أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجائى موسى - تأسيس المكان مسرحيا














المزيد.....

تأسيس المكان مسرحيا


رجائى موسى

الحوار المتمدن-العدد: 1956 - 2007 / 6 / 24 - 05:48
المحور: الادب والفن
    



(1)
كلما فكرت في المكان، أفكر بالأنثروبولوجيا، لقد عملت الأنثروبولوجيا على مسرحة المكان بامتياز، وهى بذلك كانت مخلصة جداً لنشأتها التاريخية، فقد لعبت دورها في تحديد مكان الآخر، وفى تمثله، وفى جعله موضوعا للمعرفة، فأقامت بذلك جغرافيتها التخيلية على محور الثنائية التقليدية؛ غرب/نشط/مأهول/ذات في مقابل شرق/خامل/خرب/موضوع. لم يظهر مكان الآخر في الأنثروبولوجيا إلا بوصفه نقيضا لمكان الذات/الأوروبي، وكان على هذا المكان أن يستجيب لرغبات الذات وطموحاتها وآليات ضبطها وعلومها المتقدمة، أن يتأسس هذا المكان المخلخل وفقا لمورفولوجيا الذات الاستعمارية. راح هذا المكان المخلخل في محاكاة المكان المأهول، المتقدم، العقلاني، التنويري، فانشأ مؤسساته(مسرح، سينما، أوبرا، موسيقى، معاهد علمية وجامعات، ...) وفقا للذات المستعمرة من أجل اللحاق بركبه والانضمام إلى حوزة هذه الذات المطلقة، وتارة أخرى يعود هذا المكان لكي يستنهض حدوده، أو يتأقلم، أي أن يسيطر على إقليمه وجغرافيته الخاصة، فيؤكد على ما هو قومي ووطني وفولكلوري وشعبي(المسرح القومي، والسينما القومية، والاقتصاد القومي). فما هو رد المسرح على الأنثروبولوجيا؟ هل له أن يقوم بانثربلجةanthroplization المكان، أي أن يمنحه طقوسه وشعائره واحتفالاته، أي تخليص المكان من إطلاقية الذات ومن استعلاء الآخر، أن يعمل على امتداد المكان لا تقطعه، أي الدخول في كرنفال حوار الذات والآخر؟

(2)
"يمكنني أن أتناول أي مكان خال، فأسميه مسرحاً عارياً"(بيتر بروك، المكان الخالي)، "وفى الفودوVoodoo بهاييتي كل ما تحتاجه لكي تباشر الاحتفال هو عمود وبشر"( بروك، المكان الخالي)، "اغرسوا في وسط الساحة وتداً مكللاً بالأزهار، واجمعوا الشعب من حوله، وستنالون عيداً"(جان جاك روسو، كما جاء في دريدا: الكتابة والاختلاف). ما الذي يجعل مكانا ما مكانا مسرحيا؟ كيف لمكان ما أن يدعى قدرته على التمثيلrepresentation ؟ إننا نذهب إلى المكان المعد للتمثيل، أو لقبول التمثيل، أي أن المكان ليس معدا بشكل مسبق، ولكننا نستدعيه لكي يحضر ممثلا أو ممسرحا، لكي ينفتح ويؤكد ذاته، لكي يكشف لنا عن طاقته المحتجبة، فالمكان المسرحي لا يوجد إلا بفعل الاستدعاء أو التظاهر بالاستدعاء، ولكنه يبقى مهيأ للتمثيل، قابلا للحضور، وجاهزا للتحول، أي تجاوز حالته الساكنة، وكلما كان المكان حاضرا ومكثفا كلما تجاوز حدوده وجغرافيته الثابتة، مثلما يداعب الصوفي حدود المكان، وبقدر ما يتم تجاوز المكان الخام، بقدر ما يظهر المكان المسرحي، وتتأسس عليه الشعيرة المسرحية. ربما يظهر المكان المسرحي في علاقته بالمكان الخام كتوتر أو تصاعد/تسامٍ أو تكشف لما هو محتجب، يشبه في ذلك علاقة التمثال بالرخام أو علاقة اللوحة باللون،"فالنحات يقوم بتشتيت مادته في طبقات للوصول إلى شكل ينتظر ولادته من بطن الحجر، ليس المقصود في عملية الخلق هذه أن يبدع الفنان هذا الشكل، بقدر ما يحاول العثور عليه داخل مادته"(جروتوفسكى، المسرح الفقير).
(3)
-أ-
لطالما فكرت في المسرح القومي وميدان العتبة، وتساءلت أين المكان المسرحي؟ ما هي العتبة التي تفصل المكانين؟ لقد تم الاستحواذ على المكان في المسرح القومي، فصار مكانا مستهلكا ومتكلسا، ومغلقا على ذاته. لقد تم مصادرة المكان لحساب السلطة. وفى ميدان العتبة رأيت نقاطا مسرحية مضاءة بوهج ما هو يومي، نقاطا تلمع وتنطفىء بشكل مستمر وبدون انتظام، وكأني أشاهد ألعابا نارية.
-ب-
يمكن لنا أن نذهب إلى مكان أخر، لم يكن هناك مسرح بل محرقة. لم يكن هناك ممثلون بل جثث تتفحم، ودخان متصاعد، وصراخ وعويل،.....
ما الذي سيفعله النظام بمسرح بنى سويف؟
أؤكد أنه سيخصص ميزانية كريمة، ويكلف شركة مقاولات ببناء مسرح مجهز ومزود بأحدث أجهزة إنذار، وسيعلق صور من احترقوا في الممرات، وهنا فقط، سيهربون، سوف يهجرون هذا المكان إلى مكان أخر، سيذهبون في رحلة بحث عن مستقر يليق بوحدتهم وأضحياتهم. لن تستطيع السلطة أن تغلق المكان عليهم، أو تحبسهم، أو تؤسس باسمهم مكانا، سيذهبوا إلى مكان هو الضد، أو مكان- ضد.
ولكن ما الذي يمكن أن يفعله س أو ص أو آرتو؟
سيقيم مسرحه على هذا الخراب، وسوف يمد سقالات للجمهور والممثلين، ويثبت سلالم خشبية للصعود أو للهبوط، أو يهىء حبالا للتسلق، أو لفرقة إشعال حرائق، وهناك يمكنك أن ترى المشهد بشكل كامل في انحلال عناصره وتفسخه ودخانه المتصاعد. هنا يتم تأسيس المكان المسرحي بوصفه طاعونا وانتهاكا(آرتو)، أو مأدبة باروكية يدعو فيها "فاوست" ضيوفه في "العشاء الأخير" لتناول مقاطع من سيرة حياته(جروتوفسكى).
رجائي موسى [email protected]



#رجائى_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كابول والذاكرة الكولونيالية
- إنها اللحظة المناسبة


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجائى موسى - تأسيس المكان مسرحيا