أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا لا يتشبهون بالكفار؟















المزيد.....

لماذا لا يتشبهون بالكفار؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1956 - 2007 / 6 / 24 - 11:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتبر التشبه بالكفار( اليهود، والنصارى وغير الوهابيين عموماً)، واحدة من الكبائر العظام التي يحذر منها وعاظ السلاطين سدنة أولي الأبرار الميامين الطهار، وفي محاولة حثيثة مستميتة لا تخلو من خبث ومكر ودهاء، لإبقاء هذه المجتمعات على ما هي عليه من جهل وتهافت وتواضع وانحدار إلى أبد الآبدين. ولكي لا تشب هذه الشعوب، وتخرج عن الطوق المرسوم لها من قبل كهنوت التعتيم ومؤسسة الإظلام. فالتشبه بالكفار، ولاسيما الغربيين منهم، وفي إحدى معانيه، سيعني تفتح العقول والوعي، وعدم التسليم إلا بحكم المنطق، وانطلاق الأدمغة من كثير من الأغلال، والقوالب الجامدة الصماء، التي وضعهم فيها الفقهاء تاريخياً، وأبقتهم في حال يؤسف له، ووضع ميئوس منه، على كافة الأصعدة والجبهات. وهو سيعني، بالمآل، مزيداً من الديمقراطية، وتداول السلطات، والانتخابات الحرة النزيهة، واحترام الحريات، وحقوق الإنسان، وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي، وتقديس المبادرات الفردية والعلم والتقيد بالوقت والمواعيد، والرفاهية والازدهار، والعقلانية في الطرح، والتخفيف من الغلو والتطرف والإرهاب، وغزو الفضاء، لا غزو القبائل للقبائل، والجيران للحصول على الغنائم والسبايا والعبيد ونهب الثروات والخيرات.

كما سيعني الموضوعية بشكل عام، وإدراك أهمية الوقت والثانية والعمل المبدع الخلاق في حياة الإنسان، فيما يهدر المسلمون أعمارهم بالانقطاع عن العمل، وهدر الزمن من دون طائل، والدعاء لرب السماء والحلم وانتظار ليلة القدر ومصباح علاء الدين السحري، والتضرع للغيب والأقدار والأمطار، لكي يحن عليهم قراصنة الأوطان بمكرمة تبث فيهم الأمل بالحياة ويغدقوا عليهم بعض الفتات مما تبقى من نهب وفضلات. ولذا ترى من يستجيب لدعوة عدم التشبه بالكفار الإيمانية الخالصة، ولوجه الله، وقد أضحى شبه كائن حي، مشلول الإرادة، وشبحاً قادماً من عصور غابرة، وأزمان ميتة لا علاقة له البتة بما يجري من حياة وتطورات على كوكبنا. وتراه منبوذاً، وعاجزاً عن التأقلم مع مختلف صنوف النشاطات التي تطلبها الحياة المعاصرة وهو يحاول تقليد ذاك السلف البدوي في سلوكه وتفكيره حين صدر لنا حضارته العظيمة في القرن السابع الميلادي.

ولكن هل يستطيع المسلم اليوم، ولو حاول، إلا أن يتشبه بالكفار، ورغماً عنه، ومتنكراً، بآن، لدعوة أولئك الفقهاء؟ وهل بإمكانه أن يهرب من هذا القدر الذي كتبه عليه الكفار، والذي يشعره بعقدة الذنب والألم على الدوام؟ وعلى العكس من ذلك تراه، وحتف أنفه، مضطراً لتقليد الكفار في كل شيء يومياً عشرات المرات حيث يسطو على حضارة الغرب "الكافر"، ويعيش طفيلياً على منجزاته ومخترعاته وإبداعات أبنائه وتضحياته، ولا جزاء ولا شكوراً، طبعاً، بل تشف وغي وضلال؟ فمثلاً يحاول نجوم الإسلام السياسي اليوم، وشيوخه الأبرار، جاهدين، الحصول على فيزا للدخول إلى باريس ولندن ونيويورك "معاقل الكفر" والردة والانحلال الأخلاقي العام، وديار الكفار. وتراهم يقضون نصف أعمارهم في طائرات الجامبو التي أطلق شرارتها الأولى الأخوان الأمريكيان الكافران "رايت"، لحضور مؤتمرات للم شمل القبائل والعشائر والبطون المتناحرة والأفخاذ المترافسة في عموم العالم العربي والإسلامي، في مؤتمرات وندوات تجميل وإخراج عمليات القتل والنحر والتفجير والانتحار، ويتهربون من إدانتها على الملأ، وينفقون ملايين الدولارات البترودولارية لتجميل صورتهم المتواضعة والمهزوزة، والتي لا تسر الحال في جميع القارات.

فهل يستطيع العرب والمسلمون، مثلاً، أن يتخلوا عن استخدام الأسلحة، التي اخترعها الغرب، لتصفية بعضهم البعض، ولشن حروب الطوائف والمذاهب والممالك؟ وترى أحد كبار زعماء "المجاهدين" وشيوخ القتل، وقطع الرقاب وهو ينفث سمومه القاتلة ضد بني البشر، ووراءه الكلاشينكوف الروسي الذي اخترعه الشيوعيون الكفار والعياذ بالله. وترى الفقيه المليادير والداعية الجليل تاجر الفتاوي الشهير وهو يجلس في استوديو مكيف، أرضيته من الرخام الإيطالي، ومن على أثير قمر الهوت بيرد، ولا يقبض إلا باليورو والدولار ويحرم التعامل بالدينار، ومن خلال ميكروفون أمريكي، وعلى سجادة "فارسية مجوسية" حبكتها أنامل الروافض، "منجعصاً" على كنبة مخملها فرنسي، وخشبها هندوسي، وعمامته من حرير ناعم طبيعي نسجته ماكينات الشيوعيين والبوذيين الصينيين، وأستغفر الله، وهو يرغي ويزبد مهدداً كل تلك الحضارات والبشر بالفناء والزوال، وبقائه وحيداً بعد انتصاره النهائي عليهم، وفتحه للقسطنطينية وروما، وإعلان دولة الخلافة الموعودة، حيث ستمتلئ الدنيا عندها، كما سالف الزمان، بالظلم والجور والاضطهاد، وستعج وقتذاك، وبمشيئة الله وحمده، بلاطات الخلفاء، ورثة الله وممثليه على الأرض، بالجواري والصبيان والنسوان والعبيد والغلمان والسبايا العذراوات الأسيرات من بلاد الكفار. وهل يستطيع العرب والمسلمون التخلي اليوم مثلاً، عن الموبايل، والهاتف، والتلفزيون، والطائرات، والسيارات، والإذاعات، والتلفزيونات، والإنترنت، والكومبيوترات، والبلاستيك، والدواء، والغذاء، ...إلخ، والأهم من ذلك كله البنوك، التي يتحكم بها الغرب من الباب إلى المحراب، والتي يهربون إليها ما جنته أياديهم من نهب وإفقار للعباد، والعودة بعد ذلك كله إلى عصر البعير والناقة والغزوات والصحراء حيث شح المياه وندرتها وتواضع العلوم يضطره للاستعانة ضد كل شيء ببول البعير، المادة العضوية الوحيدة المتوفرة في البيداء، والتبرك ببول الرسول، للبقاء على قيد الحياة، حسب آخر فتاوى عباقرة الإفتاء.

لقد تشبه العرب والمسلمون طوال تلك القرون المريعة النكداء بأسلافهم البدو الغزاة الرعاة، من مدمني البول وفحول تعدد الزوجات وتفخيذ الرضيعات، وطبقوا فتاويهم الطيبة السمحاء بالقتل، والغدر، والنحر، وقطع الرأس، وتحليل الأعراض والأموال والدماء وفض البكارات، واستباحة الممتلكات باسم الله، واحتقار النساء، وتطبيق الرجم، وازدراء الأقليات، وتكفير الناس، وأدلجة الجنس والحيض والنكاح والجماع...إلخ، فماذا كانت النتيجة؟ مجتمعات هشة جوفاء متآكلة تعيش الفقر والجهل والأمية والاستبداد وينخر فيها سوس الانشطار، وتسرح وتمرح فيها أوبئة الحقد والطائفية والمذهبية والعشائرية والغل والكراهية، وتتهددها بالانفجار والاضمحلال.

والسؤال لماذا لا يحاولون التشبه ببعض من قيم الكفار العظيمة، والتي ساهم تبنيها في بناء أعظم الحضارات الإنسانية قاطبة، حتى الآن، ولو لمرة واحدة في الزمان. ويرموا عن كواهلهم كل ذاك التاريخ والتراث المعمد بالأسى والدم والمرارات والنزاعات، ويتحرروا من أوهامهم العنصرية الفارغة بأنهم خير أمة أخرجت للناس، ويتبرؤوا من كل تلك التركة الثقيلة والتراث الذي تركه لهم "السلف الصالح"، وجلب لهم ذاك الكم المفزع من الحروب والكوارث والمآسي والأزمات والخراب، وجعلهم في حال دائم من الذل والعجز والهزيمة والتخاذل والضعف والانحطاط والهوان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكراً حماس
- الحلاق الليبرالجي
- العلوية ليست سبة أيها النابلسي!!!!
- ولازالت النكسات عامرة بدياركم
- ما هي جريمة القرآنيين؟
- لو كنت قاضياً!!!
- عُلماء الأمّة
- د. أحمد العبادي: وفضائح الديمقراطية العربية
- نهاية عصر الدجل القومي
- لماذا يستهدفوننا؟
- أمة إرضع !!!
- مبروك لإسرائيل
- لا حياء في السياسة
- خرافة الدولة الدينية
- لا لتركيا الإسلامية
- شكراً فينو غراد
- من يشتري الهوية العربية؟
- حوار مع آفاق
- لماذا لا يكرهوننا؟
- هل العولمة شريرة؟


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا لا يتشبهون بالكفار؟