أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - او عمر امازيغ - الغرب والارهاب















المزيد.....



الغرب والارهاب


او عمر امازيغ

الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 10:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



مما لاشك فيه أن الإنسانية مدينة للغرب بحضارتها الحديثة . لقد لعب الغرب الحضاري ، دورا طليعيا في تغيير أنماط عيش الساكنة الكونية وفي تغيير منظور قطاعات كبرى منها ورؤيتها للطبيعة والتاريخ والزمان والإنسان . وعليه لم تعد الحضارات والثقافات التقليدية ، تمتلك الجدارة التاريخية والمعرفية والفاعلية الحضارية، إذا احتكمنا إلى المعايير الحضارية الحديثة والى نواظم النظر الحداثي وأنماط التعقل المعاصرة .فقد أعلن ميلاد الحضارة الغربية الحديثة ، انتهاء الابدالات الحضارية القديمة وفوات مقاربتها للحياة والموت والإنسان والزمن ومعضلات الاجتماع البشري .
وقد حاولت الثقافات التقليدية ، التحايل على ثورية وانقلابية الأنموذج الحضاري الغربي ، وانحازت إلى أطروحات تقليدية" أخلاقية" في الغالب أو إلى أطروحات توفيقية تروم التغلب على التحدي الغربي عبر اجتياف بعض العناصر الفكرية أو الثقافية أو التقانية الغربية وتقديمها بما يوافق التراث ويؤكد الصلاحية العابرة للزمن للمنظومة الثقافية والعقدية التراثية .لقد مثلت الاستجابة العربية – الإسلامية حالة نموذجية ، عكست حالات الذهول والارتجاج الكياني الذي أصاب العرب والمسلمين عموما ، حين اصدموا بحقائق العصر الحداثي الصلبة ، وبوقائع وتحولات وانقلابات العصر الحديث الابستيمية والابستمولوجية والجيو-سياسية .لقد عاش الوعي والوجدان الإسلاميين طيلة القرن التاسع عشر ، إحدى لحظات التوتر الكبرى في تاريخهما المتعرج المسالك ، وشكلت المسلكية الإصلاحية التوفيقية المحاولة"التركيبية "، الساعية للجمع بين جوهريات الإيمان الإسلامي وانفتاحات العقل الوضعي الغربي وعقله التقاني حصرا .
ورغم الجهد المبذول من قبل رفاعة رافع الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمان الكواكبي وعبد الحميد الزهراوي، بقي العقل الناظر في قضايا الاجتماع الإسلامي تقليديا ، عاجزا عن تدبر حقيقة المراجعة الحديثة العقلانية للظاهرة الدينية .
لقد كانت الإصلاحية الإسلامية أصولية ، إيمانية في العمق وعجزت عن تناول الإشكاليات الجوهرية للتدين والاعتقاد الإسلاميين في القرن التاسع عشر بروح استشكالية نقديةحديثة معادلة لما كتبه باروخ سبينوزا وبليز باسكال وفولتير وعمانويل كانط وفريدريك نيتشه وكارل ماركس .
ولم يكن حظ الليبرالية الفكرية بأحسن من حظ سابقتها الإصلاحية . فرغم الانفتاحات المنهجية و الفكرية والمفهومية على المنظومة الفكرية الحديثة ، يبقى العقل الإسلامي" الليبرالي "، محكوما بآليات فكرية ماقبل حداثية ، ومشدودا إلى يفاعة المتخيل الإسلامي والى احتدامات الرأسمال الرمزي العقدي .ولعل انتقال طه حسين من " في الشعر الجاهلي " إلى " مرآة الإسلام " ، أن يكون عينة تمثيلية عن المصائر السلفية المؤسفة ، لمن سعوا إلى تفكيك الميتافيزيقا الإسلامية والتعامل النقدي مع مفردات متخيلها الجمعي( يحتاج انتقال بعض المفكرين" المتحررين " في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمثال طه حسين وإسماعيل مظهر وخالد محمد خالد ومحمد حسين هيكل ومحمد عابد الجابري إلى مواقع شبه سلفية إلى دراسة خاصة ).
ومنذ أزيد من أربعين سنة ، ظهرت السلفية الأصلانية الرافضة للتوفيقية جملة ، لتحتل واجهة المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي في الفضاء الثقافي الإسلامي فيما اكتفت الإصلاحية الإسلامية بهوامش ثقافية ذاوية والى تأويلانية مأزومة نظير ما نجده عند محمد شحرور ومحمد سعيد العشماوي وخالص جلبي وجمال البنا والصادق النيهوم .
بعد امتصاص الخضة الاستعمارية ، عمدت السلفية الأصلانية إلى تجريم الغرب وتفسيقه ، والتشغيب على أسس الثقافة والحضارة الغربية جملة، فيما استمر المفكرون والسياسيون الغربيون في تغيليب فكرة المصالحة و منطق المصلحة .
لقد لعب المفكرون البنائيون والاختلافيون والفوضويون الغربيون أمثال ليفي ستروس وميشيل فوكو وجاك دريدا دورا أساسيا في توهين الإبدال العقلاني الأنواري ، وفي تقوية أوهام واستيهامات الثقافات التقليدية . لقد انبهر الأنثروبولوجيون والابستمولوجيون الفوضويون والمستشرقون الجدد بالنسبانية الثقافية وبالزمن الثقافي المخصوص للثقافات ما قبل الحداثية وبالروحانية الشرقية . فعوض مراجعة الأسس الأنوارية والثوابت العقلانية للحضارة الغربية على سبيل التكميل والتقوية والتعضيد، عمد الكثير من المفكرين الغربيين إلى رفض الصلاحية الابستمولوجية للعقلانية الأنوارية والى تفكيك النسق الثقافي الغربي كلية، والى التشكيك في النجاعة الإجرائية للمفهومية والجهاز التحليلي والتفكيكي للفكر الأنواري وامتداداته الليبرالية واليسارية .
لقد اظهر المثقف الاختلافي الغربي ضراوة في تحليل وتفكيك الميتافيزيقا الغربية والسرديات الكبرى للحداثة الغربية ( جاك دريدا وفرانسوا ليوطار وميشيل فوكو ) وتفكيك المقررات الجوهرية للعقلانية الأنوارية ( ادورنو وهوركهايمر وهربرت مركيوز ) وبالغ في الاحتفاء بالسرديات الكبرى للثقافات التقليدانية ما قبل الحداثة ( ميشل فوكو وليفي ستراوس وبيير كلاستر ) .
لا جدال في أن النسبانية الابستمولوجية والثقافية والفكرية كانت وبالا على المشروع الحضاري والثقافي الغربي وعلى أساسيات الحداثة الثقافية والسياسية والابستمولوجية .لقد احتفل ميشيل فوكو بالثورة الخمينية واعتبرها أنموذجا لانبثاق روحية سياسية جديدة ، علما أن الخمينية لا تنفصل فكريا ووجدانيا ، عن الفكرية والروحية التقليدية المضادة للإنسان والإنسية رمة . و الأنكى أن ثلة من المفكرين الغربيين تماهوا مع شعوب العالم الثالث ويذلوا جهودا كبرى في إظهار أعطاب التاريخ الغربي و مركزيته ولاعقلانية أنواره وسياساته (كورنيليوس كاستورياديس وريجيس ديبريه ) ناسين فوات الثقافات التقليدية ولا إنسانية عقائدها وأعرافها وتقاليدها ولاعقلانية بنيتها التصورية والرؤيوية ورؤيتها الميثولوجية للتاريخ والإنسان والآخر والحياة والموت .
ففي الوقت الذي بادر فيه المثقفون والمفكرون الغربيون الأكثر راديكالية وطليعية ، إلى تفكيك الميتافيزيقا والفكرية الأوروبية والغربية عموما وتوهين القيمة الحضارية المفصلية للحضارة الغربية في مسار التمدن البشري ، بادرت السلفية الأصلانية إلى إبطال الاجتيافات والتوفيقات والتلفيقات الإصلاحية وأعادت المبادئ والقيم السلفية إلى واجهة الأحداث معززة بالبترودولارات ومحمولة على أقلام المفكرين المنتقلين، بسبب هشاشتهم الابستمولوجية ورخاوة بناهم النظرية ، من " الحداثة" السلفية إلى السلفية الأصلانية الصريحة ( محمد عمارة ومصطفى محمود ومنير شفيق وعبد الوهاب المسيري ) .
فقد استعادت السلفية الأصلانية الإسلامية ،وهجها السياسي ( التنظيمات السياسية مثل الإخوان المسلمين وحزب الله ) والإعلامي ( تليفزيون الجزيرة ) ، وحاولت تغيير الهندسة الاجتماعية عبر التأثير في الأخلاق والقيم والسلوكات ( الحجاب والنقاب ومحاربة الموسيقى والفنون ) . وتعميقا لحربها الحضارية ضد المشروع الثقافي والحضاري الغربي ، عمدت إلى مأسسة أطروحة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة المحمدية وتراث علي بن أبي طالب من باب محاربة " الكافر" بأشد آلياته مضاء ودلالة في مسارات الحداثة .
لقد انشغل الغرب بتدبير صدمة ما بعد الكولونيالية ومابعد التاريخانية ، فيما توغلت السلفية الأصلانية في تكثيف تقليدانيتها وفي تصفية مخلفات صدمة الحداثة والاستعمار والفكرانية الإصلاحية التوفيقية ( تصفية ارث محمد عبده ومحمود شلتوت ومصطفى المراغي وأمين الخولي على محدوديته مثلا) . وانهمك الاستشراف الجديد في المنهجيات والإبستمولوجيات وفي تقديم صور ايجابية تقريظية لتراث مصر على تجاوز التاريخيات والتاريخانيات وعلى إنكار مؤسسات العقلانية المعاصرة جملة بدعوى الأفضلية التداولية للمجال التداولي العربي الإسلامي كما يزعم فقيه الفلسفة المغربي طه عبد الرحمان .
وبالغت التعددية الثقافية باعتبارها احد أشكال النسبانية الثقافية في احترام الغيرية المتوحشة للإسلام والمسلمين ، وانفتحت أبواب الغرب مجددا لأشد أشكال المعيش والتدبر تقليدية ومناقضة للحداثة ولعقل الأنوار باسم احترام الاختلاف والتعددية الفكرية واحترام الآخر . وفتحت الأبواب أمام التقليدانية الأصلانية الرافضة صراحة للمنظومة القيمية الغربية وللإبدال الحضاري الغربي ، لاستقطاب أتباع ومريدين من المهاجرين ومن الغربيين وتخلى الغرب الثقافي عن ثوابته لقاء مصالح عابرة أو استجابة لضغوط جماعات ضغط اختلافية أو فوضوية مناقضة للرأسمالية و الليبرالية و العولمة و الامبريالية و مدافعة عن الغيرية وعن منظومات قيم مضادة للحداثة جملة وتفصيلا .( دفاع بعض المحسوبين على اليسار الأوروبي على الحجاب وموافقة عمد بعض البلديات على بناء المساجد و المراكز الثقافية الإسلامية ) .
وقد بلغت التعددية الثقافية الانكلوساكسونية درجة من تخثر الوعي النقدي والحس التاريخي ومن العجزعن استكناه المقومات التاريخية والمعرفية والعقدية للآخر درجات غير مسبوقة في الاحتكاك بين الثقافات وفي التثاقف بين المجموعات الثقافية المختلفة . فكيف تقبل أنظمة ليبرالية مبنية أصلا على ثقافة تحررية وتحريرية للإنسان ، بممارسات مناقضة للتحرر والتحريري و الحرية والإنسان في الأصل باسم احترام الأنماط الثقافية للآخرين ؟ كيف تفتح الأنظمة الليبرالية الغربية أراضيها للدعوة الإسلامية علما أن منطوقات ومضمونات خطب الدعاة غيبية لا تاريخية ولا حضارية ومناقضة جوهريا لكل المسارات المعرفية والروحية والأخلاقية التي صنعت الغرب والحضارة الحديثين ؟ كيف ينتهي الفكر الامبريقي التجريبي أو النفعي كما بلوره دافيد هيوم وهوبز ولوك وجون ستيوارت ميل وبنثام ، إلى احترام فكرية تسجن" الفرد" في قيعان معتقديات وسلوكيات اجتماعية قروسطية بامتياز باسم التعددية التقافية ؟أليس الغيتو السوسيو – ثقافي الانكلوساكسوني المعادل المعاصر العولمي للتمييز العنصري ؟ ألا يقتضي احترام حق الاختلاف احترام حق التماثل بدءا ؟
لقد ارتبك المفكرون والسياسيون الغربيون ، في مقارباتهم للإرهاب الإسلامي ، وغلبوا منطق الترضية السياسي والمساومة الدبلوماسية ، على قراءة العنف الإسلامي في سياقاته المعرفية والعقدية والأخلاقية والتاريخية الإسلامية المخصوصة . فالقراءة الملائمة ، في اعتقادنا ، تحتم توطين العنف الإسلامي في أبيته النظرية الأصلية ، وفي سياقاته ومساقاته التاريخية ، وفي أطره التصورية التأسيسية ،لا في أبنية نظرية وسياقات نصية وتاريخية و أنثروبولوجية وفلسفية غير متصلة بالواقعة الإسلامية الأصلية مطلقا .
بناء على ما تقدم فان الإرهاب الإسلامي الحالي ليس إلا تتويجا لحالة إسلامية متجذرة في الوعي والوجدان والمخيلة الإسلامية . فالعنف جزء أصيل من المنظومة الاعتقادية الإسلامية ومن رؤية العالم الإسلامية ومن التصور الإسلامي للحقيقة وللتاريخ وللإنسان وللغيرية . فالمشروع الإسلامي حمل في جذوره رغبة في الهيمنة على العالم وعلى الوعي الإنساني باسم إكمال التوحيد وتعميم أنوار الشريعة المحمدية على كل الناس . وعليه فان مفاهيم التسامح والغيرية والحرية لا تجد أي سند في المتون الإسلامية الأصلية وفي التجارب النموذجية الإسلامية ( تجربة محمد في المدينة وتجربة الصحابة والسلف ) .
فالفصل بين الإسلام والإسلام السياسي أو الجهادي غير واردة في اعتبارنا ، طالما أنها تعتمد أصولا مقررة عند النظار المعتمدين لدى التيار العقدي والفكري والسياسي الغالب لدى المسلمين ، ونعني بذلك أهل السنة والجماعة . أضف إلى ذلك أن الإصلاحية الإسلامية ليست تحقيقا إلا الوجه الآخر للسلفيات الأصلانية رغم توفيقاتها اللاتاريخية بين مفاهيم ومتصورات متناقضة منطقيا وتاريخيا وابستمولوجيا .
فالإرهاب الإسلامي الممارس حاليا ، يستند إلى منظومة عقدية صريحة في منافاتها الصريحة لأسس العالم المعاصر . فالأخلاق الإسلامية والقواعد الإسلامية الخاصة بتدبير الاجتماع البشري معاكسة كليا للمنظومة القيمية والأخلاقية المعاصرة ولقواعد الاجتماع ومبادئ التدبير الاجتماعي والسياسي في الغرب .
تأسيا على ما سبق ، فان الإرهاب الإسلامي الحالي ، ليس معزولا عن المعطيات التراثية والعقدية المؤسسة للإيمانية والفكرية الإسلاميتين أولا ، وعن المحتويات والمضامين العقدية المتجذرة في مؤسسات الخطاب الإسلامي" المعتدل" ثانيا، ويجد تربته الفكرية والإيديولوجية والتنظيمية فيما توفره الأنظمة الإسلامية المعتدلة زعما من أفكار وايديولوجيات ونظرات ثالثا ( المملكة العربية السعودية ومصر والأردن مثلا ) .
ألم تحتضن الدولة الجزائرية محمد الغزالي والشعراوي وسواهما من مروجي الخطاب الديني الغيبي المضاد جملة لحقائق العلم والعالم المعاصر ؟ ألم تفتح الدولة السعودية المجالات الواسعة دوليا لخطاب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ولاستقطاب الغربيين المتأسلمين وللخطاب الوعظي القائم على الولاء والبراء والحاكمية الجهادية ؟
إن الاختلاف بين السلفية الجهادية في غرارها القاعدي والسلفيات الرائجة مثل الإخوان المسلمين والسلفيات ذات القشرة الإصلاحية الواهية ( الخطاب الديني بمصر وتونس مثلا ) ، اختلاف جزئي وتكتيكي ، طالما أن الأنظمة الإسلامية تدعم الخطاب الفكري التقليدي المؤسس على اعتبارات إيمانية قائمة أصلا على رؤية اصطفائية للناس وعلى حقائق سوسيولوجية غير قابلة للمساءلة والنقد في المنظور العقدي والتراثي عموما . فالحقيقة أن الأنظمة والمجتمعات الإسلامية لم تستطع أن تزيح جانبا مفاهيم ومتصورات ومناهج علم الكلام وأصول الفقه والسياسة الشرعية ولم تتمكن من إحلال مفاهيم ومتصورات ومناهج العلمي التجريبي والفلسفة السياسية وفلسفة الأخلاق محلها.
إن الفرق بين السلفية الجهادية والسلفيات الإصلاحية القائمة، هنا وهناك، في ربوع ما يسمى بالعالم الإسلامي يكمن في الفرق بين المثال والواقع لا غير . فالسلفية الجهادية تسعى إلى أمثلة الواقع وتغليب نقولات و اخيولات المتخيل المحمدي ضدا على صعوبات و اكراهات الواقع الموسوم دوما بالنسبية وبالمساومات والتوافقات والتنازلات ، فيما تهتم السلفيات المعاصرة بالمحافظة على استمرار التقاليد العقدية وأساسيات الإيمان دون أي انشغال بتمامية التصور والمتخيل الإسلاميين . إلا أنهما تشتركان في نفس الأرضية التصورية وفي نفس الرؤية الأنطلوجية وفي نفس المستندات المعرفية والفكرية والمنهجية .

وبناء على هذه الاعتبارات ، لا يجدي الاعتماد على

الرؤية العرفانية الصوفية. فالتصوف الاسمي حتى في أشد تعابيره هرطقة وخروجا عن ظواهر النصوص والمتون والتجارب النموذجية الإسلامية لم يتمكن من الخروج من تحكمات وإلزامات الخطاب الفقهي والرؤية البيانية القائمة على تطويع الآخرين إما بالهيمنة الفكرانية أو بالهيمنة الحربية . لقد احدث الصوفي تفريعا في المنظومة بجر الجهاد إلى ضبط النفس ومجاهدتها والإغراق في سلبية المقامات والأحوال، إلا أنه لم يستطع الخروج عن الإطار الجهادي للإسلام وهو إطار محكوم بثنائية الإيمان والكفر وبتمامية الحقيقة المحمدية . إن التأويل الصوفي العرفاني للجهادية القرآنية والمحمدية والصحابية ، جزئي وتلويني ولا تاريخي .وهو تفريع جزئي لا يمس الأصول والأسس والمؤسسات ، ولا ينفذ إلى جذر الإشكالية .
فالواقع أن مراجعة الجهادية القرآنية والمحمدية ، تقتضي استشكال المنظومة العقدية الإسلامية في الصميم . أي تفكيك مفاهيم الإيمان والكفر والشرك والجنة والنار والمعروف والمنكر والشهادة . فالجهادية والحال هذه ، جزء أصيل من الانطولوجيا القرآنية ولبنة أساسية في المتخيل الجهادي المحمدي وقاعدة أساسية في البناء النظري للتجرية الإسلامية التأسيسية .
لقد حاول بعض المفكرين والمستشرقين والمستعربين تقديم التصوف الإسلامي في أثواب زاهية ، وحاولوا تقديم العرفانيات والصوفيات الإسلامية باعتبارها نماذج فذة للتسامح والتثاقف والتروحن غير المشدود إلى روابط ملية ضيقة وللحرية وللتأويلية العرفانية المتسامية عن دنايا الظاهر ورواسم علماء الرسوم . وقد تبوأ الحسين بن منصور الحلاج ومحيي الدين بن عربي وجلال الدين الرومي والتصوف العرفاني الاشراقي الشيعي موقعا تفضيليا بفضل أعمال هنري كوربان ورونيه غينون ولويس ماسينيون .
والحقيقة أن بعض التيارات العرفانية الاستشراقية عملت على تأكيد المركزية العقدية – الروحية الإسلامية ، وعلى التواطؤ مع المؤسسات الكهنوتية الإسلامية المهمومة أصلا بالتسيد على العالم وفق مفادات المخطط النبوي. علما أن الجهادية الإسلامية ، عقدية بالأساس وتعكس رغبة لا هوتية باثولوجية في الهيمنة على العالم وعلى الإنسان وعلى التاريخ وفي تعميم المفهومية الإسلامية المؤسطرة على ساحة الفكر والنظر باعتبار التصور المحمدي الأكفأ والأكثر مصداقية بالنظر إلى مصدريته الانطلوجية غير القابلة للمساءلة بله المعاقلة المجردة .
لم ينتبه الكثير من المستجيرين الغربيين والمسلمين من رمضاء التسلف التيمي الوهابي بنار التصوف الاوغل في تجفيف المنابع الحيوية للإنسان ، إلى أن الحقيقة لا تنفصل عن الشريعة في التصوف والأفق الروحي المحمدي شكل دوما سقفا للتأنيس والتروحن لم يستطع غلاة المتصوفة تجاوزه إلا في عبارات شطحية متفرقة لم تشكل نسقا اختراقيا للمنظومة المكرسة شرعيا على الإطلاق .
إننا تعتقد أن التصوف والتسلف ، يقومان على ذات الأرضية ، فيما يخص النظر إلى الحقيقة والزمن والتاريخ والآخر . وعليه فلا يمكن التماس حل للإرهاب في الرؤية الصوفية بتاتا ، فالصوفي مهما شطح لا يستطيع مجاوزة أفق الفقه و هو أفق مشدود إلى " أنموذج المدينة " والى " متخيل الخلافة الراشدة " .
لقد انكبت تيارات رئيسية في الفكر الغربي غب الحرب العالمية الثانية على إحداث مراجعات جوهرية في صلب المنظومة الفكرية الغربية وعلى التشكيك، استتباعا، في جدارة ونفاذية الفكر الأنواري وإبدالاته ورؤاه الفلسفية والايطيقية والإناسية . وركز الكثيرون على نقد العقلانية الاداتية الأنوارية وعلى تفكيك المركزية والميتافيزيقا الغربيتين ، ومجدت بالمقابل قيم الآخر ورؤاه الفلسفية والايطيقية والفلسفية .
لقد استغل بعض المفكرين الغربيين الإضرابات السياسية والاجتماعية والانقلابات الفكرية والابستيمية الواقعة في خضم التدافع الفكري والسياسي طيلة القرن العشرين ، لاستشكال الفكر والثقافة الأنوارية والتشكيك في الملاءمة الابستيمية والابستمولوجية والسياسية لبنيات الإبدال الأنواري وفي تفكيك الكثير من بناءاته النظرية وأطره المنهجية ورؤاه الاجتماعية والسياسية . وفي المقابل أكثروا من الإشادة بالثقافات التقليدية وبإنسيتها وتكاملية أبعادها ورهافة منظوراتها ومعاييرها الأخلاقية والايطيقية .ولم يلتفتوا إلى الأبعاد الكلانية والغيبية واللاتاريخية لتلك الثقافات ، ومسؤولية منظوراتها الميتافيزيقية والأخلاقية والمعرفية عن شل مبادرة الشعوب الواقعة تحت اسر أطرها الفكرية والروحية . فقد فككوا براديغم عصر الأنوار واداتية عقلانيته ومحدودية منظوره التربوي ، وسكتوا بالمقابل عن الفوات المعرفي والتاريخي للثقافات التقليدية ما قبل الحداثية مثل الثقافة العربية الإسلامية . والحقيقة أن المواقف "الاختلافية " الممالئة " للقيم " و"الرؤية " التقليدية كما عبر عنها كلود ليفي شتراوس وميشيل فوكو ( موقفه من الثورة الإيرانية مثلا ) وروجيه جارودي ورونيه غينون ، لم تكن إلا استجابات لرغبة في استئصال العقلانية النقدية التاريخية يمثابتها الآلة الضاربة للمشروع الثقافي والحضاري الغربي . لقد هرب الكثير من الاختلافيين الغربيين من العقلانية الاداتية والباردة للتنوير ومن توتاليتارية الإبدال الغربي ومن اطر الفكر البورجوازي إلى أحضان ثقافات مغلقة تؤثث الميتافيزيقا كل معالم ثقافتها وكل آفاق أخلاقها وكل أنحاء أجسادها الاجتماعية ؛ وهي مسلكية تقليدية طالما وازات مسار التحديث والحداثة ( نقد بليز باسكال لديكارط وموقف هايدغر من التقنية مثلا ) .
وقد استغلت الفكرانيات الإسلامية هذه الاستشكالات للتشغيب على المشروع الحضاري الغربي ، واعتبرت مساندة الفكر الاختلافي واليساري للحركات السياسية " التحررية " شهادة فكرية غربية ضد الحضارة الغربية نفسها . ولا فرق في هذا السياق بين التيارات الإسلامية الراديكالية والتيارات الرسمية التقليدية ، فهي تنطلق من رفض جوهري للحضارة الغربية ولمشروعها العقلاني-العلماني ، مهما انفتحت على معداته التقانية وبعض أطره الفكرية والفكرانية .
فالحضارة الغربية قائمة على أساس المعرفة والقيم الانوارية ، أي على مستندات ومرجعيات حديثة في النظر والعمل . ومن المحقق أن الحداثة الفكرية ، أوغلت في استشكال وتفكيك الخطاب الميتافيزيقي واللاهوت القروسطي والعقلانية السكولائية والايطيقا اليهودية – المسيحية ، ورسخت الفكر العقلاني المتجرد من الاعتبارات الميتافيزيقية ومن الموجبات الشرعانية ومن المقتضيات اللاهوتية . وعملت الحداثة السياسية على تأسيس السياسة على معايير واشتراطات محايثة بعيدة عن مقتضيات القول السياسي المسيحي الاوغسطيني . فقدت امتلكت الحداثة الفكرية والسياسية والقيمية جدارة القطيعة مع المادة والروح اليهودية – المسيحية وأسست فكريا للعلمانية ورسخت قواعد ومعايير الدنيوة في الاجتماع الغربي الحديث والمعاصر .ولا جدال في أن نقد الدين وتدشين القول العقلاني في المواد الاعتقادية وفي ثوابتها النصية ، شكلا المهاد الأرسخ للحداثة . فلا يمكن التأسيس للحداثة الفكرية والجمالية والسياسية والقيمية دون تفكيك المتن الديني اليهودي – المسيحي والإبانة عن أصوله التاريخية والأسطورية المطمورة في ركام اللاهوتيات والتأويليات وبدون زعزعة اليقين الإيماني المسيحي . لقد شكلت أعمال باروخ سبينوزا ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) و ( الايطيقا ) وفولتير ( الرسائل الفلسفية ) و ( القاموس الفلسفي ) وروسو ( العقد الاجتماعي ) و ( ايميل ) وعامنويل كانط ( نقد العقل المحض ) و ( نقد العقل العملي ) و ( نقد ملكة الحكم ) و ( الدين في حدود العقل ) وفيورباخ ( جوهر المسيحية ) ، أرضيات لتأسيس الخطاب العقلاني المتحرر من هيمنة الآليات والاواليات والمتصورات الدينية الألفية ومن سيطرة المتخيل الأسطوري السامي – الهيليني على العقول والأذهان .
وقصارى القول أن الحداثة ما كانت ممكنة الحدوث والتطور والتمدد ، لولا الاشتغال النقدي الصارم على الفكرانيات اللاهوتية المسيحية ، وتحويل المعتقد الإيماني المتعالي ظاهرا إلى محض مادة معرفية برسم السبر والاستكناه والاستشكال والنقد والتفنيد .
إذا كان عصر الأنوار قد ثبت أسس العقلانية المشدودة إلى اعتبارات عقلانية صرفة وكرس المكتسبات النظرية عبر تفعيلها في التنظيم المجتمعي وفي الممارسة السياسية وفي التشريع القانوني ، فان الفضاء الثقافي العربي – الإسلامي ، بقي مرتبطا بالسديم العقدي والفكراني الشرعاني الوسيط ، وبالممارسات السياسية ما قبل الحداثية المشدودة إلى تنظيرات منظري السياسة الشرعية والآداب السلطانية ووصايا الملوك .
فليس مستغربا ، إذن ، أن تستولي الفكرانية الشرعانية على كافة التيارات الفكرية بما في ذلك التيارات الليبرالية واليسارية الماركسية في الفضاء الثقافي العربي – الإسلامي وان يغيب الوعي التاريخي والحس النقدي على وعي النخب الثقافية والسياسية .
فعوض أن تنكب هذه التيارات على نقد المادة التراثية والعقدية وتعريضها للفحص النقدي التاريخي ، عمدت إلى الذب عن الفكرانية الشرعانية ، وعلى الاحتفال بالخطابات الغربية المناهضة للقيم الغربية واللاهجة بالميتافيزيقيات والميثولوجيات العربية الإسلامية .أليس مستغربا أن يرفض محمد عابد الجابري تطبيق النقد التاريخي على النصوص الإسلامية المؤسسة بدعوى اختلاف المصدرية التراثية الإسلامية عن المصدرية الكتابية المسيحية ؟
إننا نعتقد أن الجهادية الإرهابية الإسلامية الراهنة ، وثيقة الصلة بصميم المعتقدية والروحية الإسلامية ، وموصولة عمقيا بالميتافيزيقا والاكسيولوجيا القرآنيتين . وبناء على ذلك ، فإنها ليست مسألة محض سياسية أو مجرد اختيار مذهبي مخصوص كما يعتقد بعض المفكرين المسلمين الإصلاحيين ، أمثال محمد سعيد العشماوي وخالص جلبي وجمال البنا وعبد الهادي بوطالب . لقد حولت الإصلاحيات الإسلامية طيلة القرن التاسع عشر والقرن العشرين الجهادية القتالية الإسلامية ، إلى المسكوت عنه وأسكنت هواماتها الجهادية في غياهب اللاشعور السياسي وفي دياجير المتخيل الخلاصي . إلا أن التغييب واعتماد خطاب مهادن ، لا يغير حقائق الخطاب المؤسس ولا يعيد صياغة الحقائق الإيمانية بما يؤنسن الجهادية الأصلية ويحصرها في وقائع تاريخية منسوخة بقوة الأخلاق والقيم المتعالية .
وعليه عادت الجهادية الإسلامية بعد المرحلة الكولونيالية لتطريز اللغة بمفردات القتل والإرهاب والإثخان والقتال ، والى قراءة العالم بمفاهيم التكفير والحاكمية وفقه الولاء والبراء .
لقد حاربت الأنظمة السائدة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط التنظيمات الجهادية بما هي تنظيمات لا بما هي حاملة لفكرية وفكرانية . ألم تخلق دولة هواري بومديان باختياراتها التقليدانية الشروط التمهيدية لظهور أشد السلفيات تنطعا ودموية ؟ألم توفر حكومات الشاذلي بنجديد الأرضية الفكرية لانبثاق الفكرانيات الجهادية الأكثر توغلا في الفكر الحاكمي ؟ ألم يحتضن أنور السادات الفكرانية الإخوانية ، ووفر لها مقتضيات السيادة والهيمنة في مفاصل المجتمع المصري ؟
والواقع أن الاختيارات الفكرية والفكرانية للأنظمة السائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طيلة النصف الثاني من القرن العشرين ، ليست اختيارات سياسوية أو انتهازية كما يعتقد الكثيرون ، بل تنبع من تشبع هؤلاء القادة بالفكريات التقليدانية واعتقادهم في صلاحيتها العابرة للتاريخ .
وتأسيسا على هذه الملاحظة ، فلا فرق بين الأنظمة والتيارات الإسلامية ، طالما أنها تمتح من نفس المنبع المتافيزيقي وتصدر عن نفس الانطولوجيا وتدافع عن هوية حصرية ماهوية مضادة لتحولات التاريح وحقائق الاجتماع البشري .
إننا نعتقد أن مقاربة المسألة الإرهابية تستلزم من الغربيين ومن الباحثين الموضوعيين عموما ، مقاربة شمولية تناهجية ، تأخذ بعين الاعتبار معطيات التاريخ القديم والوسيط والاركيولوجيا والجينيالوجيا والاناسة الثقافية والمستجدات الابستمولوجية والميثودلوجية في مقاربة الظاهرة الدينية والمقدس تعميما . فالظاهرة الإرهابية متجذرة في التاريخ العقدي والفكري الإسلامي وليست نتاجا للعولمة أو ردا غيبيا عن الرأسمالية المتعولمة أو امتداد للإرهاب المعاصر بلغة لا هوتية أو تجليا للإنسان الأخير أو زفرة المضطهد في عالم مختل التوازنات والمعايير والقيم كما يزعم المنظرون الأيديولوجيون المتسرعون أو المساندون ، علنا أو مواربة ، للايدولوجيا الإسلامية .
لم يتمكن الغرب من محاصرة الظاهرة الإرهابية الإسلامية ، لأنه لا يصدر عن منظور اركيولوجي أو جينيالوجي في مقاربتها و يعتمد قرائن وتدليلات التاريخ في فهمها وتفكيكها . أضف إلى ذلك أنه وفرة قاعدة فكرية واجتماعية لانتعاش الفكر الإرهابي في مراتعه نفسها عبر تفعيل سياسات ثقافية انتحارية ( فتح المراكز الثقافية الإسلامية ) ومهادنة الخطاب الإسلامي ( موقف السلطات الغربية من قضية سلمان رشدي مثلا ) وغض الطرف عن الدعاة الإرهابيين الداعين صراحة إلى التكفير والمحرضين على القتل المهابدي ( احتضان بريطانيا لعمر البكري وأبي قتادة مثلا ) وحماية التقاليد الإسلامية الموغلة في التقليدانية باسم احترام الاختلاف والتعددية الثقافية( السماح بالحجاب والنقاب في بريطانيا وحصر منع الحجاب في المؤسسات التعليمية العمومية فقط بفرنسا ) واحتضان الناشطين الإسلاميين الرافضين علانية لقيم الغرب ولأسسه الثقافية والفكرية والأخلاقية( نموذج أبي حمزة المصري ) .
إننا نعتقد أن تعقل وتفكيك الظاهرة الإرهابية الإسلامية يستلزمان ما يلي :
1- إخراج النصوص التأسيسية الإسلامية من حالة الاستثناء الراهنة ، وعرضها أمام النقد الاستشكالي الصارم ،
2- التركيز على المؤسسات المصدرية للظاهرة العنف القتالي والاستئصالي في الإسلام والنأي عن التفريعات المذهبية والفرقية ،
3- تعريض الحقيقة الإسلامية للنقد الفلسفي والتدليل على تاريخية تلك الحقيقة وناسوتيتها ،
4- استشكال الاكسيولوجيا الإسلامية والإبانة عن محدوديتها الفكرية والتاريخية ،
5- بلورة جينيالوجيا للجهادية الإسلامية .
وهذه مهمة كل الباحثين العقلانيين الساعين إلى رفع أستار اللامعنى واللاجدوى والتشويش على رؤى الناس ، خصوصا في الفضاءات الثقافية المشدودة إلى الأخيولات الإسلامية .
لقد بادر الكثير من المنظرين الغربيين إلى قراءة ظاهرة الجهادية الإسلامية ، انطلاقا من مفاهيم غير مطابقة مأخوذة من المفهومية أو النهاجية اليسارية أو الاختلافية الرافضة أصلا للرأسمالية أو للإمبريالية أو للمشروع الحضاري الغربي . وأقدم البعض على التركيز على بعض القضايا السياسية – الدينية ( القضية الفلسطينية مثلا ) واختلال التوازن الاستراتيجي والاقتصادي بين الشمال والجنوب ومآسي العولمة المتوحشة لتعقل ظاهرة الجهادية الإسلامية ، وفهم دواعي منظريها وناشطيها والمنتمين عاطفيا أو تنظيميا أو سياسيا إليها . وسعى الكثيرون إلى التمييز بين الإسلام والسلفية الجهادية ، من باب استرضاء الإسلام الرسمي والإصلاحية الإسلامية . والحقيقة أن هذه التفسيرات والتدليلات ، تفتقر إلى شرائط النفاذية الفكرية ومقتضيات النظر السديد المحتكم إلى دعامات اركيولوجية وجينيالوجية وانثروبولوجية صلبة .
إن التعقل الفكري الصارم للجهادية الإسلامية ، يجب أن يرفق بنقد التعامل غير العقلاني لبعض المثقفين والمفكرين والسياسيين والناشطين الحقوقيين والاجتماعيين الغربيين مع الفكرانية الإسلامية ومع تجلياتها التنظيمية في الغرب وفي الفضاءات الفكرية – السياسية الإسلامية .
لقد ساهم الغرب في اعتقادنا ، في تقوية الفكرانية الإسلامية عبر :
1- التشكيك المبالغ فيه في الإبدال الفكري الانواري ومثالات الفكر السياسي الأوروبي الحديث ( كما بلوره ميكيافيلي وسبينوزا ولوك وهوبز وروسو ....) .
2-التفكيك المبالغ فيه لمفاهيم الموضوعية والعقلانية والتقدم والتاريخ ، واسطرة مفاهيم الاختلاف والغيرية والتعددية والخطاب والنسبية .
3- الاحتفال غير النقدي و اللاتاريخي بالثقافات الطرفية ،
4- المبالغة في النسبانية الثقافية والابستمولوجية ، ونفي معاني التحديث والحداثة والتاريخانية والتقدم التاريخي ،
5- اختصار القيم الغربية في دعاوى ساذجة لاستنبات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، والسكوت عن العلمانية وعن العقلانية ،
6- تشجيع صيغ متطرفة من التعددية الثقافية ( النموذج الانجليزي ) ،
7- تغليب منطق المصلحة على مصلحة المنطق في التعامل مع القضايا الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا( النموذج الأمريكي ) ،
إننا نعتقد أن الكثير من المفكرين الغربيين بالغوا في انتقاد وفي استشكال القيم الأنوارية والمعايير العقلانية في تعقل علائق الإنسان بالأديان وبالآخر وبالعالم ، وأفرطوا في الاحتفاء بالثقافات الطرفية ومنظوماتها القيمية .

اوعمر امازيغ
تامزغا الغربية
اكادير



#او_عمر_امازيغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - او عمر امازيغ - الغرب والارهاب