصلنا ساعتين في اليوم، وفي بعض الأيام لا يصلنا أصلاً. وهكذا أنهض من فراشي مع شعوري بأني كنت في عراك مع النوم طوال الليل. كل عضلاتي تئن مع أسوأ مزاج.
أذهب إلى عملي سيراً على الأقدام لأن المشي أصبح أكثر راحة وأماناً من ركوب السيارة (نفس فترة الوصول تقريباً بسبب الشوارع المغلقة ونقاط التفتيش). ألاحظ في طريقي أكثر المشاهد بشاعة وألماً: كتل كونكريتية، بقايا سيارات متفجرة، رصاصات طلقات فارغة في الشوارع.. وليس للمرء إلا أن يشعر بالحزن والأسف أينما أدار وجهه.
وفي طريقي إلى العيادة أسلي نفسي بذات الأفكار الروتينية اليومية (هل هذا الشقاء سينتهي أبداً؟.. هل سيعود العراق إلى أمنه وسلامه؟.. كم نستطيع أن نبقى صابرين؟.. متى سأموت/ سأقتل.. وهل سيجدون جثتي وأدفن على نحو لائق كما يستحق الميت؟..الخ..).
ومع وصولي إلى الشارع الرئيس (كان مغلقاً على مدى أكثر من أربعة أشهر) أتذكر كيف كان هذا الشارع مليئاً بالسيارات والناس قبل سنة. لا أستطيع إقناع نفسي كيف أصبحت الأوضاع بهذا القدر من السوء في السنة الأخيرة، وكيف أخذت بالانحدار السريع نحو الأسوأ وبشكل مثير.
ومع وصولي إلى العيادة أول شيء أفعله هو معانقتي لجهاز التكييف air condition والبقاء بجانبه بعض الوقت، طالما افتقده في المنزل بعد أن أصبح المنزل العراقي لا يعتمد على الكهرباء الوطنية كما ندعوها، بل على المولدات. يلاحظ أن بين كل 4-5 وحدات سكنية مولدة كبيرة مملوكة لأحدهم فندفع له شهرياً على أساس كمية صرفنا (أمبير/ ساعة ampere). ومعظم العراقيين يستخدمون أجهزة تبريد الهواء (المبردة) air- cooler وهي أقل كفاءة من أجهزة التكييف وأيضاً أقل صرفاً للكهرباء ويؤدي الغرض.. لدينا جهاز تكييف في كل غرفة من منزلنا لكن هذه الأجهزة أصبحت جزءً من ديكور المنزل بفضل وزارة الكهرباء!
أمارس عملي في العيادة أحياناً وسط الأصوات الموسيقية للطلقات النارية وقذائف المورتر. وبعد نهاية وقت عملي أعود إلى المنزل وأيضاً مشياً. الحرارة لا يمكن تحملها إلى درجة أشعر بعد خمس دقائق بحذائي وكأنه يحترق. لا أستطيع الانتظار لغاية وصولي للمنزل لأتخلص من ملابسي المبتلة في ظروف درجة حرارة 50 مئوية (122 فهرنايت). الأكثر من ذلك عندما أصل إلى المنزل وكالعادة لا توجد كهرباء. انتظر ساعتين لغاية تشغيل المولدة (هناك جدولة لساعات عمل المولدة) وتغلق بعد ساعتين. أمامنا الغداء والقيلولة ثم النهوض مبتلين بعرقنا!!! نجلس على الأريكة (أنا وزوجتي) نتحدث ونستخدم المهفة (مروحة fan يدوية عراقية تقليدية) محاولين أن نبقي أحياء.
العطلة الأسبوعية هي وقت ذهابنا للتسوق من ما نسميه سوق مركزي لكنه في الحقيقة مجرد متجر كبير نسبياً تتوافر فيه معظم التجهيزات الغذائية التي تتواجد عادة في السوق العراقية. فترة تسوقنا هذه هي تسليتنا الوحيدة في حياتنا!!!!
سأتكلم عن بعض الحقائق: تتواجد في بغداد فقط خمسة مطاعم لائقة respective، لا يوجد محل شرب قهوة/ شاي (مقهى) coffee-shop- cafee. هناك ثلاثة نوادي ولا أمن في الذهاب إليها. وأيضاً توجد ثلاثة شوارع تجارية يمكن المشي فيها وتسوق الحاجات منها وهي آمنة نسبياً. وعندما أقول آمنة أعني لا يوجد عنف (طائفي) ولكن لا زالت هناك مواجهات: مورتر، تفجيرات طرق جانبية، تفجيرات سيارات، مسلحون snipers. لكنها آمنة من منظور العراقي! المشكلة أنها بعيدة عن منزلي وطرق الوصول إليها خطرة.
وبالمناسبة تنتهي الحياة اليومية/ الحركة في بغداد منذ الساعة الثامنة مساء، ويجب على كل فرد أن يكون في منزله مع حلول هذا الوقت. على أي حال ستبدأ المولدة بالعمل بعد ثلاث ساعات من التوقف. نشرب الشاي وندخن النارجيلة وجهاز الكومبيوتر اليدوي lap-top في حضني. أنظر في الرسائل وفي موقعي وأراقب التلفزيون في نفس الوقت. وبعد ذلك نجهز العشاء ونأكل في حديقتنا. ونعود أما نراقب التلفزيون أو نشاهد فيلماً أو نقضي بقية الوقت بالعمل على النت ثم نذهب للنوم.
صدقني.. عندما أقول لم نخرج منذ ثلاثة أشهر للتسلية/ النزهة (حياة معظم العراقيين متماثلة مع حالتنا مع بعض الاختلافات النسبية ومن المؤكد مع مزيد من المشاكل). قررنا في اليوم الذي تنتهي فيه زوجتي من أداء امتحاناتها أن نذهب للمطعم (أحد المطاعم الخمسة) أما المخاوف من المخاطر المتوقعة.. فإلى جهنم! نحن بحاجة لشيء من التسلية. لا نستطيع تحمل هذا الوضع أكثر من ذلك، وربما أجد في طريقي شيئاً جيداَ في بغداد فأنقله إليكم. أتمنى أن لا يفجروه قبل قيامنا بهذه الزيارة!!!!
ممممممممممممممممممممممممـ
Daily life in Baghdad, (Mohammed, Last of Iraqis), uruknet.info- 1 June 2007.



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: تحذير من انفجار الأزمة مع استمرار تدفق لجوء العراقيين
- الحملة العسكرية الأمريكية لن تستطيع إيقاف المقاومة الوطنية ا ...
- محنة أطفال الملاجئ العراقيين.. على من يقع اللوم؟
- فاروق قدومي: منظمة التحرير الفلسطينية سلطة غير شرعية مظللة
- المخفي من أسرار فضائح أبو غريب تقترب من الانفجار
- المحتل الأمريكي يدمّر العراق في ظل الحصانة
- العراق: الإجراءات الأمنية الصارمة تمنع دخول المساعدات الإنسا ...
- العراق: ورطة اللاجئين تزداد سوءً مع فرض الأردن وسوريا قيوداً
- الأمم المتحدة: مشردون عراقيون يقيمون في مخيمات رديئة جداً
- العراق- العنف يحشر المسيحيين في زاوية ضيقة
- إنها كانت فقط.. ممارسات متطابقة مع الإبادة الجماعية!!
- بغداد عطشى.. أزمة مياه الشرب!
- القتال في لبنان.. إعادة تشريد المشردين
- استطلاع الرأي العام الأمريكي: الولايات المتحدة لن تكسب حرب ا ...
- القوات العراقية تطوق عمال النفط المضربين.. رئيس حكومة الاحتل ...
- العراق: الحروب.. غياب الاستقرار.. وتلوث البيئة
- تفاقم أعداد المشردين العراقيين إلى 4.2 مليون.. نمو سريع لمدن ...
- الولايات المتحدة مستمرة ببناء القواعد العسكرية في العراق
- العراقيون يُجمّلون جدران التمييز العنصري
- 800 ألف مسيحي تمتعوا بالحماية في ظلّ النظام العراقي السابق.. ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - الحياة اليومية في بغداد