أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - من ينقض ماركس ؟! 2















المزيد.....

من ينقض ماركس ؟! 2


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 11:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



(2)
في المجتمعات الشرقية المتخلفة، كما حالها في البلدان العربية، لم يتكامل الفرز الطبقي بسبب العملية الإقتصادية الرثة. ولذلـك يتواجد فيها "اليسار" عريضاً مترهلاً ومنه فئات واسعة لا تحمل من "اليسارية" إلا الإسم ولا تستحق أن تتواجد بين أطياف اليسار ـ ومن هنا أجد تعبير "اليسار" العربي ليس بذي دلالة واضحة محددة المعالم ويحتمل الاحتيال والنفاق ولذلك يجدر إسقاطه من اللغة السياسية. ولنا من عامة البعثيين خير مثال على ذلك. ففي سوريا والعراق والأردن كانت أحزاب البورجوازية الكبيرة اليمينية أقرب إلى الشيوعيين من أحزاب البعث طيلة فترة حركة التحرر الوطني 1946 ـ 1972. ففي سوريا هرع البعثيون إلى عبد الناصر ليفرضوا الوحدة الإندماجية الاعتباطية مع مصر مستهدفين ضرب الشيوعيين في سوريا الأمر الذي تم كرهاً من الحزب الوطني وزعيمه شكري القوتلي. وفي الأردن ظل الحزب الوطني الإشتراكي الذي ضم شخصيات ذات مصالح حقيقية في الإقتصاد الأردني بزعامة سليمان النابلسي على علاقة طيبة مع الشيوعيين بعكس البعثيين الذين حافظوا على عداء صريح لهم. أما العراق فكان للبعثيين فيه قصب السبق في العداء للشيوعية حيث قتلوا من الشيوعيين عشرة آلاف ضعف مما قتلت حكومات اليميني الرجعي، عميل الإستعمار، نوري السعيد، حتى أن وكالة المخابرات الأميركية (!!)، وكانت شريكاً رئيساً للبعثيين في إنقلاب شباط 1963، أصدرت بياناً تنصلت فيه من المذابح التي اقترفها البعثيون ضد الشيوعيين واستنكرتها، كما استنكرها فيما بعد مؤسس حزب البعث اليميني ميشيل عفلق الذي علم حزبه كراهية الشيوعية أكثر مما علمه كراهية الإمبريالية كما صرح بذلك أحد أعضاء القيادة القومية لحزب البعث.

نتعرض لكل هذه الحقائق المعاكسة لحركة التاريخ لا لنطالب باجتثاث حزب البعث كما تطالب جماهير واسعة في العراق، وربما غداً في سوريا، بل لنؤكد حقيقة ذات أهمية قصوى وهي أن "اليسار" في مجتمعاتنا العربية ينتظم في أحزاب ذات إيديولوجيات متباينة لا تدل على الإنتماء الطبقي لأعضائها، فقد يتواجد الكادحون في حزب البعث الذي هو على يمين الحزب الشيوعي الذي يضم أعداداً من الميسورين. كل اليساريين العرب تقريباً ينتمون إلى طبقة البورجوازية الوضيعة وما ذلك إلا بسبب تخلف وسائل الإنتاج بصورة رئيسية ثم بسبب طبيعة المرحلة التي اقتضت الوحدة الوطنية في مواجهة الإمبريالية.

في مثل هذه الصورة الواضحة الخطوط والألوان يمكننا أن نفهم لماذا يجتهد أحد اليساريين كثيراً ويعاني مشقة البحث المضني عـن " خلل " ما في العلوم الماركسية ليتوقف عنده طويلاً وطويلاً جداً ولكأنما الدنيا بحالها سـتسقط في الهاويـة عبر هذا الخلل الموهوم دائماً. هـذا هو حـال أحد اليساريين العراقيين الذي تنطّح لأن ينقض ماركس في فلسفة المادية الديالكتيكية. ينقضها لماذا؟ هو لا يدري!! ليس له مصالح حقيقية، ربما، تدعوه إلى ذلك، ولعل المصالح الحقيقية لبعض الماركسيين أدعى إلى نقض ماركس من مصالح أخينا اليساري العراقي. لقد نقب الأخ اليساري طويلاً كي يعثر على ما يساعده في نقض ماركس ـ لنلاحظ هنا أن هدف النقض كان السابق لوجود حجة النقض. وأخيراً وجد ضالته في الفلسفة الوضعية (positivity) وفي الماخية (Machism)المؤسسة للتجريبية النقدية (Empirio-criticism). تقول هـذه الفلسفات أن " الشيء في ذاته " بما يعني أن الأشياء هي في الأصل لا تتطابق تماماً مع ما ندركه منها. إننا ندرك الأشياء بوساطة أحاسيسنا وما توصله إلينا هذه الأحاسيس والأصل هو الشيء وليس الأحاسيس. فيما بعد فشل الثورة البورجوازية عام 1905 تبنى بعض المثقفين "الماركسيين" الروس الفلسفة الوضعية والإمبيريقية النقدية وقالـوا بميتافيزيقية فلسفة " المادية الديالكتيكية " وعقلانيتها ـ أي أنها تستكمل في العقل وليس في الواقع. ردّ لينين عـلى هـؤلاء من أدعياء الماركسية بكتابة مؤلفه الضخـم " المادية الديالكتيكية والتجريبية النقدية " والذي يعتبر بحق المرجع المحيط لمختلف الفلسفات الجديدة المعروفة، كشف فيه زيف إدعاءات هؤلاء المثقفين "الماركسيين" وفنّد كل افتراضات الفلسفات التي تقوم على الإمبيرقية النقدية كالوضعية والتقائها مع الفلسفة الإيمانية (fideism). هذا المرجع الفلسفي المحيط يصفه أخونا اليساري العراقي ب " المؤلف الباهت " !! و "الباهت" هنا لا تعني سوى عديم المعنى والذي لا يغوص في أعماق الموضوع ـ وهنا أترك الحكم للقارئ الذي لا بدّ وأنه يعلم إذا ما كان لينين يكتب أكثر من ثلاثمائة صفحة دون تعمق في الموضوع ودون معالجة شاملة لكل جوانبه !! ثمة ما يدعوني إلى الإعتقاد أن هذا اليساري العراقي لم يقرأ أبداً مؤلف لينين (المادية الديالكتيكية والتجريبية النقدية) حيث أن قراءته تتطلب جهداً عقلياً استثنائياً، جهداً يحول، على الأقل، دون ورود التعبير " باهت " إلى الذهن . لئن كانت المادية الديالكتيكية ميتافيزيقية لأن ماركس وإنجلز أدركا الوجود المادي بوساطة أحاسيسهما فبأي وساطة أدرك الوضعيون والنقديون التجريبيون هذه " الحقيقة " ؟ يقول إنجلز .. " لا يمكن إدراك المادة بدون حركة ولا يمكن إدراك الحركة بدون مادة " ومع ذلك ثمة من يعترض ليدعي بأن هذا مفهوم " عقلاني " ميتافيزيقي !! مثل هذا الإعتراض يفتقر لأي حد من حدود المنطق، فالاعتراض المنطقي يجب ألا يتعدى حدود نفي مبدأ إنجلز كالقول .. " بل يمكن إدراك المادة بلا حركة وإدراك الحركة بلا مادة " لكن أحداً من الوضعيين أو التجريبيين النقديين لم يتجرأ على القول بهذا ومع ذلك يتجاوزون الجرأة فيزعمون أن " المادية الديالكتيكية " هي ميتافيزيق!!!

اليساري العراقي يتهم المادية الديالكتيكية بالميتافيزيق لكنه ينسى نفسه و " يحس " بحاجة الجماهير إلى " نظرية تجريبية ديموقراطية محلية " كما وصف!! لا أدري كيف لإنسان مؤهل لأن يصف مؤلف لينين الفلسفي الضخم ب " الباهت " ثم يسمح لنفسه بتعابير تجافي كل منطق كالقول بِ نظرية " تجريبية!! " و " ديموقراطية!! " و " محلية !! " . النظرية أيها السيد اليساري هي بناء مكون من منطوقات علمية متناسقة تؤدي إلى مفهوم عام معلقة محاكمته. وعندما تخضع النظرية للمحاكمة والتجريب تكف عن أن تكون " نظرية " لتصبح قانوناً فنقول مثلاً قانون الأجسام الطافية وليس نظرية الأجسام الطافية. وشرط النظرية هو أن تكون علمية وموضوعية بغض النظر عن علاقة المعنيين بها أكانت علاقة ديموقراطية أم غير ديموقراطية، فنظرية النسبية لأنشتاين من السخف وصفها بالديموقراطية أم غير الديموقراطية؛ ومثلها النظريات في علم الإجتماع فقد توصف بالسليمة أم غير السليمة لكن لا يمكن وصفها بالديموقراطية أو غير الديموقراطية طالما أنها تتعامل مع حقائق جامدة لها سيرورتها الثابتة!! والنظرية لا تكتسب وصفها كنظرية إن لم تكن نظرية عامة. يطالب هذا " اليساري ! " بالنظرية المحلية مستهدفاً فقط نفي الماركسية بوصفها نظرية أوروبا الرأسمالية دون سواها. ثمة تحفظ شرعي قوي أولاً على وصف الماركسية بالنظرية طالما أنها نسق من القوانين العلمية. فالمادية الديالكتيكية هي القانون العام للحركة في الطبيعة؛ والمادية التاريخية إنما هي قراءة لسجل لم يكتبه ماركس هو سجل التاريخ. ونقد الإقتصاد الرأسمالي هو محاكمة علمية موضوعية لقوانين إقتصادية نافذة في عالم الرأسمالية. ما يحتمل وصفه بالنظرية هو فقط " تنبؤ" ماركس بالانتقال من المجتمع الرأسمالي إلى الشيوعية بالرغم من أن تنبؤ ماركس أشبه بتنبؤ الأحوال الجوية المبني أساساً على قياسات الضغط والحرارة في المحيط الجغرافي وهو التنبؤ الذي لا يمكن وصفه بالنظري أو النظرية. أما تقزيم الماركسية بالإدعاء أنها نظرية النظام الرأسمالي فهو إدعاء سخيف يستهدف تفكيك وحدة الثورة العالمية، الثورة في المراكز الرأسمالية كما الثورة في الأطراف ومن المعلوم تماماً أن المراكز بأطرافها الخاصة غطت العالم كله لدى قيام الثورة البولشفية 1917، بل إن مثل هذا البناء الهندسي، المركز والأطراف، ظل قائماً حتى عام إعلان رامبوييه 1975 والدخول في مرحلة الإقتصاد الإستهلاكي وتفشي العولمة.

ثم كيف أحس اليساري العراقي بحاجة الجماهير لمثل تلك النظرية التي حدد أوصافها؟ هل عانت الجماهير من النظرية الماركسية وطالبوه كسياسي يساري بإيجاد بديل لها؟ وأي جماهير تلك التي عانت؟ الجماهير لا تعرف النظريات ولا تنتظر النظرية لتعمل وفقاً لنهجها ونصوصها؛ الجماهير تنهض لتلبية احتياجاتها الآنية ولا تصغي إلا لمن يتحدث عن مثل هذه الاحتياجات. الجماهير التي حطمت الباستيل عام 1789 لم تكن تعلم أنها كانت تؤسس للنظام الرأسمالي الإمبريالي وهو الأبشع استغلالاً للإنسان. تلك الجماهير حطمت سجن الباستيل قبل أن تسمع بفولتير وديدرو ومونتسكيو أو روسو لأنها كانت بحاجة للخبز وللحرية. الجماهير هي التي علمت هؤلاء الكتاب الكبار ما كتبوا. لكن ماذا تعلم اليساري العراقي من الجماهير العربية؟ يعدها ببناء نظرية تؤسس لاشتراكية يمتلك ويدير ويوجه وسائل الإنتاج فيها المنتجون أنفسهم!! بحسب هذا التعريف للإشتراكية فإن سائر المجتمعات هي إشتراكية دونما حاجة لأي نظرية ولأي تغيير إذ أن أي دولة مهما كانت طبيعتها تمتلك السلطة وتديرها وتوجهها لمصلحتها؛ والرأسماليون يمتلكون المصانع ويديرونها لمصلحتهم؛ والفلاحون يمتلكون مزارعهم ويديرونها وفق مصالحهم. كل المجتمعات هي اشتراكية بالطبيعة ويلزم ألاّ تتغير كي تبقى اشتراكية!!! أنا وبالنيابة عن كل الجماهير العربية وغير العربية أعفي اليساري العراقي من مهمة تجشم عناء صياغة أي نظرية بهذا المعنى لأنها لن تغير أي شيء. التاريخ أيها اليساري ليس بحاجة لفتوى من شيوخ التاريخ ليتحرك !

لعل تحوّط اليساري العراقي ليطالب بالنظرية المحلية وليست العامة يتأتى من أن الإنتاج في مختلف المجتمعات العربية هو فقير وفي حالة رثة. ولما كانت الإشتراكية هي مستقبل المجتمعات الرأسمالية المتطورة فقط فلا بدّ أن تكون إشتراكيتة من نوع خاص جداً جربناه في اشتراكية صدام في العراق واشتراكية الأسد في سوريا فلم ينجح ولذلك يلزم أن يقدح اليساريون عقولهم ويصوغوا نظرية اشتراكية محلية تختلف قليلاً عن نظرية ميشيل عفلق في " الإشتراكية العربية " !!

إحدى كبرى المصائب المحيقة بالشعوب العربية هي أن اليسار فيها شبه أميّ في السياسة كما في الإقتصاد كما في الفلسفة كما في التاريخ كذلك. اليسار العربي لم يقرأ ماركس ولم يقترب منه إلا بالإكراه ومع ذلك يتحمس كثيراً في رفض ماركس قبل قراءته! وكيلا أبدو متجنياً على هذا "اليسار" أشير فقط إلى سوء فهم فاضح لمفهوم " الإشتراكية " فيحسبونها نظاماً إجتماعياً مستقراً !! هكذا هم الإشتراكيون القوميون والإشتراكيون العرب والإشتراكيون الوطنيون والبعثيون بصورة خاصة بل وحتى عامة " الشيوعيين ". تسألهم عن أي سمة من سمات اشتراكيتهم فيحارون في الإجابة، ولن يكون لديهم أية إجابة لأن ليس لديهم أية إشتراكية ولا يختلفون عن أخينا اليساري العراقي الذي ما زال يبحث عن " إشتراكية " مناسبة!! إنتهت الرأسمالية والسيد ما زال يبحث عن " إشتراكية "، وهو كما في المثل الشعبي ( لاحق الشتاء بفروة ) !!!

اليساري العراقي المحترم يقول أن إنكماش الطبقة العاملة لم يكن بفعل مؤامرة من الدول الخمس الغنية (G5) كما في إعلان رامبوييه 1975 ، وهو ما كنت أشرت إليه، بل بفعل تطور أدوات الإنتاج. القول قول اليساري العراقي ينطوي على قصور فاضح في الرؤى. فتطور أدوات الإنتاج لا يقتضي إنكماشاً في الطبقة العاملة إلا في إطار مجمل محدود وثابت للإنتاج وهو ما لا يجوز إفتراضه حيث أن التمدد (expansion) هو من الخصوصيات الحيوية للنظام الرأسمالي. أين يذهب العمال الذين اقتضى تطور الآلة الإستغناء عنهم؟ ولماذا كفّوا عن أن يكونوا عمالاً؟ وكيف يتدبر هؤلاء العاطلون معاشهم؟ ليس ثمة من إجابات لدى هؤلاء القوّالون!! من السهل أن يرفض اليساري العراقي فكرة المؤامرة في إعلان رامبوييه ـ وهي مؤامرة استشفائية ـ لكن الرفض يستدعي تحدياً له ولكل اليساريين أمثاله في تفسير أي من الظواهر التي أشرت إليها في مقالي المنشور في أكثر من موقع في 28/8/06 (إعلان رامبوييه أخطر إنقلاب في التاريخ) من مثل تعاظم الديون الدولية حسب متوالية هندسية إذ كان قد وصل مجموع الديون الدولية خلال قرن طويل قبل العام 1974 إلى 70 ملياراً من الدولارات فقط لكنه قفز في العام 75 وحده إلى الضعف، 140 ملياراً، ثم في العام 76 إلى 280 ملياراً وفي العام 77 إلى 560 ملياراً وهكذا حتى وصل في العام 1982 إلى ما يقارب ثلاث تريليونات (3000 مليار) من الدولارات !! الدائن هو الدول الخمس الغنية (G5) `ذاتها والمدين هو دول العالم الثالث. فما عساه يكون تفسير ذلك سوى المؤامرة؟! وما عساه يكون سبب الاستقرار الطارئ في أسواق النقد الدولية فيما بعد إعلان رامبوييه مباشرة؟! تميزت السنوات الثلاث التالية لأزمة النظام الرأسمالي القاتلة عام 1971 باضطرابات كبيرة في أسواق النقد العالمية مما استدعى خروج الولايات المتحدة من معاهدة غطاء النقد الذهبي (بريتنوود) عام 72 وتخفيض قيمة الدولار مرتين عام 73 وعجز متعاظم لأول مرة في الميزانية الأميركية. ولماذا ضمنت الدول الخمس مجتمعة أسعار عملاتها في الأسواق وهو إجراء مخالف تماماً لأهم قواعد النظام الرأسمالي فلم يعد النقد يلعب دوره الأولي كمؤشر على النشاط الإقتصادي؟! ولماذا دخل العالم فجأة في نهاية سبعينيات القرن الماضي في مرحلة الإقتصاد الإستهلاكي (consumerism)؟! ولماذا تحولت البلدان الرأسمالية الكبرى إلى إنتاج الخدمات الذي هو ليس إنتاجاً رأسمالياً بدلاً من إنتاج السلع وهو الإنتاج الرأسمالي فكفت هذه الدول عن أن تكون دولاً رأسمالية أو دولاً إمبريالية؟! ولماذا العولمة وهي من تداعيات تحول الدول الرأسمالية إلى إنتاج الخدمات؟! ولماذا العجوزات الدائمة في الميزان التجاري للدول " الغنية " ليصل إلى 2 مليار دولارا يومياً للولايات المتحدة؟! ولماذا الدول الخمس الغنية هي أكبر الدول المدينة اليوم وأولها الدولة الأميركية المدينة بأكثر من أربعة أضعاف مجمل إنتاجها الوطني؟!

أتحدى كل اليساريين كما " الشيوعيين " غير الماركسيين من أيتام خروتشيتشيف أن يقدموا تفسيرات علمية مقنعة لكل هذه التساؤلات ؟!! وإلا، فهل " اليسارية " بضاعة رخيصة يشتريها اليساريون من سوق البضائع المستعملة (Second Hand) ؟

أما إدعاء بعض المفلسين فكرياً بفشل الماركسية في مقاربة الدين والقومية والحريات العامة فهو ادعاء يقوم على فهم سطحي للماركسية من جهة ولهذه القضايا من جهة أخرى . فإذا كانت الماركسية من صنف العلوم، وهي كذلك، فإنها عندئذٍ هي الثابت والدين والقومية والحرية هي المتغيّر ولا يجوز تبعاً لذلك نسبة الفشل إلى الثابت وليس إلى المتغيّر إن كان ثمة من فشل. فالدين ليس ثابتاً فهناك الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية بل إن كلاً من هذه الأديان قد تغيّر وتحول إلى متغيرات عديدة إذ هناك اليوم أشكال متعددة لكل من هذه الأديان فثمة إسلام سني وآخر شيعي وثالث درزي، وثمة مسيحية أرثوذوكسية وأخرى كاثوليكية وثالثة بروتستانتية، وثمة يهودية محافظة وأخرى إصلاحية وثالثة أرثوذوكسية .
أما القومية فهي خصوصية لشعب بعينه لا علاقة للماركسية بها إلا إذا تم استخدامها في تنمية مصالح البورجوازية الرأسمالية كما النازية أو الفاشية، كما أنها خصوصية متغيرة ومتطورة، تظهر فجأة في أحد المنعطفات التاريخية وتختفي وتتلاشى في منعطف آخر؛ وما عدا ذلك فإن الماركسيين هم أقدر من يوفرون فضاءات صحية للخصوصية القومية ومثال ذلك تواجد أربع وخمسين قومية في الإتحاد السوفياتي جميعها دخلت الإتحاد وخرجت منه بعد سبعين عاماً أكثر نقاءً وتطوراً، وليس غريباً أيضاً أن مؤلف ستالين " الماركسية والمسألة القومية " الصادر عام 1912 ما زال المرجع الوحيد حتى اليوم لكل بحث في المسألة القومية وكينونة الأمة.

أما بخصوص الحريات فإذا كانت الحرية هي وعي الضرورة، وهي فعلاً كذلك، فإن الماركسية هي النور الساطع الأكثر كشفاً للضرورات الإنسانية، إنها هي ما يقيم حداً فاصلاً بين ما هو ضروري وما هو ليس ضرورياً وذلك من خلال قدراتها الفائقة في كشف السيرورة المستقبلية للأحوال الإجتماعية. على أولئك الذين اعتادوا مهاجمة الإتحـاد السوفياتي بسبب دكتاتوريـة الدولة فيه أن يعـوا أن "وعي" اللاضروري أو المعاكس للضرورة كما كان "وعي" أعداء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي في ثلاثينيات القرن الماضي إن هو إلاّ النقيض القاتل للحرية .

فـؤاد النمـري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ينقض ماركس ؟! 1
- الإتحاد السوفياتي لم يعبر الإشتراكية
- رسالة خاصة حول راهنية العمل الشيوعي ومشروعيته التاريخية
- ما أحوجنا اليوم إلى معرفة ستالين على حقيقته
- المنحرف خروشتشوف والمرتد كاوتسكي يكتبان للحزب الشيوعي العراق ...
- دكتاتورية البروليتاريا
- لا علمانية ولا إكليركية، الدولة هي الدولة
- إنهيار الرأسمالية
- حقيقة قضية المرأة
- ماركسيون يلقون براياتهم في الوحول
- أكذوبة إقتصاد المعرفة
- القطيعة مع الوحدة العربية وقد خرجت من التاريخ
- الجاهل عدو نفسه / رد على السيدة سعاد خيري
- العولمة .. إنزلاق عن مسار التاريخ
- نمورٌ أم جراءٌ أسيوية?
- التاريخ.. يتصل وينفصل
- من الفوضى الخلاقة إلى الشرق الأوسط الجديد
- العولمة.. رحلة خارج التاريخ
- إعلان رامبوييه .. أخطر إنقلاب في التاريخ وهو أساس النظام الد ...
- اكذوبة إقتصاد المعرفة مرة أخرى


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - من ينقض ماركس ؟! 2