مساهمة في النقاش حول وحدة الماركسيين والأحزاب الماركسية


عواد احمد صالح
2006 / 10 / 7 - 09:54     

لاشك ان الدعوة التي اطلقها المفكر الماركسي سلامة كيلة هو ومجموعة من ممثلي الأحزاب الماركسية والشخصيات المستقلة لتوحيد جهود القوى والأحزاب الماركسية هي خطوة في الطريق الصحيح بعد مراحل من التشرذم والتقوقع والأنكفاء الأيديولوجي والسياسي للكثير من القوى التي تحسب نفسها ماركسية وممثلة للطبقة العاملة والكادحين . وقد قدم المشاركون في الملتقى الذي عقد في باريس بتاريخ 18/9/2006 .. توصيفا صحيحا ودقيقا للمرحلة الراهنة التي نشهد خلالها هجوم العولمة الأمبريالي وتواطؤ الأنظمة العربية معه والذي افضى الى نتائج كارثية في المنطقة كان من نتائجها كما يقول النداء ان " أصبحت مجمل البلدان العربية واقعة بين حالة الاستعمار المباشر والخضوع بدرجات متفاوتة وأشكال متنوعة للهيمنة الامبريالية الساعية الى مزيد من تقسيم المنطقة وتفتيتها على أسس عرقية أو طائفية رجعية " وبناء على ذلك ووفق مجمل الرؤية التي طرحت في التحليل يدعو المشاركون الى ضرورة التحالف والتنسيق بين الأحزاب والقوى الماركسية حيث " بات من الضروري والحاسم اليوم السعي إلى تنسيق نشاطها على المستوى العربي وفي كل بلد, بهدف بلورة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يمثل لتقاطعات التي تجمعها من أجل خوض النضال بجميع أشكاله حسب وضعية كل قطر, بشكل مشترك, وبما يدعم من قوتها جميعاً , وقوة كل منها كذلك, من أجل أن تصبح الحركة الماركسية العربية قوة فاعلة بصفتها المعبرة عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وكل الطبقات والفئات الشعبية, والمعبرة أيضاً عن قيم التقدم والديموقراطية التي باتت مطلباً ملحاً , وعن العدالة في أفق مستقبل اشتراكي. ."
ومن اجل ان يكون العمل المشترك بين الأحزاب والقوى والشخصيات الماركسية ليس مجرد تنسيق سياسي من فوق او ان يكون تحالفا آنيا او مرحليا ويرتقي الى مستوى الوحدة لابد ان يأخذ بنظر الاعتبار الأمور التالية :
1-التأكيد على الجانب الأيديولوجي والنظري أي على راهنية وحالية الماركسية والأشتراكية العلمية بوصفها علم الثورة الأجتماعية والنظرية المعبرة عن مصالح البروليتاريا وجميع الفئات والطبقات الكادحة بعيدا عن التصورات الأصلاحية واليمينية او الأنتقائية ، أي انه لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية تستند الى المنهج العلمي المادي الجدلي ، هناك اهمال كبير للجانب الأيديولوجي في الكثير من الأحزاب التي تدعي انها ماركسية او شيوعية ناجم عن اسباب وحجج عديدة منها التعلل بتغير الظروف والمراحل او الأدعاء بالتخلص من الجمود العقائدي !!! او فشل التجارب السابقة التي ارتكزت على الفكر الماركسي او تسلل العناصر الأنتهازية والبرجوازية الصغيرة واليمينية الى القيادات وهناك كثير من الأحزاب التي تدعي انها ماركسية تعاني من الشيخوخة السياسية نتيجة الممارسة الأصلاحية الطويلة واتباع سياسة "تعاون طبقي " كل حزب مع برجوازيته الخاصة . او بسبب مراحل طويلة من قمع الانظمة الديكتاتورية والفاشية .
2-التنظيم الثوري المبني على اساس تحقيق التغيير الأجتماعي ضمن افق رؤية اشتراكية مبنية على اساس برنامج سياسي وتنظيمي .
البرنامج السياسي الواضح والمحدد الذي يشخص الخصائص الطبقية لكل مجتمع والمرحلة التاريخية للطور الرأسمالي محليا وعالميا ... وكما اشار السيد حسقيل قوجمان وانا اتفق معه تماما فيما ذهب اليه حين قال ((في هذه الكلمة اود ان اركز البحث عن واحدة من هذه الظواهر التي سادت خلال تدهور الحركة الشيوعية العالمية. اود ان اشير الى ان الحديث عن حركة ماركسية حقيقية يجب ان يكون على اساس التمييز الطبقي للمجتمع مما توقفنا عن الحديث عنه خلال العقود الماضية. علينا ان نعود الى تحليل كل مجتمع تحليلا يستند الى التركيب الطبقي لذلك المجتمع في المرحلة التي يمر بها. )) ( الحوار المتمدن - العدد: 1687 - 2006 / 9 / 28 ) .
ان الهوية الطبقية العمالية لآي حزب يدعي انه ماركسي هي العلامة الفارقة التي تميز ذلك الحزب عن الأحزاب البرجوازية واحزاب البرجوازية الصغيرة ذات الصبغات المتعددة القومية او الدينية او الفاشية ... الخ ولابد ان يكون التنسيق او التحالف بين احزاب ماركسية حقيقية لا احزاب الديمقراطية البرجوازية الصغيرة . بدون الهوية الطبقية للتنظيم السياسي الماركسي وبدون البرنامج الذي يستند على تحليل المجتمع طبقيا وتحليل علاقات القوى والطبقات السائدة ستظل القوى الماركسية كالذي ينفخ في قربة مثقوبة .
وفي هذا المجال يجب التأكيد على التجربة التاريخية الفريدة للبلشفية فكرا وتنظيما بوصفها معطى تاريخي اثبت نجاحة في مراحل السيرورة الثورية والوضع الثوري .
كما يجب ان يكون برنامج الحزب الماركسي شاملا يحمل وجهات نظر واضحة ومحددة تجاه مشاكل الأقليات القومية والعرقية ومسائل حقوق الأنسان والموقف من قوى الأسلام السياسي وقضية مساواة المرأة بالرجل .

3- التاكيد على البعد الأممي للحركة الماركسية ..البدء من التنسيق المناطقي والأقليمي والأنتهاء بالتنسيق مع الحركات الماركسية ذات التوجه الثوري الحامل لفكرة التغيير الأجتماعي على مستوى عالمي ، بدون ذلك لن تنجح الحركة الماركسية العربية بالأعتماد على قواها الذاتية ضمن اطار الوطن الواحد ، لأن امكانات ووسائل العدو الطبقي تتعدى حدود الأوطان والقارات . ثم ان اعادة الأعتبار للبعد الأممي يخرجنا من اطر النظرة "الوطنية" الضيقة ومن اطر النرجسية الذاتية وادعاء امتلاك الحقيقة كل لحسابه الخاص .
4- اعادة الأعتبار للأشتراكية : تطهير الأشتراكية فكرا وممارسة مما علق بها من ادران وتشويهات نتيجة للتجارب المحبطة والثورات الفاشلة ونتيجة الممارسات الأصلاحية والشوفينية للأحزاب الشيوعية العربية وغير العربية او الأحزاب القومية العربية التي تبنت الاشتراكية خلال المراحل السابقة .
5-الخروج من اطر العصبوية والشللية والسعي الدائب للوحدة بين الأحزاب الماركسية اولا ضمن اطار كل بلد بواسطة مناقشة الافكار المختلف عليها بروح ديمقراطية ورفاقية وبمرونة وعقل مفتوح والاندماج التنظيمي والسياسي بعد ازالة الخلافات التي ارجح ان معظمها شخصية . ان بقاء الأحزاب الماركسية الثورية ممزقة ومتنابذة كما هو حاصل في العراق مثلا هو خسارة تاريخية لقوى التقدم تساعد على ادامة ظروف وعوامل القهر وتقوي الاعداء الطبقيين .
6-ضمن سياق هذه النقاط الجوهرية وغيرها يمكن للعمل المشترك بين الماركسيين والأحزاب الماركسية ان يكون ناجحا وفعالا ويأتي اكله ، فلم يعد للقوس من منزع ، ولابد من استعادة زمام المبادرة لأنقاذ الجماهير العربية المظلومة مما ينزل بها من قهر واستغلال ومصائب وكوارث .

5- 10- 2006