أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ظلال الليل لناصر بختي: جنيف تُقصي المهاجرين، وتنفي أبناءَها عند تخوم الليل















المزيد.....

ظلال الليل لناصر بختي: جنيف تُقصي المهاجرين، وتنفي أبناءَها عند تخوم الليل


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1963 - 2007 / 7 / 1 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


نال الفيلم الروائي الطويل " ظلال الليل " جائزة الصقر الفضي في الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام. كما إنتزعت الممثلة المتمكنة مادلين بيجو جائزة أفضل ممثلة عن العمل ذاته. وقد حاز الفيلم على إعجاب النقاد والمشاهدين على رغمٍ من أن العمل هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج. إختار ناصر بختي مدينة جنيف السويسرسة ساحة لأحداثه فيلمة الروائي الطويل " ظلال الليل " مدته " 108 " دقائق. وتجدر الإشارة الى أن عدد السكان السويسريين يبلغ قرابة ثمانية ملايين يدينون بالمسيحية والإسلام، إضافة الى اليهودية بنسبة ضئيلة، غير أن الأجانب يشكلون نسبة عالية فيها تصل الى مليون مواطن أجنبي وفدوا من مختلف قارات العالم التي لا توفر لمواطنيها العيش الرغيد، لذلك كانت سويسرا وغيرها من بلدان الغرب الأوروبي هدفاً للهجرة غير الشرعية. وربما يشكِّل هذا الثيمة محوراً مهماً من بين المحاور الأُخر التي يقوم عليها الفيلم. ومن بين الثيمات التي عالجها الفيلم أو تعاطى معها في الأقل " العزلة، الإدمان على المخدرات، التمييز العنصري، العنف بأقصى أشكاله، الإغتراب، وإقصاء الآخر في بلد يدعي أنه أنموذج متقدم للتعايش السلمي، وقبول الآخر، وعدم إقصائه أو نفيه ".
مشرَّدون عند حافات الليل
يرصد هذا الفيلم خمس شخصيات وهي على التوالي " مومو " التي جسّدها الفنان الجزائري هشام الحياة، و " أدي " التي أبدع فيها الفنان ديارا دامانتا، و " كلير " التي أدتها بإتقان عال الفنانة السويسرية مادلين بيغو، وهانز التي الذي مثّله الفنان السويسري مارتن هوبر، و دان الذي لعب دوره الفنان السويسري غاسبارد بوش. تكمن إشكالية هذا الفيلم في أنه قائم على " ثنائية المُطاردة " التي تقع بين دوريات شرطة البلد والمهاجرين الذين وفدوا الى سويسرا عن طريق الهجرة غير الشرعية كما هو حال الشاب المالي أدي والجزائري مومو. أما كلير المرأة السويسرية فقد تعتبر هي الأخرى مُطارَدة عند حدود الليل وظلاله ومن قبل دوريات الشرطة السويسرية ذاتها. غير أن أغرب ما في الأمر أن الشرطيين نفسيهما مطارَدان من قبل زوجتيهما، أو هما بتعبير أدق منبوذان ومطرودان من عش الزوجية، ومشردان عند تخوم الليل الذي يكتف مدينة جنيف. يمكن تصنيف الفيلم نقدياً على أنه دراما اجتماعية، لكنها لا تخلو من الحس الكوميدي والتراجيدي في آن معا. كما يمكن اعتباره فيلم مخدرات لأن شخصيتين رئيسيتين منهما مدمنتان على تعاطي المخدرات، بل أنهما ضحيتان وأسيرتان للإدمان عليه " كما هو حال كلير ومومو " كما يمكن اعتبار الفيلم أنموذجاً للتمييز العنصري الذي يشهده ضحايا الهجرات السرية وغير الشرعية. ولتسليط مزيد من الضوء على شخصيات الفيلم الخمس الأساسية سأبدأ بالشاب الجزائري " مومو " الذي ودّعته أمه بعد أن أحاطته علماً بأنه ذاهب الى بلد أجنبي، ويفترض به ألا يسبب أي شكل من أشكال الإزعاج لأبناء البلد الأصليين الذين ينظرون إليه كشخص طارئ جاء يزاحمهم في أشياء كثيرة من بينها فرص العمل، ولقمة العيش وما الى ذلك. وحينما وصل الى جنيف كان يبعث لهم رسائل تنطوي على أكاذيب كبيرة أهمها أنه يواصل دراسته في جامعة سويسرية، وأن أوضاعه المادية تتحسن يوماً بعد يوم، في حين أن واقع الحال يشير الى أنه قد تحوّل عامل نظافة " زبّال " ومدمن على تناول الكحول والمخدرات، وأنه لا يجد في نفسه الشجاعة الكافية للإعتراف بحقيقة وضعه الاجتماعي والدراسي. وفي لحظة صفاء ذهني وروحي يكتب رسالة صريحة إثر إسترجاعة لمشهد لقاء أمه التي كانت تشنّف سمعه بالوصايا قبيل السفر، يعترف فيها بالحقيقة الصادمة، ويقرر إثرها العودة الى بلده واعداً الشرطي بأنه سوف يستقبله أحسن إستقبال إذا ما قرر هذا الأخير قضاء إجازته في الجزائر. أما " أدي " الشاب المالي الذي تسلل الى جنيف حالماً بأن يصبح نجماً مشهوراً في كرة القدم فقد عمل في مطعم يضم عدداً آخر من الطباخين والندل، بعضهم يحبه مثل " الشيف " وبعضهم الآخر يمقته ويتربص به الدوائر مثل زميلة النادل الشاب الذي يستكثر عليه أن تكون له صديقة سويسرية جميلة تأتي الى المطعم بسببه، وتقضي معه أوقاتاً طيبة لا تخلو من ممارسات صريحة للحب. ونتيجة لوشاية ما، قد تكون من زميله في العمل، يقع " أدي " تحت طائلة البوليس، حيث يعامل معاملة المجرمين، ثم يخيّره أحد المسؤلولين السويسريين بين المغادرة الطوعية أو القسرية. وقبل مغادرته جنيف يأتيه " الشيف " خفيف الظل، ليسلّمه أجوره ومستحقات عمله، ثم نشاهد الطائرة وهي تتجه الى مالي حاملة " أدي " الذي لا يأخذ معه سوى حفنة من الأحلام الجميلة. أما " كلير " المرأة السويسرية التي تخلى عنها أبويها لأنها انحرفت بسبب الإدمان على المخدرات، فهي ليست عاهرة أو بنت هوى، لكنها وجدت نفسها، ومن دون إرادتها، تزاول هذه المهنة المقززة التي أشعرتها بنها إنسانة فارغة تماماً، ولا هدف لها في هذه الحياة العريضة بحيث وصل بها الأمر الى ن تستجدي على قارعة الطريق، فلا أحد يحبها أو يأنس إليها لأنها مجرد جسد بارد يهب المتعة العابرة للآخرين كلما اشتدت بها وطأة الحاجة الى النقود لكي تسد رمقها سواء من غائلة الجوع أو من لعنة المخدرات. ربما يتوقع المشاهد أن المُطارِدين من شرطة الدوريات الليلية قد يقفون على الضفة المقابلة الآمنة، غير أن واقع الحال يكشف العكس تماماً فهم مطاردون أيضاً، ومشردون، ويعيشون عند حافات الليل. فهانس، ضابط الشرطة، قد انفصل عن زوجته، ولا شيء يذكرنا بها سوى صورتها التي يحتفظ بها في منزلة الخاوي، وفراشه البارد، ووسادتها المهجورة. لقد بدأ هذا الضابط العتيد يفقد أعصابة لأي سبب من الأسباب التافهة، ولا يتمكن من السيطرة على نفسه حتى في المواقف البسيطة العابرة. ويثير في خاتمة المطاف عطف الشرطي الأدنى مرتبة منه، بحيث يقترح عليه أن يذهب في إجازة لكي يخفف الضغط عن أعصابه المتوترة أبداً. وذات مرة ينقض على أحد المشردين ويشبعه ضرباً الى الدرجة التي يدمي فيها وجه الضحية بطريقة وحشية لا يقوم بها إلا المجانين أو المرضى النفسانيون. ولا يختلف تعامل الشرطي الثاني " دان " مع الضحايا والمتهمين من حيث القسوة والخشونة والفظاظة عن رئيسه في العمل، فهو الآخر قاس الى حد اللعنة، وغالباً ما يقوم رئيسه بتوبيخه وتقريعه على خلفية عنفه مع المتهمين. يعاني " دان " هو الآخر من زوجته التي ترفض لقائه أو احتوائه في المنزل مما يجعل منه ضحية أخرى تتسكع عند حدود الليل وحافاته المليئة بالجريمة والناس الثملين والمهمشين والضائعين. فعلى مدى " 24 " ساعة نتابع هؤلاء الأشخاص الخمسة المُطارَدين والمُطارِدين الذين لم يستطيعوا التكيف مع الحياة الداخلية والسرية وربما المجهولة لمدينة جنيف التي تعتبر مثالاً للمدينة المتحضرة التي لا تلفظ ساكنيها خارج أروقة المنازل الأسرية الحميمة الدافئة. يكشف الفيلم بشكل صادم أن جنيف تمارس فعل النفي والإقصاء أيضاً، كما تنتهك القوانين الدولية المتعارف عليها فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان حتى وإن كانت حاضنة لها، ومدعية برعايتها والترويج لها. ولعل أغرب ما في الأمر أن هذه المدينة تدفع ببناتها الى مراتع الرذيلة والسقوط وتصنع كل يوم ضحايا جدد لا يجدون الخلاص إلا في المخدرات والمنومات وربما حبوب الموت الرحيم. فالكائن البشري الذي يهتز يظل واهناً في مواجهة المصاعب والظروف الشائكة. لقد فقدت الشخصيات السويسرية ثلاثتها زمام السيطرة على نفسها، فكلير سحقتها المخدرات، وأصبحت فظة خشنة وفارغة تماماً، مثلما فقد هانس ودان زمام السيطرة على نفسيهما، وأصبحا مثار عطف المشاهدين، فهما ليس بحاجة الى اجازة طويلة حسب، وإنما بحاجة ماسة الى ولوج مصح نفسي يمضيان فيه مدة طويلة من العلاج الذي يؤهلهما للعودة من حافات الليل الى تخوم النهارات المشمسة. يعكس هذا الفيلم أوجه الاحتكاك والتصادم بين المهاجرين والسكان الأصليين، ويكشف عن جوهر العلاقات الإنسانية في أقسى لحظات ضعفها وانهيارها في عالمنا المُربَك الراهن. يمكن القول في خاتمة المطاف بأن الشخصية الإنسانية، حتى وإن كانت في موقع المسؤولية والقرار كما هو حال الشرطيين، فإنها تظل هشة وقابلة للإنكسار ما لم تترفع عن مشكلاتها وهمومها الخاصة. فثمة أناس مثل مومو وكلير اللذين كان يريدان حماية معالمها الخارجية من اللكمات والضربات الوحشية لشخصيات عدوانية بعضها طارئ مثل عصابات الليل، وبعضها غير طارئ مثل هانس وزميله في العمل، غير أن هذه الشخصيات العنيفة كانت غير قادرة على أن تحمي نفسها من الداخل أو تحصَّن أسرها وعائلاتها من التفكك والإنهيار. وعلى رغم المواقف المفجعة الكثيرة التي احتواها متن الفيلم إلا أن الفكاهة والمواقف الطريفة كانت توحدهم، وتساعد هذه الشخصيات الخمس المرتبكة والضائعة والمنفلتة لأن تعيش، وتمضي الى الأمام معللة النفس بالأماني الجميلة التي يخبؤها لنا الغد.
ولد ناصر بختي في العاصمة الجزائرية " الجزائر " عام 1960. يقيم في سويسرا منذ عام 1990. حصل على الجنسية السويسرية أيضاً، و نال شهادة في اللغات الحديثة. تخرّج من مدرسة مونتفيو للفن والدراما في لندن. تعاون عام 1989-1992 على انجاز أعمال متنوعة لـ " بي بي سي "، والقناة الرابعة، ومؤسسة الإذاعة الفرنسية السويسرية " TSR " والـ " ARTE " ككاتب سيناريو، ومنتج، ومخرج. كما عمل كمخرج مستقل. أخرج " روح زيمبابوي في يوكشاير، 1992، الماشي المتوحد 1993، جنوب: مضارب الأحلام 1993، جنيف، مرآة العالم 1996، صمت الخوف 2001، وظلال الليل 2006.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مسرحية - ديمقراطية ونص - لأحلام عرب: الرئيس آخر مَنْ يعلم ...
- بعيداً عن بغداد كتاب جديد للفوتوغراف العراقي قتيبة الجنابي
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود، ولكل ورد ...
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود
- الروائي برهان الخطيب ل - الحوار المتمدن -: لم أخرج بعيدا عن ...
- الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
- في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما ت ...
- المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد ليالي هبوط الغجر
- بيت من لحم فيلم جريء لرامي عبد الجبار ينتهك المحرّم والمحجوب ...
- فيلم - 300 - للمخرج الأمريكي زاك سنايدر
- الروائي الأمريكي كورت فَنَغوت يستعين بالسخرية والكوميديا الس ...
- فاضل العزاوي على غلاف مجلة -بلومسبوري ريفيو-: دعوات ودواوين ...
- كوبنهاغن، مثلث الموت - نص توثيقي، وسيرة مدينة بامتياز
- متابعات صحفية
- معجبة تعثر على رواية مخطوطة لجينيت ونترسن وتعيدها لدار نشر ب ...
- بريطانيا تودِّع أبرز كتاب الرواية البوليسية وأدب الجريمة
- طارق هاشم في فيلمه الجديد www.Gilgamesh.21 مقاربة في تسخير ا ...
- في شريطه الجديد - ماريا / نسرين -: محمد توفيق ينجز السيرة ال ...
- تقنية - البوتو - في مسرحية - الراقص - لحازم كمال الدين: تثوي ...
- مونودراما - أمراء الجحيم - إدانة مباشرة لثقافة التطرّف والظل ...


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ظلال الليل لناصر بختي: جنيف تُقصي المهاجرين، وتنفي أبناءَها عند تخوم الليل