أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجليل الكناني - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 05:37
المحور: الادب والفن
    


لقاء حميم
كان ( راج مار ) يجلس في بيته في ( دلهي ) حينما أطلّت عليه ( بربارا جورج ) من نيويورك .
كانت ( بربارا ) قد ضجرت من زوجها المنشغل بدراسة أحد القرارات المصيرية بصفته العضو التاسع من أعضاء المجلس الحاكم لمجموعة بلدان بلا حدود . ولم يكن ليبالي يوما أن زوجته تخونه ، لانه في الواقع ، لم يدخل أي شخص بيتهم ، ولم يخرج هو أو زوجته من البيت منذ خمسة أعوام بعد التلوث الذي أصاب الأرض . وكان ، قبل ذلك ، الخروج من البيت ، يُعد بطرا لا مبرر له ، كما أن العالم الخارجي لا يخلو من مخاطر ، حري بمن يملك قليلا من الحكمة أن لا يجازف بدخوله . فالثلاجة مصممة بحيث لا تخلو من ألوان الأطعمة والمشروبات . وجميع الخدمات الضرورية منها والكمالية تقوم بها الآلات المبرمجة بكل دقة .
وقف ( جورج ) مستطلعا زوجته وهي في داخل البذلة التي تلتصق بشكل كامل بجسدها ، وكأنها طبقة جلدية قد انبثقت من جلدها ، فلا ينفذ منها سوى خرطوم الهواء المتصل عبر ( معالج ) صغير ، ومجموعة من الكابلات الشعرية المرنة التي تتصل بـ( الحاسبة المركزية )0 بالإضافة الى الخوذة التي تغطي رأسها وعينيها وأذنيها .
لم تشغّل ( بربارا ) الشاشة ( المونيتر ) لا لأنها قد نسيت ذلك إنما لعدم حاجتها الى تشغيلها ، إلاّ أن ما نسيته ، حقا ، هو إحكام خلوتها 0
لأول مرة يشعر ( جورج ) أن لديه من الفراغ ما يمنحه الفرصة لتأمل ما حوله ، يتأمل زوجته التي ولجت الفضاءات الافتراضية للحاسبة ، ومن خلال الشبكة الداخلية قام بربط الحاسبة المركزية الى الشاشة في غرفته وراح يلاحق زوجته بالمراقبة ( بطريقة الشخص الثالث ) دون أن يلج معها العوالم الافتراضية . كان يعتقد أن زوجته قد ذهبت للتبضع أو لزيارة أمها ، الوحيدة ، من العائلة التي حافظت على بقائها ، مع أن وجودها لم يكن وجودا متكاملا ، إذ أن ما تبقى منها هو الدماغ داخل جمجمة هشة ، تم تسليحها بصفائح ( ستيل )وغطيت تماما بخوذة صلبة ربطت الى الشبكة بأسلاك للإرسال والاستلام ، وثمة مجموعة من الأجهزة التعويضية التي تقوم بتنقية الدم وتحميله بالغذاء والأوكسجين ، ودفعه الى الدماغ . كذلك حالها في عالم الواقع ، إلا أنها في العوالم الافتراضية ، ما تزال كما هي قبل مئة وعشرين عاما ، شابة مليئة بالنشاط والحيوية .
( جورج ) الذي قام بمسح جميع العوالم الافتراضية المحتملة ومن ثم شبه المحتملة وما بعدها أية عوالم خطرت في ذهنه ، لم يستطع العثور على زوجته ، حتى حينما قام بولوج الخط المشترك . وتأكد ( لجورج ) أن هنالك ( شفرة ) سرية للدخول إلى حيث تكون زوجته .
أخفى ( جورج ) شكوكه وظهر بذات السذاجة واللامبالاة المعتادة . إلا أن الرجل الذي يمتلك كل أسرار اللعبة ، وأحد قادة العالم الجديد ، نصب شراكه فكانت ( الشفرة السرية ) في اليوم التالي بمتناول يده .
ومع أن ( راج كومار ) يجلس في بيته في دلهي إلا أنه كان في لقاء حميم مع ( بربارا ) التي لم تغادر ، في الواقع ، بيتها في نيويورك . وكان جورج قد أعد العدة ، وهيأ كل وسائل القوة وعزز الردود على كل الاحتمالات حينما داهم ( بربارة )و ( راج ) .
لو أن جورج مازال كما أسلافه يتمتع بحرية الجسد لربما وبسبب من تحرر أفكاره لم يكن ليبالي بما تفعله زوجته في العوالم الافتراضية ، طالما أن أحدا لن يشاركه في جسدها ، وحتى تلك الملكية لم تكن لديه بالأهمية ذاتها التي يوليها الآخرون ، فهو يتفهم جيدا حينها ، أن كبح جماح زوجته ، بل وجماح معظم ، إن لم يكن في الواقع جميع أقرانها ، محض هراء ذكوري ، وطالما أنه هو ذاته والرجال،كما يرى ، يخدعون نسائهم أو أنفسهم حين يتحدثون عن الإخلاص كما تتطلبه مخيلة المرأة ، وهذا يعني أن حدود الإخلاص كما يراه الرجال ، وهو منهم ، خداع مرضي ، إلاّ انه أحس بغريزته أن ثمة ما يهدد ملكيته الوحيدة على أرض الواقع ، وكل عوالمه الأخرى مجرد بيانات لا تختلف عن أية لعبة من ألعاب الحواسيب التي كان مهووسا بها في صباه ، حين كان حرا يذهب حيث يشاء لينهل من سحر الطبيعة وعبقها كل ما هو طري ، نقي ، أصيل .
وبذا فقد أصبحت غرائزه أكثر بدائية رغم استنكاره لذلك ، فقد اعتبر الأمر بداية جديدة لنوع جديد من الحياة ، فلابد أن تتخلق غرائز بدائية مهيمنة لحمايتها ، وتحت سطوة تلك الاستنتاجات المخادعة ، تمادى في خطواته التالية
بربارة ، ودون أن تعرف كيف ، وجدت نفسها في غرفتها فأحست بالاختناق لتنزع غطاء الرأس ، وقد فقدت اتصالها بالعوالم الافتراضية . أما ( راج ) فقد فوجئ بـ ( جورج ) وقد حلّ ، تماما ، بجسده ، محل ( بربارة ) وهما في أحر عناق ، ليجد كفين قويتين وقد أطبقتا على عنقه ، بعنف ، وهو يحاول عبثا الخلاص .
حتى حينما نجح في الهرب من العالم الافتراضي إلى عالمه الواقعي ، في دلهي ، فإن البذلة الملتصقة بجسده راحت تنضغط حول عنقه بقوة







#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستة أيام خارج الزمن
- الديمودكتاتورية - الدكتاتورية الشعبية


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجليل الكناني - قصة قصيرة