أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - لوحات مؤتلقة للروائي واسيني الأعرج















المزيد.....

لوحات مؤتلقة للروائي واسيني الأعرج


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 12:55
المحور: الادب والفن
    



لوحات الائتلاق تكمن في التقاط خيط الضوء من هذا البحر البشري المتلاطم بضجيج من صراع وبأمواج من دم ودموع ، ها هي ريما بطلة رواية (ذاكرة الماء ) تؤرخ لهذا الضجيج الدرامي عبر صورة حالمة يتوارثها الجيل في كل عصر مفادها أن الأمل بالكلمات لا بالمناصب ، بالمحبة الانسانية لا بالقلاع ، بروح الصداقة والسلام لا بالاستغلال وقمع الآخر . ان واسيني الأعرج يُرتّش تلك اللوحات المضيئة باضافة مرموقة من عنده لما في مخيلة ريما من حلم :
" عمو يوسف الله يرحمه كان طيبا . يضعني على ركبتيه ويقرأ لي الاشعار الجميلة ، أو يريني صوراً عن لوحاته الكثيرة . كان جميلا ً. يقول لي دائما ً . ياريما ، نحن الفقراء لانملك الشيء الكثير سوى كنز الكلمات الذي نورثه لأصدقائنا وأحبتنا . نتذكرهم به ، ويتذكروننا به ، أما الحكام ، هؤلاء الذين يملأون الشوارع بنصبهم التذكارية ، والتلفزات بوجوههم ، سيندثرون ، من يتذكر اليوم طغاة الدنيا منذ بدء الخليقة ، لكن من ينسى اليوم : شكسبير ، فلوبير ، الحلاج ، بشار بن برد ، سرفانتس ، عمر الخيام ، من يتذكر قاتل بوشكين ؟ ... هؤلاء هم ذاكرتنا وذاكرة الدنيا التي تعيشنا ونعيشها . "
واسيني الأعرج يؤكد بلا شك على هامشية الذاهبين الى النسيان من آكلي أكبادنا وخازني فرحنا تحت سجادهم الوفير وثرياتهم النيرة وزبرجدهم وابنوسهم ورخام صروحهم ، ولكن لا ألف لا ، ان الجمال هو دفء القلوب لا أصابعهم الباردة ، والحسن هو الحنو لا وجوههم الجامدة وارواحهم المتثلجة . انهم بطبيعتهم المتحجرة أقرب الى " ... ويل ٌ لمن جمع مالا وعدده ... " انهم يراكمون الأموال في زمن العوز والحاجة والمرض والجوع . لا بل انهم يتقنعون بالطيبة وهم سم الأفعى ، وبروح الصداقة وهم ساديون ، يرتدون مسوح الملائكة وهم دراكيولا قاتل ضالع بالجريمة ، انهم الإزدواجية المقيتة المقرفة . هاهو واسيني الأعرج يرسم لوحة اخرى في مشهد العذاب الانساني ولكن في صورة الكشف عن أدوار الأوغاد في الكواليس وعلى مسرح الحياة . ان واسين الأعرج نموذج مثل آلاف النماذج من ادباء الدنيا وفنانيه في احترام دوره الشجاع بتعرية المارقين والاستغلاليين وذوي الأرواح الدرنة من عشاق المال وحب وشهوة القتل والاغتيال . تقول احدى اللوحات :
" غرابة في مخلوق هذه البلاد . هو الشخص الوحيد الأوحد الذي يصلي الفجر ، ويزني الظهر ، ويسرق العصر ، وفي العشاء يستغفر ربه ويصير وديعا بين فخذي زوجته . ولا يشعر مطلقا ًبأي حرج ولا بأي تناقض أبدا ً. يمشي وفي داخله شخصان : واحد ميطافيزي والآخر عقلاني بينهما زجاج شفاف لاينكسر . كل واحد يقبل الآخر ولكل وظيفته الخاصة . "
وهنا لابد من التعليق بأن سلفادور دالي هو الحري الوحيد برسم تراكم القاذورات هذه في شخصية من هذا النوع الخرافي !
هذه الازدواجية في العبادة من جهة والفجور من جهة اخرى ، ادعاء الوطنية وسرقة الوطن ، رفع شعار الحرية ودفع البلاد برمتها الى المشروع العبودي القسري . الدفاع عن العدالة الى جانب التمتع السادي بانهيار المجتمع وسقوط المدن في الشحوب والحداد ، في الاغتيال والموت الجماعي بل مصادرة حتى ابسط الحقوق المدينية هو ديدن هؤلاء الطارئين على العصر وعلى التلقائية والفرح الانساني ، يقول الأديب واسيني الأعرج في لوحة اخرى:
" دعوتها الى مطعم صغير في زاوية الشارع الكبير ، متخصص في البيتزا الايطالية ، لتنسى همومها ، وما كدنا نجلس في المقعد الخلفي ، حتى دخل علينا رجل يشبه الشرطي ، او العسكري ، ولكنه لم يكن كذلك . كان خليطا من هذا وذاك . طلب اوراقي . طلب اوراقها . ركب نظارتين . حاول أن يقرأ بصعوبة كبيرة . ثم سألنا كمن يكمش طريدة فجأة في مصيدته .- متزوجان – نعم – الدفتر العائلي – ماعندناش . شعرت في لحظة من اللحظات ان صاحب المطعم يدبّر لنا مقلبا كعادته ، عندما يريد ان يرفه عن زبائنه . حككت على رأس الرجل – والله تشبه الشرطي . هفّيتنّا يا وّحْدْ المسخوط .
– نشبه لختك ياعطاي .
كانت الكلمات خشنه لم اكن املك حيالها الاّ الخيبة والصمت .
لم يتح لنا حتى فرصة التأمل والتساؤل . خرج وبسرعة عاد بكتيبة مدججة بالأسلحة . عرفت ان الرجل لم يكن يتمسخر مطلقا ً . عرفت من وجوههم وهيأتهم انهم مجموعات لاوظيفة لها ، سوى تصيّد الناس الذين يبدون بشوشين على غير العادة خصوصا اذا كان المجتمعان رجلا وامرأة . هذه الصرعة الجديدة جاءت مع الحاكم الجديد .... "] .
انها أحدى الكبائر ان نبدو بشوشين ! في زمن الحريات المتعددة في عموم العالم ، أما هنا فان الارهاب يمد بظلاله السامة على حياة مدينة تباد ولايبقى منها سوى دونية الفكر والسلوك. انها المدينة تتصحر من الفرح ، وتتقحل من الابتسام ! وبكلمات الكاتب اللآمع الروائي واسيني الأعرج تبدو لنا المدينة هكذا : " من غير المعقول ان تباد المدينة بهذا الشكل الهمجي وبهذه السرعة وسادة الامر والنهي لايعلمون ؟ المدينة بدأت تزحف نحو الانقراض ليحل محلها ريف بدون عقل ولاتاريخ ولاذاكرة ، سوى الجفاف والرمل ، ثم الرمل ."
ان الإسلوب الشيق للأديب واسيني وسبائك الديباج التعبيري الأنيق في جِدته وحرارته تمنح القارئ رغبة جامحة بالقراءة النهمة للوحات مؤتلقة باضاءات ادبية جذابة ، تأخذه الى الاطلاع المرير على الواقع المقرف لعوالم اغتصاب الأرواح والأموال والكرامة الانسانية .
طوبى لواسيني في لوحاته الرائعة وفي كتابه النابض بالغيرة الوطنية والعالمية على بني البشر . ان توثيق جراحات شعب تمنح الشعوب الاخرى ، الدرسَ والعبرة على ضرورة الانتباه من اجتياح الماعز الإرهابي العصابي السفّاك عدو الحضارة والحرية ، السادي المناهض للفكر التحرري المتجدد ، الماعز الهابط من قتام الكهوف والداعي اليه . انه مد أسود سام مُعد ٍ يجتاح البشرية اينما وجد الى ذلك سبيلا .
وهناك لوحات ولوحات على مد النظر ، كل واحدة منها جديرة بالتأمل والاتعاظ ، والتسلح بها ضد اعداء الشعب في حق الاختيار وجماليات العصر الحديث .

*******

* " ولد واسيني الأعرج عام 1954 في سيدي بوجنان ( تلمسان ) – الجزائر . أتم دراساته في جامعات الجزائر وسوريا ، حيث حاز على الدكتوراه ببحث عن الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية والعربية " له دراسات متخصصة وروايات عديدة .

*******



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق الحلم
- التنبيهات السبعة وقصائد اخرى
- - - أنا ابن ُ دجلة َ معروف ٌ بها أدبي - -
- اسطورة السيف والتأويل التحرري
- - يقولون ليلى في العراق مريضة -
- عاش القتيل ومات القاتل
- نازك الملائكة شاعرة في الفلسفة وفيلسوفة في الشعر
- سُحقا لمن قتل الملائكة الصغار
- سنطوّحُ كلّ الأصنام
- ياكهرمانة َصبّي فوقهم نارا
- لوحة شعرية لعبد الأمير الحصيري
- بغداد تجنح للسلام
- نازك الملائكة والقاعدة
- سلاما ايها الوطن المفدّى
- وطن مرفوع الجبين
- أضحى بدجلة َ لايسيل الماء ُ
- انقذ عراقك وانصر اهله النُجبا
- الجرح اقوى من السكين
- الفراشة والقمر
- قصائد عراقية في مصر المحبة والأمان


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - لوحات مؤتلقة للروائي واسيني الأعرج