أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جيهان العراقية - الأمن المناطقي ما بين مطرقة الارهاب وسندان الطائفية















المزيد.....

الأمن المناطقي ما بين مطرقة الارهاب وسندان الطائفية


جيهان العراقية

الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 12:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



لم تشهد بغداد منذ نشأتها في العصر العباسي عنفا ً مناطقيا ً كالذي تشهده اليوم ، فكل ما تعرضت له عاصمة العراق من ويلات ومآسي وحروب كان من جهات خارجية بدءا ً بالمغول وليس أنتهاءا ً بالاحتلال الأمريكي ، ولم تكن تلك الهجمات تستهدف منطقة دون أخرى في بغداد أو على الاقل لم تكن تعتمد أسلوبا ً آنتقائيا ً مسبقا ً.
ولكن ما يحدث اليوم في بغداد هو أمر لم يسبق لها في تاريخها أن شهدته ، امارات ودويلات أسلامية ، حدود ملتهبة وخطوط ساخنة ، تهجير وآبادة ، وأنتقامات جماعية وتوترات طائفية ، وكل هذا جديد على بغداد التي عرفت شوارعها وأزقتها دوما ً طعم الآلفة والتأخي فلم يكن يخلو شارع من شوارعها من ذلك التنوع الديني والمذهبي ، بيوت للشيعة وأخرى للسنة وثالثة للمسيح وربما للكرد أيضا ً ، بل أن حتى مدينة الثورة أو الصدر حاليا ً كان فيها ولا يزال حي يسمى " حي الأكراد " وهي المدينة التي عرفت بكونها شيعية مغلقة.
بدأت بوادر هذه الأزمة الخطيرة مع سيطرة الارهابيين على المنطقة الغربية ومحاولتهم أقامة آمارة أسلامية هناك بزعامة أبو مصعب الزرقاوي ، ولكون منطقة أبو غريب تقع في الطريق المؤدي الى الفلوجة " عاصمة الآمارة الاسلامية " فقد بدأ المد الطائفي يزحف اليها شيئا ً فشيئا ً وبدأت بوادر حملات التهجير للعوائل الشيعية من المنطقة ، ثم تلتها وتدريجيا ً مناطق أطراف بغداد ، الطارمية ، المدائن ، اليوسفية ، اللطيفية ، لتشكل بذلك حزاما ً طائفيا ً حول العاصمة لتسهيل السيطرة عليها وأتخاذ تلك المناطق كقاعدة لأنطلاق الهجمات الارهابية ضد عموم بغداد ، وقد ساعد في ذلك غياب السلطة الأمنية أو شبه غيابها وأنشغال القوى السياسية بأعداد القوائم الانتخابية ومن ثم كتابة الدستور والاستفتاء عليه وأخيرا ً أنتخابات مجلس النواب الحالي.
فلم تكن هناك سلطة حقيقية للدولة العراقية على عموم مناطق بغداد بل والعراق بصورة عامة ، كما ساهمت التفجيرات الانتحارية المتكررة وسط البسطاء من العمال والاحياء الفقيرة والاسواق الى تنامي حالة الغليان الطائفي والذي دفع البعض الى ممارسة أعمال قتل وعنف وأرهاب لم يكونوا يخططون لها.
وكل هذه الاحداث كانت لا تعني شيئا ً قبل نهاية فبراير 2006 أذ بعد هذا التاريخ والذي شهد تفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء ، أضطربت وبشكل مفزع قواعد التوازن الطائفي في العاصمة خصوصا ً ، وحدثت العديد من حالات الانتقام الفردية والجماعية ، وتكوين ميليشيات جديدة وتقوية الميليشيات الاخرى الموجودة على الساحة في مقابل بروز واضح لدور الميليشيات الاخرى المعادية " كجيش أو فيلق عمر " وسط هذا الاضطراب الامني ، بدأت حملة تهجير واسعة للعوائل الشيعية من منطقة الدورة وحي الجهاد وحي الجامعة والعامرية والغزالية ومناطق أخرى ، في مقابل حملات تهجير أنتقامية من مناطق الحرية والشعلة ومدينة الصدر ، وأن كانت ليست بكثافة الحملات المقابلة أذ أن العوائل التي تسكن تلك المناطق هي التي أختارت الرحيل خوفا ً من أي توتر محتمل ، وأصبحت هذه المناطق تدريجيا ً مغلقة ومعزولة ومحمية بشكل كامل من قبل الميليشيات بواسطة أستخبارات قوية وسيطرات وهمية على المداخل الرئيسية لتلك المناطق والتي توقف السيارات المارة وتتأكد من هوية ركابها بأسئلة معينة وأستفزازات واضحة ، ويكون مصير المخالف القتل أو الاختطاف مقابل فدية وهذا ما حدث قريبا ً لشاب من معارفنا ، حيث كان ذاهبا ً الى الدورة كأجرة من قبل اثنين من النسوة، وقد وصل خبر أختفاءه الى أهله وأستمر البحث عنه أسبوعا كاملاً الى أن وجده أحد انسبائه ،في أحد الجوامع في الدورة ، حيث قال له شيخ الجامع " لقد تم تنفيذ القصاص العادل به " وهذا الشاب هو أب لثلاثة بنات وولد ، ولم يكن ينتمي الى أي جهة سياسية أو دينية أو أمنية بل كان سائق بسيطا ً كغيره من البسطاء في هذا البلد.
ولكن لنبحث عن الاسباب التي جعلت مناطق مثل الدورة وحي الجهاد والغزالية تنغلق ويصبح دخولها ومهاجمتها صعبا ً.
أولا ً – كما ذكرت قبل قليل أن العناصر الارهابية طوقت أطراف بغداد وبشكل شبه كامل وبصورة تدريجية أنطلاقا ً من قاعدتهم في مدينة الفلوجة ، ثم بدأت زحفها على المناطق المحاذية القريبة.
ثانيا ً – تتمتع هذه المناطق بخصائص جغرافية معينة كونها ترتبط بصحارى وبساتين واسعة تجعل تنفيذ الهجمات ثم الانسحاب بشكل سريع أمرا ً سهلا ً ، كما يقال أن منطقة البوعيثة في الدورة تضم أنفاقا ً تحت الارض تجعل من المستحيل مهاجمة تلك العناصر بشكل مباشر.
ثالثا ً – كون هذه المناطق هي طرق رئيسية تؤدي من والى العاصمة وبين أطراف العاصمة مما يعطيها نقطة قوة وتمكن.
رابعا ً – طبيعة هذه المناطق والمنازل التي تحتويها وقلة التماسك والتمازج السكاني فيها على عكس المناطق الشعبية التي تتداخل فيها المنازل ويكون الشخص الغريب فيها معروفا ً ومميزا ً. لذا صار أمتلاك العناصر الارهابية للدور والشقق والعمارات بصورة تدريجية أمرا ً سهلا ً.
خامسا ً – ضعف السيطرة الامنية والعسكرية وأختراقها الواسع من قبل العناصر المسلحة ، وغياب الخطط المدروسة لفرض السيطرة.

هذا ما أستطعت أن أحصيه من أسباب ، أضافة الى أنه في بعض المناطق يلجأ السكان الى تنظيم أنفسهم في تنظيمات لحماية مناطقهم وهم ليسوا بالتنظيم الكامل المدرب ، فقد تحدث أخطاء فردية أو جماعية وقد يتنامى لديهم حس معين بالطائفية يدفعهم الى ارتكاب اعمال اجرامية بعيدة عن الاهداف التي رسموها لوجودهم.
ولا يقتصر الاضطراب المناطقي على العنف الطائفي وحده والذي من صوره أيضا ً القتل الفردي لاشخاص يحملون أسما ً أو كنية معينة ، ولكن يتعداه الى الاستهداف المتكرر لمنطقة معينة بهجمات أرهابية مثل منطقة الكرادة التي شهدت في الفترة الاخيرة سلسلة من التفجيرات الارهابية وكذلك أسواق مدينة الصدر والصدرية وكراجات النقل في منطقة بغداد الجديدة.

ولو أردنا التحدث عن آثار هذه الازمة على المدى القريب والبعيد لتطلب الأمر جهودا ً مضنية في الكتابة ، ولكن ربما أحد أكثر الاثار تأثيرا ً علينا نحن الشباب هي مشكلة الكليات والجامعات ، فكليات مثل كلية التربية / أبن الهيثم في الاعظمية كتب على جدرانها " للسنة فقط " وكليات مجمع باب المعظم صارت ساحة حرب مستمرة وتحت مرمى نيران القناصة ، وكحّل مؤقت تم تحويل الطلاب في بعض تلك الكليات الى الجامعة المستنصرية والتي شهدت أخيرا ً ذلك الانفجار المؤلم والذي راح ضحيته أكثر من 100 طالب وطالبة.
فالجامعات مستهدفة والطرق غير آمنة ، والطلاب المهجرين تركوا الدراسة والذين حالفهم الحظ ، أستطاعوا أن يلتحقوا بجامعات المحافظات.

وأما أقتصاديا ً فأثاره مدمرة بدءا ً من سائق التكسي وأنتهاءا ً بالشركات والمكاتب والمحلات والدوائر التي تركها أصحابها كونها تقع في مناطق ساخنة.

أما ثقافيا ً وفكريا ً فتلك هي الطامة الكبرى فبغداد عرّفت دوما ً كعاصمة للثقافة والفكر والابداع ، ومهدا ً للتنوع الفكري والثقافي ولكن ما كان بالأمس عنصر قوة ، أصبح الآن نقطة ضعف ، قسمت تلك المدينة التي كانت تستيقظ على أغاني صيادي دجلة وتغفو على حكايات الف ليلة وليلة.



#جيهان_العراقية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جيهان العراقية - الأمن المناطقي ما بين مطرقة الارهاب وسندان الطائفية