أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - الجديد في - النظام - الدولي















المزيد.....

الجديد في - النظام - الدولي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 1960 - 2007 / 6 / 28 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لأمة العرب خصائص كثيرة إلا أن أهم خصيصة منها هي قصور خطابهم العام وليس أدل على ذلك من مناشدة المؤتمر العام لاتحاد المحامين العرب (!) الرئيس السوري بعدم التعاون مع لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس الأمن الدولي للتحقيق في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، بل إن رئيس الإتحاد هدد، ويا لهول ما هدد، هدد بأن المحامين العرب سيلجأون إلى استخدام القوة لمنع النظام السوري من التعاون مع مجلس الأمن !! حين يخطب المحامون العرب بمثل هذا الخطاب الدونكيشوتي فليس من ملامة على الرئيس السوري أن يخطب في مؤتمر المحامين العرب ويسخر من هيئة الأمم المتحدة وشرعتها ومن مجلس الأمن الدولي وقراراته علماً بأن أي مبتدئ في دراسة القانون عليه أن يسلّم بأن وجود الدول وما تدعيه من سيادة وما تشرّع بالتبعية من قوانين إنما ينبع أساساً من شبكة الحقوق الدولية التي نسجتها الأمم المتحدة بعد حربين عالميتين كبريين ومن الأمن الدولي الذي هو مسؤولية مجلس الأمن الأولى والأخيرة ـ لا أدري أين تعلم المحامون العرب الحقوق التي تؤهلهم لأن يقولوا للأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها .. (طز فيكو وبقراراتكو) !! ـ وعذراً للعامة. انحط الخطاب العربي إلى خمس عشر درجة تحت الصفر. ألا يخجل المحامون العرب من مثل هذا الخطاب الذي يهدد باستخدام القوة ضد الأمم المتحدة في حين أن إسرائيل وهي من صغار الدول في الأمم المتحدة تحتل عواصم بلدانهم ؟! لماذا يتغافل العرب عن حقائق العصر الكبرى ؟!

الكل يعلم ويتحدث عن إنهيار المعسكر الإشتراكي دون أن يدرك تداعيات ذلك الإنهيار وتأثيره في النظام الدولي القائم . والكل لا يعلم ولا يتحدث عن إنهيار معسكر " عدم الانحياز " والذي ضمّ كل الدول التي أنجزت إستقلالها السياسي وشرعت في فصم روابطها الإقتصادية مع مراكز الإمبريالية وسوق الرأسمالية الدولية ، ولا يدرك تبعاً لذلك تداعيات ذلك الإنهيار وما يتركه من أثر في النظام العالمي . والكل أيضاً يرفض أن يعلم ويرفض أن يتحدث عن انهيار معسكر الرأسمالية الإمبريالية بالرغم من أن الأمم المتحدة وهي موئل الصدق والاعتمادية قد أعلنت للعالم عام 1972 نهاية الإستعمار في كل أصقاع الأرض وحلّت تبعاً لذلك لجنة تصفية الإستعمار التابعة لها . وتأكيداً لإعلان الأمم المتحدة الخاص بتصفية الإمبريالية نبهّنا في أكثر من مقالة سابقة إلى " إعلان رامبوييه " (Declaration of Rambouillet) الصادر في نوفمبر 1975 عن أول قمة للدول الخمس الأغنى (G5) الذي انعقد لمعالجة الأزمة القاتلة التي نزلت بالنظام الرأسمالي العالمي عام 1971 . المراجعة الدقيقة لذلك الإعلان ، والذي لدهشتنا الشديدة لم يحظَ باهتمام أهل السياسة والاقتصاد ، تؤكد بقوة على أن إعلان رامبوييه هو أكثر أهمية في تاريخ الإنسانية من الثورة الفرنسية عام 1789 ومن الثورة البولشفية عام 1917 . لقد أخذ أولئك الخمسة الكبار على عاتقهم إنتهاج توجهين في السياسة الإقتصادية العالمية ؛ أولهما ، فصل نقود العملات الصعبة عن قيمتها الرأسمالية الحقيقية ـ كانت الولايات المتحدة الأميركية قد إنسحبت عام 1972 من إتفاقية "بريـتون وود " ( (Britonwood التي كانت تقضي بغطاء العملة الوطنية بالذهب بنسبة 20% ؛ وثانيهما ، إغراق الدول المستقلة حديثاً بطوفان من الدولارات عن طريق القروض السهلة . وفي هاتين السياستين ينطبق المثل الشعبي الدارج والذي يقول .. " قام يكحلها عماها " . فصل النقد عن قيمته الرأسمالية أدى إلى تعطيل دورة الإنتاج الرأسمالية (نقد ـ سلعة ـ نقد) وبذلك تعطلت وظيفة النقد المعروفة كمسهّل لدورة الإنتاج (facilitator) ؛ وإغراق الدول النامية بطوفان من الدولارات وبمختلف السلع الصناعية والزراعية أيضاً أدى إلى انهيار كل البنى الإقتصادية التنموية فيها وهو ما كان الهدف المباشر لقادة الدول الخمس الأغنى . انهيار مشاريع التنمية في البلدان النامية جعل من شعوب هذه البلدان شعوباً مستهلكة وغير منتجة عكس ما كانت قبل الإستقلال وقبل طوفان القروض . وهكذا تحولت الدول المحيطية التي كانت تمتص فائض الإنتاج في المراكز الرأسمالية إلى دول غير قادرة على امتصاص أي قدر من فائض الإنتاج الرأسمالي وانسدت تماماً دورة الإنتاج الرأسمالي . لقد انهار النظام الرأسمالي الكلاسيكي العالمي خلال السنوات الخمس التالية لإعلان رامبوييه 1975 ـ 1980 .

كيف يعيش عالم اليوم ؟ وما هو تقسيم العمل الدولي الحالي ؟

في عصر الإمبريالية كان تقسيم العمل في أوضح صوره .. الدول المحيطية التابعة تنتج المواد الخام ، ومراكز الرأسمالية تنتج السلع المصنعة ويجري تبادل المواد الخام بفائض الإنتاج في المراكز الرأسمالية . وفي ظل هذه المعادلة غير العادلة تنمو الدول المحيطية ببطئ شديد وتحت سقوف منخفضة وتدور عجلة الصناعات في المراكز بتسارع ملحوظ ويتعاظم حجم طبقة البروليتاريا فيها ويجري استغلالها بصورة واسعة وقد تحصل أحيانا على بعض الفتات مما ينهبه الرأسماليون من البلدان التابعة . إستغلال الرأسماليين للبروليتاريا الوطنية ولشعوب البلدان التابعة كان يتم من خلال طبقة وسطى تنتج الخدمات الضرورية لدورة الإنتاج وتحرص الطبقة الرأسمالية على أن تظل الطبقة الوسطى رقيقة قدر الحاجة سواء في المركز أو في البلد التابع كيلا تشكل ثقلاً على دورة الإنتاج .

تقسيم العمل الدولي الكلاسيكي الرأسمالي انتهى ولم يعد قائماً على الإطلاق .

ما يرى اليوم بكل وضوح هو أن تقسيم العمل الدولي في العالم ومنذ بداية الربع الأخير من القرن العشرين ليس كما كان قبل ذلك . إنه مختلف كل الإختلاف عما كان في عصر الإمبريالية . فالغرب الذي كنا نعرفه رأسمالياً إمبريالياً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وغرب أوروبا قد تخلى نهائياً عن أسلوب الإنتاج الرأسمالي وتحول إلى أسلوب الإنتاج الفردي الخدمي. وتشير الدراسات المتخصصة إلى أن نسبة الإنتاج الفردي الخدمي إلى الإنتاج الجمعي الرأسمالي السلعي في مجمل الإنتاج القومي لذلك الغرب هي بحدود 4 : 1 وهذا يعني أن أسلوب الإنتاج الرأسمالي كان قد غدا أسلوباً منبوذاً ومهجوراً (obsolete) ليتم استبداله بأسلوب الإنتاج الفردي (Individual Production) المنحصر بإنتاج الخدمات وهو أسلوب غير رأسمالي ولا يتمتع بأي خصيصة رأسمالية . ومن هنا فإننا نرى اليوم في مختلف بلدان الغرب الكلاسيكي الإنكماش والتهميش المتزايدين لطبقة البروليتاريا من جهة وتحول الأعداد المتزايدة من الرأسماليين " الصناعيين " إلى تجار بالأسهم والسندات ومضاربين في البورصة وهؤلاء وأولئك هم ألد أعداء نمط الإنتاج الرأسمالي .
لقد رحل أسلوب الإنتاج الرأسمالي المنحصر بإنتاج السلع من الغرب الكلاسيكي إلى الشرق الأقصى ، إلى الصين بصورة رئيسية وإلى تايوان وكوريا الجنوبية وتايلاند وماليزيا وسنغافورة . لقد أصبحت هذه البلدان المزود الرئيسي للعالم بالسلع التي يتم إنتاجها بالأسلوب الرأسمالي دون أن يعني ذلك أن المجتمعات في هذه الدول ذات بنى رأسمالية حيث أن أسلوب الإنتاج الرأسمالي لم يكن من نتاج التطور الطبيعي لهذه المجتمعات بل أُدخل عليها من خارجها من قبل الولايات المتحدة الأميركية تحديداً إذ كان ذلك من متطلبات الإستراتيجية الأميركية في مكافحة الشيوعية فجميع هذه الدول في شرق آسيا كانت بمثابة كوريدورات للثورة الشيوعية .
وما يضيف إلى هذا الإنقلاب في تقسيم العمل هو أن السوق الرأسمالية الإمبريالية التي كنا عرفناها في منتصف القرن المنصرم لم تعد سوقاً رأسمالية حرة بل سوقاً موازية ليس لقانون السوق العام ، قانون القيمة الرأسمالية ، أي أثر فيها، سوقاً يتحكم بمبادلاتها عصابات مافيوية من الطبقات الوسطى تبيع خدماتها بأربعة أضعاف قيمتها الرأسمالية وتشتري سلع البروليتاريا بربع قيمتها . مثل هذا التبادل الجائر هو أحد الأسباب الرئيسة التي تسمح لمجتمعات الطبقات الوسطى في الغرب أن تحيا حياة البذخ والرفاهية في ظل حكومات الرفاه (Welfare State) مقابل طبقة البروليتاريا في الشرق الأقصى التي لا تحصل على الكفاف .
السياسات التي اعتمدها الخمسة الكبار في إعلان رامبوييه وهي فصل النقود الصعبة عن قيمتها الرأسمالية ، الفصل الذي قدمه الإعلان تحت حجة تثبيت معدلات الصرف في أسواق العملات وتجنيبها الهزات الكبيرة والتي كانت الإنعكاس الطبيعي لمعدلات التضخم العالية في تلك البلدان ، وسياسة إغراق البلدان النامية بالقروض السهلة وقد وردت في الإعلان بحجة سد العجوزات في الموازين التجارية للدول النامية ، هذه السياسات أشّرت إلى ولوج العالم في بنية إقتصادية جديدة ومختلفة تماماً هي الإقتصاد الإستهلاكي (Consumerism) وهو ما يسمح للفرد أن يستهلك أكثر مما ينتج . لقد بلغت وحشية الطبقة الوسطى في الغرب بصورة عامة وفي الولايات المتحدة بصورة خاصة حدوداً لم تعد معها ريوع إنتاجها من الخدمات ، وهي ريوع مسروقة بمعظمها من البروليتاريا ، كافية لإشباعها .

إذاً كيف تغطي الولايات المتحدة الأميركية عجزها في إشباع نهم ووحشية الطبقة الوسطى الأميركية الإستهلاكية ..

ليس من وسيلة لذلك سوى الإستدانة ، غير أن الأموال الهائلة التي تحتاجها الولايات المتحدة لتغطية نفقات الإستهلاك دون إنقطاع يتعذر أن توفرها جهة ما أو حتى عدة جهات مهما كانت غنية بل إن ريوع الإمبريالية الأميركية في أوج عصرها ، في خمسينيات القرن الماضي ، ما كانت لتغطي الإنفاق الإستهلاكي للشعب الأميركي الجاري اليوم . لم يبق من خيار أمام الإدارة الأميركية سوى كشف الدولار من الغطاء الذهبي بالخروج من معاهدة بريتون وود عام 1972 ، ثم إتفاق الدول الخمس الأغنى (G5) في رامبوييه 1975 على الفصل بين نقودها الصعبة وبين قيمتها السوقية الرأسمالية وبفعل هاتين الخطوتين التآمريتين غدا بإمكان الإدارة الأميركية أن تبيع للعالم ، لكل العالم ، أوراقها الخضراء (Bank Notes) والتي تحمل عبارة " بالله نثق " (IN GOD WE TRUST) ، تبيعها بقيمتها الإسمية في حين أن قيمتها الفعلية لا تساوي الحبر الذي طبعت به . الولايات المتحدة مدينة اليوم بالقيمة الإسمية لكل الدولارات المكدسة في خزائن وبنوك العالم قاطبة . والقول بأن الولايات المتحدة الأميركية مدينة اليوم بما يساوي أربعة أمثال مجمل إنتاجها القومي أو ما يصل إلى 45 تريليون دولاراً هو قول منطقي ومعقول .
المأزق الغريب الذي وصلت إليه الولايات المتحدة في العقد الأخير من القرن المنصرم هو أنه يترتب عليها أن تقوم بحرب استعراضية كلما أعرض العالم عن شراء أوراقها النقدية وعدم ثقته بإلهها ؛ تقوم بحرب كي تفهم العالم أن إلهها (GOD) قد غدا المدفع (GUN) حتى لا يتردد العالم في شراء الدولار ذي العنوان (IN GUN WE TRUST) . الولايات المتحدة تجر العالم إلى كارثة لا نظير لها في تاريخ البشرية . ستنهار خلال سنوات قليلة لأن المدافع لا تخلق أي قيمة بل تدمر كل قيمة وسيشكل انهيارها كارثة كونية قد تعيد البشرية قروناً إلى الخلف .

السياسة وتقسيم العمل الدولي ..

البورجوازية الوضيعة (La Petite Bourgeoisie) تشكل الطبقة الأكبر والأعرض في مجتمعات الدول النامية مثل الدول العربية . ولأن هذه الطبقة تظل دائماً وأبداً على هامش عملية الإنتاج فهي لذلك تبقى ضمن هوامش العملية السياسية . تمارس السياسة ، أو ما يشبه السياسة في الحقيقة ، بخيارات واسعة لا حدود لها . تختار من العقائد والمبادئ ما له صورة جميلة جذابة وجرس حسن ثم تعلنها بصوت عال ومن منبر أعلى وبفاشية عدوانية في الغالب ؛ وخير مثال في المشرق العربي على ذلك كان حزب البعث والحزب القومي السوري والناصريون في الخمسينيات . كي يحذر السياسي من التهميش ومن السياسات الجوفاء التي لا تصل إلى شيء عليه أن يبدأ أولاً باستيعاب تقسيم العمل الدولي وتفحص طبيعة القوى المجسّرة لذلك التقسيم . السياسة الوطنية حقيقة ليست خيارية في حال من الأحوال فإما أن تكون في سياق المحور الإيجابي لتقسيم العمل الدولي والقبول بالحصة المخصصة للبلد المعين ، أو أن تكون على المحور السلبي لذلك التقسيم أي أن ترفض الحصة المخصصة لانتهاج إقتصاد مستقل مختلف وسياسة معارضة . ما يقرر السياسة الوطنية غير الخائبة هو السياسة الدولية القائمة أساساً على تقسيم العمل الدولي ؛ ولذلك على السياسي الوطني أن يدخل إلى السياسة الوطنية من خارجها ، من السياسة الدولية ، وليس كما يفعل عامة السياسيين العرب إذ يعبرون من السياسات الوطنية "المختارة " إلى السياسة الدولية . من هنا تجد كافة السياسيين العرب إما قوميين أو إسلاميين أو إشتراكيين أو ليبراليين ؛ وعندما يواجه هؤلاء السياسيون العالم يجدون أنفسهم غرباء فيه ، لا يتكلمون لغته ولا يفهمونه .

القوميون والإسلاميون والإشتراكيون يخطبون اليوم بأعلى أصواتهم يطالبون بالتحرر من الإمبريالية الأميركية تحديداً (!!) الأمر الذي لا يثير فينا إلاّ السخرية . أميركا تخلت عن النظام الرأسمالي منذ ربع قرن وما زال سياسيونا العرب يصفونها بالإمبريالية !! إنها ليست رأسمالية في الأساس فكيف تكون إمبريالية؟! اليابان اليوم هي أعرق الدول الرأسمالية فلماذا لا يصفها سياسيونا الأشاوس بالإمبريالية ؟! وهل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا دول إمبريالية وقد أخذت تنتج بالأسلوب الرأسمالي ؟! ليعلم سياسيونا الأشاوس أن الولايات المتحدة الأميركية لن تقبل أن تكون إمبريالية حتى ولو خيّرت أن تكون ، وذلك لأن ريوع إمبرياليتها المفترضة لن تكون كافية لسد نفقاتها هذا بالإضافة إلى أنها لا تنتج السلع بل تستوردها وليس لديها رؤوس الأموال لتوظفها في البلدان النامية "سابقاً " خاصة وأن مختلف الدول ، المتطورة قبل المتخلفة ، تتنافس بشدة لاجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للتوظيف في بلادها . اليوم تستنكر الولايات المتحدة الأميركية على لسان قادتها الإمبريالية والسياسات الإمبريالية ، استنكرها بصريح العبارة الرئيس جورج بوش الإبن وكذلك الرئيس بل كلنتون . نسأل سياسينا الأشاوس ومفكرينا الجهابذة في المؤتمر القومي في بيروت ، ماذا تبقّى من الإمبريالية ؟ نتحداهم أن يجيبوا ولو بكلمة واحدة . زعموا أن الولايات المتحدة احتلت العراق لتضع يدها على نفطه وسائر ثرواته غير أن هذه المزاعم تكذبها الأرقام حيث أنفقت أميركا في احتلال العراق حتى اليوم أكثر من 220 ملياراً من الدولارات ومن المتوقع ألا تقل نفقاتها حتى النهاية المبكرة للإحتلال عن 300 ملياراً ، فمتى ستستعيد أميركا كل هذه المليارات عداك عن الخسائر في الأرواح التي لن تستعاد أبداً ؟ لن تستطيع أميركا أن تنهب من العراق أكثر من عشرة مليارات سنوياً حتى لو أبقت الشعب العراقي في الجوع والدمار وعليه فإن أميركا لن تسترد أموالها قبل ثلاثين عاماً أو الأحرى نصف قرن . فأي شركة تأمين تقبل أن تؤمن سلامة هذه العملية ؟! ويكذب بعضهم فيقول أن أميركا جاءت لتسرق نفط العراق لكن الحقائق فضحت مثل هذه الأكاذيب الغبية فبعد احتلال العراق مباشرة إرتفعت أسعار المحروقات في الولايا المتحدة ارتفاعاً حاداً أثار سخط الأميركيين على الرئيس وسياساته في العراق وعانى الأميركيون من نقص في وقود السيارات واضطروا إلى أن ينتظروا طويلاً أمام محطات البنزين .

أن تقول أميركا أنها جاءت إلى العراق لتضمن خلوه من أسلحة الدمار الشامل فهذا صحيح رغم أنها كانت تتوقع ذلك دون أن تضمنه . وأن تقول أميركا أنها جاءت لتقيم في العراق ديموقراطية وحكم الشعب فهذا صحيح أيضاً . وأن تقول أميركا أن لديها مشروعاً لنشر الديموقراطية في الشرق الأوسط وأن ضغوطها المستمرة على الأنظمة الدكتاتورية فيه إنما تصب في هذا المشروع فهو صحيح كذلك . كل الذين لا يملكون إجابات صحيحة عن أسباب قيام أميركا باحتلال العراق عليهم أن يصدقوا أميركا فيما تقول .

أما أنا فإنني أؤكد بأن أميركا صادقة تماماً في كل هذه الأقوال وأنني مع مشروعها الديموقراطي في المنطقة وضد القوميين والإسلاميين والإشتراكيين رغم أنني على ثقة تامة بأنها لم تشن حربها على عراق صدام للغايات التي تعلن فقط . ولم تشنها لغايات تتعلق بالعراق أو بالشرق الأوسط . الولايات المتحدة غير الرأسمالية وغير الإمبريالية ستبقى بحاجة إلى حرب استعراضية كي يقرأ العالم العنوان على دولاراتها قراءة صحيحة تقول “IN GUN WE TRUST” ( بالمدفع نثق ) وهذا ما يدفع بالعالم إلى شراء أوراقها النقدية . لم تعد الولايات المتحدة بحاجة لأن تجهد نفسها وتوسخ أيديها بالإنتاج ، يكفيها أن تطبع أوراقاً خضراء وتبيعها للعالم . تستدين من العالم .. نعم ، لكنها تسرقه بل وتقوده إلى كارثة كونية .

فـؤاد النمـري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق- ليس إلا مفهوماً بورجوازياً باطلاً -
- الإشتراكية ليست نظاماً اجتماعياً
- المفهوم الغائب للفكر
- المرتدون على ماركس
- الإشتراكية العربية !!
- قراءة مختلفة في تاريخ الثورة العربية
- من ينقض ماركس ؟! 2
- من ينقض ماركس ؟! 1
- الإتحاد السوفياتي لم يعبر الإشتراكية
- رسالة خاصة حول راهنية العمل الشيوعي ومشروعيته التاريخية
- ما أحوجنا اليوم إلى معرفة ستالين على حقيقته
- المنحرف خروشتشوف والمرتد كاوتسكي يكتبان للحزب الشيوعي العراق ...
- دكتاتورية البروليتاريا
- لا علمانية ولا إكليركية، الدولة هي الدولة
- إنهيار الرأسمالية
- حقيقة قضية المرأة
- ماركسيون يلقون براياتهم في الوحول
- أكذوبة إقتصاد المعرفة
- القطيعة مع الوحدة العربية وقد خرجت من التاريخ
- الجاهل عدو نفسه / رد على السيدة سعاد خيري


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - الجديد في - النظام - الدولي