أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - ميكا والتري، الصوت الإنساني















المزيد.....

ميكا والتري، الصوت الإنساني


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 08:36
المحور: الادب والفن
    


ميكا والتري
Mika Toimi Armas Waltari
الصوت الإنساني

لا نزاع في أنّ ميكا والتري، 1908-1979، أشهر أديب فنلندي على الصعيد العالمي، كان قد أنتج أهم مؤلفاته الكثيرة في العقدين الرابع والخامس من القرن العشرين. إنه أديب موهوب وسريع الكتابة، تمكن من التنقل من لون أدبي إلى آخر بيسر وسلاسة. تُرجمت أعماله الأدبية إلى ثلاثين لغة ونيّف. بلغ نتاج والتري أكثر من مائة مؤَلّف، إذ كان كاتب رواية ومسرحية وقصة قصيرة وقصة بوليسية ومقالة وحكاية وأدب رحلات وزاوية في صحيفة، كما وكان شاعرا ومترجما وناقدا ومحررا في دار للنشر ومراسلا للمذياع وكاتب سيناريو لأكثرَ من ثلاثين فيلما. أنتخب والتري عضوا في الأكاديمية الفنلندية سنة 1957 وحصل في العام 1970 على الدكتوراة الفخرية من جامعة توركو.
كان ميكا والتري ابن خمس سنوات عندما مات أبوه، قسّيس ومدير مدرسة، فاعتنت به وبشقيقيه الأم أولجا ماريا يوهَنْسون. كانت باكورته الأدبية عبارة عن قصائد دينية وقصص مرعبة استقاها من إدْجر ألن بوي، وكان شغوفا بالسرعة وبالقطارات والسيارات والكلاب الصغيرة والممثلين وفن الرسم. عندما كان ابن سبعة عشر ربيعاً التحق بجامعة هلسنكي لدراسة اللاهوت تلبية لرغبة والديه إلا أنه سُرعان ما انتقل إلى فروع الفلسفة والأدب وعلم الجمال، ونال شهادة الماجستير عام 1929 وكان موضوع أطروحته، الصلة ما بين الدين والإثارة الجنسية.
عند بلوغه سن الثلاثين أخذ والتري يكرّس كل وقته وجهده للكتابة الأدبية وكان ضمن الشخصيات الهامّة في حركة ”حاملي الشعلة” الأدبية. وكان كتابه الأول ”خديعتي الكبيرة”، في باريس وهو ابن تسع عشرة سنة، وتتناول هذه الرواية الحياة البوهيمية. وفي قصته ”قطار رجل وحيد” يصف رحلته الأوروبية، من برلين إلى صوفيا واستنبول ومن هناك إلى روما وباريس ونشرت العام 1929. تجوّل والتري في معظم دول أوروبا واعترف بأن أعزّ المدن عليه كانت هلسنكي، مسقط رأسه، وباريس واستنبول. وفي روايته ”الملاك الأسود” يصف الكاتب سقوط القسطنطينية عام 1453. وفي غضون الركود أو ربما الجمود الاقتصادي الذي أصاب فنلندا في الثلاثينات من القرن العشرين، توجّه والتري إلى التاريخ الحديث ووصف في ثلاثية حياة أسرته في هلسنكي المكوّنة منه ومن زوجته وابنة واحدة وكلب ألماني صغير. وكان قد اشترك في مسابقة كتابة الدراما التي أجرتها جمعية الأداب الفنلندية وألّف ”أخناتون وُلد من الشمس” العام 1937، وهذا العمل أدّى إلى ذيوع رواياته التاريخية الناجحة التي كتبها بعد الحرب. استخدم والتري أسماء مستعارة عديدة مثل
Leo Arne, Leo Rainio, M. Ritvala
كان والتري في تقديره الشخصي أكثر الكتّاب نجاحا واستخفافا به في الوقت ذاته في فنلندا ما قبل الحرب العالمية الثانية. إنه كاتب خصب وممتع أيضا. عمل والتري في قسم المخابرات في قوات الدفاع الفنلندية خلال حربي ”الشتاء والمتابعة” في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، وأدّى ذلك إلى خلق اكتئاب دفعه إلى تغيير مساره الأدبي. كتب هذا الأديب الكثير عن رحلاته في الصحف والمجلات المحلية خلال أربعين عاما. حاول أن يسترجع أجواء الأماكن التي كان قد زارها مضيفا حقائق وتفاصيل تاريخية. وكانت باريس مدينة أحلامه في فترة الشباب
تزوج والتري من ابنة طبيب عسكري بدرجة رائد واعتبَر هذا الزواج الخطوة المنطقية الوحيدة في حياته وكان ذلك العام 1931 وبعد سنة من الزواج ولدت الابنة ”ساتو” أي ”الحكاية الخرافية” والتي تمكنت في حياتها من إصدار سبعة مؤلفات باسمها بعد الزواج Satu Elstela
حاز والتري على شهرة عالمية وهو في منتصف مسيرته الأدبية، ومن أهم المواضيع المطروقة، يمكن التنويه بمصير القيم الإنسانية في العالم الماديّ. ويقول في أحد المواضع: لو كانت هناك أهداف لكتابتي لقلت حبّ الإنسان والتسامح والسلام والتفاهم بين بني البشر. بالإضافة إلى عشرات الكتب التي كتبها والتري، هناك قرابة ألف مقالة صحفية بدأها منذ كان طالبا جامعيا ونشرها في جريدة الطلاب في هلسنكي التي كان يحرّرها أورهو كوكونن، رئيس الجمهورية الفنلندية، لاحقا.
ومن مؤلفات والتري: قطار رجل وحيد؛ المغامر، سر المملكة، رجل ورؤيا؛ روح ولهب؛ مَن قتل السيدة سْكروفن؛ بذرة البرتقالة؛ الرقص على القبور، شباب مشتعل؛ حزن المدينة وفرحها؛ مثل هذا لا يحدث؛ منظر القمر؛ جزيرة جليدية؛ حرية الإنسان. وهناك على الأقلّ كتابان )هناك من يذكر ترجمة
Vieras mies tuli taloon
إلى العربية: رجل غريب أتى إلى المزرعة، بقلم مراد حلمي، عام 1956 إلا أنني لم أتمكن من التأكد من ذلك بعد ( بقلم والتري مترجمان إلى العربية من الإنجليزية وهما: المصري، دنيا سنوحي، تعريب حامد القصبي، وكيل وزارة الأشغال المصرية السابق، تقديم طه حسين، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة 1955، 721 ص.، وفيه خمسة عشر سفرا، منها: قارب الغاب، دار الحياة، العبريون، البيت المظلم، ذنب التمساح )اسم حانة(، مدينة السماوات، الحرب المقدسة، حورمحب. أمامنا رواية تاريخية تدور مجرياتها في القرن الرابع عشر ق. م.، في غضون حقبة الفرعون أخناتون والبطل سنوحي الطبيب الملكي وهو في المنفى بعد قتل أخناتون. رحلات سنوحي في بلاد النهرين وجزيرة كريت، ويقدّم الكاتب والتري وصفا تاريخيا في غاية الدقة والتفصيل نتيجة ما قام به من أبحاث معمّقة إذ أنه لم يكن لا عالِم آثار ولا زائر لمصر قط. استغرقت كتابة هذا المجلد الضخم قرابة ثلاثة _ أربعة أشهر فقط وصدر عام 1945 ثم نُقل إلى الإنجليزية بعد أربعة أعوام وعلى ضوء هذه الترجمة أعدّ القصبي ترجمته المتسمة بلغة سليمة عامة )هناك هفوات لغوية في حالات عديدة( وأسلوب سلس وقد أشاد بذلك طه حسين، الذي كان قد اطّلع على هذه الرواية من قبل بالفرنسية. وقد تُرجم هذا الكتاب إلى ثلاثين لغة تقريبا وعرض فيلما في هوليووود. أمامنا عالم قاسٍ تسوده المادّة والجبروت ولا يقيم أي وزن للقيم الإنسانية الأساسية، وبالرغم من ذلك يترتب على الإنسان صيانة وميض الإنسانية. إنها قصة حب خالدة بروح فكاهتها وموضوعها وقصة تطور الإنسان وما زالت هذه الرواية حيّة بعد نصف قرن ونيف من صدورها بالعربية، بغض النظر عن خلفية القارىء الثقافية. قد يواجه القارىء العربي بعض ”الجفاف/الملل” في المائة صفحة الأولى ولكن بعد ذلك يبدأ بشعور اللذة الأدبية وينجذب حتى آخر صفحة
ونترجم قطعتين قصيرتين من الأصل الفنلندي: ”أنا سنوحي، ابن سنموت وزوجته كِبا، أكتب هذا. لا أفعل ذلك من أجل مجد آلهة أرض كِم، إذ أنني سئمت من الآلهة ولا بغية لي في تمجيد الفراعنة لأنني ضجرت من أفعالهم. لا أكتب بدافع الخوف ولا بدافع أي أمل في المستقبل بل لنفسي فقط. ورأيت في حياتي وعرفت وخسرت الكثير فريسة فزع عقيم وبخصوص رجاء الخلود فإني سئمت من ذلك سأمي من آلهة وملوك. لنفسي فقط أخط هذا وبهذا اختلف عن جميع الكتّاب الآخرين ماضيا ومستقبل ..... لأنني أنا، سنوحي، إنسان وهكذا عشت في كل إنسان قبلي وسأعيش كذلك في كل إنسان سيجيء بعدي. إني أحيا في بكاء الإنسان وفي مرحه، في حزنه وفي خوفه، في خيره وفي شرّه، في الصواب وفي الخطأ، في الضعف وفي القوة. سأحيا إنسانا إلى الأبد في الإنسانية، ولذلك لا أودّ قرابين على قبري ولا خلود لاسمي. هذا ما كتبه سنوحي المصري الذي عاش منعزلا طيلة أيام حياته”.
والكتاب الثاني الذي حظي بترجمة عربية هو ”شجرة الأحلام، هذا يحدث للناس” بقلم لويس جريس وصدرت عن مطابع روز اليوسف بالقاهرة في 145 ص.، د. ت. لكن بعد العام 1955. تتناول القصة الأولى موضوع الخلل العصبي الذي أصاب إنسان القرن العشرين، أما الثانية فتعكس صراع شاب وفتاة من أجل التمتع بحياة شريفة كريمة في غضون الحرب الكونية الثانية حيث عمّ الفساد وتفشّت الجريمة.
يقول والتري على الأديب ألا يكون واعظاً إذ عندها يصبح رجل دعاية. في الوقت ذاته يدوّن الأديب ما يمليه عليه ضميره ويتوجّب عليه أن يكون على صلة ببعض الإيديولوجيات وهكذا لا يبقى حرّا. ويميل إلى الاعتقاد أن الهدف الحقيقي والوحيد للكاتب فيما يقدّم من وصف هو التعرض للعلاقة بين بني البشر أي المجتمع وتطوره
طموح المؤلِّف الوحيد أن يجيد الكتابة بقدر الإمكان وأن يعبّر عن نفسه من خلال مشاكل الإنسانية، فساد الإنسان، طيبة القلب، كل شيء في الجنس البشري دون أن يكره أبدا أخاه الإسنان، إذ لا أخَ للإنسان سوى أخيه الإنسان على وجه هذه البسيطة
وفي منتصف القرن العشرين صرّح والتري أيضا إنه ربما كان أوروبيا أكثر من كونه فنلنديا واستطرد قائلا إن فنلندا وطني وأوروبا ميراثنا وكل العالم بيتنا الوحيد، وطننا الوحيد، أنا مواطن العالَم.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبراهام بورغ و-الانتصار على هتلر-
- عالَم النبات في الأدب العربي
- نظرة على واحة السلام
- دولة واحدة وشعبان
- القاموس
- قاموس فنلندي عربي
- في حقيبتك قنبلة
- يوم الأرض ومخطط الجهض
- دور اللغة في الثقافة
- آراء وأفكار في الثقافة والفكر
- فذلكة حول علم الأسماء العبرية في الديار المقدسة
- % 68 من اليهود يرفضون العيش مع العرب في نفس العمارة
- المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط
- لمحة عن: نشرة الهجرة القسرية، اللاجىء والنازح الفلسطيني
- المكتبة الوطنية في روسيا
- ناديا حسن وزيارة الوطن
- درس في الشعر الوطني
- الصداقة الحقّة
- حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا
- خبز الشاودار الفنلندي? ?ذو القيمة الغذائية العالية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - ميكا والتري، الصوت الإنساني