|
بطريركية بابل على الكلدان بين مطرقة الأرهاب وتعنيف الكتاب
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 07:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعتريني رغبة جامحة في إلقاء حجر المداخلة في النقاش الدائر حول الوضع المتردي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، وما يثار من غبار في معركة تحديد المسؤولية وتشخيص الداء ومكامن الخلل . في وقت الضيق والشدة تزداد الآلام وترتفع وتيرة الشكاوي وتضيق المساحات الممنوحة للتفكير الهادي ، لتعطى للتسرع وتصويب سهام التجريح وتوجيه الأتهامات وإلقاء اللوم والعتاب مساحات اكبر من اللازم . بعيد 9 نيسان 2003 ارتبط احد احزابنا القومية ـ وهي الحركة الديمقراطية الاشورية ـ بعلاقات وثيقة مع البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني ، وحينما سعت البطريركية المذكورة بتثبيت الأسم الكلداني في الدستور العراقي ـ وهذا جزء من حقوق الأنسان التي تعترف بها كل المنظمات الأنسانية والقوانين الدولية ، والتي تشكل حقوق الأقليات جزءاً مهماً من لوائحها ـ لجأت الحركة وهي المعروفة بتاريخها النضالي على النطاق القومي ، لجأت الى الجانب السلبي من حقوق هذه الأقلية العراقية ( الأقلية القومية الكلدانية ) إذ أرادت حرمان هذه الأقلية من أبسط حقوقها وهو تثبيت اسمها في الدستور كبقية البشر في العالم ، وكان ما كان من حملة لتأليب الكلدانيين انفسهم ضد البطريركية بحجة تمزيق الوحدة القومية . على ضوء هذا الموقف المشرف من مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، ارتفعت أصوات القادة السياسيين بضرورة حصر تحرك ونشاط رجال الدين في دائرة كنائسهم وشؤونهم الدينية وأن لا يتدخلوا بما لا يعنيهم من الشؤون السياسية ، وأن يتركوا زمام المسائل السياسية منوطاً بأهلها من السياسيين في الأحزاب والمنظمات والمستقلين . ونقول : إن ذلك اصبح من حديث الماضي ولم نقبض منه شيئاً ، ولدينا اليوم ما يكفي ويزيد من المصائب والنوائب وعلينا بما يقال اليوم وليس ما قيل سابقاً . واليوم .. المشهد المسيحي في العراق لا يسر عدواً او حبيباً ، وبوجود هجمة أصولية اسلامية على كل ما اسمه مسيحي ، اليوم أقرأ مقالات يلجأ كاتبوها ـ وهم أناس مخلصون من أبناء شعبنا ـ الى توجيه اللوم الى المؤسسة الكنسية لاسيما الى الكنيسة الكاثوليكية ونعني بها بطريركية بابل على الكلدان في العراق والعالم ، ومن المؤكد ان هذا ناجم من شدة الظلم الذي يطال شعبنا في الهجمة الهولاكية التترية المعاصرة . إن كتابنا الأجلاء هنا يخلطون بين الضحية والجلاد ، وهم يحمّلون الضحية مسؤولية ما يصيب شعبنا من الأرهاب والقهر ، ناسين ان رجال الدين انفسهم ما برحوا ان اصبحوا في مقدمة الضحايا في عمليات الخطف والأبتزاز والقتل والتشرد والتهديد . ولا ندري ما هو المطلوب من هؤلاء المساكين ؟ وأي ذنب يقترفون إن هم لم يصمدوا امام التهديدات ؟ بعضهم يزعم انه لو كنا موحدين لما استشهد الأب رغيد كني ورفاقه ، ويذهب بعضهم الى الطلب من السينودس الكلداني الذي انعقد مؤخراً في دير السيدة قرب القوش ، ان تلجأ الكنيسة الى فتح المصانع والأماكن السياحية . ولا ندري كيف نوفق بين الطلبات التي تطلب من الكنيسة عدم الخروج من أسوار الشؤون الدينية ، وبين ان نطالب الكنيسة باتخاذ القرارات الجريئة ـ والتي لا تقتصر الأستنكار فحسب ـ وكذلك نطلب منها بناء المصانع والمشاريع السياحية . كل هذه الأمور ممكنة في ظل الظروف الأعتيادية الطبيعية ، وحينما لا يكون الأنسان ينزع الى تحقيق البقاء على الحياة فحسب . بل عندما تكون لغة القانون هي السائدة بين الناس ، لكن ماذا يستطيع البطريرك والمطارنة والقساوسة القيام به ؟ وما هو سبب تعنيفهم إن كان شعبنا يتعرض الى هذا الأرهاب الهمجي ؟ ماذا بوسعهم القيام به إن كانوا هم أنفسهم مستهدفين ؟ ماذا يستطيع البطريرك ان يفعل أمام عمليات الخطف والنهب والظلم الذي يطال رعيته من رجال الدين والعلمانيين المسيحيين بوجه عام . إن البطريرك هو نفسه ضحية الأرهاب ، فكيف نحاسب الضحية على ما يقترفه الجلاد ؟ انه منطق بعيد عن الواقعية والموضوعية . إذا أردنا أن نكتب عن شؤون شعبنا علينا التريث قليلاً وأخذ نفس من السيكارة ونتصور ونحن في اجواء بغداد وليس في أوروبا او امريكا ، عندئذٍ سنكون واقعيين في طلباتنا من أبناء شعبنا في الداخل ومن رجال الدين بالذات . أما العزف على اسطوانة وحدتنا فهي اسطوانة قديمة وأشبه ما تكون بالخرافة التي تعني الخيال فحسب ، فنحن الكلدانيين والآشوريين والسريان ليس بيننا عداوات ، نحن شعب واحد مهما كانت تسمياتنا ، فليس بيننا عمليات اغتيال او خطف او سلب أو ثأر . نحن وحدة صلدة ، وإن من يطلب وحدة لشعبنا فهي (( كائنة وصائرة وموجودة )) ، وبذلك يعتبر التشبث بطلب الوحدة من مخترعات السياسة ليس إلا . وفي الوقت ذاته هو اسلوب للتهرب من المسؤولية التي ينبغي ان يتحملها السياسي . إن التسميات لاتقدم ولا تؤخر في الواقع المرير شعبنا . إن الأضطهاد الذي يطال شعبنا كان بنفس المستوى لوكنّا بتسمية واحدة او بعشرين تسمية ، إن الأرهاب لا فرق عنده إن حذفنا الواوات او أبقيناها ، إنها أمور سطحية إذا ما قيست بالقضايا الجوهرية التي تخص شعبنا . علينا ان نتخلص من هذه القشور ونتمسك بالجوهر عندئذٍ سنتخلص من الكلام المكرر والخالي من الفائدة والذي لا يقدم ولا يؤخر
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترفضون الحكم الذاتي والمنطقة الآمنة ، طيب أعطونا البديل ؟
-
من يحمي المسيحيين من الذئاب البشرية ؟
-
استشهاد القس رغيد كني والأسلام الأصولي ومحنة الأنسان العراقي
-
المسيحيون والأقليات العراقية .. الحركة خير من البكاء والنحيب
-
الأستاذ هوشيار زيباري تفاؤل مشوب بالحذر
-
أحوال الأقليات الدينية في العراق من سيئ الى أسوأ
-
هل نتوقف عن الكتابة في الشأن القومي الكلداني
-
العراقيون في سورية وخيارات أحلاها أمَرْ من العلقم
-
العراقيون في سوريا .. اين المفر ؟
-
هل يحمل البيشمركة مفاتيح المشكلة الأمنية في بغداد ؟
-
نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية
-
رابي يونادم كنا .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
-
المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية
-
الشئ الذي لم أشبع منه طول عمري !
-
يا عقلاء الأسلام صافحوا هذا الرجل إنه إنسان عظيم
-
حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل
-
لماذا يسكت عقلاء الأسلام على ذبح الأقليات الدينية العراقية ؟
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية 4
-
يشوع مجيد هداية شهيد الوطن العراقي
-
حتى أنت يا قس عمانوئيل يوخنا!
المزيد.....
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
-
“عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي
...
-
شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه
...
-
الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام
...
-
طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل
...
-
مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|