أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية















المزيد.....



المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعدد الصفات والمواصفات التي يُنعت بها المغرب، منها الصفات التي تُمجده حتى حد اعتباره جنة قد يكون الله نسي ذكرها في كُتبه السماوية الأربعة ، كما ذكر بني إسرائيل مُفضلا إياهم عن العالمين ، وهي صفات مُصطنعة ومُفبركة ، و مقاسها حسب و وفق مقاييس أصحاب المصالح المادية النفعية الانتهازية ، الذين أعاثوا في البلاد فسادا ، باحتقارهم للعامة من الناس ، وتمجيدهم للخاصة التي تربطهم معها علاقات مشبوهة ومتشابكة ، وهو ما يُصفها بصفة عصابة منظمة مستحوذة على البلاد ، بصنعها للتاريخ المزيف ، وإصدارها للتشريعات وللقوانين الظالمة المجحفة ، التي لا يكتوي بنارها وبضغطها سوى المغاربة الذين يُقمعون ، ويُهانون في شرفهم وكرامتهم، ويُجردون من إنسانيتهم ، بل حتى من حياتهم ، وتُسلب منهم حقوقهم على جميع الأصعدة ، وعلى رأسها حقوقهم الثقافية و اللغوية ، منذ أن استولت فيه القبيلة العلوية على الحكم ، مدعومة من قبل الإمبريالية العالمية ، لكونها واحدة من القبائل التي تنفذ أوامر تلك الإمبريالية بالحرف ، مقابل استمرارها على الحكم على المغاربة رغما عن أنوفهم ، ولقد إرتأيت أن اسمي الأشياء بمسمياتها ، كي لا اسقط في فخ النفاق السياسي الذي سقط فيه الكثير ممن يخشون تسمية الأشياء بمسمياتها ، مضطرين إلى الإشارة بالمرموز إلى هذه القبيلة العلوية مستعملين كلمة " النظام " بطريقته الكلاسيكية الضيقة ، التي تشير إلى الحاكم ، والمحكوم , بينهما سلطة الحاكم المنفدة لأوامره ، وبذلك فهؤلاء يتناقظون مع تصوراتهم ، والتوجهات التي يناضلون من أجلها ، إذ أن القبيلة العلوية لو كانت تشكل بالفعل النظام الحاكم ، بما يحمله هذا المصطلح من معنى " النظام " لكان الأمر غير ما هو عليه ، حيث سيادة النظام وغياب عكسها الذي هو الفوضى ، وبالتالي فلا يوجد فرد ديمقراطي ، ومناضل بالعالم يفظل الفوضى عن النظام ، ومن هنا يتوجب على السياسيين إعادة النظر في استعمال مصطلح "النظام" في نعتهم للقبيلة العلوية، لأن هذا المصطلح لم يستعمل في مكانه المناسب ، لأن القبيلة العلوية لا تشكل " النظام" كنظام منظم ، بل هي قبيلة فوضاوية تحكم عن طريق الفوضى ، و التعليمات ، إذ لا تعتبر أحدا ، مادامت الإمبريالية العالمية مساندة لها ، لما تبدله الأولى للثانية من خدمات بفتح أبواب المغرب أمام كل أوامر هذه الإمبريالية ، بدءا باستنزاف هذه الأخيرة لثرواته الطبيعية و البشرية ، وصولا لتسخير سلطاته للقيام بالأعمال القذرة التي لا تستطيع هذه الإمبريالية القيام بها في عقر دارها ، لكونها متنافية مع مبادئها أو مع الحقوق البشرية ، وعلى هذا الأساس تحول المغرب من قبل القبيلة العلوية إلى مجرد مرحاض تفرغ فيه تلك الإمبريالية كل أوساخها ، فقد استعملت سجون المغرب ، وجلادي المغرب لتعذيب ونزع الأقوال بالقوة من قبل الأفراد و المجموعات التي تواجه تلك الإمبريالية من جنسيات وبلدان مختلفة ، وسجيل المغرب في هذا الصدد وسخ للغاية ، كما استعمل أيضا لتصوير أفلام الخلاعة ، وممارسة الجنس مع الأطفال و القاصرين ذكورا وإناثا ، كما أضحى الوجهة الصهيونية التي تعقد فيه اللقاءات السرية و العلنية ، على مختلف القضايا و المستويات ، والتخطيط لتمرير المشاريع الصهيونية ، و الإمبريالية ، و ممارسات العدوان على الشعوب المناهضة لتلك الإمبريالية ، بما فيها الشعب المغربي ، الذي صار ضحية لفوضى القبيلة العلوية المسيطرة على الحكم فيه ، كما تجرى على أرضه التجارب التي لا يمكن القيام بها في الأماكن الإمبريالية الأخرى ، نظرا لما يمثله فيها المجتمع المدني من ثقل ، و الإعلام من استقلالية قد تهز الحاكم في رمشة عين ، وبما أن المغرب مجرد تجمع بشري ، لا يخضع لأي قوانين تجعله في مستوى الدولة ، التي هي استقلالية السلط ، و الديمقراطية ، والحرية ، و الشفافية ، و النزاهة ، وحقوق الإنسان ، وجعل القانون فوق الكل ، فإنه بذلك مجرد مزبلة لتلك الإمبريالية الصهيونية ، وفي إطار الأخذ و العطاء ما بين القبيلة العلوية و الإمبريالية ، استطاعت كلاهما غض النظر عن جرائم بعضهما البعض ضد الإنسانية ، فإلى متى سيظل العالم يتفرج عن تلك الجرائم ، وهو مكتوف الأيدي لا يحرك ساكنا ، هذا هو السؤال الذي تفرضه اللحظة ، و البوابة الحقيقية للنظال؟؟؟
لقد حكم أمر وعقلية العسكر بوقوع أرض وشعب المغرب في المستنقع ، وهي الواجهة الحقيقية للمغرب مهما حاول الطغاة نفيها و إخفائها، فيما يبدلونه من محاولات مسرحية ، تخصص لها أموال هائلة مأخوذة من ميزانية الشعب ، جوهرها صُنع واجهة أخرى قانونيا، وإعلاميا، وسياسيا كأصباغ على وجه مُومس مُتوحش تُوجه للعالم ، و كأنها قوانين ، وإعلام ، وسياسة عادلة ، مُستصدرة ومُصاغة من مؤسسات يُروج لها أنها تُمثل الشعب ، و التي تحاول طمس حقيقة القبضة العسكرية التي يحكم بها المغرب ، قبضة تختفي بين السر و العلن ، بعدما يخطط لها بوضع مقايس تقاس حسب اللحظة التاريخية التي تمر منها البشرية عبر العالم ، أي بين المد و الجزر في حملات القمع ، و الترهيب ، و التخويف ، والتركيع التي يُعاني منها الشعب المغربي ، و تظل القبيلة العلوية هي الجلاد الدائم والمستمر ، فيما لا يتغير وفق تلك المتغيرات العالمية ، سوى الضحية ، حسب ما يميل إليه ميزان القوى العالمي ، و وفق الظروف السياسية ، و الإيديولوجية التي تجتاح رياحها العالم ، حيث تعدد النظريات و القناعات، و التجارب التي يفرزها مخاض هذا العالم بين لحظة تاريخية وأخرى ، من اشتراكية ، و رأسمالية إمبريالية ، وديمقراطية ، وحقوق الإنسان... ويبقى بذلك هاجس القبيلة العلوية و أعوانها من العسكر المتوحش هو الخوف من الإنهيار، الذي قد تحدثه تقلبات ومفاجأة الضغط العالمي ، والحقوقي ، و الإعلامي ، الذي قد يُعري على كل الجرائم المرتكبة ضد الشعب المغربي، بعدما ينكشف وجه تلك القبيلة العلوية الممسوخ كالقرد ، حينها سيُطالب هذا العالم الحر ، الإنساني ، و الحقوقي ، و الديمقراطي، بالقبض على أفرادها جميعا ومُحاكمتهم مُحاكمة شعبية لا ترحم أحدهم ، فلن يكون مصيرهم فيها بذلك سوى كمصير الرئيس الروماني - تشاوسيسكو- الذي نال و أعوانه جزائهم وفق ما أسدوه للشعب، وهذه النهاية الدرامية التي نتمناها، هي التي تجعل تلك القبيلة العلوية كالبحر تارة تظهر بمظهر المد ، وتارة بمظهر الجزر ، وهمها من كل ذلك في الواقع في كلا الحالتين هو أن تفلح في خدع العالم الحر المدافع عن الشعوب المقموعة ، فتتبجح في لحظة المد بمصطلحات هي في الأصل ضد مصلحتها في البقاء على العرش ، كتشدق أبواقها بالتغيير ، وحقوق الإنسان ، والحرية ، و النزاهة ، و الشفافية... فيما أن الواقع العيني المغربي يفند ذلك، حيث أن الشعب لا يشعر بأي تغيير ، ولا يفرق بين الأمس و اليوم ، ولا بين الغذ في ظل استمرار القبيلة العلوية في الحكم ، لأن المغاربة الأحرار منهم ، و التواقين منهم للغذ الأفضل ، هم من سيقرون باستمرار نفس الحالة التي مر و لا يزال يمر منها المغاربة تحت حكم العسكر، الذي يعتبر الملك قائده الأعلى ، إذ لا يمكن مناقشة أمره، أو التشكيك في خططه وخطاباته ، حتى وإن كانت رنانة ، وسياسته ، وأصله و نسبه... فهو بذلك يُعلى على الجميع و لا يُعلى عليه ، وهو بالتالي خليفة الله في أرضه ، حسب ما ورد في ما يُسمى بالقانون الذي صاغته الأيادي الملطخة بدماء الشعب في الظلام ، وفرضته على الجميع بلغة العصا لمن عصى... و من هنا هل يُقبل ويُشجع الواقع الماضي منه ، الفائت ، أو الحالي و الأتي ، في ظل استمرار النهج العسكري في الحكم ، أن يُعتبر المغرب دولة قائمة الذات فيها حاكم ومحكوم، و وطن ، و مُواطن ، و مُواطنة ، قاسمها المشترك هو المواطن ، بما يحمله ذلك من حقوق وواجبات ؟؟؟ أين هو الشعب المغربي ومناضليه لفضح سياسة الأساطير التي يروج لها الطغاة كخيال، والتي تفضحها الحقائق المرة على أرض الواقع ؟ هل يتخيل البعض أن يتحقق في ظل الملكية ما هو واجب ، ومطلوب كالعدل ، و الحق ، و الإنصاف ، والحرية ، والمساواة ، والديمقراطية ، والشفافية ، و النزاهة ، و الصدق ، و الشعور بالمسؤولية ، التي تليها المساءلة ، و المحاسبة ، و العقاب مهما كانت مكانة مرتكب الخطيئة تلك...؟؟؟ بالقطع لم ولن يحدث ذلك تحت الحكم الملكي الفردي المطلق أبدا ، بالرغم من كون تلك الحقوق، و الواجبات ، التي ظلت مطالبا مغربية لعقود ، بل لقرون من الزمن ، هي مجرد أقل شيء تتمتع به باقي شعوب العالم المتحرر، و الديمقراطي في ظل سيادة القانون ، إذ لا شيء يسمو فوق القانون، و الحقوق المدنية ، و السياسية، والاجتماعية، و الاقتصادية، و الثقافية التي صاغها الممثلون الحقيقيون للشعب بالطبع ، وليس كما يجري في السر و الخفاء بالمغرب ، وبالمجتمعات ، و التجمعات البشرية غير الديمقراطية ، التي تصنع الممثلين السياسيين ، والمنتخبين و المؤسسات الصورية ، من أجل خدمة الحكام من الطغاة ، وتركيع الشعوب...
لقد تخطى العالم الحر مثل تلك المطالب ، بعدما صارت مكاسب يومية متداولة لدى الشعب، وهي مطالب ضحى من أجلها المناضلون من المشاركين في الثورات الشعبية ، التي تحققت من أجلها تلك المكاسب ، التي تظهر حاليا للأجيال الصاعدة وكأنها مجرد حقوق ، و واجبات ، ومكتسبات عادية، وُجدت، و خُلقت مع الإنسان عن طريق الفطرة، فصارت هذه الأجيال مُتفرغة ، ومُهتمة بحقوق الحيوانات والطبيعة، التي لا تنفصل عن حقوق الإنسان ، وتلك هي مقومات الدولة الحديثة المكونة للعالم الحر، و للتمدن الحقيقي الذي ينبذ منطق الراعي ، و الراعية ، ولغة السيد و المسود، التي تتضمن لغة العبد و السيد السائدة بالقرون الوسطى ، لكنه بالرغم من الحقبة التاريخية الفاصلة بين زمننا الحالي وتلك القرون ، فإن القبيلة العلوية وعسكرها المتوحش ، المجسد ليس فقط في المصطلح التقليدي المعروف بالجنود و الجيش، بل هو مجسد في المقدمين ، و الشيوخ ، والقواد ، و الباشاوات ، و العمال ، و الولاة ، والقضاة ، و الكُتاب ، والمحامون الموالين و المطيعين ، والمساجد ، و الموظفون ، والبوليس السري ، و العلني منه ، والدرك ، و المخزن ، و السيمي ، والحرس الملكي و الشرطة ، والعريفات ، وهن النساء المتخصصات في التجسس على النساء داخل بيوتهن ، إلى جانب الأحزاب الشرعية ، و الجمعيات ، و المنظمات ، و النقابات ، و الوداديات ، و الاتحادات ، والإعلام السمعي منه ، و البصري ، والمقروء ، وكل من يقر منهم بما ورد بالدستور الممنوح ، و المفروض على الشعب بأسلوب المنح و العطاء ، وضرورة القبول و الرضا ، وكل من يعترف بالقانون المجحف ، وبكل المراسيم الفوقية المفروضة بشكل ديكتاتوري ، وكل من يتزلف ، ويدافع عن الملكية البعيدة كل البعد عن منطق الشرعية ، التي لا تُخفى حقيقتها على أحد ، وكلها أجهزة مُجندة للضغط على الشعب لحماية الملكية ، بأكاذيب الديمقراطية و النضال ، و الانتخابات لولوج مؤسسات صورية ، فاسدة كالبرلمان ، والمجالس البلدية ، و القروية ، التي ليس الغرض منها سوى نهب الأبرياء من أبناء الشعب ، وسرق و اختلاس أموالهم للمزيد من الثراء الفاحش بُغية التسلق للتقرب من أبواب القصر الملكي ، حيث يركن مفتاح الكنز، إذ أن الشخص الذي حصل و أن رضي عنه الملك الذي يضع نفسه في منزلة الرب و الإله ، فقد غُفر له ذنبه فيما تقدم وما تأخر ، ومن هناك يحق له أن يسرق ، ويحتال ، ويغتال ، ويقتل ، ويعذب ، ويُجرد من أراد من الأبرياء من أموالهم ، أو ذريتهم أو ممتلكاتهم ، أو حتى من أروحهم وحياتهم ، دون أن تطاله أيادي الحساب و العقاب ، ولا حتى المسائلة ، لأن الملك قد رضي عنه ، وصار بذلك شريفا، رغم أنه حقير وخائن للأمانة ، ولص تنطبق عليه كل النعوت ، و المواصفات القدحية ، ومع ذلك فقد يتسلم البطاقة البيضاء ، التي لا يحاسب أصحابها وحامليها ، عملا بمقولة :" إذا أجرم الشريف تركوه ، وإذا أجرم الوضيع أقاموا عليه الحد" ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المغرب مجرد تجمع بشري يحكمه العسكر الظالم و المتوحش . لكن هل سنظل فاشلين ، مكتوفي الأيدي في انتظار نبوة أخرى تحررنا من البطش ، و حكم القياصرة والطغاة ؟ متى سندرك ما ينتظرنا من هلاك تحت الحكم الملكي الفردي المطلق ، لنتحرك بذلك مهما كانت خسائرنا ، لأن الشعب في الأخير هو من سيربح المعركة ، لكونه يُشكل الأغلبية المطلقة ، وهذا هو المنفذ الحقيقي للتغيير المنشود ؟؟
بادئ ذي بدء ، لقد بلغ السيل الزبى ، و صارت عقدنا ، وخوفنا ، وتخوفاتنا نحن المغاربة لا تُوازيها عقد ساكنة العالم برمته ، إذ صرنا شعبا بلا هوية بعدما اضمحلت هويتنا بضغط من هوية الأخر، فلم نعد نفكر كما نريد ، أو نتكلم كما نريد ، أو نكتب ونعبر كما نريد ، أو نلبس كما نريد، و لا نشرب كما نتذوق، ولا نأكل كما يجيب ويحلو لنا، بعدما تم غسل أدمغتنا بمسحوق يجرد الإنسان من إنسانيته التي هي أساسها الشجاعة ، و التضامن ، والتآخي ، و التآزر، و النضال ، بقول كلمة حق ولو في وجه حاكم طاغي ، وهي من القيم العليا التي خسرناها، بعدما تحكم فكر بعض الأئمة و الدجالين ، و السحرة ، والفقهاء المواليين للقبيلة العلوية في ذوا كرنا وضمائرنا ، وأصبحت مُقيدة ومُحتلة ، ومسلوبة بمنطقهم ، منطق محدود المساحة يدور وسط دائرة مفرغة ، و بين حيطان وأسوار فلك الطابور الخامس المماثلة للسجن ، حتى صرنا بذلك نمشي بأمرهم ، ونتحرك وفق قوانينهم ، وفتاويهم كالكراكيز ، وهم من يتحكم فينا من بعيد متلاعبين بالملة ، و العقيدة ، و الدين و الوطنية ، بل يصنعون منا و بأجسادنا أشكالا لا تتداول أمثالها إلا على خشبة المسرح ، و التمسرح ، و بذلك تُلقى بأجسادنا ، وبعقولنا ، وضمائرنا ، مسرحيات الهزل ، و التهريج بهذه الحياة ، ونحن في غيبوبة كأشباح تتحرك بلا أرواح ، و بلا فكر، و بلا منطق ، فظل كل واحد منا يبحث في وحدانيته ، وإنعزاليته عن هوية ، ليست هويته الأصلية يستر بها نفسه التي تركها تجار وأباطرة الدين و السياسة في العراء ، عندها فتحت الزوايا ، و الأضرحة أبوابها لتخدير عقولنا، إلى أن صارت بذلك إناثنا مغلفات بالأثواب البيضاء كالميت الحي ، أو بالأثواب السوداء كالخيام المتحركة ، فيما صار ذكورنا ملتحيين وكأنهم سجناء تحت الأرض لقرون من الزمن ، تعلو أللحي وجوههم لتغطي تقاسمها التي تخفي العناء ، و الشقاء ، بشعرها الوسخ المتشابك ، فلم يعد لنا بذلك رأي فيما نفعله عندما تم استسلامنا لفكر ولمنطق الآخر ، فحلت أسماء قديمة ، سلفية عديدة بسيراتها ، وبصفاتها ، وبأعمالها ، وبأفعالها ، وبأقوالها محل وجودنا الحقيقي في زمن عصري ، حداثي ، تقدمي ، صناعي و معرفي ، و معلوماتي و تقني... بالرغم من الفاصل الزمني الذي يعد بالقرون بين هذه المرحلة و تلك ، أسماء لؤلئك الذين لم يكونوا يعرفون في عهدهم المتخلف ، و المنغلق سوى محيط ضيق تتخلله الناقة ، و السيف ، و البعير، و الخليلة ، و الخلوة في عمق الصحاري على ظهر الفرس و الجواد ، وبثقل أولئك ، وتأثيرهم المرعب على ذاكرة شعبنا ، ظل الجل في عصرنا هذا منشغل بالغسل ، والوضوء ، والطهارة ، والاختلاف ، و الخلاف حول من تحق له الأسبقية من أعضاء الجسم لحظة الوضوء ، فتم تقسيم يومنا إلى أوقات نقضيها في الدلك ، و الغسل ، و السجود ، والركوع ، ومع ذلك يصيح الفقهاء بجملة مضحكة مفادها " حي على العمل" بعدما مر اليوم كله في الفراغ بسرعة ممر القطار، ونحن لا نزال في ظلمة المعابد ، فيما تهتم باقي الشعوب المتحررة باستخدام العقل ، واستغلال الوقت والزمن لمواكبة سرعة هذا العصر المرعب ، وصناعته ، و مفاجئاته المخيفة ، فلم يعد لنا نحن رأي فيما نفعله ، بهذه الحياة التي تستدعي من المرء أن يستغلها مهما استطاع ، مادام يتمتع فيها بالروح ، و الجسد لتحرير الذاكرة المحتلة ، التي تنادي و تناشد من يعتقها من الأغلال ، ويرفع عنها الأصفاد ، و الحواجز و المتاريس ، ويُخرجها من الظلمة إلى النور، فهي في أمس الحاجة إلى اليقظة ، و العلم والمعرفة ، و التطور و النور، ونفض الغبار عنها وتحريرها لتمتطي الركب الحضاري ، وهو السبيل الحق و القوي لبناء مستقبل زاهر، لأن البناء تلزمه القوة و الفكر ، و التخطيط و المعاينة ، من بدايته إلى نهايته ، إذ لا بُنيان يعلو بدون ذلك ، وإذا حصل و أن دُمرت العقول ، ودُمرت قوة وصمود الذكور، و الإناث ، فلن يصمد بذلك أي بُنيان مهما ظهرت عظمته..إذن فالمدخل الأساسي المؤدي للتغيير و للبنيان الصامد هو تحرير الذات الفردية و الجماعية من بؤر التخلف ، باستخدام العقل المادي للتركيز على الواقع ونبد الخيال ، والنظرة إلى ما يحمله المستقبل ، بعيدا عن أخطاء الماضي التي لا تزال تهيمن على الحياة اليومية لأفراد التجمعات البشرية المتخلفة ، التي يعد المغرب واحدا منها ... وفي هذا الإطار فإنه إذا حكمت الطبيعة البشرية على مكونات العالم بمنطق الذكر و الأنثى ، مع تحركهما ، ومشيهما على قدمين متساويين ، فإن طبيعة الشعوب المتخلفة قد حكمت على الرجل ، و القدم الثانية بالعجز، و البتر ، و الشلل ، ذلك بالقضاء على المرأة ، و وضعها داخل السجن المنزلي ، بعدما تم تغليفها بثوب التخلف ، و الجهل ، و الأمية ، والإلقاء بفكرها ، وبمخيلتها وبرأيها ، في بحر النسيان ، و الحرمان ، و التهميش ، وبذلك العجز قد يستحيل أن يصل جسد أحد من الذكور إلى ضفة التقدم و الإنعتاق ، مشيا على رجل واحدة ، لأن رحلة الحياة هذه طويلة وشاقة ومتعبة ، و المشي على الرجل الواحدة لن توصل صاحبها إلى الهدف المنشود ، الذي هو المستقبل الزاهر ، لأنه من المستحيل أن يتحمل أحد وحده عبء هذه الحياة بعيدا من عون الأخر ، حتى ولو نزلت المعجزة من السماء ، أو خرجت من باطن الأرض ، ومهما فعلت الطبقة الطاغية الحاكمة بالبلدان العربية ، و الإسلامية مدعية تحريرها للمرأة كنصف مكمل لقوة الرجل، وإعطائها نسبة داخل المؤسسات المعينة و المزورة ، فإن ذلك يظل من باب الخدعة ، وتنويم الشعب ، و لن يزيد ذلك إلا في فضح هيمنة الديمقراطية المزيفة شكلا ومضمونا على الحياة السياسية ، و الاجتماعية ، و الاقتصادية بتلك التجمعات البشرية ، التي لم ترق بعد إلى مستوى الدولة ، كما يُعري عن واقع الحرية المصطنعة ، والحقوق المشوهة ، لأن المساواة لا تعترف بالنسب ولا بالكوتا ، إذ لا شيء يعلو في ذلك على المساواة ، التي بدونها سينهار بُنيان أي مجتمع مهما كان صموده... فما هو السبيل إذن الذي يجب إتباعه لإخراج المغرب من موقع التجمع البشري المحكوم من قبل العسكر المتوحش ، إلى موقع دولة الشعب المتحررة و الديمقراطية ، التي يتساوى فيها الجميع ذكورا وإناثا ، إذ لا فرق بينهما إلا في العلم و الخبرة ، و المعرفة ، و التجربة؟؟
بداية فأن ينظر المرء إلى نفسه صغيرا محسنا تعامله مع الناس بممارسة يتقدمها التواضع، والإخاء ، والتسامح ، و الصبر ، و الإنسانية ، فقد يصبح بذلك شخصا كبيرا لدى العامة من الناس ، بالرغم من نظرة الصُغر و التصغير ، و الاستصغار التي وضع فيها نفسه ، أما أن يرى المرء نفسه كبيرا عن الآخرين فيعاملهم تعاملا وحشيا ، يهيمن عليه النفاق ، و الاحتقار، و الاستصغار، و الحقد ، و الكراهية ، والتعجرف ، و التكبر، فقد يصبح هذا المرء صغيرا لدى تلك العامة من الناس ، رغم اعتقاده بغير ذلك ، فينظر إليه كالذي صعد الجبل وبدأ يضحك و يستهزأ لأنه يرى الناس أصغر منه ، ولكنه يجهل أن أولئك الناس هم من يرونه فوق قمة ذاك الجبل أصغر منهم، وهي المعادلة التي تنطبق علىكل من الملك و و الأحزاب ، و الشعب المغربي ، ففي ما يرى الملك والأحزاب ذلك الشعب صغيرا ، فإن هذا الأخير هو من يراهما أصغران منه ، وهي النظرة التي قد تفجر الصراع أحيانا بين أبناء الشعب التواقين للحرية ، و المساواة ، و الديمقراطية ، وبين القبيلة العلوية الحاكمة ، و الأحزاب الإنتهازية الخائنة ، من الذين غرسوا بسياستهم كل أشكال الجهل ، و الأمية ، والتخلف في جسد الشعب ، وبذلك وجدوا ضالتهم و استمراريتهم ، و بقائهم ، وهم ينظرون إلي الشعب بعين احتقارية تسودها العبودية والرق ، وكلما تحرك أفراد الشعب من المناضلين الرافضين لسياسة الاستغلال و العبودية ، و التخدير، و التنويم ، و البطش ، إلا وغضب القبيلة العلوية ، وأعوانها ، من خدم وعبيد مُكشرين عن أنيابهم المفترسة ، مُلقيين بسمومهم كالأفاعي بأجساد كافة أفراد ، وجماعات الشعب عبر نظريات وحجج واهية ، هاجسها الأمن ، و الدوام ، و الاستمرارية ، للحكم الملكي المطلق ، و الاستقرار... وفي هذا الصدد قال – انجلز- " يا لها من سذاجة طفولية أن يحول المرء قلقه الشخصي إلى حجة نظرية" ومن خلال هذا ظلت الملكية ولعقود من الزمن منذ احتلالها وأتباعها للمغرب ، هي التي تخطط لكل شيء مطبقة نظريتها الشخصية ، التي يُهيمن عليها الغضب ، و الخوف من فقدان كرسي العرش، وسياسة الانتقام من الجميع ، وبذلك هيمن حكمها الفردي المطلق على جميع المناحي ، وعلى رأسها الشأن السياسي ، و الاجتماعي ، و الاقتصادي والفكري ، و اللغوي ، مُسخرة بذلك كل أساليب القمع ، بما فيها بعض النساء من العاهرات ، و الباغيات ، و بعض المثقفين لمواجهة دعاة التغيير، حيث تخصصت تلك النساء في مهمات تجسسية ، وتدميرية لحياة المناضل الصنديد ، واستقطابهم عبر العلاقة المشبوهة ، و الجنس نحو الجحيم ، فيما تفرغ بعض المثقفون لترويج بضاعتهم الفاسدة وزرعها كسرطان بجسم الشعب من خلال المدارس ، و المعاهد ، والجامعات ، و الجوامع، و المساجد ، و الأضرحة و الزوايا ، وكل الأماكن العمومية المعتمدة على تعظيم ، وتمجيد الملكية ، إلى حد تفضيلها أحيانا عن الرسل و الأنبياء ، بل عن الرب و الإله ، وكأن الشعب قد يموت جوعا ، و بأسا ، ويأسا ، في حالة غياب الملكية ، وسيادة الجمهورية محلها، وهم من يشرعنون حتى غطرسة الملكية وظلمها ، وطغيانها معتبرين إياها عطفا ، وعفوا ، و رأفة ، والتفاتة ملكية ، أليس من العدل أن يتم فضح هؤلاء الكُتاب من المدافعين عن هذه السموم الملكية مهما بلغ ثمن ذلك؟ ومتى ستستيقظ الشعوب لتنظيف المجتمعات العربية ، و الإسلامية برمتها من الملكيات ، و السلاطين ، و الأمراء الفاسدين ، الذين لا يصلحون حتى للسهر على رعي الأغنام و المواشي ، فما بالك وهم من يرى الشعب كرعية ؟
عندما خرج الشعب بمختلف البلدان التي عرفت التغيير عبر قيام الثورة ، ليقود النضالات و الاحتجاجات ، و العصيان المدني ، و الإضرابات ، و المظاهرات ، وبرز بذلك كقوة سياسية ، وفكرية واجتماعية ، فإن ذلك لم يتم بسهولة بين عشية و ضحاها، وإنما تم الإعداد و الاستعداد ، عبر تضحيات المخلصين من المناضلين التقدميين الثوريين ، ممن لا تهزمهم الإغراءات ولا الملذات ، من الذين لا تتوقف عجلات نضالاتهم عن الحركة ، و لا يبتعدون عن هموم الشعب قيد أنملة ، إذ بقوا مرتبطين بالشعب ليظل يقظا مفتوح العقل و البصيرة ، كي لا تأخذه سنة ولا نوم ، حتى يتحقق النصر ، وتحرير البلاد من الفاسدين و الطغاة ، لأنهم واعون كل الوعي بما ينتظر مثل هذا التحرك الشعبي ، والعمل الثوري من متاريس ، وعراقيل ، و قمع شرس ، و انتقاد ، وتشكيك ، وتخويف ، وتحريف للحقائق ، وترويج الإشاعات المغرضة ، قصد إجهاض هذا التغيير في الرحم قبل ولادته.. و المناضلون الحقيقيون هم من يعي أنه عندما يفلح الشعب لاقتحام الشارع ، فقد يبدأ حينها الحوار يدور في الأوساط الانتهازية ، حول المغزى من تلك التحركات ، وما هي أهدافها ومطامحها ؟ و ما هي الجهة التي لعبت دور المغناطيس لتوحيد الشعب ، من أجل فرض ذلك التغيير ؟ ومن يقود تلك النضالات ؟ وهل سيتم تحقيق الأهداف المنشودة من خلال تلك الثورة الشعبية ؟ كلها أسئلة ، وشكوك، وتحليلات ، وانتقادات ، لو أجهد الفلاسفة والباحثين أنفسهم لثبت لهم في الأخير ، واجتمعوا على نتيجة واحدة ، مشتركة ، مفادها أن تلك الهزات ، و الثورات الشعبية ، إنما هي مجرد نتيجة منطقية لمساوئ الرأسمالية وأنظمتها الطاغية و التبعية ، التي زاغت عن سكة العدل ، وعن أعراف الفكر الإنساني بما يتضمنه من حقوق ، وعن أنظمة الحكم الديمقراطي ، قولا وممارسة ،من هنا سيتبين للجميع أن غرض منتقدي تلك الثورة الشعبية ، هو رغبتهم في البقاء تحت راية النظام الإستبدادي القديم ، لما يضمنه لهم من حياة أفضل بعيدا عن أنين البؤساء ، والفقراء و المحتاجين.. فيما سترى البرجوازية ، وممثلي أفكارها أن حلم قيام الثورة لا يعد إلا ظاهرة مؤقتة ، ومطالب شعبوية ، وسوف تتوارى ، وتختفي عندما يطور النظام الرأسمالي في الإتجاه الديمقراطي.. فيما يصب الإشتراكون لجام غضبهم منتقدين بذلك الرأسمالية بمرارة ، مصريين على الاتجاه نحو نظام جديد، وإقامة الاشتراكية ، وذلك بالعمل على تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج إلى ملكية جماعية عبر التعاون الجماعي ، و المساعدة المتبادلة ، و إلى هذا الحد يظل الأمر لدا هؤلاء جميلا ، ومحبوبا لدى الجميع ، لكن ما يفاجؤون به العالم التقدمي ، أن البعض منهم يرى أن ذلك التغيير للوضع ، بإلغاء الملكية الفردية ، وتحقيق العمل الجماعي ، وإقامة الاشتراكية ، لن يتم إلا عبر التوعية ، لإقناع الرأسماليين ، والأغنياء ، بالمساهمة في بناء الاشتراكية تلك ، وهو ما يراه الثوريون التقدميون الديمقراطيون ، من باب المستحيل ، إذ لا يعقل أن يرضى ، ويقبل الأغنياء من البرجوازيين بالاشتراكية ، وهم من يسبحون بحمد الرأسمالية ، و بذلك يظل هؤلاء الإشتراكيون مجرد طوباويون ، بعيدون كل البعد عن فهمهم للصراع الطبقي ، وعن دور الشعب بمكوناته من طلبة مقموعي الفكر ، مجردين من حرية التعبير و التفكير، وفلاحين صغار مضطهدين من قبل الإقطاعيين و السماسرة، وعمال مستغليين من قبل المشغلين ، و العاطلين من الرجال ، و النساء ، ضحايا سياسة الإقصاء ، والمهمشين ، و المحرومين من أبناء الشعب ، بعدما نهبت أولئك الرأسماليون حقوقهم
إن الطليعة الثورية التي تشكل الطبقة العاملة فيها قيادة الصراع ، وتحرك كل المتضررين ، مهما اختلفت مواقعهم ومناصبهم من أبناء الشعب ، هوالقطب الحقيقي الذي توكل إليه المهمة في حسم الأمور عبر قيام الثورة ، وإنجاحها عبر اقتحام كل المؤسسات ، و الاستيلاء على كل أجهزة السلطة ، لمناصرة النظام الاشتراكي الثوري الديمقراطي ، الذي سيحسم مع الفكر الإقطاعي ، و الرأسمالي ، و الملكي الإستبدادي ، في حينه وبرمته ، بعيدا عن الأحزاب الشرعية التي يقودها الاشتراكيون الطوباويون ، الذين لم يدركوا بعد ، أو كونهم يتجاهلون عن عمد ، أن الاشتراكية في الأصل هي عدوة الرأسمالية ، كما أنها ضرورة تاريخية ، تتم عبر الصراع الطبقي ، و الطبقة العاملة هي التي ترأس في هذه العملية ، والحتمية التاريخية قيادة الثورة لتحقيقها ، بعيدا عن الرؤية ، و المنظار المثالي الذي يربط قضية التطور بتوعية البرجوازيين ، و الأغنياء ، و إقناعهم للتخلي عن النظام الإقطاعي ، و الرأسمالي ، لمناصرة النظام الاشتراكي ، إذ كيف يعقل أن يتم توعية العدو لينقلب بسلاحه ضد نفسه من أجل إرضاء عدوه ، وهذا ما يتوجب على الإشتراكيين الطوباويين بالمغرب استيعابه ؟
إن الشعب المغربي يعاني من هيمنة هذه الاشتراكية الطوباوية على ساحتة السياسية ، وهي تتلقى دعما ماديا ، وسياسيا ، و مساعدة من قبل الملكية ، وذلك عبر استفادتها من التزوير الذي يفرز المؤسسات المنتخبة بين قوسين ، والمعينة ، التي يحتل فيها الاشتراكيون الطوباويون نسبا عن طريق عقد الصفقات السرية منها و العلنية ، حتى تستمر أطوار اللعبة السياسية ، التي يكون فيها الخاسر الأكبر دائما هو الشعب ، الذي لا يزال يثق في شعارات هؤلاء ، كما أن الملكية لم تتعامل مع هذه الأحزاب ، و المنظمات ، و النقابات التي تتحرك في إطار ما يسمى بالشرعية ، إلا بعدما أدركت أن اشتراكيتها الطوباوية لا تشكل خطرا على وجودها ، واستمرارية نهجها ، وهي لا ترقى إلى درجة تجعلها تقود الثورة ، ما دامت تتبنى شعار توعية و إقناع الأغنياء ، والبرجوازيين ، للانضمام بشكل جماعي للنظام الاشتراكي ، وهو الشعار الذي لا يأتي بثمار لذيذة للشعب ، ولا يخدم الثورة ، ولا حتى الديمقراطية ، و بالتالي لا ينتظر من تلك الاشتراكية الطوباوية المزيفة شيء ، ويبقى من الملح ، و الضروري على الشعب المغربي أن ينزل إلى الشارع ، لاقتحام المؤسسات ، و الإدارات ، ومقرات تلك الأحزاب ، و النقابات متجاوزا بذلك للنضالات المحدودة و المحتشمة ، المقتصرة على تنظيم المسيرات ، والوقفات الاحتجاجية المناسباتية ، التي تصدر من هنا وهناك، و سرعان ما يتم امتصاص غضبها من قبل الأحزاب ، و النقابات ، التي تتقاسم كعكة الشعب مع الملكية ، وهي أحزاب خائنة مهما كانت شعاراتها ولباسها الإيديولوجي التي تدعي من خلاله أنها سائرة على الخط الاشتراكي ، وهو الأمر الذي يمكن الوقوف عن توضيحه:
لقد لوحظ أن هناك نوعان من الاشتراكية : أولهما الاشتراكية الثورية التقدمية الثابتة ، المرتبطة حقا بهموم الشعب ، وقضاياه ، تلك التي تعتبر نفسها من الشعب وإلى الشعب، مُتبنية في ذلك وُضوحا إيديولوجيا ، وبرنامجا سياسيا ، واقتصاديا واجتماعيا ، وثقافيا مرتبطا أشد الارتباط بالشعب ، ومستجيبا لمتطلباته ولطبقته العاملة ، وهو برنامج غير خاضع للتحريف ، أو التنازل أو التزييف ، مهما حدث، عملا بمقولة " من عهد وفى " وقد يمكن اعتبار هذه الاشتراكية بالاشتراكية الشعبية الثورية الديمقراطية ، البارزة بالخصوص في أمريكا الجنوبية بكل من كوبا وفنزويلا و... وبآسيا كالصين ، وكوريا الشمالية... في المقابل اشتراكية طوباوية ، غير ثابتة ، وصولية ، تتقاسم مصالحها الحزبية و الشخصية ، والنفعية مع البورجوازية ، فهي بذلك غير ديمقراطية ، لا تظهر بمظهر الاشتراكية إلا عند حلول موعد الانتخابات ، كي تزيد من شعاراتها التي تخدع بها المصوتين على اختياراتها المتذبذبة ، وهي اشتراكية مبنية على الحيف و الزيف، لا تظهر إلا على مستوى الشعارات فقط ، إذ أن شعارها يتحول ، ويتغير حسب موقعها داخل اللعبة ، التي وضعتها البرجوازية ، المتحكمة في القرار بالمال ، و الجاه ، و القوة ، وهذا النوع من الاشتراكية المذلولة متواجد أساسا بالمغرب ، وبالدول العربية و الإسلامية ، التي لم يعرف تاريخها السياسي هزة ثورية ، قد يمكن للتاريخ تدوينها ، وهي أحزاب لا تعرف شيئا عن الأهداف الحقيقية و الإنسانية ، و النبيلة للاشتراكية ، وهذا التحليل المتواضع ، والاستنتاج الواقعي يعكسه الوضع المالي ، و الاقتصادي ، و الاجتماعي، و الطبقي للمسئولين عن تلك الأحزاب التي تحسب نفسها عن قطب الاشتراكية ، بكل من المغرب وبالتجمعات العربية والإسلامية، حيث أن قادات تلك الأحزاب ينعمون في المال، والجاه ، والسلطة ، من خلال تحالفاتهم السرية منها، و العلنية مع البرجوازية ، و الحكام المستبدين ، للاستفادة الشخصية، و الحزبية ، من الوضع المأساوي ، الذي يضغطون به على الشعب كي يظل بعيدا عن الصراع، منشغلا فقط بهمومه اليومية، ومستقبله الغامض، في ظل عدم الوضوح الذي يهيمن على الحقل الاقتصادي ، والسياسي ، نتيجة عدم الوفاء و النزاهة ، و المسؤولية ، و الوعد التي يوزعها المنتسبون للاشتراكية في كل مناسبة ، رغم أن أساليبهم بعيدة كل البعد عن مصدر الإشتراكية الحقيقي ، الذي هو الماركسية كنظرية مختلفة عن كل النظريات ، لكونها علمية مفسرة للعالم ، كما تساعد على تغييره تغييرا ثوريا، وهي نظرية تكتشف القوانين الموضوعية في المجتمع ، وتعطي إمكانيات الاستفادة منها في حياة الناس وانشغالاتهم ، و نضالاتهم اليومية ... وإذا حصل أن إحتد النقاش مع هؤلاء الإشتراكيين الطوباويين ، لتوقيفهم عند حدهم ، وتذكيرهم بإنزلاقهم عن الأهداف النبيلة للإشتراكية ، فإنهم سيتدرعون في ذلك بانهزام الاشتراكية في عقر دارها ، الذي هو الاتحاد السوفيتي سابقا ، متذرعين بكون الأمر متجاوز تاريخيا، فلم يكن تبريرهم ذلك إلا غرضا في التملص من مسؤولياتهم في ما أسدوه للشعب من مكر وخداع ، عبر إجرائهم صفقات سرية منها ، وعلنية مع الطغاة من الحكام على حساب الشعب ، وهو ما يقر بفشلهم ، وعجزهم ، وعدم امتلاكهم القدرة ، و الشعور بالمسؤولية اتجاه مستقبل زاهر ، ومتقدم ، وحر ومتحرر يستفيد منه الجميع ، وهو وضع لن يتأتى في المغرب إلا بقيام الثورة ، كما أن عدم نضجهم الثوري ، وفشلهم الذريع و عدم قدرتهم ، الفكرية ، والنفسية ، والتربوية على تقديم أي شيء ايجابي للثورة ، هو الذي يجعلهم مجرد مناضلين أشباح ، يوجهون سيوفهم و أسلحتهم ، و اتهاماتهم المجانية للنظرية الماركسية ، متجاهلين أن هذه النظرية لم تأتي من فراغ ، أو من عقلية أحدية الجانب ، أو فوقية فرضت على الشعب من القمم الحزبية ، أو النقابية ، أو من خلال الحكم الفردي المطلق ، بل هي نظرية مستنبطة من الواقع العيني المعاش للشعب ، كما أن ماركس الذي اكتشف المفهوم المادي للتاريخ ، ولقانون القمة الزائدة ، لم يتعالى عن الواقع ، وهو ينظر للشعب من قمة الجبل ، بل عمل على دراسة الواقع ، والتعامل معه ، فاستنبط بذلك الديالكتيك من هيغل ، ثم أعطى نوعية دياليكتيكية جديدة، وأخذ من مادية فيورباخ وأعطى بذلك نوعية مادية جديدة، ثم أخذ من الاقتصاد السياسي من آدم اسميث وريكاردو، وأعطى نوعية اقتصادية جديدة ، وبذلك تمكن عبر اجتهاده ، واحتكاكه مع الواقع الشعبي أن يصيغ نظرية الاشتراكية العلمية ، فأين هم من يسمى بالاشتراكيين العرب لتحقيق مثل هذه الاجتهادات ، والمجهودات ؟؟ هل لا ينتظر هؤلاء سوى أن تقدم لهم النظريات و الحلول على أطباق من ذهب ، حينها سينتقدونها ، ويحرمون بذلك الشعب من تذوقها و تجربتها، و لا ينظرون إليه من الأعلى إلا نظرة الاحتقار و التخلف ؟؟ أليس من حق العرب و المسلمين أن يجتهدوا لتطوير حتى النظرية الماركسية إذا اقتضى الأمر ذلك ، لتتأقلم وتتماشى مع ثقافتهم ، وأساليبهم في الحياة لو كانوا بالفعل صادقين ، في شعاراتهم ، وفيما يفعلون ؟ ألم تبقى تجمعاتهم البشرية التي يطلقون عليها" الدول" بعيدة كل البعد عن الركب الحضاري ، والتاريخي ، والإنساني ، إذ أنها لم تعرف من التجربة الاشتراكية ذرة ، ولا حتى من التجربة الرأسمالية الكاملة بجوانبها الايجابية و السلبية ، و التي تضمن على الأقل لمواطنيها حقوقا ثابتة كالسكن ، والشغل ، و التعليم ، والتطبيب ، وحرية التعبير ، والسفر ، و التعويض عن المرض و البطالة ... أين هي هذه الحقوق لدا ما يسمى بالرأسمالية العربية ، و الإسلامية ، وهل يفهم هؤلاء في الأصل معنى النظريات الاقتصادية ، والسياسية ، والفكرية ، والإيديولوجية ، و الاجتماعية ، حتى يتعاملون معها على أرض الواقع ؟ أم أنهم راضون بحكم الغاب المسلط عليهم ، وسيضلون كذلك محملين المسؤولية للقضاء و القدر، بلغة فضلنا بعضكم عن البعض، حتى أخر نفس في حياتهم ؟



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعوان القبيلة العلوية المسلطة تنهج سياسة تشويه وتفريق الأماز ...
- اللإنتخابات المزمع تنظيمها بالمغرب تحت استبداد سلطة القبيلة ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية ؟ ال ...
- ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهو ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- جلسات الاستماع لضحايا الاعتقال السياسي بالمغرب مجرد دعايات ت ...
- البيعة قمة الاستبداد بالمغرب
- المغرب وسياسة الأبارتايد
- الصحراء الغربية بين طموحات الشعب الصحراوي وتخاذل النظام المل ...
- المغرب مجرد تجمع بشري لا علاقة له بمفهوم الدولة
- أسباب ظهور الخلايا الجهادية حاليا ، و الحركات الثورية مستقبل ...
- لبنان ليس هو الحريري ، والحريري ليس هو لبنان فمن ينقذ شعب لب ...
- نداء تاريخي للدعوة لتأسيس الجبهة الثورية الديمقراطية الأمازي ...


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية