النضال الجماهيري هو السبيل الوحيد لوحدة القوى السياسية والنقابية الوطنية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تنشغل اليوم الكثير من القوى السياسية الوطنية والهيئات النقابية في نقاشات وصراعات حول تحقيق اتحادات او جبهات سياسية ومجالس نقابية ، في ظل غياب النشاط الجماهيري ، ويتطور احيانا الى مهاترات واتهامات متبادلة ، في حين ترزح الجماهير تحت اعباء ثقيلة من المشاكل وتهديدات باشكال مرعبة من الموت !! ولم يكن ذلك عفويا بل جزء من مخططات اعداء شعبنا الهادفة اولا الى اشغال قواه الفاعلة في هذه الصراعات من خلال عملائها المدسوسين، عن اخطر معارك شعبنا: معركة اقرار قانون النفط والغاز: الهدف الاستراتيجي لقوات الاحتلال. وثانيا من اجل كشف عجز كل هذه القوى عن تنظيم الكفاح لتحرير الجماهير مما تعانيه ، وبالتالي عزلها عن الجماهير.
لقد استطاع الرفيق فهد تأسيس الحزب الشيوعي في مطلع القرن الماضي، وتحويله الى حزب جماهيري في فترة وجيزة من عمر الشعوب، وفي ظروف هيمنة الفقر والجهل والمرض التي فرضها الاحتلال البريطاني ، من خلال النضال الجماهيري . فقد عمل على تنظيم النضالات الجماهيرية من ابسطها: بدءا من جمع التواقيع على المطالب الانية وصولا الى الانتفاضات الفلاحية.
ولم تكن قوات الاحتلال وادواتها من الاجهزة الحكومية بغافلة عن هذا النشاط ومحاربته . فقد تعرضت منظماته منذ البداية الى حملات من الاعتقالات فضلا عن حملات من الاندساس والتخريب. فرد فهد على منتقديه في تعريض رفاقه للاعتقال والتعذيب من خلال النضالات الجماهيرية، وتفضيلهم الانتظار حتى تتوسع قاعدته الحزبية ، قائلا: لايمكن ان تتوسع القاعدة الحزبية وتتقوى الا من خلال النضال الجماهيري . ولو كان لدي عشرة اعضاء فقط لزججتهم بالنضال الجماهيري جميعا. "
ومن خلال النضال الجماهيري العمالي من اجل مطالبهم الانية، المتواصل والمتطور استطاع فهد تطوير الحركة النقابية العمالية وضمان وحدتها كما استطاع من خلال بلورة الاهداف الوطنية وفي مقدمتها انهاء الهيمنة البريطانية وادواتها الاقطاع والرجعية، تطوير القوى الوطنية وتحقيق وحدتها في جبهة وطنية. ورغم كل ضربات اعداء شعبنا لقواه السياسية الواعية بدءا من ابادة قيادة فهد للحزب الشيوعي وصولا الى انهاء الحزب الشيوعي كفصيل طليعي منظم ضد هم ، لم يستطيعوا قتل البذور الصحية للشيوعية التي بذرها فهد في تربة وطننا المعطاءة وبين اجيال شعبنا ذي الاصالة الثورية التي لايمكن ان تركع امام جبروت اقوى واشرس اعداء البشرية الامبريالية الامريكية. فقد تبلورت من خلال التجارب المريرة التي مر بها شعبنا الكثير من المنظمات السياسية والاجتماعية وتكتلات شيوعية وقيادات عمالية ومارس ويمارس بعضها المقاومة الفعالة ضد قوات الاحتلال، رغم كل ما اوجدته قوات الاحتلال من اجواء ارهابية لم تشهد لها البشرية مثيلا فالموت يلاحق الجماهيرفي البيوت والشوارع في الليل والنهار . ولذلك تجد هذه المنظمات في توحيد صفوفها الاساس الذي يضمن استمرار وجودها وتطورها بل وتحقيق اهدافها . وفاتها ان في مثل هذه الظروف العصيبة لايمكن للمناقشات والصراعات ان تبرهن على صدق هذه المنظمة او تلك . والمحك الرئيس هو النضال الجماهيري ، هو القدرة على تنظيم الجماهير وزجها في النضال من اجل مطالبها الانية وتطويرها وصولا الى مقاومة الاحتلال المسبب الرئيس لكل اشكال معاناتها بدلا من الموت المجاني . وهو في نفس الوقت السبيل الوحيد لتحريرها من كل وسائل التضليل السلفي والطائفي وحماية شبيبتها من الانخراط بفصائل الارهاب . ان الانشغال بالصرعات الفكرية وحول الاهداف والبرامج القريبة والبعيدة وحول الاسماء والمناصب من اجل تحقيق الوحدة او الجبهة او المجالس النقابية اوالاتحادات النقابية ترك المجال واسعا لادوات الاحتلال لتسميم وتضليل الجماهير الشعبية والعمالية، وعزل المقاومة عن الجماهير وتشويه سمعتها .
ان افضل اللقاءات واروع الحوارات تجري في سوح النضال الجماهيري ومقاومة الاحتلال. حيث يتطور وعي الجماهير والقيادات وتتبلور طاقاتها الثورية ومبادراتها وتتطور وسائل واساليب كفاحها وتتلاحم مع قوى المقاومة .
لقد شحذت قوات الاحتلال كل طاقاتها لتحقيق النصر الاستراتيجي في اقرار قانون النفط .وجازفت في تحدي الراي العام العالمي والامريكي في اقتراف ابشع الجرائم تحت ستار مهلهل من مكافحة الارهاب. فطائراتها الحربية تقصف يوميا المدن والبلدات وتقتل الالاف من المدنيين بحجة ملاحقة الارهابيين ، الذين تعمل على انذارهم وتهريبهم قبل قصفها كما حصل في مدينة ديالى . وهيأت التحالفات من ادواتها لضمان اغلبية برلمانية لاقراره في البرلمان بتوحيد برلمانيي التحالف الكردستاني وحزب الدعوة والائتلاف الاسلامي ، بعد ان ركعت حكومة المالكي بتهديدها الصريح: اما العمل على اقرار القانون او الاقالة . فالتحدي كبير وشامل لجميع جماهير شعبنا بعربه وكرده وسائر اطيافه ، بل انه تحدي لعموم البشرية في عصرنا الذي يواجه خيارين: اما التحرر من الامبريالية الامريكية القطب الاكبر للعولمة الراسمالية وكل ادواتها او الفناء. فكيف تسمح جماهير شعبنا وطلائعه الثورية بل والبشرية عموما، للامبريالية الامريكية ان تضع شعبنا وبالتالي البشرية امام خيارين : العبودية او الفناء؟؟.

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات