أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - ! الشاعر العراقي حسين ابو سعود .. ولد وملعقة من حزن في فمه















المزيد.....

! الشاعر العراقي حسين ابو سعود .. ولد وملعقة من حزن في فمه


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 06:30
المحور: الادب والفن
    


تسمع صوت الشاعر العراقي ( د. حسين ابو سعود ) في نثره المرسل وتتذكر لوركا عندما قال ( ممن ينزف ) !
كاتب قصيدة ( صهيل التعب ) جذبني الى مشاهده الدرامية ، رجل متوحد يقلب صفحات العزلة ويهمس
خارجا من نفق معتم الى اخر مظلم و يكون نهاره كون بارد وليله قلق ، وحشة ، وجع ، واسى .. تماما
مثل وطنه في عبثية انفاقه المتناسلة ، في قصيدته المكتوبة نهاية عام 2005 (أطياف اللون الأسود) نقرا

(في كل ليلة تنمو للوجع أياد جديدة
وفي كل يد ألف أصبع
وفي كل أصبع مئة مخلب
وفي كل مخلب عشرة خناجر
ومازالت قصة الجراح لم تنته
ومازالت قصة الأسى في أولها
في جوف الليل
يتطاول صهيل موحش
يبلل التراب للكهنة
وطيور الظلام
يضع في فم الحزن
حزنا آخر )
كيف لا وهو واحد من الشعراء العراقيين في المنفى ممن كتبوا انجيل الحزن وركعوا على سجادة العصر في صلاة حائرة كلماتها السنة نار الروح الحزينة ، واذا كان السياب دراما سوداوية وبها وحدها انطفات شمعته مبكرا في قمة التوهج ، فان من رحل في زمننا سمعنا لتعبه صهيلا قبل ان يترك مستشفى العالم لنا وكل له سريره في الغربة ، لااطباء هنا ولا ادوية بل هذيان متواصل في فنادق الروح التي ينبعث من نوافذها رائحة شواء السنوات وقصاصات الشعر والسرد الدامعة !
اشكر السيد ( باختين ) لأنه استنكر التدخل في النص وتوجيهه في استبدال شئ باخر في الشعر
خاصة ، ياسيدي ! وهل لدى الشاعر العراقي من حل اخر ينبغ به او يقترح عليه ؟ وهو الذي لم يكن
سيزيفا في العالم فقط بل مطية ركبتها كل كوارث التاريخ التي عرفها العالم !
اكتب تسلسلا لعناوين نصوص له ، ثم اجد بان ماقالته له امه ( ولدت وفي فمك ملعقة من حزن ) هو
مفتاح ايضا لتحولات حياته ليس القاسية فقط بل المستعصية ، في عام 1974 يغادر مدينة كركوك ويتنقل
من محطة الى اخرى .. ( عمل في مهن كثيرة لا ربط بينها بدءا من عامل بناء وخباز وصباغ وبائع لبلبي (حمص مسلوق) وباجلا (باقلاء جافة مسلوقة ) الى العمل في الجامعات و غيرها ، اقبلت عليه الدنيا في بعض مراحل عمره فما نسي الفقر المدقع الذي عاشه في طفولته ، المولود في كربلاء -1954- والعائش منذ الطفولة في كركوك قبل ان يغادرها ملاحقا بالمصائب الأبدية الى يومنا هذا منتظرا وفي ( جوف الليل ) وعلى (شفا الأنهر) في نهارات انتظار رسالة الموافقة على الأقامة الدائمية في لندن ! شاعر لاجئ بلا وطن ولااستقرار . فهو اذن ، الصوت الذي ودع نفسه واخرين ليرحل بهم المركب في البحر في رحلة اللآ عودة ، هم الراحلون في نصه الموسوم ( العابرون ) وسيكتب في جوف الليل نزيفه واغانيه عن الماضي ، المراة ، المصير ، اغان من شفا انهر جفت لعيون كركوك الحزينة ، يتملى نهر ( التيمز ـ لندن) وكل شئ يتظاهر بالهدوء والطبيعية الا ان الحرائق داخلة لاتنطفئ وصخب وضجيج يصعق روحه !
عناوين ارتبها على طريقتي ستكون رسالته هو الينا من خلال نصوصه :

(العابرون--->فن الموت بلا ضجة -->سجين في حي سكني-->عصافير الليل -->الظمأ في كل مكان --->نصوص جافة-->بعد منتصف الليل عقلي يكتب عني -->ما دعاك ان تموت مبكرا --->رشي ما شئت من الملح على جرحي--->فساتين بلا نساء--->في روحي شبق مؤلم -->حكايات الانهار التي جفت-->الموت مع النهر -->عرس داقوق-->طقوس الضياء -->خواطر ملونة على منديل الوطن -->ترنيمة وجد لعيون كركوك الحزينة --->صهيل التعب ) !

يظهر للعابرون صهيل التعب ومتن هذه المعادلة نفساني في جدولة عناوين ستطفو الى الذهن لتدون
تعبيرا عن لاوعي المحنة وفي تفكيك شعري يترابط هما فقط في تيار الوعي ! تلك موضوعة المواضيع التي
تنتظر نقاد الأدب في تحليل علمي ابداعي منهجي لعشرات النصوص العراقية الطليعية التي تنتظر العيون على رفوف الفن الجميل . غير ان نقادنا يتحاورون مع كواكب اخرى حول ، هل هناك شعر عراقي خارج كوكب الأرض ام لا ؟ اترك هذه المشكلة الآن لكي لااموت مبكرا في حكايات الأنهر التي جفت !!!


ينصب ابو سعود لحياته كمينا اتمنى شخصيا ان اسقط فيه دوما ، الا وهو كمين المدن !

ذلك الشخص الذي كان يمسك كتبه صغيرا على جنبه حريصا على ان يرى الأخرين غلاف كتاب الأنكليزي
وهو فتا يافعا .. ذلك الكائن الذي ناسخت الحرب العلقم مدنه ومسخت صبابتها والقته في مدينة :

- وات ايز يور نيم ؟

- ماي نيم از زكي !!

.. في نصوصه الأخيرة اقرا ل ( كالفينو ) اخر من اخوتي من جيلي الأملح الضائع ، واتوق دوما لغزل يتناص
مع ( مدن لامرئية ) ذلك العجيب من الكتب .

المسالة مع ابو سعود ان ( المرء مع من لايفهمه مثل السجين --> جلال الدين الرومي ) !

كيف لايكون للتعب صهيل وكركوك تعيش مخاضا تشعر بانه مسخ كافكا وهواجس غليفيك وكماشة عوليس
القبيح ذا العين الواحدة ..

ارى ذلك الكركوكلي يمشي متابطا غيمة ترى في وجنتيها شفق النار الأزلية وانت تخرج من منزل الراحل
( خالي يونان ) وانت تتجه الى نقليات كركوك مساءا وانت يابولس ترى رجلا بلحية بيضاء سيسافر بعد قليل
الى منفاه وفي يده تذكرة مكتوب عليها ( صهيل التعب ) وستقول لنفسك -- ياه هذا هو طالب المحبة العتيق الذي اغرمت به عذراوات ينظرن الى حزمة كتب تميزه يحملها ( صفح ) .. ويطير فيلسوف مدنه خجولا حزينا بحاجة الى قطرة ماء من نهر لم يبق له سوى الأثر !

(..... مثل قطرة ندى ميتة
التصق باظافر الليل
اسير مهووسا بنقطة ضوء
يستهويني اكتناز الطحالب
حول الضفاف
والشهوة المتخفية
بين شفافية الضباب
التقي مع النهر
في شدة العذوبة
ومع الجبل
في شدة المراس
ومع الفجر في تشابك الاسرار
ومع النقيض في الغموض
ولكني كلما التقي نفسي في العراء
او في باب من ابواب المساء
انكرها
و بصمت يشبه رهبة الموت
تسير بي القافلة
طالعة نازلة
نحو مدن مطفأة المصابيح ....)

هناك تناص في (اسير مهووسا بنقطة ضوء) و نقطة الضوء التي تتبعتها في نص لي قديم هو ( الضوء
الطائر ) وكان هدية الى سركون بولص ... ذلك الضوء تظهر لنا الأيام اياه كسراب وحتى لو كان سرابا فنحن
جيش شعراء الحيرة سنلاحقه .. حتى ولو توقف دجلة الحزين عن عكس الأضواء من على جسر الصرافية
الذي طعن في الخاصرة .. دجلة الذي كتبت الراحلة اليوم نازك الملائكة بانه يلمع ! فكيف بنهر لم يبق له
الا الأثر في ذاكرة ( حسين ابو سعود ) يحيا ..

(
اعلم ان الموت وحيدا
له وخزات موجعة
في القلب
وفي الروح
واعلم ان كل شئ في هذه الدنيا
سيبقى بعدي
البساتين والمباني
ورغبات النساء
ورطوبة المساء
ستبقى الطيور ويبقى الفضاء
وقبل ان تموت عذوبة النهر
في ملوحة البحر المخيف
وقبل ان اموت مع النهر
الذي يُدفع نحو العدم دفعا
قلت اجرب حظي
فهذه الدنيا واسعة.. )


يا لفجيعة شاعرنا الذي لايقدر على قتل بقة وهو يرى في حياته ، انهرنا تقطع وتقتل !

شاعرة برازيلية قالت لي في زيارة لها الى النمسا بان الناس تعشق السامبا والكرة البرازيلية وعاهراتنا
غير انني عاشقة لنهر الأمزون الذي يدفنون الغابات من حوله ويقتلون الغامضين من سكانه التاريخيين حوله !

اعود الى العابرون للشاعر حسين ابو سعود لكي لااتوقف وانا المزاجي وابدا في كتابة رواية كاملة عنوانها
( صلاة على روح الأنهر ) !

تجد نفسا قصصيا في الشعر العراقي المعاصر .. ابتداءا ب (سعدي يوسف ) اليوم وانتهاءا بقصيدة
00964 ) ل (صلاح حسن ) والمشهد المحكي شعرا هو واحد من مقتنيات الشعر الحديث في العالم
وما اسموه يوما بان كزار حنتوش الراحل يكتب (القصيدة اليومية) لم يكن اكثر من قصص شعرية قصيرة
جدا .. تعكس طيبته المتوحدة مع قصص شعبه الذي يموت في مدنه وارضه مع انهره تماما ، وذلك مايدعو
( حسين ابوسعود ) ليكتب عن زوال المدن وموت الأنهر ! ونهر ( هيرمان هيسة ) الذي وقف ( سدهارتا)
ليتعلم من حواره الثنائي معه .. اصبح لنا اليوم رواية شعرية في وقائق نحلم بها ! عاش ابو سعود مع
الهندوس ورهبان معتقدات انسانية مختلفة تعاطف ايضا مع نساء الأرض لكن النساء في حياته مقدسات
ولهن مكانة امل في المناجاة والأنقاذ ! وعرفناه نحن ايضا في كل ماكتبه ، نحن (العابرون ) :


(في الصبح المبلل بأحزان الليل
يقف العابرون على جانب الرصيف
عيونهم الصفراء تحكي قصص النزيف
وقصة الخريف المهيمن على باقي الفصول
يلتقي العابرون في نقطة تطفح بالاشتهاء
وارتعاشات المجهول
ينزل رذاذ المطر
على جسد السفر فيزداد شبقا
فيرقص الشجر على هراء العبور
وعلى امتزاج الألم المعتق بالسرور
وعلى الفتور الذي يلتف كالقيد
على معصم الشعور
وعلى اهتزاز الخلجات
بوابة الميناء نزعت عنها ثياب الخجل
وعرضت خديها للعابرين وألوان القبل
وتستعجل الرحيل قبل الوقت
وقبل ارتداد الصدى من جوانب الصوت
والشمس التي تحرسها
تفتش أمتعة العابرين
تصير أضحوكة
تبحث عن قوارير العطر والرغبات
وبعض العشب
ويرحل العابرون الواحد تلو الآخر
ويبقى الصمت
وتبقى الوحدة
وسمكة ميتة ......)


اليس هو من يتذكر الى لحظة عبوره الأخير خارج هذا العالم قولة امه له :

( ولدت وفي فمك ملعقة من حزن ) !!


يقول موريس ميترلنك في مسرحية العميان :

( انا لاابصر الا حيث احلم )



تامل نقدي كتبه :

بولس ادم

لينز - النمسا
20-6-2007




#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخراط
- زوج ارهابي
- حملة التضامن مع المسيحيين المضطهدين في العراق
- الصفحة الأولى من رواية بولس ادم الجديدة ( حمار جدتي الصغير ا ...
- النعامة والمثقف!
- الموعد
- احلام و اشياء اخرى
- قنبلته اليدوية !
- عودة شاوول
- الدكتور..
- الشهداء الأربعة
- طاووس في حدائق الجحيم ..
- قصيدة مشتركة .. الف عام في الرماد
- الف عام في الرماد
- حِِلاقة داخلية !
- الحملان الوردية
- أصوات جديدة لمطحنة قديمة
- عزلة ممثل
- هيثم بردى .. الخواء يفضي الى اخر اكثر كثافة
- مهزلة ابدية !


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - ! الشاعر العراقي حسين ابو سعود .. ولد وملعقة من حزن في فمه