أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - يوم و نصب المعتقل المصري المجهول















المزيد.....

يوم و نصب المعتقل المصري المجهول


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 1958 - 2007 / 6 / 26 - 09:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بينما تنقش أسماء الملوك المنتصرين فوق الجوائز، لا يحظى الذين حققوها بغير الدماء.
قول اغريقي قديم، تسبب في مقتل أحد أصدقاء الإسكندر الأكبر بيد الإسكندر، الذي أثار غضبه أن يسمع من صديقه هذا البيت، و الذي يعبر عن حقيقة، مؤلمة للفرد العادي، و لاذعة للحكام المغامرين المصابين بجنون العظمة، فمن يذكر أسماء جنود الإسكندر الأكبر، أو يوليوس قيصر، أو تيمورلنك، أو نابليون، أو غيرهم من جنود مشاهير الفاتحين؟؟؟
مشاهير الفاتحين الذين على عكس جنودهم، حظوا في حياتهم و بعد مماتهم بتكريم أممهم، و نقشت أسمائهم فوق أقواس النصر، و صكت صورهم فوق العملات، و تدرس سيرهم في المدارس لليوم، لم يحظ جنودهم البسطاء، الذين أنتزع أغلبهم عنوة من بين أسرهم، بغير الدماء، موتاً أو جرحاً، و لم ينل من بقوا منهم احياء سوى بمشاق الحروب، من أجل مجد غيرهم، حتى في الحروب المشروعة، كحروب الدفاع عن الأوطان، لا يحظى البسطاء بغير الدماء، و لا يُذكر أحد سوى الكبار، كبطل العبور، و صاحب الضربة الجوية الأولى و الأخيرة، بينما الألاف الذين حققوا النصر، الكثير منهم يعانون اليوم آلام الشيخوخة، و متاعب الفقر - الذي ترزح، تحت وطأته الثقيلة، الأمة المصرية - في صمت، و المرضى منهم لا ينالون واحد على مائة من عناية الدولة مقارنة بما يناله المرضى من بعض مشاهير الفنانين.
لقد أدركت الإنسانية - و لو متأخرة - واجب تكريم بسطاء الجنود، فأقامت الأنصاب التذكارية لجنودها العاديين، و الذين لا يذكر التاريخ أشخاصهم، تكريماً لهم، و عرفاناً بجميلهم، و إدراكاً منها بأن دورهم لا يقل عن دور كبار القادة العسكريين و السياسيين في أي حرب.
و مثلما لم تنس الإنسانية دور الجندي العادي في تحقيق النصر، لم تنس أيضاً ضحايا حروبها، المشروعة و غير المشروعة، فالضحايا، في أغلب الأحوال، لا ذنب لهم في جنون بعض الزعماء، أو طموحاتهم، أو إدعاءاتهم، لهذا أقامت أيضاً الأنصاب، و حددت التواريخ لتذكرهم سنوياً، كل دولة لها مجموعة من تلك التواريخ، أما أبرز تلك التواريخ، فهو يوم العشرين من يونيو من كل عام، اليوم العالمي للاجئين، الذين يعدون على مستوى العالم بالملايين، و الذين يعدون خير ممثل للأحياء من ضحايا الحروب.
لكن إذا كان من الرائع تذكر الجنود المجهولين، وقود الحروب، و معهم الضحايا المدنيين، إلا أن هناك ضحايا اخرين مجهولين منسيين، جنود معارك الحرية و العدالة، أو ضحايا جنون بعض الزعماء الذين يتاجرون بمخاوف شعوبهم، مثل جورج بوش الثاني، إنهم المعتقلين - الذين أنتزعوا عنوة من بيوتهم، أو من أعمالهم، أو أثناء سيرهم في طريقهم - و الكثير منهم فاضت أرواحهم في معتقلات الطغاة، سواء تحت التعذيب، أو ماتوا منسيين، بعد أن نسيهم الطغاة الذين أمروا بتقييد حريتهم، و نسيتهم مجتمعاتهم، و الكثير منهم إنتهى بهم المطاف جثة في قبر مجهول في بقعة نائية، أو ذوباناً في أحواض الأحماض الكاوية.
أتذكر منذ سنوات قليلة خلت، رد وفد مصري رسمي في مؤتمر دولي لحقوق الإنسان، على سؤال عن عدد المعتقلين في مصر، فكانت الإجابة: لا نعلم.
إنها، أي الإجابة، و إن كانت مفجعة، و مؤلمة في حقيقتها، و لها الكثير من الدلالات المحزنة، إلا أنها تعد تعبيراً موجزاً عن واقع المعتقلين في مصر.
إنهم مجهولين منسيين، حتى من ممثلي السلطة التي إعتقلتهم، لفترات وصلت في الكثير من الأحيان إلى أكثر من عقد من الزمان، و في أحيان أخرى إلى ربع قرن و يزيد، فقط من فترة إلى أخرى يسمحون لمعتقل بالخروج - مؤقتا و لغرض الدعاية للنظام الجبروتي الحاكم، و لفترة محدودة - لتقبل العزاء في والده، أو لرؤية أمه و هي تحتضر، و التي حرم عليها النظام الجبروتي الحاكم، أن تضم ابنها إلى أحضانها لمدة عقد و نصف عقد، ثم تسمى وسائل إعلام السلطة وزير المعتقلات، و كرباج الرئيس و حذاءه، بالأب الوزير الرحيم، متغافلة عن المأساة الحقيقية، و هي تقييد حرية شخص، لمدة عقد و نصف دون محاكمة على الإطلاق.
على إن المعتقلين المصريين هم أيضاً منسيين من أفراد الشعب المصري، فأين هي المظاهرات المنددة بسياسة الإعتقال المنهجية الممارسة حالياً؟ أين هي المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين جميعهم، على إختلاف ألوانهم السياسة و الدينية و المذهبية و الفكرية، سواء المعتقلين بقانون الطوارئ، أو بأحكام القضاء العسكري و الإستثنائي، كمحاكم أمن الدولة، أو بأحكام بعض القضاة المدنيين الذين دجنتهم السلطة فأصبحوا أدوات شريرة طيعة في يدها الباطشة.
الإستثناء الوحيد لهذا النسيان هم السيناوية، الذين لم ينسوا معتقليهم، و قابلوا التحدي بتحدي مماثل، فكانوا أن حظوا هذا الشهر، يونيو 2007، بوعد بإطلاق سراح معتقليهم الأبرياء، و إعادة ممتلكاتهم المصادرة بغير حق، و رفع الحرمان الذي طبق عليهم، من خلال سياسة العقاب الجماعي المباركية.
ان أقل ما نقوم به، كأبناء لمصر الحرية و العدالة، بتحديد يوم، نتذكر فيه، سنوياً، جميع المعتقلين، منذ أيام الفراعنة و إلى اليوم، ففي كل عصر لا شك كان هناك معتقلين، ليس فقط في عصر مبارك، أو السادات، أو عبد الناصر، أو أسرة محمد علي، أو الإحتلال البريطاني و الفرنسي و العثماني، لقد كان في كل عصر مر بشعب مصر معتقلين.
في كل عصر كان هناك ضحايا للسلطة، على إختلاف اسم السلطة، و سبب بطشها، لهذا يجب أن يكون تحديد هذا اليوم، يوم المعتقل المصري، بمنأى عن الإنتماءات السياسية و الفكرية و العقيدية، و بعيداً عن التحيزات الشخصية، فالمعتقل لم يفرق، و هو يفتح فاه، لإبتلاع ضحاياه.
هذا عن الوقت الراهن، حيث لا نستطيع سوى أن نحدد يوم لتذكر المعتقلين المصريين على مر تاريخنا، أما عندما يشرق يوم الحرية و العدالة، الذي أتمنى أن يكون قريباً، فعلينا أن نقوم بإنشاء نصب للمعتقل المصري المجهول، الذي قضى شطراً كبيراً من حياته مقيدا بإرادة حاكم جبار عنيد، أو إحتلال غاشم، و ربما ذاق من العذاب أصناف، أو قضى نحبه و هو يئن من وطأة عذاب زبانية السلطة، و أعتقد ان أفضل مكان لهذا النصب، هو سجن القلعة، الذي كان له مكانته ككابوس مرعب، في الذاكرة الشعبية المصرية، كممثل لبطش السلطة، أياً كان إسمها، منذ أيام المماليك و إلى سنوات قليلة ماضية.
نريد يوماً و نصباً، يذكرنا، و يذكر الأجيال القادمة، بوحشية الإعتقال، و بطش السلطة المطلقة، و يجعلنا عندما يأتي عهد الحرية، نتذكر نعمة العدالة و الحرية التي حرمنا منها لشطر كبير من عمرنا، و يجعل الأجيال القادمة التي ستولد و ستعيش في ظل دولة الحرية و العدالة تقسم، و تجدد قسمها سنوياً، بألا تتكرر تلك الجريمة المضادة للإنسانية ثانية بحق أي فرد، أياً كان.




#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم و نصب المعتقل المجهول
- إضرابات بدون هدف و تنظيم، لا شيء
- مصر ليست أحادية الإنتماء
- الإنقلاب العسكري المصري القادم، أسبابه و مبرراته
- حمر عيناك، تأخذ حقوقك
- حد السرقة في الفقه السعودي
- السيد أحمد فؤاد و السيد سيمون
- ضجة رضاع الكبير فرصة لإحياء الإسلام
- مواطنون لا غزاة
- معالم النهاية تتضح
- الإنتظار لن يأتي بخير
- للأجنة الحق في أن تحيا أيضاً
- إتحاد المتوسط، حلم يكمن أن نبدأ فيه
- مؤتمر شرم شيخ المنصر، و الضحك على الذقون
- العدالة ليست فقط للأكثر عدداً أو الأعز نفراً
- عودة الوعي الباكستاني، هل بداية لإنحسار الوهابية؟
- الخلافة السعودية
- حتى لا يكون هناك زيورخ 2007، إنسوا إنكم أقليات
- شم النسيم و عيد المائدة، من وجهة نظر إسلامية
- مع حماية الملكية الخاصة بشرط


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - يوم و نصب المعتقل المصري المجهول