أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جورج كتن - حماس : الدم الفلسطيني خط أخضر!















المزيد.....

حماس : الدم الفلسطيني خط أخضر!


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1956 - 2007 / 6 / 24 - 11:57
المحور: القضية الفلسطينية
    


يندرج ما جرى في غزة في إطار الجرائم ضد الإنسانية، فالذي عرضته الشاشات، وهو أقل من الصورة الحقيقية، يكفي للحكم على مدى الهمجية التي عومل بها "رفاق الدرب"، من سحل للجثث وإلقائها من الطوابق العليا، وتعرية "الأسرى" وإطلاق النار فوق رؤوسهم وتعذيبهم في المساجد، ونهب بيوت المسؤولين وخاصة القائد الرمز ياسر عرفات وأبو جهاد، والدوس على صورهم، ونسف تمثال الجندي المجهول، والتحضير لاغتيال الرئيس عباس، وإلغاء العلم الفلسطيني التاريخي، وقصف المستشفيات والمقرات واستخدام النساء والأطفال كدروع بشرية، وقتل المئات وجرح الآلاف...
حماس أطلقت على عمليتها الانقلابية للاستيلاء على كامل السلطة : "التحرير الثاني لغزة من العملاء"!، والعميل في مفهومها هو كل مخالف لها أو غير مؤيد لأعمالها, وهي "معركة الحق ضد الكفر والباطل"!، يمثل الطرف الأول فيها القتلة الملثمين ممن كانوا ضحية للاحتلال وأصبحوا جلادين لأبناء بلدهم.
ألحقت حماس بالديمقراطية الفلسطينية إساءة بالغة، أما تذرعها بأكثريتها فلا يعطي ميليشياتها المسلحة الحق في الانقلاب على مؤسسات السلطة الوطنية. لقد سبق للحزب النازي أن فاز بالأكثرية في انتخابات ثم استخدم السلطة لسحق الأحزاب المنافسة، فهل أكثريته تشرع له ذلك؟
ما حدث نتيجة طبيعية للفلتان الأمني المتولد عما سمي "مقاومة مسلحة" عبثية لم تعد تعرف كيف وماذا تقاوم، وعندما فشلت في مقاومة العدو "قاومت" الصديق بلا تمييز بينهما، فالمهم استمرار آلة القتل الجنونية. يجري ذلك في ظل "حكومة الوحدة الوطنية" التي أقسم أعضاؤها من حماس على خدمة الشعب الفلسطيني وليس إعمال القتل فيه. أثبتت حماس تمسكاً بالكرسي على أن "تنبع السلطة من فوهة البندقية" وفوق جثث رفاق الأمس.
تسبب فيما جرى أيضاً طبيعة الجهة المنفذة التي ترفع شعار "الإسلام هو الحل"، الذي ثبت في أكثر من مكان أنه مقدمة لمزيد من التخلف والعودة لبربرية القرون الوسطى: من حروب "المجاهدين" في أفغانستان إلى مجازر الإسلاميين في الجزائر ومصر، إلى القتل العشوائي للسلفية الإرهابية في العراق، إلى الإبادة الجماعية في دارفور.. والقادم أعظم..
كما قاد لذلك ناخبين فلسطينيين لم يدققوا في دوافع حماس ومدى نجاعة "مقاومتها" الانتحارية، ولم يتوقعوا الوحشية المتوارية خلف ذقون قادتها، وظنوا أن الهرب من فساد قياديين من فتح يكون بإعطاء أصواتهم لحماس. التجربة المريرة الراهنة ستجعلهم يدركون أن فساد بعض فتح يمكن تداركه بأقل التكاليف، وهو لا ينفي أفضلية فتح كنهج عقلاني لبناء دولة حديثة وعلاقات طبيعية مع العالم، أما مع منظمة همجية فستهرق دماء كثيرة للتخلص من هيمنتها. الفرصة الآن متاحة للأغلبية التي صوتت لحماس للتعلم من دروس ما حدث.

تبدأ مع كارثة غزة مرحلة جديدة من تاريخ الشعب الفلسطيني ستكون لها نتائج على المستقبل القريب والبعيد:
1- تكريس عزلة شاملة لقطاع غزة عن الجوار العربي والمجتمع الدولي والعالم، وهي سمة لمشروع الإسلام السياسي عموماً- إمارة الطالبان لم تعترف بها سوى دولتان-، ونتيجة طبيعية لمفاهيمه التراثية المخالفة للعصر وللحداثة والمعادية للعالم المتحضر. والمأساة ليس عزلة منتسبي حماس بل جرهم لمليون ونصف فلسطيني للعزلة كرهينة في مواجهة العالم.
2 – أثبتت العملية الانقلابية أن حماس لا تقبل من الديمقراطية سوى صناديق الاقتراع التي توصلها للسلطة، عملها الأخير أكد ما ذهبنا إليه في مقالات سابقة وأشار إليه عديدون: "الديمقراطية كنهج متكامل لا تتوافق مع المفاهيم المرجعية للإسلام السياسي". ويمكن هنا التذكير بالإسلام السياسي الإيراني الذي انقلب على حكم الشاه الاستبدادي ليقيم حكم رجال الدين الأشد استبداداً. بقية التجارب لا تختلف فيما عدا الاستثناء التركي.
3 – ستقود هيمنة حماس لكيان طالباني آخر، فقد شهدت غزة خلال الأشهر الأخيرة عشرات الهجمات على كنائس ومقاهي انترنت ومتاجر أجهزة الاستقبال الفضائي ومحلات بيع خمور وصالونات حلاقة..، وخطف أجانب وصحفيين والتعرض لغير المحجبات وتهديد مذيعات فضائيات بقطع أعناقهن..، جرى كل هذا وغيره في ظل وجود السلطة الوطنية، لكن ما سيحل بالمواطنين بعد هيمنة حماس لن يكون أقل مما فرض على الأفغان في ظل إمارة الطالبان المقبورة.
4 – قد يكون من النتائج أيضاً انتشار تنظيم القاعدة في غزة كتنظيم إرهابي حليف للإسلام السياسي، حدث ذلك سابقاً عندما حضن النظام السوداني المتأسلم بن لادن، ثم توفير الطالبان لمأوى آمن للقاعدة لتصدر منه للعالم إرهابها الإجرامي، فلا شيء الآن يمنع إسلاميي غزة من دعم القاعدة بصفتها "تجاهد" ضد الأمريكان وتحارب الكفر في العالم!.
5 – انتصار انقلاب حماس العسكري تحول عملياً لهزيمة سياسية، وأدى لانهيار ما سمي براغماتية حماس ولصعود الاتجاهات "الثورية الرثة" وضياع الأمل بانتقالها للقبول بحلول واقعية للمسألة الفلسطينية، كبديل لما تتبناه من حلول كارثية تشابه ما عملت له القوى الفلسطينية العلمانية قبل أوسلو في ظروف كانت الأفضل عربياً ودولياً، بينما حماس تكرر التجربة الفاشلة في ظروف هي الآن الأسوأ من جميع النواحي.
6 – النتيجة الأهم هي أن استخدام مسلحي المقاومة للانقلاب على مؤسسات السلطة واستئصال فريق سياسي فلسطيني، أسقط الشرعية عن "مقاومة مسلحة" تحولت لعصابات للقتل، وفي أحسن الاحوال مرتزقة لتحقيق أغراض خاصة بالقيادات.
كيف يمكن الخروج من هذه الحالة التي يمر بها الشعب الفلسطيني؟
بتحديد المهمة الأساسية لحكومة الطوارئ : جمع شامل للسلاح واعتبار كل من يصر على الاستمرار في حمله من غير المنتمين للمؤسسات الرسمية خارجاً على القانون، ورفض ابتزاز أنصار "تصعيد الكفاح المسلح"، وحل جميع الميليشيات المسلحة وليس عصابات حماس فقط، بل جميعها، حتى ميليشيات فتح، وإلحاق الجادين منها بالمؤسسات الأمنية والعسكرية الحكومية، التي يعمل على إعادة هيكلتها وتثقيفها وتدريبها وتحييد منتسبيها عن الأطراف السياسية.
بدون هذا الإجراء المفصلي ستبقى الأوضاع قابلة لكوارث أخرى خاصة في الضفة الغربية. الفرصة الآن متاحة لمثل هذا الإجراء حيث توحدت فتح أمام الأزمة وتوافقت مع معظم الأحزاب والفصائل لمواجهة كارثة الانفصال الحماسي.
تظهر هشاشة الدعوة للحوار بعد أن جعلت حماس "الدم الفلسطيني خط أخضر"، فالعودة للحوار غير ممكنة دون تراجع كامل لحماس عما فعلته والقبول بإنهاء الحالة المسلحة.
يفيد إرسال قوات عربية أو دولية للجم حماس، أما توقع تمنع الدول عن المشاركة فلا ينفي مسؤولية المجتمع الدولي والجامعة العربية عن إنقاذ فلسطينيي غزة من الأوضاع غير الإنسانية التي قادتهم إليها حماس، بإجراءات لا تؤدي لمزيد من الإضرار بهم.
جمع السلاح خطوة أولى لا يمكن الاستغناء عنها لبناء دولة حديثة بعد التوصل لإنهاء الاحتلال باتفاقات تحظى بتأييد المجتمع الدولي.
* كاتب فلسطيني
[email protected]



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب يخرج من عباءة المقاومة
- حوار حول الإرهاب
- مزيد من الحوار حول المسألة الأمازيغية
- بناء دول طالبانية يلقى مقاومة
- ما الجديد بعد ثلاث سنوات على أحداث القامشلي؟
- ذنوب محيي الدين شيخ آلي
- الهوية المتعددة للمغرب الكبير
- منجزات المحاكم الإسلامية الصومالية؟!
- -الاتجاه المعاكس- للمنطق: الدكتاتورية هي الحل!
- ما بعد الاستبداد شبه العلماني
- هل تهجير المسيحيين هو الحل؟!
- مشروع -الراديكالية الإسلاموية- للانتحار الجماعي
- حراس الثوابت والعدمية الفلسطينية المتجددة
- مقتل طفلة من بيت الأمارة
- وقفة مراجعة بعد خمس سنين على هجمات 11 / 9
- الهمجية في تاريخ المنطقة والعالم
- انتصار سياسي للبنان وحكومته
- التورط والتوريط أم السياسة الواقعية
- حوار مع الكاتب والسياسي جورج كتن*
- عندما يخلط الإخوان الدين بالسياسة الوطنية


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جورج كتن - حماس : الدم الفلسطيني خط أخضر!